استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

العجز والخيانة باسم وجهات النظر!

الخميس 23 نوفمبر 2017 10:11 ص

من المؤكد أن الرفض التام، غير القابل لأية مساومة، لأي تطبيع، من أي نوع كان، مع الوجود العدواني الصهيوني في فلسطين المحتلة، أو بالمقابل التبرير الانتهازي الظالم لذلك الوجود سيعتمدان على المنطلقات التي يبنى عليها ذلك الرفض، أو ذلك القبول.

ما لم نتفق على مقدار أهمية وأولوية وقدسية تلك المنطلقات التي تحكم نظرتنا إلى الصراع العربي الصهيوني من جميع جوانبه، فإننا سنجد أنفسنا، نحن العرب، نعيش التخبط والجنون المفجع، الذي نراه ونسمعه يوميا من قبل هذا الإعلامي المثرثر، أو ذاك الاستخباراتي الطامع في المناصب والعطايا، أو من قبل ذلك الصهيوني المجرم الشامت.

المنطلقات التي نحتكم لها هي عروبية بالنسبة لكل عربي، دينية بالنسبة لكل مسلم وكل مسيحي في بلاد العرب أو الإسلام، إنسانية بالنسبة لكل إنسان صاحب ضمير ومشاعر إنسانية تؤمن بالعدل والإنصاف، وتنبذ ما يفرضه الأمر الواقع الظالم، لنطرح تلك المنطلقات في شكل أسئلة.

هل أرض فلسطين جزء من أرض الوطن العربي، الذي تقطنه أمة عربية واحدة، أم لا؟

فاذا كان الجواب كما ينبغي، وكما يفرضه التاريخ العربي الطويل الواحد والمصير المستقبلي المشترك والتكامل الجغرافي والثقافة الواحدة، أفلا يعني ذلك أن كل ما حدث ويحدث، وسيحدث لفلسطين وشعبها العربي يجب أن يهم كل فرد عربي بدون استثناء؟

وبالتالي ألا تعني تلك البديهية أن كل من يتخلى عن فلسطين وشعبها، ويتركها لقمة سائغة في يد الغازي الاستيطاني الصهيوني، يخون الوطن العربي كله ويهدد مصير الأمة العربية بكاملها؟

هل في هذا الموضوع وجهات نظر، كما يدعي المتحذلقون؟ أم أننا أمام معايير والتزامات وجودية مصيرية لا يمكن التلاعب بها تحت أي ظرف من الظروف، أو بسبب أي صراع مؤقت مع هذه الدولة أو تلك؟

هل أن تاريخ فكر وخطاب الحركة الصهيونية، وتصريحات قادتها عبر أكثر من قرن، وحروبها العدوانية المتكررة، ومناهج الكراهية والكذب التي تدرسها لتلاميذ مدارسها في فلسطين المحتلة، ومئات الاغتيالات التي نفذها الموساد الاستخباراتي بحق الساسة والعلماء والمناضلين والمقاومين العرب، والخريطة المرسومة لـ«إسرائيل» الكبرى من النيل إلى الفرات، هل أن كل ذلك كان موجها ضد شعب فلسطين العربي فقط، ومقتصرا على أرض فلسطين التاريخية المسروقة فقط؟

أم أنه كان ضد كل شعب عربي، وشاملا لكل الأرض العربية؟

هل أن الدعم العسكري اللامحدود للكيان الصهيوني، من قبل قوى الاستعمار، وعلى الأخص الأمريكي، يتكلم عن قوة عسكرية صهيونية متفوقة على القوة العسكرية الفلسطينية؟

أم أن أمريكا تقولها جهارا وبصوت مسموع بأنها لن تسمح قط للإمكانيات الحربية العربية مجتمعة أن تساوي الإمكانيات الحربية الصهيونية، التي يجب أن تكون أكثر حداثة وفاعلية وفتكا من كل الإمكانيات الحربية العربية مجتمعة؟

هل يقبل العرب تصالحا وتطبيعا مع كيان غاصب سرق حتى اليوم تسعين في المئة من فلسطين التاريخية، وهو الذي لا يزيد المقيمون من اليهود فيه على خمسة ملايين، ليتكدس اثنا عشر مليون عربي فلسطيني في العشرة في المئة الباقية من فلسطين؟

بل ومع كيان عنصري اجتثاثي غاصب يتحدث عن ضرورة طرد حوالي مليونين من الإخوة العرب الفلسطينيين القاطنين حاليا في الجزء الفلسطيني المحتل، وذلك من أجل أن يصبح كيانه يهوديا عنصريا قحا لا مكان فيه للآخرين؟

هل أن اعتراف الآخرين، مضطرين أو مضللين، بشرعية سرقة السارق يبرر ويستوجب اعتراف المسروق بتلك الشرعية؟

ثم هل كان ألوف الشهداء الذين ماتوا من أجل منع جريمة المسرقة تلك هم من أهل الدار الفلسطينيين؟

أم كانوا من كل بلاد العرب، من أقصى غربها إلى أقصى شرقها؟

أليس من حق هؤلاء جميعا علينا أن لا تذهب دماؤهم الطاهرة وتضحياتهم العظيمة هدرا؟ فأين المروءة، وأين العدالة في كل ذلك؟

هل حقا أن عدوا خبيثا كارها محتقرا، طامعا في المزيد وقاتلا للأطفال والنساء وكبار السن من دون رحمة ولا ضمير، يمكن الركون إليه والوثوق به كحليف استراتيجي لهذه الدولة العربية أو ذاك النظام العربي؟

من أي عقل معتوه يأتي البعض بالتبريرات التي يسمونها واقعية وعقلانية؟

أم أن العجز والتعب والقبول بحياة المذلة والبلادة هي التي تحكم تصرفات بعض العرب؟

ثم لماذا لا يسأل قادة العرب شعوبهم إن كانت ترضى وتوافق على ما يفعلون ويخططون؟

ليتوقف المتحذلقون البائسون النفعيون عن الحديث عن الحق في وجهات النظر المختلفة.

فالأمة التي لا تعيش حسب منطلقات ومبادئ أخلاقية، ولا تعتمد موازين العدالة والحق والقسط والميزان في تسيير أمورها الكبرى،

ولا ترفض أن تستدرج للأخذ بالموقت على حساب الثابت والدائم، ولا تصر على الأخذ بالأخوة والمروءة والتضامن الإنساني،

ولا يتألم ضميرها لرؤية دموع الأطفال واليأس في عيون الآباء والأمهات في مخيمات اللاجئين البائسة المنسية..

هي أمة قررت أن تنسحب من التاريخ ومن التزامات العدل الإلهي، لتعيش في كنف غوايات الشيطنة والشياطين.

* د. علي محمد فخرو كاتب بحريني

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

العروبة الصراع العربي الصهيوني التطبيع مع العدو الأمة الواقعية والعقلانية الأنظمة العربية النظام الإقليمي العربي الانسحاب من التاريخ العدل الإلهي شرعية السرقة والسارق