لماذا يصر «السيسي» على «القوة الغاشمة» رغم التوضيح والتبرير؟

الأربعاء 29 نوفمبر 2017 02:11 ص

ما بين توضيحين لما هو مقصود بـ«القوة الغاشمة»، وانتقاد سوء تفسيرها، وبين استخدامها، يخرج الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي» للمرة الثانية، داعيا إلى استخدام «كل القوة الغاشمة» للقضاء على «الإرهاب في سيناء»، خلال 3 أشهر.

خرج مصطلح «القوة الغاشمة» للمرة الأولى، في كلمة لـ«السيسي»، الجمعة الماضي، خلال توعده مرتكبي مذبحة الروضة، أثناء صلاة الجمعة، التي راح ضحيتها 309 أشخاص، بینهم 27 طفلا، وأصيب 128 آخرين، بينهم حالات حرجة.

تصريح «السيسي»، لاقى انتقادات واسعة، داخليا وخارجيا، ما دفع مصر ممثلة في الرئاسة تارة، ووزارة الخارجية تارة أخرى لتوضيح المقصود من مصطلح «السيسي».

الناشطون على «تويتر»، اتهموا «السيسي»، بالظلم وعدم التمييز والخيانة، لافتين إلى أن هذا «الغشم» هو من أوصل مصر إلى الحضيض. (طالع المزيد)

كما أن كبريات الصحف البريطانية، هاجمت حديث «السيسي»، ونشرت صحيفة «الغارديان» مقالا بعنوان «رد القاهرة بالقبضة الحديدية على الهجمات الإرهابية لا ينجح أبدا»، قال فيه الكاتب إن رد «السيسي»، على العدوان «كان متوقعا» و«ليس مقنعا»، لافتا إلى أن «هناك احتمالا بأن تكون المواقع التي قصفت قد اختيرت بعشوائية».

وأضافت الصحيفة، أن سياسة القبضة الحديدية التي استخدمت في سيناء لم تؤد إلى إضعاف المتطرفين، بل على العكس هناك احتمال أن تكون صلة ما يعرف بـ«ولاية سيناء» مع تنظيم «الدولة الإسلامية» تزداد قوة.

توضيح الرئاسة

وأمام هذا الهجوم الشديد، الذي تعرض لها «السيسي»، خرجت الرئاسة المصرية لتوضيح مقصده من اللفظ.

وقال المتحدث باسم رئاسة الجمهورية السفير «بسام راضي»، إن كلمة «القوة الغاشمة»، التي قصدها «السيسي»، هي «القوة الشرسة التي لا ترحم المعتدي ولا تتهاون في مواجهة الإرهابيين المسؤولين عن حادث تفجير مسجد الروضة بشمال سيناء».

وأضاف «راضي» خلال مداخلة هاتفية ببرنامج «الحياة اليوم» المذاع على فضائية «الحياة» (خاصة)، أن «العمليات العسكرية ضد الإرهابيين مستمرة، وهناك نجاحات تحققت بهدف القصاص والثأر للشهداء من الإرهابيين»، لافتا لمقتل بعض العناصر الإرهابية المشاركة في حادث مسجد الروضة.

انتقاد الخارجية

كما خرج المتحدث باسم وزارة الخارجية المستشار «أحمد أبو زيد»، منتقدا حديث «الغارديان»، وقال في تدوينة عبر حسابه بـ«تويتر»، إنه «يشعر بغضب وصدمة جارفة، بعد قراءته مقالا فى الغارديان».

وأضاف أن «المقال يعد نموذجا صارخا للمعايير المزدوجة وانتهاكا لقرار مجلس الأمن 2354، الذى يحظر بشكل واضح تمجيد أو تبرير أو التحريض على أعمال الإرهاب».

استخدام ثان

وعلى الرغم من التبرير تارة والغضب تارة أخرى، كلف «السيسي»، الأربعاء، قوات الجيش والشرطة، باستخدام ما أسماه «كل القوة الغاشمة» من أجل استعادة الأمن والاستقرار خلال 3 أشهر في محافظة شمال سيناء.

وجاءت تكليفات «السيسي» خلال كلمته في احتفالية وزارة الأوقاف المصرية بذكرى المولد النبوي الشريف، التي بثها التليفزيون الحكومي.

ووجه «السيسي»، كلامه لرئيس أركان الجيش المصري الفريق «محمد فريد حجازي»، قائلا: «أنت مسؤول خلال 3 أشهر عن استعادة الأمن والاستقرار في سيناء بالتعاون مع وزارة الداخلية» (فيديو).

قوة عادلة

الغريب، أن حديث «السيسي»، باستخدام «القوة الغاشمة»، جاء رغم تأكيده من قبل خلال استضافته في إحدى الفضائيات المصرية، إبان ترشحه للرئاسة، للتأكيد أن «قوة الجيش المصري عادلة وليست غاشمة، رشيدة وليست باطشة، قوة تدافع وليست قوة معتدية».

وأضاف: «مهما كان قوة المعتدي، يجب أن نحافظ على الأمن القومي المصري والعربي». (فيديو)

ويتعرض الأمن المصري لانتقادات حادة، جراء تقصير فادح بدا في تأخر وصول الدعم الأمني لقرية «الروضة» التي شهدت مجزرة المصلين، إضافة إلى مجزرة الواحات، غربي البلاد، الشهر الماضي، التي راح ضحيتها العشرات من قوات النخبة المصرية.

ماذا بعد؟

من جانبه، قال الأكاديمي «خليل عناني»، في مقال له: «السيسي هو المسؤول الأول سياسيا وأمنيا عن أرواح مواطنيه، ويتحمل عقبات فشل استراتيجيته الأمنية التي يزداد انكشافها مع كل هجوم يقوم به الإرهابيون».

وتساءل: «لا أدري ماذا ينقص الرجل الذي يمتلك كل السلطات وفرض حالة الطوارئ في البلاد، لكي يضع حدا للمأساة المتكررة؟».

وأضاف: «ولا يمكن محاربة الإرهاب، بينما يتم خنق المجتمع، ووأد المعارضة، وشيطنة المخالفين.

وتابع: «كما لا يمكن وقف حمام الدم الذي تغرق فيه مصر فقط من خلال القوة الغاشمة التي تحدث عنها السيسي في تعليقه على الحادث الإرهابي، وذلك من دون إعادة النظر في سياساته الكارثية التي أوصلت البلاد والعباد إلى الحالة البائسة من العنف والقتل».

وقتل في «مجزرة الروضة»، أثناء صلاة الجمعة الماضي، 309 أشخاص، بینهم 27 طفلا، وأصيب 128 آخرين، بينهم حالات حرجة.

ولم تعلن بعد أية جهة مسؤوليتها عن الهجوم الأعنف الذي شهدته مصر عبر تاريخها الحديث، لكن النيابة المصرية قالت إن منفذي الهجوم كانوا يحملون رايات تنظيم «الدولة الإسلامية».

وتتكتم السلطات المصرية حول تفاصيل الحادث، وأسباب تأخر الدعم الأمني للتصدي للمهاجمين، ومنعت المصابين من الإدلاء بأي أحاديث متلفزة، كما منعت الصحفيين من زيارة موقع الحادث.

  كلمات مفتاحية

السيسي الروضة القوة الغاشمة انتقادات مصر سيناء