مظاهرات إيران تدخل يومها السادس.. دعم إصلاحي وقلق أممي

الثلاثاء 2 يناير 2018 08:01 ص

تجددت المظاهرات، مساء الثلاثاء، بعدة مناطق في إيران، مطالبة بإسقاط النظام، وتحسين الأوضاع الاقتصادية في البلاد.

وفي الوقت الذي اتسعت رقعة التظاهرات، لتشمل دولا وعواصم أوروبية، أعربت الأمم المتحدة عن أسفها لسقوط قتلى في التظاهرات في إيران، وطالبت الولايات المتحدة بعقد اجتماع  طارئ لمجلس الأمن لبحث التطورات.

وتداول مغردون على مواقع التواصل الاجتماعي، صورا ومقاطع فيديو، لمظاهرات إيرانية في العاصمة طهران وعدة مدن مثل رشت، وأصفهان، وفولاذ شهر، وايذة، وبلوشستان، وشيراز، وتبريز، وعبادان.

وهتف المغردون بإسقاط النظام الإيراني، وطالبوا بإجراء استفتاء على النظام.

كما تداول مغردون مقاطع فيديو لتصدي قوات الأمن بقنابل الغاز للمتظاهرين.

ولفتوا إلى أنهم يرصدون ويوثقون كل ما يحدث بحق المتظاهرين السلميين؛ من أجل محاسبة كل من يتجاوز على الناس في هذه الثورة.

تزامن ذلك، مع مظاهرات في عواصم عدة للجاليات الإيرانية وتيارات المعارضة بالخارج أمام مقار السفارات الإيرانية بأوروبا، منادية بسقوط النظام، حسب وكالات.

فأمام السفارة الإيرانية بوسط لندن، احتشد المتظاهرون الرافضون للنظام وممارساته، وارتفعت هتافاتهم ولافتاتهم المنادية بسقوط مرشد إيران والرئيس الإيراني «حسن روحاني».

وبينما خرجت مظاهرة في براندنبرج بالعاصمة الألمانية برلين ترفض قمع النظام للمتظاهرين، نظم محتجون وقفة أمام السفارة الإيرانية ببرلين.

وأمام السفارة الإيرانية بروما، ارتفعت هتافات المعارضين الإيرانيين بالخارج ضد فساد النظام، وتدخلاته بسوريا والعراق واليمن على حساب الشعب الإيراني ومقدراته.

اعتقالات

في مقابل ذلك، كشف مسؤول إيراني، عن اعتقال 20 قياديا مرتبطين بدول أجنبية، كانوا مسؤولين عن تحريك التظاهرات الأخيرة، وفق مزاعمه.

وقال النائب العام في مدينة كرج الواقعة غرب العاصمة الإيرانية طهران، «رضا شاكرمي»، في تصريحات نقلته وكالة «إسنا» الإيرانية، إنه تم اعتقال 20 قياديا، ووجهت له اتهامات بأنهم على صلة بدول أجنبية، وكانوا مسؤولين عن تحريك المظاهرات في المدينة.

وتابع «شاكرمي»: «لن أفصح عن تفاصيل أخرى، إلا أن هؤلاء الأشخاص كانوا المسؤولين عن تحريك الأوضاع وتحريك مثيري الشغب في مدينة كرج».

ومضى بقوله: «العشرون الذين تم اعتقالهم مرتبطين بدول أجنبية (لم يذكرها)».

فيما هدد نائب وزير الداخلية للشؤون الأمنية، العميد «حسين ذوالفقاري»، المتظاهرين بمزيد من الإجراءات الاحترازية، معترفًا بأن أكثر من 90% من المعتقلين هم من شبان وناشئين ومعدل أعمارهم أقل من 25 عاما.

ذعر إيراني

من جانبها، كشفت شبكة «فوكس نيوز» الأمريكية، أنها حصلت على وثائق إيرانية مسربة تكشف عن شعور النظام الإيراني بالذعر إزاء الاحتجاجات التي تشهدها البلاد.

وأوضحت الشبكة أن هذه الوثائق شملت محاضر لاجتماعات جرت حتى 31 ديسمبر/كانون الأول الماضي، وحضرها المرشد الأعلى الإيراني «علي خامنئي» وعدد من القادة السياسيين ورؤساء أجهزة الأمن؛ وذلك لبحث كيفية القضاء على الاحتجاجات التي اجتاحت جميع أنحاء البلاد.

وكشفت محاضر الاجتماعات، التي تم ترجمتها إلى اللغة الإنجليزية من الفارسية، عن أن الاضطرابات ألحقت الضرر بجميع قطاعات الاقتصاد، وتهدد أمن النظام؛ ما يستوجب العمل كخطوة أولى على إيجاد مخرج من هذا الوضع.

قلق أممي

وعلى الصعيد الخارجي، أعربت الأمم المتحدة، عن أسفها لسقوط قتلى في التظاهرات، وقال «فرحان عزيز حق» المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة «أنطونيو غوتيريش»، في المؤتمر الصحفي اليومي للأمم المتحدة، إن «الأمين العام يتابع من كثب المعلومات عن التظاهرات في العديد من المدن في ايران. نأسف لوقوع قتلى ونأمل بتجنب العنف في المستقبل».

وأضاف: «نأمل بأن تُحترم حقوق الشعب الإيراني في التجمع سلميا والتعبير عن رأيه»، نافيا أن يكون «غوتيريش» قد تأخر في اتخاذ موقف حيال التظاهرات، التي واجهتها السلطات الأمنية بأعمال عنف دامية ومئات التوقيفات، حسب «رويترز».

من جانبها، طلبت السفيرة الأمريكية في الأمم المتحدة، «نيكي هايلي»، الثلاثاء، عقد باجتماعين طارئين لمجلس الأمن في نيويورك ومجلس حقوق الإنسان في جنيف، لبحث التطورات في إيران والحرية التي يطالب بها الشعب الإيراني.

وأضافت «هايلي»: «علينا ألا نبقى صامتين. إن الشعب الإيراني يطالب بحريته»، من دون أن تحدد أي مواعيد محتملة لهذين الاجتماعين.

من جانبه، ردّ المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، «بهرام قاسمي»، الثلاثاء، على تغريدات الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» المتكررة بتأييد مظاهرات إيران، قائلا إنه «من الأفضل ألا يتدخل بالشأن الداخلي الإيراني، وأن يهتم بقضايا بلاده بدلًا من تضييع وقته على إطلاق التغريدات العبثية»، واصفًا مواقف «ترامب» إزاء الإيرانيين بـ«المتناقضة والمضطربة؛ فهو نفسه من وصفهم سابقًا بالإرهابيين»، حسب تعبيره.

مظاهرات مضادة

في مقابل ذلك، وجّه عدد من رجال الدين والمسؤولين في إيران دعوات للمواطنين من أجل الخروج في تظاهرات مضادة لتلك التي تحمل شعارات سياسية، اعتبارًا من الأربعاء.

وشملت الدعوات مناطق عديدة؛ من قبيل كرج، كرمانشاه والأهواز، فضلًا عن طهران، التي من المتوقع أن تخرج تظاهراتها المضادة، الجمعة، حسب بعض المصادر التي تحدثت إلى صحيفة «العربي الجديد».

وفي كرمانشاه، أصدر مكتبا والي المحافظة وممثل المرشد الأعلى فيها، بيانًا رسميًا دعا كذلك لخروج المواطنين في تظاهرات لشجب الاحتجاجات الأخيرة.

وفي سياق متصل، قال المدعي الإيراني العام «محمد جعفري منتظري»، إنه «على الإيرانيين أن يعلموا أن إعادة الأمن والاستقرار دون مشاركتهم في المشهد أمر غير ممكن»، في إشارة منه لضرورة خروج تظاهرات مضادة في المرحلة المقبلة.

فيما نددت مجموعة الإصلاحيين الرئيسية في إيران برئاسة الرئيس الأسبق «محمد خاتمي»، بأعمال العنف التي رافقت الاحتجاجات في الأيام الأخيرة.

كما نددت بـ«الخداع الكبير» الذي تمارسه الولايات المتحدة عبر إعلان تأييدها للمتظاهرين.

وأضاف بيان للمجموعة نقلته وكالة «فرانس برس» أن «أعداء الشعب الإيراني اللدودين وفي مقدمتهم الولايات المتحدة وعملاؤها، (...) يدعمون ويشجعون مثيري الاضطرابات والأعمال العنيفة، ما يثبت الخداع الكبير لأولئك الذين يدعون الدفاع عن الديمقراطية والشعب الإيراني».

وطالبت المجموعة الإصلاحية القادة الإيرانيين باتخاذ إجراءات لـ«حل مشاكل الناس الاقتصادية والردّ على مطالبهم المحقة».

وتشهد إيران، منذ الخميس الماضي، مظاهرات بدأت في مدينتي مشهد وكاشمر (شمال شرق)؛ احتجاجا على غلاء المعيشة، وامتدت لاحقًا لتشمل مناطق مختلفة، من بينها العاصمة طهران.

وبينما خرجت التظاهرات لأسباب داخلية أساسا، امتدت احتجاجات الإيرانيين إلى انتقاد السياسة الخارجية لبلادهم وخوضها معارك في المنطقة؛ ما أدى لتفاقم الأوضاع الاقتصادية؛ وانعكس ذلك في هتافات لهم من قبيل: «لا غزة، لا لبنان، حياتي في إيران».

والإثنين، قال الرئيس الإيراني «حسن روحاني» في خطاب ألقاه بشأن الاحتجاجات التي أسفرت عن مقتل 24 متظاهرا حتى اليوم، إن «العدو غاضب من عظمة الشعب الإيراني ونجاح وتطور إيران؛ الانتقاد والاحتجاج فرصة وليس تهديدا والشعب بنفسه سيرد على مخترقي القانون ومثيري أعمال الشغب».

واتهم «روحاني» الولايات المتحدة و(إسرائيل) بتحريض بعض المتظاهرين للانتقام من إيران، مشيرا إلى أن العدو قالها صراحة إنه سينقل المعركة إلى داخل إيران، في إشارة إلى ولي العهد السعودي «محمد بن سلمان» الذي صدر عنه هذا التهديد في وقت سابق.

وجاءت الاحتجاجات بعد نحو 3 أسابيع على تقديم «روحاني» ميزانية العام المقبل بقيمة 104 مليارات دولار، لكن الحكومة أعلنت عزمها رفع أسعار الوقود والخدمات والضرائب.

ويعاني الاقتصاد الإيراني من نقص في الاستثمارات ونسبة بطالة تبلغ 12%، حسب الأرقام الرسمية، علما أن بعض المحللين يقدرون أن تكون أعلى من الواقع.

  كلمات مفتاحية

إيران الأمم المتحدة مظاهرات أمريكا اعتقالات إصلاحيين

«دي تلغراف»: الجيش ورجال الدين يحبطون مساعي «روحاني» الإصلاحية