«الأحواز»: القصة الكاملة لمعاناة إقليم عربي في قلب بلاد فارس

الاثنين 20 أبريل 2015 05:04 ص

مظاهرات كبيرة انطلقت أواخر مارس/أذار الماضي، ومطلع إبريل/نيسان الحالي في إقليم الأحواز الإيراني، تأييدا لما يعرف بـ« المقاومة الوطنية الأحوازية» ضدالاحتلال الفارسي، ودعما لعمليات «عاصفة الحزم».

هتافات على شاكلة «بالروح بالدم نفديك يا أحواز» و«أم الشهيد تنادي، أحواز عز بلادي» وهتافات أخرى تدعم عاصفة الحزم، كما قاموا برفع العلم الأحوازي وعلم الثورة السورية وعلم المملكة العربية السعودية، وهتفوا «الأحواز رجالك سلمان»، والهتاف الأخير لا يستهان به، فأن يهتف باسم ملك السعودية في أرض تابعة لإيران ليس أمرًا هينا على الإطلاق. (طالع المزيد)

ما هو إقليم الأحواز؟

يعد إقليم الأحواز أحد أهم الأقاليم وأكثرها استراتيجية بالنسبة لإيران، وتعود جذور مشكلة هذا الإقليم إلى كونه بالأساس إقليم عربي، تقطنه أغلبية عربية، ويتحدث أغلب سكانه اللغة العربية ويرتدون زيا أقرب ما يكون إلى الزي العربي، برغم التضييق الذي يتعرضون له منذ عصر الشاة. حكم الإقليم سابقا من قبل القبائل العربية التي كانت تقطنه، وكان آخر هولاء الحكام هو الشيخ «خزعل الكعبي» الذي أطيح به من قبل شاة إيران «رضا بهلوي» عام 1924.

يقع الإقليم في الجنوب الإيراني، مفصولا عنها بسلسلة جبلية، وتكمن الأهمية الاستراتيجية للإقليم في كونه مطلا بطوله على ساحل الخليج العربي، كما يملك حدودا مع العراق وإقليم كردستان.

من الناحية الاقتصادية، يحوي الإقليم أكثر من 80% من احتياطي النفط الإيراني، إضافة إلى كل احتياطيها من الغاز تقريبا، كما يحتوي مساحات شاسعة من الأراضي الأكثر خصوبة، حيث يجري في أرض الإقليم 3 أنهار هي «كارون والكرخة والجراحي»، كما تنتج مصفان عابدان الواقعة في أرض الإقليم بمفردها حوالي ثلث إنتاج النفط الإيراني، بواقع طاقة إنتاجية قصوى 420 ألف برميل يوميا.

تمييز هوياتي واقتصادي

يشكل العرب أغلبية سكان الأحواز التي تعرف رسميًا بأنها إقليم خوزستان الذي يطلق عليها الأحوازيون اسم «عربستان»، حيث يستخدمون الأسماء التاريخية للمنطقة بهدف التأكيد على جذورهم العرقية، ويقدر الأحوازيون أعدادهم بحوالي 5 ملايين نسمة، في غياب أي إحصاءات رسمية تصدرها الدولة حول أعدادهم، فالدولة الإيرانية لا تقوم بإعلان أي بيانات بخصوص الأقليات العرقية أو الدينية المقيمة على أرضها.

ويتميز الأحوازيون عن جالية عربية أخرى في إيران، تعرف باسم «الحولة»، وتعيش في الساحل الشرقي من البلاد، ويقدر تعدادها بحوالي 1.5 مليون نسمة. وفي حين أن غالبية الأحوازيين من الشيعة، فإنه يغلب على العرب «الحولة» أنهم من السنة.

وتعيش الجالية السنية الأكبر في إيران في إقليم بلوشستان، والذي يمتد يمتد بين إيران وأفغانستان وباكستان ويعتبر ثالث أكبر محافظة في إيران ذات أغلبية سُنيَّة، يشكو الإقليم من اضطهاده كبقية أقاليم الأقليات العرقية، تحوَّل هذا الاعتراض من قبل السُّنة في الإقليم إلى عمل مسلح منذ أكثر من 12 عامًا. فقد أسس سنيون تنظيم جيش العدل عام 2002، والذي يقول أنه يدافع عن حقوق أهل السنة في إيران. استهدفت الحركة مواقع عسكرية وقادة في الحرس الثوري الإيراني، وتعاني الجاليات العربية والسنية من العديد من الممارسات التمييزية، إلا أن الأحوازيين يرون أنهم الجالية الأكثر تعرضا للتمييز في إيران، رغم كونهم من الشيعة، وذلك يعود في الأصل إلى أصولهم العربية.

يواجه الأحوازيون نوعين من التمييز، يتعلق أولهما باللغة والهوية، أما الثاني فيتعلق بالوضع الاقتصادي، كمشاكل البطالة والرعاية الصحية وغيرها.

على مستوى التعليم، يتعلم الأطفال الأحوازين اللغة العربية ويتحدثون بها في منازلهم، وعندما يذهبون إلى المدارس يتم تلقينهم كل شيء باللغة الفارسية، وفقا لما أورده الصحفي الأحوازي المقيم في لندن «رمضان الصعيدي» لموقع «ميدل إيست آي».

وأضاف «الصعيدي»: «في البداية تواجههم مشاكل في تعلمهم داخل المدرسة، ولكنهم فيما بعد حينما يتقنون القراءة والكتابة بالفارسية فإن إتقانهم للغتهم الأولى يبدأ في التراجع، وذلك أنهم لا يتلقون درسًا واحدًا باللغة العربية إلى أن يصلوا إلى المستوى المتوسط (أي حين تكون أعمارهم قد وصلت إلى الثالثة عشرة)»، بحسب التقرير.

وأشار إلى أنّه «من المستوى المتوسط وما بعده، يتاح أمام العرب حضور درس واحد في الأسبوع من التعليم الرسمي الذي يطبق منهجًا يفرض عليهم وجهة نظر النظام ويضن عليهم (أي الطلبة العرب) بالتعرف على هويتهم».

ووفقا للموقع، فإن كثيرا من الأحوازيين يسعون إلى إيجاد وسيلة للتغلب على ذلك من خلال استئجار خدمات المعلمين الخصوصيين لتعليم أطفالهم الثقافة العربية إضافة إلى لغتهم. ولكن، إذا ما اكتشف أمر العائلات التي تفعل ذلك فإنها تهدد بإنزال أشد العقوبات بحقها، حيث يتم توجيه تهم ملفقة وغامضة بحقهم قد تصل عقوبتها إلى الإعدام، حيث توجه تهم التخابر والتعاون من جهات أجنبية لحاملي الكتب العربية، ويسجنون بسببها مددا تصل إلى عشرات السنوات.

اقتصاديا، عمدت إيران إلى تجريد الإقليم من ثرواته الطبيعية، عبر تجفيف الأرض عبر تحويل مجاري مياة الأنهار إلى المناطق الفارسية، مما أدى إلى تدهور الحالة المعيشية والصحية لأهل الإقليم وتفشي عددا من الأمراض الخطيرة ومنها السرطان.

كانت منظمة الصحة العالمية قد صنفت مدينة الأحواز في المرتبة الثانية من حيث التلوث على مستوى العالم في عام 2014، بعد أن كانت تتربع على رأس هذه القائمة في عام 2013، وهي المشاكل التي تقابل بتجاهل تام من قبل الحكومة الإيرانية، رغم أن الإقليم يعد أغني أقاليم إيران بالنفط والغاز.

محليا، لا تزيد نسبة الوظائف الحكومية التي يشغلها العرب داخل الإقليم على 5%، ولم تحظ هذه المنطقة ذات الأغلبية العربية بحاكم عربي منذ عام 1925، المثال الأنكى على ذلك، أنه من بين 4000 شخص يعملون في مجال التنقيب عن النفط في الإقليم لا يوجد بينهم سوى 7 فقط من العرب.

يتحدث الأحوازيون في المنفى دائما عن خطة الحكومة الإيرانية لتغيير التركيبة السكانية للإقليم عبر تشجيع هجرة ذوي القومية الفارسية، للعمل والسكن داخل الإقليم الذي يبلغ معدل البطالة بين سكانه الأصليين أكثر من 37%.

ثورات متتالية

لم تكن الهجمات التي شنها الشهر الماضي مسلحون أحواز على مقر المباحث بالإقليم إضافةً إلى مركز أمني بمدينة الخفاجية، تزامنا مع مظاهرات عربية حاشدة، في أعقاب مباراة كرة قدم بين الهلال السعودي والفولاذ الأهوازي جملة منفصلة في سياق الصراع العربي الفارسي في الأحواز. حيث حضرَ أحوازيون عرب المباراة؛ مرتدين اللباس العربي «المحرَّم» ورحبوا بالفريق السعودي بلافتات مكتوب عليها «يا الهلال العربي أهلا فيك في الأهواز العربي».

قامت مناوشات بين الشرطة الإيرانية والأحوازيين أعقبتها بعض الأعمال المسلحة قام بها الأحواز، ثم صدور البيان الشهير عن الحركة التي عرفت نفسها باسم «حركة النضال الوطني لتحرير الأحواز»، والذي أعلنت فيه تأييدها للعملية «عاصفة الحزم»، والذي جاء فيه «نعلم ويعلم الجميع أن لا رادع لتمادي الدولة الفارسية في غيها إلا القوة. وعليه نحن في حركة النضال العربي لتحرير الأحواز نرى في الخطوة السعودية لتصحيح الأوضاع في اليمن الشقيق، لإعادة هيبة الدولة فيه بأنها خطوة حكيمة بعد صبر طويل على عبث العابثين، ولقطع دابر قوى الشر الفارسية من الخاصرة الجنوبية لبلاد الحرمين الشريفين، ونحن على ثقة بأن مثل هذه المبادرات الحاسمة كفيلة بإعادة الأمن إلى منطقتنا العربية بعد أن فقدته في الفترة التي صعد فيها نجم الشؤم الفارسي في سماء المنطقة بإرادة دوائر بني صهيون».

لم تتوقف الانتفاضات السلمية والمسلحة لسكان الأحواز منذ تم إنهاء الحكم الذاتي للإقليم وضمه بالقوة إلى إيران عام 1925، كانت أبرز هذه الانتفاضات خلال أعوام  1925، 1928 1930، واستمرت بعض سقوط نظام الشاة خصوصا عامي 2005 و2011 إبان الأزمة السياسية الشهيرة في إيران.

خلال الحرب العراقية الإيرانية عبر الآلآف من الأحوازيين إلى العراق، في عام 1980 احتجز انفصاليون من الأحواز 26 شخصا رهائن في السفارة الإيرانية في لندن، قبل أن يتم اقتحامها من قبل القوات الخاصة حيث قتل 2 من الخاطفين و5 من الرهائن، تبين فيما بعد أن الخطافين كانوا مدعومين من قبل مسؤولين في نظام «صدام حسين».

أعطى الخلاف الإيراني العراقي هامش كبير من المناورة للأحوازيين للمطالبة ببعض حقوقهم، ولكن هذا الهامش قد تم سحقه تماما عام 2003 بعد الاجتياح الأمريكي للعراق، وصعود حكومات موالية لطهران، وربما يسعى الأحوازيون الآن للحصول على هامش مماثل للمناورة في ظل الصراع السعودي الإيراني، خاصة أن السعودية لها سوابق في دعم حركات تمرد في الداخل الإيراني، وبالأخص في إقليم بلوشستان الذي يتمتع بأغلبية سنية.

  كلمات مفتاحية

إيران الأحواز السعودية

الأحواز ينظمون مؤتمرا دوليا في ذكرى مرور 90 عاما علي «الاحتلال الفارسي»

تصاعد وتيرة احتجاجات الأحواز ضد سلطات إيران على وقع عمليات «عاصفة الحزم»

الأحواز يتظاهرون أمام مقر «BBC» في لندن احتجاجا على «نهجها العنصري» ضدهم

الأحواز يؤيدون «عاصفة الحزم» ويطالبون الدول العربية بدعم نضالهم ضد إيران

فيديو .. شباب الأحواز يعلنون بدء الثورة المسلحة ضد «الاحتلال الفارسي»

الأحواز: «عاصفة الحزم» خففت ضغط إيران علينا

إيران تعتقل معارضا من الأحواز انتقد سياسة «خامنئي» التمييزية ضد العرب

منظمات حقوقية: إيران اعتقلت نحو 100 ناشطا من الأحواز خلال شهر واحد

الأحواز يناقشون انتهاكات إيران بحقهم أمام البرلمان الأوروبي

أحواز يعطلون محادثات نفطية بين إيران وبريطانيا بعد اقتحامها في لندن

تخريب مصلى أهل السنة الوحيد بطهران وإمامه يوجه رسالة لـ«خامنئي»

«النفيسي» يعلن اعترافه بـ«الأحواز» كدولة عربية

السعودية وإيران: جغرافيا سياسية متقلبة من النفط والأقليات

فيديو.. المقاومة الأحوازية تفجر منشأة نفطية في إيران

نشطاء الخليج يحتفون بتفجير الأحواز منشأة نفطية في إيران

«فورين بوليسي»: أزمة هوية في طهران .. من يمثل إيران حقا؟

«الجارديان»: السعودية وإيران تدشنان مستوى جديد من الخطاب العدائي

إيران: تأييد حكم اعدام الداعية السني «شهرام أحمدي»

مظاهرات في الأحواز بعد مقتل طفل عربي برصاص الشرطة الإيرانية

الأحواز العربي وتحديات المستقبل الخليجي

هل سيشاهد الإيرانيون التلفزيون الفارسي الممول سعوديا؟

العرب وإقليم الأحواز المحتل

مثقفون عرب في الأحواز يتحدون السلطات الإيرانية ويحتفلون بـ«يوم اللغة العربية»

إدانات دولية لحكم إعدام 27 داعية سني في إيران

رئيس حركة تحرير الأحواز: نشارك الرياض «عاصفة الحزم» وإيران «عدو مشترك»

ناشط حقوقي: إيران تعدم يوميا العرب في الأحواز بينهم أطفال وفتيات

الأحوازيون يدعون العرب إلى الاعتراف بهم «دولة تعيش تحت الاحتلال الإيراني»

«هيومن رايتس»: السلطات الإيرانية تعدم النشطاء السلميين وتمنع بناء مساجد للسنة

وثيقة مسربة تكشف خطة خمسية إيرانية لتغيير التركيبة السكانية في الأحواز

«يوسف سيالوي» عربي أحوازي مختفٍ وعرضة للتصفية خارج إطار القانون في إيران

إيران تتكتم على مكان اعتقال داعية أحوازي

تمرد الأقليات في إيران: هل تتجرع طهران «كأس السم» الذي تسقيه لدول المنطقة؟

«صقور الأحواز» تتبنى تفجير منشأة معشور النفطية وتتوعد بضرب العمق الإيراني

«المقاومة الأحوازية» تتبنى تفجير خط لنقل الغاز بإيران

هل تنفجر إيران؟

«ستراتفور»: ماذا يعني عودة «التمرد المسلح» لأكراد إيران؟

الدعم السعودي لعرب الأحواز.. هل يشكل خطرا على إيران؟