هل تستطيع البحرين قمع معارضيها اللاجئين فى بريطانيا؟

الجمعة 25 يوليو 2014 01:07 ص

نور الشامسي، الخليج الجديد

ما مدى تواطؤ السلطات البريطانية مع الممارسات الاضطهادية لنظام البحرين؟ سؤالٌ تم تسليط الضوء عليه في تقرير نشر الثلاثاء الماضي على موقع «ميدل إيست آي» بعنوان «هل تكون بريطانيا التابع المدلل للبحرين» ناقش فيه أبعاد الاضطهاد الذي بات البحرينيون المنفيون في لندن يشتكون منه على يد السلطات البريطانية.

ولفت الكاتب «ألاستر سلون» أنه  بدأ يتشكّك في الأمر في وقت سابق من هذا العام، عندما تمّ اعتقال اثنين من الناشطين البحرينيين الفارين وكادا أن يرحّلا من قبل مسؤولين في مطار «هيثرو»، رغم أنهما  كانا يمثلان حالات لجوء واضحة.  لذا وبحسب الكاتب، فإن «ذلك التحيز ضدهم يشير إلى نمط أوسع من التمييز».

وتحدث الكاتب عن  المدوّن البحريني البارز «محمد أحمد» الذي تم اعتقاله وتعذيبه في البحرين في أغسطس/آب 2013. وكان قد سبق القبض عليه وتعرض للضرب في أبريل/نيسان 2012، أثناء عمله مع صحيفة «صنداي تلغراف»؛ وقرر في فبراير/شباط الماضي اللجوء إلى لندن، ورافقه في السفر رئيس المنظمة الأوروبية البحرينية لحقوق الإنسان، «حسين جواد»، الذي سبق اعتقاله هو الآخر من قبل عناصر الأمن البحرينية في نوفمبر/تشرين الثاني 2013، بسبب تقديمه شكوى رسمية ضد الحكومة البحرينية، أكد فيها أنهم يضطهدون المدافعين عن حقوق الإنسان. وطالب أكثر من 50 مدونا في جميع أنحاء العالم بإطلاق سراح «جواد» بعد اعتقاله التعسفي في البحرين؛ حيث قضى 46 يوما في السجن قبل أن يتمّ إطلاق سراحه، وبعد الإفراج عنه، لم يكن أمام «جواد» أيّ خيار آخر سوى الفرار.

ويشير الكاتب أنه لدى وصول الرجلين إلى مطار «هيثرو» بلندن، أخذهما مسؤول الهجرة إلى مكان منفصل، ثم نقلوا إلى مراكز احتجاز منفصلة خارج لندن حيث وجدا أنفسهما في سجن أمني متوسط لإدارة الحدود والهجرة مخصص لاعتقال وترحيل المهاجرين غير الشرعيين.

واتضح أنهما قد وضعا على برنامج خاص يسمى «DFT»، وهو عملية مصممة للحالات غير المعقدة للهجرة، حينما يكون مقدم الطلب ليس له الحقّ في اللجوء ومن ثم تجب إعادته إلى بلده في أقرب وقت ممكن. وحرم الرجلان من طلب المساعدة القانونية على الرغم من أن لديهم أسبابا قوية للحصول على اللجوء وأنهم سيواجهون الاضطهاد المحتمل والسجن والتهديد بالتعذيب إذا عادوا إلى بلادهم.

ويؤكد الكاتب أنه لولا تدخُّل مجموعة من المحامين المتخصصين، فقد كان من المؤكّد أن «جواد» سيتمّ ترحيله، إلا أنه أطلق سراحهم بعد بضعة أيام وهم يسيرون حتى الآن في إجراءات اللجوء.

وبحسب تقرير «ميدل إيست آي» فإن القادة والناشطين البحرينيين الذين يعيشون في لندن (الذين يبلغ عددهم حوالي 500 لاجيء)، يعتقدون بوضوح أن احتجاز «جواد» و«محمد» كان له دوافع سياسية، وأن المجتمع البحريني في لندن يتعرض إلى «استهداف منهجي» من قبل الحكومة البريطانية، كما يشكون أن الحكومة البريطانية تعمل بدورها بالنيابة عن الحكومة البحرينية، فيما رفض مسؤولون بريطانيون التعليق على الواقعة باعتبارها «حالة فردية».

وهو ما اعتبره الكاتب رد مثير للريبة؛ لافتا أنهم دائما ما كانوا صريحين عند الحديث عمن وصفهم بـ«الإرهابيين»، ممّا يدفع إلى الاستنتاج بأنهم يتحدثون فقط عندما يريدون ذلك.

ويؤكد الكاتب فكرته بحادث آخر، ففي 30 أبريل/نيسان، داهمت وحدة مكافحة الإرهاب من شرطة العاصمة منازل اثنين من المنفيين البحرينيين الذين يعيشون في لندن واعتقلتهم وأسرهم. واتهمتهم بجرائم تتعلق بالإرهاب، التي رآها نشطاء حقوق الإنسان أنّها ملفقة على الأغلب من قبل السلطات البحرينية.

لكن الغريب هو أن الحملة على المنزلين قد تمت في تمام السادسة صباحًا، بينما قام أحدهم بالتغريد على موقع تويتر في البحرين حول اعتقال الرجال في تمام الساعة 4:00 صباحا؛ أي قبل ساعتين كاملتين من حدوث الأمر. ووفقا لـ «مجموعة الأبحاث والدعوة» و«البحرين ووتش»، فإنّ الحساب الذي تمّ التغريد منه يعتقد أنّه يتم تشغيله من قبل عائلة «آل خليفة» الحاكمة.

ليؤكد الكاتب أن هناك علامات أخرى على أنّ العلاقة صارت متوترة بين المدافعين عن حقوق الإنسان في البحرين ومكتب الخارجية و«الكومنولث» في المملكة المتحدة.

يذكر أنه في عام 2000، أجرت وزارة الداخلية البريطانية تحقيقات مع العقيد «إيان هندرسون»، وهو شرطي من الحقبة الاستعمارية البريطانية كان يعمل لصالح عائلة «آل خليفة» منذ ما يقرب من ثلاثين عاما، بتهمة التواطؤ في عمليات تعذيب أثناء وجوده في المنامة. وفي نهاية المطاف، لم تسجّل تجاهه أيّ تهم، ولكن الكاتب الصحفي البريطاني «روبرت فيسك» فضح قيام «هندرسون» بالعديد من عمليات التعذيب.

ويوضح الكاتب: «نستطيع أن نفسر ذلك بأنه رغم أن البحرين في حدّ ذاتها دولة صغيرة وليست من الدول الغنية بالطاقة، إلّا أنها جزء رئيس من دول مجلس التعاون الخليجي الذي يتحكّم بشكل كبير في منظمة أوبك». مضيفًا أن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وبدرجة أقلّ الكويت، يقومون بدفع كميات هائلة من المال والوقود والأسلحة لدعم «آل خليفة» الذين يعتبرونه «حصنا منيعا ضد التوسع الإيراني والشيعي في المنطقة».بحسب قوله.

واختتم الكاتب تقريره بالإشارة إلى المكاسب الجغرافية السياسية الكبيرة التي سيؤدي إليها بقاء «آل خليفة» على العرش. فموقع البحرين في الخليج يجعلها دولة حيوية لحماية قاعدة الممرات الملاحية الرئيسة. كما أن الوجود البريطاني والأمريكي في الشرق الأوسط يتمّ تنسيقه من ميناء المنامة، كما تتمركز معدات الدفاع المكلفة هناك.

يذكر أن إدارة شؤون الجنسية والجوازات والإقامة البحرينية بدأت مطلع الشهر الماضي باتخاذ الإجراءات اللازمة لتسهيل دخول البريطانيين حاملى الجوزات الدبلوماسية الى البحرين دون الحاجة إلى تأشيرة دخول، تنفيذا لقرار الفريق الركن الشيخ «راشد بن عبدالله آل خليفة» وزير الداخلية، واستنادا إلى مذكرة التفاهم الموقعة بين مملكة البحرين والمملكة المتحدة.

وبحسب المذكرة فإنه يسمح للمواطنين البحرينيين حاملي الجوازات الدبلوماسية والخاصة، بمغادرة البلاد من جميع المنافذ إلى المملكة المتحدة وإيرلندا الشمالية من دون الحاجة إلى تأشيرات دخول مسبقة، كما يسمح لهم بالإقامة مدة أقصاها ستة أشهر لكل زيارة، على أن يسمح بالمثل لرعايا المملكة المتحدة وإيرلندا الشمالية عند الدخول للبحرين.

 

  كلمات مفتاحية

اتهامات للبحرين بالتجسس علي معارضيها المقيمين فى بريطانيا

«فايننشال تايمز»: عقارات العائلة المالكة البحرينية فى لندن تقدر بـ900 مليون دولار

بذكرى الاحتجاجات.. برلمانية بريطانية تطالب حكومتها بالتضامن مع مناضلي البحرين