اختفاء النعيمي وزير النفط السعودي وتقليص العاملين بقنوات الجزيرة

الخميس 24 سبتمبر 2015 04:09 ص

حدثان بارزان يمكن أن يسلطا الأضواء بشكل أقوى على ملامح المستقبل بالنسبة إلى الدول الخليجية وحكوماتها وشعوبها، ويمكن من خلالهما اجراء قراءة متعمقة لما يمكن أن تواجهه هذه الدول من متغيرات سياسية واجتماعية واقتصادية.

الأول: اختفاء السيد علي النعيمي وزير النفط السعودي عن الأنظار طوال الفترة الماضية، وبالتحديد منذ تدهور أسعار النفط، وهبوطها بأكثر من النصف، واتهام الكثيرين له، من داخل المملكة وخارجها، بأنه مهندس السياسة السعودية النفطية التي أدت إلى إغراق الأسواق العالمية بأكثر من مليوني برميل لخفض الأسعار لدفع شركات النفط الصخري إلى الإفلاس وشل اقتصاديات كل من إيران وروسيا.

الثاني: إقدام شبكة «الجزيرة» الذراع الإعلامي السياسي الأقوى، بل والوحيد في دولة قطر إلى تسريح مئات العاملين فيها لتقليص النفقات لانخفاض عوائد الدولة النفطية إلى ما دون النصف بسبب تراجع أسعار النفط. 

اخترنا هذين الحدثين بسبب تأثيرهما محليا وعالميا، والطابع الرمزي لهما، كل حسب مكانته وأهميته، والدورين اللذين لعباهما في رسم ملامح المنطقة العربية سياسيا واقتصاديا في العقد الماضي، رغم اعترافنا المسبق بنسبيتهما.

وربما يجادل البعض بأن السيد النعيمي لم يكن صانع سياسات نفطية في بلاده، وإنما منفذ لها، وأن صاحب القرار الأقوى في وزارة النفط السعودية، هو نائبه الأمير عبد العزيز بن سلمان نجل العاهل السعودي، وربما يكون اختفاء السيد النعيمي من المشهد راجع إلى رغبته في التقاعد، وهو الذي تجاوز عمره الثمانين عاما، وعدم رغبته في الاستمرار في الدور الحالي كوزير للنفط، بعد أكثر من عشرين عاما في المنصب.

السيد النعيمي تجنب الحديث للصحف ووكالات الأنباء ووسائط الإعلام الأخرى، ويفضل الاعتكاف فيما يبدو، لكن ما نعرفه أن معظم التحليلات تجمع على أن أسعار النفط ستستمر في الهبوط، ومعها مداخيل الدول الخليجية، وغير الخليجية، مثل الجزائر وليبيا عربيا، وفنزويلا وروسيا ونيجيريا  والمكسيك دوليا، حتى أن بنك «غولدمان ساكس» توقع انخفاض السعر إلى حوالي عشرين دولارا للبرميل.

وكالة «ستاندرز اند بورز» لخدمات التصنيف الائتماني تنبأت بأن استمرار تراجع اسعار النفط قد يؤدي الى تأجيل بعض مشاريع البنية التحتية، أو إلغائها، في العديد من دول مجلس التعاون الخليجي، ولعل قرار مجلس إدارة شبكة «الجزيرة» بالغاء ما يقرب من ربع الوظائف (من مجموع حوالي خمسة آلاف وظيفة) هو أحد ابرز العناوين في هذا الصدد.

صحيح أن شبكة «الجزيرة» ليست من مشاريع البنى التحتية، ولكن قرارها المذكور بالانكماش وظائفيا على درجة كبيرة من الأهمية لأنها أحد المشاريع الأشهر، والأصلب، والأهم، خليجيا وعربيا.

هناك مشاريع مطارات وسكك حديد وطرق وانفاق واسكان ضخمة جرى اعتمادها في معظم الدولة الخليجية، وخاصة المملكة العربية السعودية، في ظل الطفرة النفطية، ومن المؤكد أن هذه المشاريع او معظمها ستواجه التجميد إن لم يكن الإلغاء كليا نتيجة تراجع العوائد النفطية.

الحديث عن إجراءات تقشفية يمكن الإقدام عليها من قبل بعض الحكومات لتقليص العجوزات في الميزانية العامة بات مسيطرا على الحوارات في الديوانيات في معظم دول الخليج، وتحدثت بعض الصحف عن احتمالات إلغاء الدعم الحكومي لسلع أساسية مثل المحروقات والكهرباء، والماء، وفرض ضرائب على شركات أجنبية وعمالتها.

المقترحات كثيرة لمواجهة هذه الأزمة، أو تقليص مخاطرها على الأقل، أبرزها ما طرحه الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بعقد اجتماع قمة طارىء للدول الأعضاء في منظمة «أوبك»، وفتح حوار من أجل التنسيق مع الدول المنتجة خارج المنظمة، مثل روسيا والمكسيك، ولكن هذا الاقتراح لم يجد ترحيبا، حارا أو باردا، من قبل الدول الخليجية والسعودية خاصة، لأن الأخيرة لا ترى فائدة من مثل هذا الاجتماع، وتتطلع إلى حلول دائمة، وليس مؤقتة، وأبرزها اخراج شركات النفط الصخري، أحد ابرز مصادر الأزمة من الاسواق، ودفعها نحو الإفلاس.

تراجع عوائد النفط لا يقتصر تأثيره السلبي على مشاريع البنى التحتية والتماسك الاجتماعي، وإنما المكانة السياسية أيضا للدول المصدرة للنفط التي تصدرت الحراك السياسي والعسكري في المنطقة العربية طوال السنوات العشرين الماضية، فالمال سلاح استراتيجي قوي في زمن الازمات الاقتصادية، والدول الفاشلة في منطقة ملتهبة مثل الشرق الأوسط تواجه انهيارات على جميع المستويات.

  كلمات مفتاحية

السعودية علي النعيمي وزير النفط السعودي قطر قناة الجزيرة الشرق الأوسط انخفاض أسعار النفط

«ستاندرد آند بورز»: تراجع أسعار النفط قد يدفع الخليج لإلغاء مشروعات بنية تحتية

صحيفة مصرية: «عزمي بشارة» يدمر إمبراطورية شبكة «الجزيرة»

«بلومبرغ»: السعودية تربح معركتها ضد النفط الأمريكي وتلقن درسا للسوق

«فاينانشيال تايمز»: انخفاض أسعار النفط يترك دول الخليج أمام خيارات إصلاح صعبة

«علي النعيمي»: «من المستحيل» أن تخفض السعودية حصتها في السوق .. ولا أهداف سياسية