استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

الثأر لأحمد المناصرة

السبت 17 أكتوبر 2015 03:10 ص

هزّتني من الأعماق إصابة الطفل الفلسطيني أحمد المناصرة بالقرب من مستوطنة «بسغات زئيف»، شمال مدينة القدس العربية المحتلة، وهو الطفل الذي لم يتعدَّ الثالثة عشرة من عمره، كما هزّتني صورة المستوطنين وهم يتلذذون بتألّمه والدماء تسيل منه، وأحدهم يركله برجله، والآخر يشتمه، ويلعن والديه.

عجِبت والله من حالنا نحن العرب، فنحن نفخر بأننا «خير أمةٍ أُخرجت للناس»، ولكننا «كنا» كذلك، وربما لم نعد، بل نخشى أن نصير أسوأ أمةٍ خلقها الله على وجه الأرض، تداس كرامتنا، ويذلّنا العدو، ويقتل أطفالنا كما تقتل البهائم، بل أسوأ من قتل البهائم.

هزّني كذلك ذلك الرجل العجوز بلباسه العربي الجميل في مديتنا المقدّسة «القدس الشريف»، يقف أمام الجنود المجرمين الذين اجتمعوا من أشتات الأرض ليحتلّوا أرضنا ويستبيحوا المسجد الأقصى المبارك، ليزجرهم، ويستهزئ بهم وبقوّتهم، غير أنهم ما فتئوا يتهجّمون عليه بالكلام والدفع، حتى ضاق ذرع أحدهم به، وأطلق النار عليه ليسقط صريعاً على أرض الشارع.

وكذلك صورة الفتى الفلسطيني الذي صدمته سيارة جيب عسكرية إسرائيلية، وحاولت قتله، ثم ما لبث أحد الجنود الصهاينة أن أطلق النار عليه، كل ذلك بسبب ضربه سيارة الجنود بالحجارة.

والحجارة في يد الفلسطيني، حسب رأي «الكنيست» الإسرائيلي، سلاح خطير! يجب أن يتصدّى له الجنود والمستوطنون بالسلاح وإطلاق النار، حسب قوانينهم الجائرة بحق أصحاب الأرض الأصليين.

ويأتي الإعلام الصهيوني ليقول لنا، إنّ غضبة الفلسطينيين اليوم هي بسبب وقف مخصصات الضمان الاجتماعي عن كبار السن منهم، وكأنما الخدمات البلدية هي أساس لانتفاض الشعوب وثورتها. 

ونسوا وتناسوا أنّ الربيع الفلسطيني ما كان ليأتي لولا الاستفزاز الحقيقي للمرابطين من أهل فلسطين وسكان القدس الذين يرفضون أن تُدنِّس أقدام الصهاينة مسجدهم، ومسجد المسلمين أجمعين، وكذلك عربدة الاستيطان والاحتلال ومحاولات هدم المسجد الأقصى التي يقوم بها الصهاينة. ويدافع الفلسطينيون عن أرض فلسطين العربية وطنهم ووطن أجدادهم الكنعانيين الذين استوطنوا أرض القدس المقدّسة منذ آلاف السنين.

عجبت والله من أمرنا، وحاولت أن أجمع بعض المعلومات عن مدينة القدس وسياسة التهويد الإسرائيلية، فوجدت أنّ الإسرائيليين قد شرّدوا أربعة عشر ألفاً من سكان مدينة القدس منذ احتلالها عام 1967 (حسب إحصاءات صحيفة هآرتس الإسرائيلية 13 أكتوبر 2015م). وحسب معلومات «مركز المعلومات الفلسطيني»، فقد هدمت إسرائيل 1708 منازل عربية لسكان القدس الشرقية، منذ عام 1967، وحتى شهر مارس 2015.

ووجدت كذلك أنّ الإسرائيليين قد هجّروا سكّان عشرين قريةٍ فلسطينية في محيط القدس منذ عام 1948، من قرية «دير ياسين» التي شهدت المذبحة الشهيرة في 9 أبريل 1948، إلى قرى كثيرة أخرى من أهمها قرية القسطل الجميلة، وقرية «كسلا» الغنية بينابيع المياه. وأُنشِئت على أنقاض بيوت الفلسطينيين فيها المستوطنات وملاعب كرة القدم وغيرها.

وفي محيط مدينة القدس، أُقيمت 38 مستوطنة إسرائيلية، من أشهرها مستوطنتا أدوميم الأولى وأدوميم الثانية (50,000 مستوطن، و32,000 مستوطن).

وقد فكّرت ملياً، هل المهم هو المحافظة على المسجد الأقصى؟ أو على الأرض المقدّسة؟ أم على بيوت الفلسطينيين وممتلكاتهم؟ أم أن نحافظ على حياة أبنائنا من شبّان القدس وشابّاتها وشيوخها؟

فكّرت ملياً، ورأيت أن المقدّسات تبقى مقدّسة، والأرض والمنزل تبقى عزيزة على كل إنسان من أهلها. ولكن الإنسان هو الأهم، فماا جرى لـ«أحمد المناصرة» في القدس، مثل مجزرة إعدام أخيه «محمد الدرة»، قبل عشر سنوات في غزة، مأساة لا تخصّ العرب أو المسلمين وحدهم، بل هي مأساة إنسانية تدمي قلب كل إنسان يعيش على هذا الكوكب.

والأخذ بثأرهم لن يكون حصراً علينا كعرب أو مسلمين، ولكنه واجب، حتى يقدَّم مقترفو هذه الجرائم وفي مقدمتهم السفاح «نتانياهو» وأركان حربه، وجنوده المجرمين إلى محاكمة عادلة.

القدس تستصرخكم فهل من مجيب؟

* د. صالح عبد الرحمن المانع  أستاذ العلوم السياسية - جامعة الملك سعود

  كلمات مفتاحية

فلسطين القدس المسجد الأقصى الصهاينة المرابطون الربيع الفلسطيني