استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

«الحزب الشيوعي السوري» من حزب الجماهير إلى حزب السلطة

الاثنين 9 نوفمبر 2015 03:11 ص

عقد «الحزب الشيوعي السوري» مؤتمره الثاني عشر في الأسبوع الماضي بدمشق ولمدة يومين، وكانت الدعوة عامة لحضور افتتاح المؤتمر، وهي المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك، إذ غالباً ما كانت مؤتمرات الحزب إما سرية أو مغلقة.

إن «الحزب الشيوعي السوري» وحركة «الإخوان المسلمين» المصرية هما أقدم تنظيمين سياسيين ما زالا قائمين في الوطن العربي، فقد تأسس «الحزب الشيوعي السوري ـ اللبناني» العام 1924 وتأسست حركة «الإخوان المسلمين» العام 1928.

انتسب «الحزب الشيوعي» إلى «منظمة الكومنترن» بعيد تأسيسه واستقراره في ثلاثينيات القرن الماضي، وقد جعلت نفسها وصية على الحزب كما على الأحزاب الشيوعية الأخرى، وسخّرتها لخدمة أهدافها وربما لخدمة الاتحاد السوفياتي الذي يقوده الحزب الأم، وهذا ما حمّل الحزب الشيوعي أعباء قرارات لم يكن غالباً مؤمناً بها، وعلى رأس هذه القرارات الموقف من تقسيم فلسطين والاعتراف بدولة إسرائيل.

فقد اعتقد الاتحاد السوفياتي، وهو المعترف الأول بإسرائيل، أن الأخيرة ستكون دولة عصرية وتقدمية انطلاقاً من أن اليساريين في أوروبا كانوا يتعاطفون معها، وأن الحركة الصهيونية صُنفت على أنها حركة تقدمية معادية للفاشية.

ولم يراعِ «الحزب الشيوعي السوري» أن وجهة النظر العربية من الحركة الصهيونية مختلفة جداً عن هذا التقويم، وأن تقسيم فلسطين كان فيه ظلم واضح للفلسطينيين. وكان اعتراف الاتحاد السوفياتي بإسرائيل يعني إعطاء حقوق للحركة الصهيونية ليست لها، وتسليماً بتهجير السكان العرب وتجاهل إقامة دولة لهم والتبرير للولايات المتحدة بأن تكرّس هذا كله.

وقد أصر الحزب الشيوعي على موقفه ولم يراجعه برغم كل المآسي التي مرت، فأصبح ذلك سبباً لنقد عنيف للحزب في أوساط عربية واسعة، وفرصة استغلتها القوى العربية الرجعية كما استغلتها الأمبريالية الأمريكية.

وقع الحزب الشيوعي في ورطة أخرى مع قيام الوحدة السورية ـ المصرية التي لاقت تأييداً جماهيرياً واسعاً، وقد حدد نقاطا عدة كانت بمثابة شروط لقيام الوحدة. وبرغم أنها كانت نقاطاً موضوعية ومسؤولة، فقد اعتبر الهياج الجماهيري الأعمى المؤيد للوحدة هذه النقاط بمثابة رفض لها، ووجدت السلطة أن هذا يبرر لها ملاحقة المناضلين الشيوعيين.

وهو ما حصل، فقدم مناضلو الحزب تضحيات نادرة، وأظهروا صموداً أسطورياً، ثم حصل الانفصال وتقاسمت الأحزاب السورية السلطة من دون الحزب الشيوعي الذي خرج صفر اليدين. وفي هذه الفترة انفصل الحزب الشيوعي اللبناني عن الحزب الشيوعي السوري وأصبح حزباً مستقلاً.

أهمل الحزب الشيوعي السوري الدفاع عن الحرية والديموقراطية، واكتفى بما طرحه الحزب الشيوعي السوفياتي الذي اعتبر أن المعيار الأساس لقيام الدولة هو المركزية الديموقراطية، أي أن قيادة الحزب هي التي تقرر مصير البلاد وتغني عن منظمات الشعب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني وغيرها.

هكذا، اختُصر الحزب كله بلجنته المركزية، واختصرت هذه بالمكتب السياسي، الذي أعطى كل السلطة لأمينه العام. وفي النهاية صار الحزب هو الأمين العام، بما يشبه كثيراً الأنظمة العسكرية التي قامت في الشرق الأوسط أو الأنظمة الشمولية في العالم كله، التي اختصرت نفسها بقائد الانقلاب أو رئيس الدولة. وهذه المركزية الديموقراطية هي التي أدّت إلى الانقسامات في الحزب الشيوعي السوري بدءاً من العام 1972 وحتى نهاية القرن.

فقد انقسم في المرة الأولى العام 72 وكان انقساماً مدوياً، وطرح المنشقون برامج جديدة للحزب وخاصة في مجال القضية الفلسطينية والوحدة العربية والمركزية الديموقراطية في الحزب، وأصدروا نشرات مهمة دفعت موسكو للتدخل وتنصيب نفسها حكماً، فأدانت المنشقين الذين شكلوا حزباً مستقلاً ثم أصدروا جريدة مستقلة، وأحدثوا على العموم هزة في داخل الحزب نبهت أعضاءه إلى مسألة الديموقراطية وإلى تقليدية برامجه وتبعيته غير المتبصرة للسياسة السوفياتية. ثم ما لبث الحزب أن انشق بعد عشر سنوات مرة أخرى.

وسمى المنشقون أنفسهم منظمات «القاعدة»، وكانوا أكثر مرونة لناحية استيعاب معطيات العصر وظروف المنطقة المستجدة وواقعها، ولم يفتهم تطبيق الديموقراطية داخل الحزب. ولم يعجب هذا التطور الأمين العام خالد بكداش (الذي بقي أميناً عاماً بعد سنوات من تأسيس الحزب حتى ما يقارب نهاية القرن) وذلك لأن الانشقاقات كانت تفرز برامج عمل جديدة كان ضدها لأن موقفه التقليدي صعب التغيير. وبالفعل، فقد انشق هو هذه المرة وشكل حزباً شيوعياً خاصاً به ورثته زوجته بعد وفاته ثم ابنه بعد وفاتها.

بعد الحركة التصحيحية، أسس الرئيس حافظ الأسد «الجبهة الوطنية التقدمية» التي ضمت الأحزاب السورية عامة باستثناء «الاتحاد الاشتراكي» الذي انسحب منها بعد حين، وكان الحزب الشيوعي أحد أعضائها، ونص ميثاق الجبهة على منع أحزابها من العمل بين الطلاب وبين العسكريين (أي منع دخول أعضاء جدد فيها، ومنع تنظيم عسكريين يمكن أن يفكروا بانقلابات).

وطبق «حزب البعث» الحاكم نظام المحاصصة على أحزاب «الجبهة»، فأعطى الحزب الشيوعي ثمانية نواب ووزيرين، وبعد انقسامه أعطى نصف العدد لخالد بكداش، علماً أن الحزبين الشيوعيين حافظا على انتسابهما للجبهة وللحكومة وللبرلمان، وقبلا الدخول في هذه اللعبة بشروط السلطة. وما زال الأمر كذلك حتى الآن.

بعد انطلاق الانتفاضة العام 2011، وجد «الحزب الشيوعي السوري» نفسه أمام مأزق كبير، فهو من جهة ملتزم بالنظام السياسي وقابل به وعضو في الجبهة منذ أربعين عاماً، وساكت عن القمع والاعتقال الذي يجري والفساد الذي يعم، ومرتاح للمساعدات التي يقدمها النظام، المادية منها (النواب والوزراء والموظفون الكبار) والمعنوية (السماح بصدور جريدة وعقد الاجتماعات والمؤتمرات علناً ومن دون مضايقة). وهو من جهة أخرى ينبغي أن يؤيد المطالب الشعبية التي طرحتها الانتفاضة، سواء منها المطالبة بإصلاح النظام أم بأكثر من ذلك.

كان يفترض أن يتولى «الحزب الشيوعي السوري» عقد الحوار بين النظام وبين منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية، خاصة أنه مقبول من الأطراف جميعها، ولكنه مال لتأييد الموقف الرسمي للنظام بحذر في المراحل الأولى ثم انزلق أكثر فأكثر، حتى تبنى موقف النظام السياسي كاملاً، وصار جزءاً منه هو وأحزاب «الجبهة» الأخرى.

لم يقف «الحزب الشيوعي السوري» موقفاً واضحاً وصريحاً من الأخطاء التي وقعت قبل الانتفاضة، فلم ينتقد قيام الدولة الأمنية، ولا الفساد ولا القمع ولا الاستهتار بالحرية والديموقراطية، وفي الخلاصة لم يطرح شيئاً مما طرحته الانتفاضة، فبدا وكأنه حزب سلطة وليس حزباً جماهيرياً تقدمياً، واستكان لهذه الحال ولم يصدر عن مؤتمراته ما يوحي بإمكانية تغيير موقفه أو الاقتراب من الرأي الجماهيري.

  كلمات مفتاحية

سوريا الحزب الشيوعي الإخوان المسلمين مصر لبنان فلسطين الصهيونية الإمبريالية

مسار التظاهرات العراقية من المرجعية الشيعية الى الشيوعية!

القصف الجوي يعاقب الأبرياء ولا ينهي الإرهاب