بعد تصريح نشر الجيش في 6 ساعات.. ما الذي يخيف «السيسي»؟

الأحد 2 أكتوبر 2016 01:10 ص

ما الذي يخيف الرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي»، للدرجة التي تجعله يهدد بنزول الجيش وانتشاره ليغطي مصر كلها في 6 ساعات.

«السيسي»، الإثنين الماضي، خلال خلال افتتاحه مشروع تطوير قرية «غيط العنب» بالإسكندرية، شمالي البلاد، قال إن هناك «خطة موضوعة لانتشار القوات المسلحة في أنحاء مصر خلال 6 ساعات، حال حدوث مكروه».

وأضاف: «لن يستطيع أحد أن يمس الدولة المصرية، ولن نسمح أن مصر تضيع مننا.. محدش يفتكر هنقدر نسيبها أو نسمح تضيع مننا».

كما جاء تحذيره صارما، عندما قال: «لو قامت في مصر مثلما يحدث في الدول الأخرى (يقصد ثورة أو انتفاضة)، لا هتنفع لينا ولا لغيرنا، ولينا دي أقصد بيها الـ91 مليون مصر».

«السيسي» ظهر متحديا أطرافا عدة، وهو يدلي بتصريحه، منها معارضة داخلية، وقوى خارجية، وجماعات مسلحة زاد نشاطها مؤخرا، في ظل أزمة مجتمعية ودعوات لتظاهر في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل ضد ارتفاع الأسعار.

المعارضة الداخلية

على الرغم من كون المعارضة المصرية ليست على قلب رجل واحد، والاختلافات بينهم كبيرة، لم يستطيعوا تجاوزا منذ 3 سنوات، والأزمات الداخلية التي تضرب كياناتها، خاصة جماعة الإخوان المسلمين، جعلتها بعيدة عن الحراك الشعبي المعارض، إلا أنه لا يمكن إنكار أنه لا تزال هناك مظاهرات شبه يومية تطالب بإسقاط الانقلاب العسكري، وسلطة ما بعد 30 يونيو/ حزيران 2013.

فما بين مظاهرات يغلب عليها الإسلاميين تدعم شرعية الرئيس الأسبق «محمد مرسي» وتطالب بالقصاص، ومظاهرات أخرى للاشتراكيين الثوريين واليساريين، تتميز بموسميتها أو عند وجود أحداث تفرض نفسها، مثلما حدث في قضية جزيرتي تيران وصنافير، أو ذكرى ثورة 25 يناير، يتلخص الحراك الموجود في الشارع.

غير أن تلك التحركات، ربما، لا تستدعي تدخل الجيش، إلى الحد الذي يدفع السيسي إلى التصريح بإمكانية انتشاره خلال 6 ساعات.

يأتي ذلك مع قبضة أمنية شديدة تسعي لوأد الحراك المعارض في الشارع، حيث تتحدث تقارير حقوقية عن نحو 60 ألف محتجز سياسي منذ ذلك التاريخ.

الأسبوعان الماضيان، وبعد عيد الأضحى، قالت مصادر داخل جماعة الإخوان المسلمين أن نحو ألف قيادة نشطة وفعالة تم ضبطها، من بينهم مسؤولين في مواقع كبيرة داخل التنظيم.

طعن «مرسي»

في 25 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، تنظر محكمة النقض الطعن المطالب بإلغاء عقوبة السجن المؤبد الصادرة ضد «مرسى»، وقيادات جماعة الإخوان، على خلفية إدانتهم في القضية المعروفة إعلاميا بـ«التخابر الكبرى».

الحكم إن جاء من محكمة النقض (أعلى سلطة قضائية)، بتثبيت الحكم، ورفض الطعن، يعني أن الحكم بات واجب التنفيذ، وسيعد أول نهائي وبات، وغير قابل للطعن حكم بحق «مرسي»، ما قد يدفع أنصاره بالنزول إلى الشارع اعتراضا.

رسالة «السيسي»، كانت ولا تزال محل ترقب لرد فعل أنصار «مرسي» في حال رفض الطعن.

ثورة جياع

ارتفاع الأسعار بصورة غير مسبوقة، مع أزمة اقتصادية طاحنة، وانخفاض تم ومتوقع أن يستمر للجنيه المصري، في إطار خطة التعويم، يتأثر به بشكل مباشر الفقراء والبسطاء، الذين يشكلون غالبية الشعب المصري، قد يكون سببا لتصريح «السيسي».

تدني الأجور، وزيادة الضرائب القديمة، وفرض ضرائب ورسوم جديدة، ودعوات للتبرع طوعا أو قسرا، يجعل المواطن المصري، أمام «ثورة جياع» تأتي على الأخضر واليابس في البلاد، حذّر منها مؤيدون للنظام، قبل معارضيه.

«البرنامج المصري المتعلق بصندوق النقد الدولي يضرب 30 مليون فقيرا»، هو العنوان الذي اختاره، الخبير الاقتصادي، «ماكس راي»، في تحليله المنشور بصحيفة «فاينانشال تايمز» البريطانية قبل يومين، حول تأثير شروط قرض صندوق النقد الدولي على الطبقة الكادحة في مصر.

ومع وصول البطالة بين الشباب إلى مستوى كبير، تتزايد مستويات الإحباط، مما دفعهم للهجرة لأوروبا بطرق غير شرعية، الأمر الذي ظهر جليًا الأسبوع الماضي في انقلاب مركب مهاجرين في ميناء رشيد.

دعوات التظاهر في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، التي تنادي بإسقاط النظام، قد تكون أحد دوافع «السيسي» لإرسال رسالة انتشار الجيش في 6 ساعات، رسالة تخويف للمنادين بالتغيير، أو رسالة طمأنة لمن يرون غير ذلك، ويعولون على قوة «السيسي»، وقدرته على ضبط الأمور.

زيادة وتيرة العنف

خلال الشهرين الماضيين، زاد بشكل ملحوظ، وتيرة العنف الذي يستهدف الجيش والشرطة، بل تطور الأمر لاستهداف شخصيات سياسية وقضائية ودينية في إطار محاولات اغتيال مباشرة.

«علي جمعة» المفتي السابق، و«زكريا عبد العزيز» النائب العام المساعد، كانا أبرز محاولات الاغتيال التي شهدتها مصر خلال الفترة الأخيرة.

استهداف نقطة تفتيش في المنوفية في 21 أغسطس/ آب الماضي، وقتل شرطيين وإصابة 5 آخرين، واستهداف نقاط أخرى في الجيزة يوم 5 من الشهر ذاته أسفرت عن إصابة 3 أمناء شرطة بطلقات نارية مختلفة بأنحاء الجسم، بالتزامن مع عمليات شبه يومية حصدت أرواح العشرات من الجيش والشرطة من قبل جماعات مسلحة، خلال الأسابيع الماضية، قد تكون رسالة دفعت «السيسي» للتحذير من تدخل الجيش ونزوله إلى الشارع في 6 ساعات.

تمرد داخلي

معارضون آخرون، ربما وجه «السيسي» حديثه لهم، من داخل الجيش نفسه، خاصة كشف تقارير إعلامية، لم يتسن التأكد من مصداقيتها، تحدثت في الآونة الأخيرة عن اعتقال عدد من ضباط الجيش، برتب مختلفة، بتهمة محاولة قلب نظام الحكم.

أكثر من 3 قضايا منذ 30 يونيو حتى الآن، لضباط جيش، من بينها رتبا كبيرة، أحيلت غلى المحاكم العسكرية وصدر بحق بعضهم أحكاما، بتهمة قلب نظام الحكم، والسعي نحو إنقلاب من داخل الجيش.

رسالة للخارج

المجتمع الدولي، طرف آخر، قد يكون معنيًا برسالة «السيسي»، هذا المجتمع الذي يحذر مرارًا من تردي أوضاع حقوق الإنسان في مصر، وخطورة تفجر الأوضاع بسبب الأزمة الاقتصادية.

وعلى الرغم من الدعم الذي يجده «السيسي» من الدول الكبرى، فضلًا عن نجاحه في الحصول على موافقة صندوق النقد الدولي لإقراض مصر، تبدو صورة الأوضاع في مصر مقلقة بالنسبة لتلك الدول.

منظمة «هيومان رايتس ووتش»، وصفت الأسبوع الماضي، في تقرير لها، سجن «العقرب» شديد الحراسة الذي يقبع فيه قرابة ألف معتقل سياسي معارض، بالمقبرة، التي تؤدي جراء التعذيب فيها إلى موت المحبوسين.

كما أن هذا القلق، كشفته صحف عالمية مثل «إيكونومست»، عندما قالت إن القمع السياسي وعدم الكفاءة الاقتصادية مقلقان بدرجة أكبر في مصر، ويؤججان «الانتفاضة القادمة».

الجيش في الشارع

حديث «السيسي» عن نزول الجيش وانتشاره في 6 ساعات، يخالف تماما تصريح الذي سبق انقلابه على «مرسي» بشهرين، حينما كانوزيرا للدفاع، وحذّر من نزول الجيش وقال نصا: «الجيش نار، لا تلعبوا به ولا تلعبوا معاه.. لو الجيش نزل الشارع اتكلم عن مصر كمان 30، 40 سنة».

وبعد شهرين من هذا التصريح، نزل الجيش بالفعل إلى الشارع، ولم يعد حتى اللحظة.

في 10 أغسطس الماضي، وافق مجلس النواب على تمديد مشاركة القوات المسلحة في تأمين المنشآت العامة لمدة 5 سنوات.

الموافقة جاءت، بشكل نهائي، على قرار رئيس مجلس الوزراء بمشروع قانون بمد العمل بالقانون رقم 136 لسنة 2014 فى شأن مشاركة القوات المسلحة فى تأمين وحماية المنشآت العامة والحيوية، مع تعديل المدة الواردة بمشروع الحكومة من عامين إلى 5 سنوات.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السيسي المعارضة الجيش مصر اقتصاد أزمة