رئيس الجامعة الأمريكية بالقاهرة: نبحث عن حلول لمواجهة زيادة المصروفات بعد ارتفاع الدولار

الثلاثاء 8 نوفمبر 2016 10:11 ص

قال رئيس الجامعة الأمريكية بالقاهرة، «فرانسيس ريتشاردوني»، إن الجامعة تعمل على «البحث عن حلول مالية بحيث لا يضطر طالب لإنهاء دراسته الجامعية لعدم قدرته على سداد القسط المقرر دفعه في 20 نوفمبر/تشرين ثان، بسعر الجنيه المصري المحدد مسبقًا طبقًا لسعر الصرف الثابت سابقًا».

وأضاف، في بيان أصدره اليوم الثلاثاء، «نحن ندرس كل الخيارات لكي نحقق الراحة للعائلات غير القادرة على دفع هذه المصروفات».

كان طلاب الجامعة الأمريكية بالقاهرة قد انسحبوا، الإثنين، من اجتماع عقده «ريتشاردوني»، لمناقشة تأثير قرار الحكومة الأسبوع الماضي بتعويم الجنيه على الجامعة.

وخلال الاجتماع لم يحصل الطلاب على رد مُقنع من الإدارة بعد مُشادات كلامية مع رئيس الجامعة وآخرين بصحبته على المنصة، لذلك غادروا القاعة المُكتظة واتجهوا نحو مكان مفتوح خارج مبنى الإدارة، حيث قرروا البقاء حتى التوصل إلى حل لمواجهة مزاعم الجامعة بحتمية زيادة الرسوم الدراسية.

وبدا أن الأزمة الأكثر ضغطًا على الطلاب هي سداد القسط المُتأخر، والذي يستحق الدفع خلال الأيام القليلة المقبلة.

أحد المطالب الرئيسية التي طُرحت أثناء الاجتماع مع رئيس الجامعة، وتردد صداها في هتافات الطلاب، هو قبول سداد هذا القسط بسعر الصرف القديم للدولار.

وتقوم الجامعة الأمريكية حاليا بتحصيل نصف الرسوم الدراسية بالجنيه والنصف الآخر بالدولار، بدلا من طريقة تحصيلها في السابق.

كذلك قامت الجامعة مؤخرًا بإلغاء المنح الدراسية التي كانت تمنح الطلاب تخفيضات مختلفة بحسب المعدل التراكمي لدرجاتهم.

وحين طلب قادة اتحاد الطلبة منهم الترابط لمواجهة زيادة الرسوم الدراسية، هتف الطلاب: «مش هندفع»، قبل أن يهتفوا: «أبويا مش حرامي، انت اللي الحرامي»، وهم يطرقون على أبواب القاعات الدراسية لدعوة الطلاب الآخرين للانضمام إليهم.

وجاءت الدعوة للاجتماع برئيس الجامعة مطلع هذا الأسبوع، لفتح حوار حول الآثار المترتبة لتعويم الجنيه على الجامعة، وعلى المجتمع. وكان يفترض أن يكون الأول من سلسلة اجتماعات مشابهة مع مجلس الآباء وغيره من المجموعات المعنية عقب قيام الحكومة بتعويم الجنيه الخميس الماضي.

وتكدس الطلاب في إحدى أصغر قاعات الحرم الجامعي، حيث لم تستوعب القاعة نسبة بسيطة من الطلاب وأعضاء هيئة التدريس الذين رغبوا في الحضور.

في بداية الاجتماع قال أحد الطلاب: «هذا دليل على عدم الاحترام وسوء التخطيط من جانب الإدارة»، سواء لعدم تقديرهم أن عددًا كبيرًا من الطلاب سوف يهتم بحضور الاجتماع، أو لعدم اهتمامهم بذلك.

واستعرض رئيس الجامعة، وثلاثة أفراد من الإدارة، ميزانية الجامعة والخسائر المُتوقع حدوثها.

خسائر 17 مليون دولار

وقال «براين ماكدوجال»؛ المدير المالي للجامعة الأمريكية إن الخسائر المتوقعة في الأرصدة النقدية الحالية ستصل إلى 17 مليون دولار أمريكي، محددًا سعر الدولار بـ 15 جنيه مصري.

وقاطع الطلاب المُتحدثين أكثر من مرة قائلين إنهم يفهمون بالفعل طبيعة الأزمة الاقتصادية التي تمر بها مصر، وأنهم حضروا الاجتماع للحصول على أجوبة قاطعة لأسئلة تتعلق بالرسوم الدراسية وبمُستقبلهم.

بعد أن طالب الطلاب مرارًا بالهدوء وتضييق المساحات لإفساح المجال لمزيد من الحضور، بدأ «ريتشاردوني»؛ رئيس الجامعة، كلمته قائلًا إن هذه لحظة تاريخية وصعبة للاقتصاد المصري، وأن آثارها ستمتد على جميع المستويات.

وأضاف: «أصبحنا جميعًا عُرضة لقوى السوق كما لم يحدث من قبل، وهو خير لنا على المدى الطويل، لكنه سيكون مؤلمًا على المدى القصير».

وأوضح «ريتشاردوني»، في مواجهة المُتمسكين بسعر صرف أقل من السعر الواقعي، أن رسوم الجامعة الأمريكية يجب أن «تكون واقعية»، وأضاف: «الحفاظ على ثقافة التميز ضروري.. لا أحد يريد للجامعة الأمريكية أن تخفض الرسوم، وبالتالي يتراجع تميزها أو جودتها».

وعارض «عمرو الألفي، رئيس اتحاد الطلاب، هذا الحديث لاحقًا، وقال إن هذا المعدل سيجعل العديد من الطلاب يُفكرون في ترك الجامعة ولن ينصحوا أشقاءهم الأصغر سنًا بالالتحاق بها. مضيفًا: «الطلاب هم عصب الجامعة، وبدونهم لن يبقى أي شيء».

قال «ريتشاروني إن الناس يجب أن يفكروا في أنفسهم، ولكن ينبغي كذلك أن «يقلقوا بشأن المجتمع الذي يعيشون فيه».

وتابع «الجامعة ملتزمة بتخفيض الرسوم تحسبًا لآثار التضخم الكبيرة. الحل العاجل هو الحصول على بعض الدعم من صندوق وقف الجامعة وللأسف فإن معدل اعتمادنا على الوقف وصل إلى 5%»،.

وأضاف أن جامعات أخرى في الولايات المُتحدة تُنفق مبالغ بمعدلات أقل كثيرًا من أوقافها بالمقارنة بالجامعة الأمريكية.

وسأل الطلاب عن طريقة إنفاق موارد الجامعة، كما وجه أحد الطلاب سؤالًا مُباشرًا لرئيس الجامعة عن مصدر الإنفاق على حفل تنصيبه الباذخ، فأجاب بطريقة عصبية: «لقد أتت من هبات تم تقديمها للجامعة الأمريكية من قبل».

كان الطلاب قد انتقدوا في وقت سابق بذخ الحفل الذي أقيم في أكتوبر/تشرين أول الماضي احتفالًا بتعيين الرئيس الجديد للجامعة، والذي شغل منصب سفير الولايات المتحدة في مصر سابقًا.

وعند سؤاله عن مدى تأثر الرسوم الدراسية، أجاب رئيس الجامعة: «إنه مبلغ بسيط، وتفهم الأمر هو جزء من عملية النضوج».

وقال «سامر عطا الله، أستاذ الاقتصاد المساعد بالجامعة، الذي حضر الاجتماع: «لقد واجهنا كمُجتمع صدمة كبيرة [الأسبوع الماضي]، رغم توقعنا حدوث ذلك».

وأضاف: «المفاجأة أن كل شيء حدث في اليوم نفسه. كنا نتوقع تخفيض قيمة الجنيه وليس تعويمًا كاملًا»، ثم أشار إلى خفض دعم الوقود، قائلًا: «هذه صدمة اقتصادية حقيقية».

وفي كل مرة يتلقى سؤالًا عن مدى تأثر الرسوم الدراسية، كان رئيس الجامعة يرد بإجابات من نوعية: «إنه مبلغ بسيط، وتفهم الأمر هو جزء من عملية النضوج»، و«نحن لا نريد خسارة أي طلاب»، و«نحن ملتزمون بالتميز»، و«سنحرص على وصول الدعم المالي إلى الطلاب الذين يحتاجونه».

واستمر الأمر على هذا المنوال حتى سأله طالب بشكل مباشر: «هل سترتفع الرسوم الدراسية التي أدفعها إلى 35 ألف جنيه في الفصل الدراسي المقبل؟ نعم أم لا؟ وكلمة لا أعلم ليست إجابة».

كانت إجابة رئيس الجامعة في البداية هي: «هذا سؤال سخيف»، ثم وصف السؤال بأنه غير منطقي نظرًا لعدم القدرة على توقع نتائج الوضع الاقتصادي الراهن. لكن كلامه لم يخفف من غضب الطلاب، ولاحظ بعضهم لهجة التعالي، ومطالبتهم بالتحدث مثل البالغين.

وفي أحيان أخرى، كانت إجابة ريتشاردوني في مواجهة الطلبات المستمرة للحصول على أجوبة واضحة هي «لا يوجد أي حلول»، والتي رد عليها الطلاب بالهتاف «استقل.. استقل».

وعندما ناقش موضوع الرسوم الدراسية في النهاية، أكد رئيس الجامعة أنها سوف ترتفع، وأضاف أنه من المرجح أن يرفع مجلس الأوصياء الرسوم «وفق القيمة الحقيقية»، ولكنه يعتزم «مطالبة المجلس بتثبيت الرسوم لتتوافق مع الميزانية».

صدرت صيحات متفرقة وهتافات من الطلاب  المحتشدين حول المنصة، والذين تزايد غضبهم. وأصر بعض الطلاب على الاحتجاج، بينما توسل البعض لكي تعيد الجامعة النظر في فرض هذه السياسات. وقال أحد الطلاب: «من فضلك ساعدنا لإتمام تعليمنا».

وأضاف طالب آخر: «لا أعلم كيف سأثق في مجلس الأوصياء بعد ذلك».

«لا أستطيع تحمل هذه الزيادة، هذا ليس عدلًا»، هذه عبارات قالها العديد من الطلاب أثناء اندفاعهم خارج قاعة الاجتماع في غضب.

وأعلن البنك المركزي تعويم الجنيه يوم الخميس وخفض قيمته بمقدار الثلث تقريبا في البداية مقارنة بالسعر الرسمي البالغ 8.8 جنيه للدولار وفي وقت لاحق تراجعت العملة المحلية أكثر.

وعاشت مصر في السنوات القليلة الماضية، حالة تدهور اقتصادي، وسط تفاقم عجز الموازنة، وارتفاع التضخم، وتراجع إنتاج الشركات والمصانع، وشح شديد في العملة الصعبة، في ظل غياب السائحين، والمستثمرين الأجانب، وتراجع إيرادات قناة السويس.

ومن شأن تحرير العملة تشجيع الاستثمارات الأجنبية وزيادة الصادرات وتمكين الشركات من الحصول على الدولار من البنوك بأسعار السوق، مما يعيدها للإنتاج الكامل من جديد بعد خفض العمليات الإنتاجية خلال الفترة الماضية، بسبب عدم توافر الدولار اللازم لشراء المواد الخام.

 

  كلمات مفتاحية

مصر الدولار تعويم الجنيه ارتفاع الدولار الجامعة الأمريكية