«الجنادرية» بدورته الـ31: بين الهجن والعرضة وكسوة الكعبة ومتحف الملك «عبد الله»

الاثنين 6 فبراير 2017 12:02 م

انطلقت، الأربعاء الأول من فبراير/شباط الجاري، فعاليات الدورة الـ31 من «مهرجان الجنادرية الوطني للتراث والثقافة» في السعودية، برعاية عاهل البلاد الملك «سلمان بن عبد العزيز».

والعاهل السعودي الراحل، الملك «عبد الله بن عبد العزيز»، هو صاحب فكرة ومؤسس هذا المهرجان، الذي يُقام منذ عام 1985م، وغالباً ما يكون موعده في فصل الربيع، ويجذب زواراً من داخل وخارج المملكة.

وفي دورة هذا العام تشارك مصر كضيف شرف وتختتم فعالياته يوم 17 من فبراير/ شباط الجاري.

اُفتتح مهرجان الجنادرية، بدون الأوبريت الغنائي الذي صاحب المهرجان منذ دورته الخامسة، وتخلل الافتتاح سباق الهجن السنوي.

جاء إلغاء أوبريت هذا العام تقديراً للمرابطين على الحد الجنوبي للمملكة، بالإضافة إلى مراعاة ما تمر به شعوب بعض البلدان العربية والإسلامية، بحسب مواقع.

الهجن.. والعرضة

ويعد سباق الهجن (الجمال) من الفعاليات الأساسية في الجنادرية، وتحول على مر السنين من منافسة تقليدية بسيطة إلى منافسة رياضية قوية باتت من أكثر الرياضات جذباً للشباب الخليجي عامة، والسعوديين خصوصاً.

كما تمثل «العرضة» أحد أبرز ملامح المهرجان، وهي رقصة شعبية جماعية بالسيوف من التراث الشعبي الواسع الانتشار في دول الخليج العربي.

و«العرضة» كانت تُؤدى في السابق خلال الحروب بهدف إثارة الحماسة والحمية والغيرة الوطنية لدى المحاربين، بينما تؤدى حالياً في المناسبات الوطنية والاجتماعية السعيدة.

وطوال أيام مهرجان الجنادرية تقدم فرق الفنون الشعبية عروضاً للجمهور في مختلف المناطق داخل السعودية.

قرية الجنادرية

في دورة هذا العام من الجنادرية تتجلى أهميته في إبراز الثقافة السعودية، وبالتالي حرص الدولة عليه، إذ  يشارك أكثر من 300 مفكر وأديب ومثقف من مختلف دول العالم، وما يزيد عن 700 مشارك من فرق الفنون الشعبية بالمملكة وبقية دول الخليج العربي (الإمارات، وقطر، والكويت، والبحرين، وسلطنة عمان)، ونحو 250 حرفيا يمثلون مختلف الحرف من دول الخليج، بحسب «الأناضول».

والمهرجان يُنظم في قرية متكاملة شمال شرقي الرياض تحمل اسم الجنادرية، وتضم الموروث الثقافي والمادي للإنسان السعودي، والأدوات التي كان يستخدمها في بيئته منذ عقود.

وعامة، يسلط المهرجان الضوء على 300 حرفة يدوية، يقدمها أكثر من 250 حرفياً يمثلون مختلف مناطق المملكة وبقية دول مجلس التعاون الخليجي.

ومن أولويات الجانب التراثي في المهرجان إبراز أوجه التراث الشعبي المختلفة، متمثلة في الصناعات اليدوية والحرف التقليدية، بهدف ربطها بالحاضر، والمحافظة عليها لما تمثله من إبداع إنساني، فضلاً عن كونها مصدر جذب لجمهور المهرجان.

مصر ضيف الشرف

في الدورة الـ31 من الجنادرية، تشارك مصر كضيف شرف بجناح تبلغ مساحته حوالي 2500 متر مربع، مقسم إلى 20 قسماً.

الجناح المصري يضم كتباً من إصدارات العديد من الهيئات الحكومية، و88 عملاً فنياً تابعاً لقطاع الفنون التشكيلية في وزارة الثقافة، فضلاً عن روض فنية سيتم تقديمها على المسرح المخصص له.

وسنوياً، يستضيف المهرجان دولة لتكون ضيف الشرف، حيث تقدم ثقافتها وإنتاجها المادي والحضاري لزوار الجنادرية.

وخلال دورات سابقة، استضاف المهرجان كلاً من تركيا، وروسيا، وفرنسا، واليابان، وكوريا الجنوبية، والصين، والإمارات، وألمانيا.

تكريم رواد ومبدعين

وفي كل دورة يختار المهرجان شخصيات ثقافية لتكريمها نظير ما قدمته من نتاج فكري وثقافي لخدمة الإنسان، حيث كرم خلال الدورات السابقة 21 مفكرا وأديبا ومثقفا.

وخلال الدورة الـ31 سيتم تكريم «أحمد محمد علي»، رئيس البنك الإسلامي للتنمية سابقا، والإعلامي الدكتور «عبد الرحمن الشبيلي»، والفنانة التشكيلية «صفيه بنت سعيد بن زقر»، ومنحهم وسام الملك عبد العزيز من الدرجة الأولى.

و«علي» هو أول رئيس للبنك الإسلامي للتنمية، حيث تولى رئاسته منذ إنشائه عام 1975 وحتى تقاعده في أكتوبر/ تشرين أول 2016.

و«الشبيلي» من أعمدة الإعلام بالسعودية، فهو أول سعودي يحصل على شهادة الدكتوراة في الإعلام، وساهم في تأسيس إذاعة وتلفزيون الرياض، كما قدم العديد من البرامج، وله مؤلفات.

أما «بن زقر»، فهي من أوائل مؤسسي الحركة التشكيلية بالمملكة، وأقامت أول معرض لها عام 1968 في مدرسة دار التربية الحديثة بجدة، وتلاها العديد من المعارض والجوائز.

ندوات ثقافية متنوعة

يتضمن الجنادرية أيضاً، أنشطة ثقافية منها محاضرات وندوات تناقش قضايا فكرية تواكب تطورات العصر.

وخلال دورات سابقة، أقيمت 306 ندوات فكرية متخصصة، و69 محاضرة، و63 أمسية أدبية وشعرية، بجانب العديد من ورش العمل التي تقام بالتزامن مع المهرجان في مختلف جامعات المملكة.

وفي دورة هذا العام، يناقش البرنامج الثقافي محاور مختلفة، حيث تركز إحدى الندوات على «السياسة الأمريكية نحو الشرق الأوسط».

فيما يقرأ خبراء سعوديون مستقبل المملكة اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا في ندوة بعنوان «المملكة 2030: رؤية تستشرف المستقبل».

وتركز ندوتان على العلاقات السعودية المصرية، تحت عنوان: «السعودية ومصر: تاريخ من العلاقات الراسخة والمسؤولية القومية والإقليمية».

وعلى مسرح القرية التراثية في الجنادرية تقام في أول ليلتين من المهرجان أمسيات شعرية شعبية، يقدمها شعراء خليجيون.

كما تحتضن الأندية الأدبية في الرياض والدمام وجدة ثلاث أمسيات أدبية عربية، يقدمها أدباء عرب تميزوا بحضورهم على الساحة الشعرية العربية.

وسنويا، يشارك في الأنشطة الثقافية بالمهرجان أكثر من ثلاثة آلاف مفكر وأديب ومثقف من مختلف أنحاء العالم، وشخصيات مؤثره على المستوى العالمي.

استقبال الملك ضيوف المهرجان

واستقبل خادم الحرمين الشريفين الملك «سلمان بن عبدالعزيز آل سعود»، في قصر اليمامة بالرياض، أمس الأحد، ضيوف المهرجان من الأدباء والمفكرين، وبُدئ حفل الاستقبال بآيات من الذكر الحكيم، وجاء فيها، عقب الترحيب بالضيوف:

«إن هذا المهرجان معلم إشعاع ثقافي سعودي يجمع أبناء الوطن ومناطقه بتنوع تراثها وفنونها في صورة حضارية تعزز قيم الارتباط والوطنية والانتماء، وإن الحفاظ على هويتنا العربية والإسلامية وتراثنا وثقافتنا وأصالتنا من أوجب واجباتنا، ومكانة كل أمة تقاس بمقدار اعتزازها بقيمها وهويتها، وهذا هو النهج الذي سار عليه قادة هذه البلاد المباركة بالاحتفاء بالعلم والعلماء»، بحسب «واس».

ومن جانبه ألقى الأمين العام للمؤتمر الإسلامي الأوروبي الدكتور «محمد بشاري» كلمة ضيوف المهرجان رفع فيها أصالة عن نفسه ونيابة عن العلماء والأدباء والمفكرين والمثقفين والإعلاميين والباحثين المشاركين في الجنادرية الشكر والعرفان لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - لما يقدمه من أياد بيضاء طولى للأمة الإسلامية في كل الأنحاء والأرجاء خدمة للثقافة الإسلامية الأصيلة والدعوة القويمة الجليلة.

كسوة الكعبة

ومن أبرز الأجنحة بالمهرجان جناح الرئاسة العامة لشؤون الحرمين الشريفين في الجهة الجنوبية حيث السكينة والعزة وملامسة العينين لمجسم بئر زمزم، باللإضافة إلى صور من مراحل عمارة الحرمين والتوسعات التاريخية، وأيضاً مشاهد من تفاصيل العمل اليومي في مكة والمدينة.

وفي ذات الجناح تنبهر العيون وهي تشاهد حياكة وتطريز حزام الكعبة المشرفة الذي سترتديه يوم التاسع من ذي الحجة المقبل، حيث يتم العمل عليه لمدة شهرين مقبلين في مصنع الكسوة بعد أن تم إنجاز نصف العمل على أرض الجنادرية تمهيداً لتعليقه هناك، بحسب «سبق.

وفي المعمل الحي أمام الزوار يجلس «يوسف بن نافع اللقماني الحربي أمام الحزام ممسكاً بخيوط الذهب والفضة، وهي تتعاقب أمام الجمهور ترسم الآيات القرآنية على «كليشات» كان قد كتبها الراحل «عبد الرحيم أمين بخاري»، وهو أقدم عامل اشترك في صنع كسوة الكعبة منذ عهد الملك «عبد العزيز».

يقول «الحربي» في وصف موجز عن قسم تطريز الحزام: «أهم ما يميز ثوب الكعبة المشرفة هو التطريز بالأسلاك الفضية والذهبية، وتتم عملية التطريز الفريدة بوضع الخيوط القطنية أولاً بكثافات مختلفة فوق الخطوط والزخارف على قماش مشدود، ثم يطرز فوقها بخيوط متراصة من القطن الأبيض والأسلاك الفضية، وأيضاً القطن الأصفر والأسلاك الذهبية، في اتجاهات متقابلة وبدقة بالغة».

وفي زوايا أخرى من جناح «الحرمين» يشاهد الزوار جميع مقتنيات وآليات الرئاسة في خدمة ضيوف الرحمن، كما يشتمل الجناح على قسم يوضح تطور عمارة المسجد الحرام والمسجد النبوي والتوسعات الضخمة التي شهدها الحرمان.

ويهتم الجناح بالتعريف بالأنشطة التوجيهية والإرشادية والتعليمية بالحرمين الشريفين وتوزيع المطويات والكتيبات الإرشادية بعدة لغات وإقامة دروس الحرمين الشريفين، وأيضاً التعريف بمعهد الحرم المكي ومعهد الحرم النبوي، وكلية الحرم المكي وكلية الحرم النبوي بأقسامها «القرآن وعلومه والسنة وعلومها والشريعة».

كما يستفيد الزوار من معرفة آلية العمل في قسم الترجمة الفورية لخطب الحرمين الشريفين التي تترجم إلى اللغات الإنجليزية والفرنسية والأوردية والفارسية والمالاوية والتركية والهوسا، وقسم تقنية المعلومات الذي يعرف بالخدمات الإلكترونية التي تقدمها الرئاسة سواء لمنسوبيها أو لقاصدي الحرمين الشريفين ومقرأة الحرمين الشريفين التي تقدم لقاصدي الحرمين الشريفين تعليم القرآن سواء مشافهة أو عبر الإنترنت على مستوى العالم.

جازان وقصة تكيف

كيف سخر وتكيف أبناء منطقة جازان مع بيئاتها في الساحل والجبل والسهل، فكانت مصدراً ملهماً في إبداع مختلف الفنون ؟

جناح منطقة جازان في المهرجان يحاول الإجابة على السؤال، ويتعرف الزائر على الحرف التقليدية التي اشتهرت بها المنطقة كصناعة الأدوات الزراعية القديمة والسيوف والخناجر، وصناعة الصحاف التي تستخدم في الشرب، والصناعات الفخارية، والخوص، والعقود العطرية التي تميز المحافظات الجبلية .
الجناح يتضمن مطعماً شعبياً لتعريف الزائرين بالأكلات الشعبية الجيزانية، كـ(المغش وخبز الحوح والزلابيا ومرسة)، بالإضافة إلى مشاركة جمعية الاسر المنتجة بوفد نسائي لإبراز منتجات المنطقة، وركن إنتاج العسل والسمن ومعصرة زيت السمسم بواسطة الجمل ومعرض لتعريف الزوار بالثروة السمكية في المنطقة .

«خالد بن عبد الله» يزور متحف والده

كما زار، مؤخراً، الأمير «خالد بن عبد الله بن عبد العزيز» بزيارة المهرجان، حيث كان في استقباله مدير عام المهرجان «سعود بن عبد الله الرومي، ومدير الشؤون الإعلامية بمكتب وزير الحرس الوطني «جابر القرني»، وقائد أمن المهرجان اللواء «عبد الرحمن عبد الله الزامل» والعميد «خالد العامر» رئيس التشريفات والمراسم بالمهرجان، بعدها زار جناح «مؤسسة الملك عبدالله وما يحويه من صورة ولوحات تعبيرية تحكي مسيرة الملك «عبد الله بن عبد العزيز» ومقتنياته، حيث قضى في تأمل عندما شاهد المقتنيات الشخصية لوالده والهدايا التي أهديت إليه من قِبل رؤساء دول العالم، بعدها زار أجنحة عدة شملت إمارة حائل والقصيم والحدود الشمالية وعسير ومكة المكرمة، حيث شاهد الحرفيين وبعض المشاركات بمختلف أنواعها وأشكالها.

المصدر | الخليج الجديد+متابعات

  كلمات مفتاحية

الهجن والعرضة مهرجان الجنادرية كسوة الكعبة متحف الملك عبد الله