المستثمرون قلقون والخبراء يحذرون.. تضييق الكويت على الوافدين يهدد الاقتصاد

الاثنين 10 أبريل 2017 05:04 ص

يخشى العديد من المستثمرين والشركات في قطاعات اقتصادية عدة في الكويت من التضييق على العمالة الوافدة، بعد أن بات خطر الانكماش والركود يلاحق أنشطتهم.

وحذر خبراء من «المطالب الشعبوية»، مؤكدين أنها خطر بات ينذر بتعرض قطاعات اقتصادية مهمة في الكويت للضرر، منها العقارات والسيارات وأنشطة التجزئة والمصارف والكفاءة البشرية، ما يدعو إلى ضرورة كبح إجراءات التضييق غير المبرر ضد الوافدين في البلد النفطي، الذي يسعى إلى تنويع اقتصاده.

وقال خبراء اقتصاد إن الاقتراحات النيابية والقرارات الحكومية الأخيرة تجاه الوافدين، قد تؤدي إلى هجرة العمالة المدربة من الكويت واتجاهها إلى بلدان خليجية مجاورة، وفقا لـ«العربي الجديد». 

وفي قطاع العقارات، يؤكد ناشطون في القطاع أن العمالة الوافدة تستأجر نحو 90% من العقارات الاستثمارية، مشيرين إلى أن خفض الحكومة بدل الإيجار عن المعلمين الوافدين، فضلا عن القرارات الأخرى التي تسببت في زيادة أعباء المعيشة، تسبب في ترحيل شرائح من الوافدين لعائلاتهم، وحدوث فراغ كبير في الكثير من الشقق الاستثمارية، حيث انخفضت القيمة الإيجارية إلى أكثر من 20%، فيما لا تزال غالب البنايات الجديدة خالية من المستأجرين. 

وأكد «سعود المقلد»، المدير التنفيذي لشركة عذراء العقارية، أن «أي تضييق جديد على الوافدين سينعكس سلبا على القطاع العقاري الاستثماري، بينما يعاني في الأساس بعد خفض بدلات ورواتب المعلمين الوافدين، وهم الشريحة الأكبر التي تجلب عائلاتها معها، حيث انخفضت القيمة الإيجارية بنسبة كبيرة للشقق السكنية، كما أن رفع أسعار الماء والكهرباء قد أثر أيضاً على هذا القطاع المنهك بفعل استهداف أكبر المستخدمين له». 

ويبلغ عدد المعلمين الوافدين، الذين يتقاضون بدلات السكن، ما يقارب 40 ألف معلم، وتتراوح رواتبهم، من دون احتساب مبلغ بدل السكن، ما بين 420 ديناراً (1400 دولار) و460 ديناراً (1600 دولار)، فيما يتقاضى المعلمون الكويتيون ما يصل إلى ضعفي هذا الراتب، حسب اختلاف التخصصات والمراحل العمرية للتدريس. 

وأضاف «المقلد» أن «الكثير من مشاريع التطوير العقاري في العاصمة الكويت توقفت أو انسحب منها المطورون بسبب خوفهم من الركود الحاصل في السوق، كل هذا والقرارات التي يقترحها النواب لم تطبق، فما بالك لو جرى تطبيقها». 



تأثر قطاع المطاعم

وطال القلق أيضا قطاع المطاعم، الذي يبلغ ناتجه الإجمالي سنويا أكثر من 3 مليارات دولار، إذ يعتمد القطاع بشكل شبه كلي على خدمات توصيل الطلبات، التي يعمل بها السائقون الوافدون. 

كما سيتعرض قطاع خدمات توصيل المطاعم إلى أضرار أيضا، حيث تستثمر شركات أجنبية كبرى في أكبر موقعين لتوصيل طلبات المطاعم في الكويت، وهما «طلبات» و«كاريدج»، حيث تبلغ القيمة السوقية لكليهما أكثر من ملياري دولار. 

وقال «سالم العتيقي»، وهو مالك سلسلة مطاعم ناشئة، «أعتقد أن الاقتراحات المقدمة للبرلمان ضد الوافدين هي لدغدغة المشاعر فحسب، إذ لا يمكن منع الناس من قيادة السيارات لأنه عمل غير أخلاقي أولا، كما أنه يعرّض الأعمال التجارية للشلل». 

وأوضح «أملك عدة مطاعم، وقيادة عمالي للسيارات مهمة جداً، حيث إن هذه الخدمات اللوجيستية هي شريان العمل في قطاع المطاعم، خصوصا فيما يتعلق بجلب اللحوم والخضار والمواد الغذائية الأخرى الطازجة كل يوم، هذا من جهة، أما من جهة أخرى فإن إيصال الطلبات لبيوت الزبائن أمر يعتمد عليه الجزء الأكبر من ملاك هذه المطاعم، والعمال في هذا القطاع متغيرون، فالسائق في المطعم يتغير كل 6 أشهر، لأنها وظيفة مؤقتة بالنسبة للوافدين، فإيقاف الرخص عن الجدد منهم يعني أننا سنعاني بشكل كبير». 

ويبلغ عدد السيارات في الكويت، بحسب الإدارة العامة للتخطيط والإحصاء، نحو 1.92 مليون مركبة، أغلبها عائد للوافدين، وتصدر الحكومة الكويتية سنوياً 85 ألف رخصة قيادة، 70% منها للوافدين و30 % للمواطنين. 

ومن جانبه، قال «سلطان العجمي»، الخبير الاقتصادي إن «سلسلة الاقتراحات الشعبوية والقرارات الحكومية المتسرعة تجاه الوافدين تعد خطأ اقتصاديا كبيرا يتضخم يوما بعد يوم». 

وأضاف «سنصحو ذات يوم من النوم ونجد البلاد خالية من العمال، لأنه بكل بساطة إذا كان الوافد يدفع رسوماً للعلاج والإقامة أكثر من التي يجنيها، فإنه سيغادر البلاد، لأن بقاءه يعود عليه بالخسارة». 

وتابع «على عكس ما يشاع حاليا، فإن مشاريع الكويت بحاجة إلى مزيد من العمال والمعلمين والخبراء الوافدين في كافة القطاعات، وهناك غضب يسري بين مدراء شركات المقاولات المتوسطة، التي لا تستطيع جلب المزيد من العمال والمهندسين لاستكمال مشاريعها، بسبب القيود والإجراءات والرسوم الباهظة التي تفرضها الحكومة على جلب الوافدين». 

وأصدرت الكويت إحصائية رسمية في العام 2015 توضح أن عدد الوافدين في الدولة حوالي 70% من إجمالي عدد السكان.

والشهر الماضي، رفع محامٍ كويتي، دعوى قضائية غير مسبوقة طالب فيها القضاء بإصدار قرار يمنع الوافدين من الحصول على رخص قيادة، في انتظار حل مشكلة الازدحام المروري الخانق في البلاد، وفق ما نقلت صحيفة «القبس» الكويتية.
كما قدمت النائبة في «مجلس الأمة» الكويتي والمرأة الوحيدة في المجلس «صفاء الهاشم»، مقترحين جديدين، بخصوص الوافدين.

ويطالب المقترح الأول بتحصيل نسبة 5% على تحويلات الوافدين،ويقضي الثاني بأن يقتصر صرف الأدوية في المستشفيات والمستوصفات الحكومية على المواطنين وحدهم على أن تقتصر الرسوم التي يدفعها الوافدون على الكشف والتشخيص فقط، وفقا لجريدة «السياسية» الكويتية.

وقدمت «الهاشم» اقتراحا بإضافة مادة جديدة إلى القانون (32) لسنة 1968 بشأن النقد وبنك الكويت المركزي والمهنة المصرفية، تنص على أن يتولى البنك المركزي اتخاذ الاجراءات اللازمة لتقييد البنوك المحلية وأفرع البنوك الأجنبية وشركات الصرافة بتحصيل نسبة 5% من قيمة كل التحويلات، تحول دوريا الى الخزانة العامة للدولة، وتفرض على المخالفين غرامة مقدارها ضعف المبالغ الذي تحول بالمخالفة للقانون.

وسبق وأن دعت النائبة «صفاء الهاشم» إلى حد وجوب أن يدفع الوافد «رسوما على الطرق التي يمشي عليها» لتنخفض معدلات الازدحام، مستغربة من تصريحات وزراء دول عربية يتحدثون عن فرض 1200 وظيفة لمواطنيهم وبرواتب عالية، فيما هناك عشرون ألف كويتي عاطلون عن العمل.

 

وأكدت «الهاشم» أن دراسة الإدارة المركزية للإحصاء في الكويت «بعثت مؤشرات خطيرة، والحكومة ما زالت تشتري الوقت في معالجة التركيبة السكانية منذ العام 2012».

يذكر أن عدد الوافيدن في القطاع العام يصل إلى نحو 70 ألف موظف تشكل نسبتهم نحو 644% من إجمالي العالمين بالحكومة، أما القطاع الخاص فيصل عدد العمالة الوافدة فيه إلى نحو 1.4 مليون عامل، يشكلون نحو 78% من إجمالي العاملين بالقطاع الخاص، وذلك بحسب بيانات حديثة عن الإدارة المركزية للإحصاء الكويتية.

واتخذت الحكومة الكويتية، خلال الأشهر الماضية، سلسلة إجراءات لخفض عجز الموازنة، ففي مطلع سبتمبر/أيلول الماضي، طبقت زيادة في أسعار البنزين بنسب تتراوح بين 40 %و83%، وسبق أن طبقت زيادة كبيرة على السولار مطلع العام قبل الماضي 2015، فضلا عن رفع أسعار المياه والكهرباء للمقيمين، علاوة على رفع الكثير من الرسوم على الوافدين سواء الصحية أو غيرها.

 

وكانت وزارة المالية الكويتية قدرت قيمة العجز في ميزانية 2017/2016 بنحو 12.2 مليار دينار (40.2 مليار دولار)، فيما تسعى الحكومة إلى الاقتراض عبر إصدار سندات دولية بقيمة 10 مليارات دولار، وأخرى محلية بقيمة ملياري دينار (6.6 مليارات دولار)، والسحب من الاحتياطي النقدي، من أجل سد هذا العجز.

 

  كلمات مفتاحية

العمالة الوافدة الكويت القطاعات الاقتصادية

%4 ارتفاعا في عدد الوافدين العاملين في القطاع الحكومي الكويتي خلال 2016

الكويت .. «العيش عزبا» شعار الوافدين أمام تزايد الرسوم والضغوط المعيشية

حقوقية كويتية عن دعوات ترحيل الوافدين وفرض ضرائب عليهم: مقززة جدا