توصيات «المكتب العام لإخوان مصر»: مصالحة داخلية وتفاعل ثوري ومراجعة تراث الجماعة

السبت 13 مايو 2017 03:05 ص

أوصت لجنة التقييمات المنبثقة عن «المكتب العام لإخوان مصر»، الممثل لتيار التغيير الشبابي في الجماعة، بضبط الخطاب السياسي والإعلامي، وضبط التصورات اللازمة لإنجاز إطار سياسي متكامل، والعمل على تثبيت أرضية مشتركة يمكن الانطلاق منها نحو استعادة الوطن، دون التنازل عن الشرعية.

جاء ذلك، في ورقة التوصيات الختامية للتقييمات، التي حصل موقع «الخليج الجديد»، على نسخة منها، وتَتضمَّنت أبرز الخُلاصات التي تناولها مَلفَا التقييم الصّادرَان خلال الفترة الماضية.

وبحسب قراءة في التوصيات، فقد انقسمت إلى عدة أجزاء، منها ما هو مرتبط بترتيب البيت الداخلي للإخوان، ومنها ما يتعلق برؤيتها للفترة المقبلة سياسيا وإعلاميا للجماعة، وأخرى لها شأن بالتواصل مع القوى السياسية من أجل دعم الثورة المصرية ومواجهة الانقلاب.

مصالحة داخلية

وفيما يتعلق بترتيب البيت الداخلي الإخواني، فأوصت اللجنة بـ«ضرورة الاستجابة والتعامل الجدي مع أي جهود أو مبادرات تعمل على إزالة الخلاف بين مفردات الإخوان، على أن تكون أرضيتها المؤسسية والشورى والشفافية ورأي الصف، دونما أن يتسبب ذلك في تأجير إنجاز أو تحلل من واجب، وأن نجعل نصب أعيننا جمع الشمل على الحق، ووحدة الصف على بصيرة، في جو من الأخوة الناصحة وتجرد القصد».

كما أوصت اللجنة بـ«إعادة طرح مسودة اللائحة الجديدة للإخوان للنقاش، والضبط لإنجاز مشروعها في أقرب وقت، لتكون جاهزة للتفعيل خلال الدورات الانتخابية المقبلة».

رؤية مستقبلية

أما فيما يتعلق بعمل الجماعة، فتضمنت التوصيات، «اعتبار مسألة التقييم الدائم للمسارات والأعمال والمواقف، مسألة مبدأ وجود لا غني عنها، ولا ينصلح الحال إلا بها».

وضمت أيضا، «العمل على توطين المؤسسات الفنية المستدامة ومؤسسات الخبرة، وعدم كونها موسمية أو ظرفية، بل مؤسسات دائمة تقدم الدراسات والأبحاث والخلاصات، بحسب الوظيفة والتكليف وتحقيق النتائج».

وأضافت التوصيات: «وضع السياسيات والاستراتيجيات اللازمة والضامنة للتركيز على مبدأ التخصص في المجالات المختلفة، دونما تعارض بين شمولية المنهج وذلك التخصص، عملا بمبدأ شمولية الفكرة وتخصصية التنفيذ».

وشملت «العمل على ضبط الخطاب السياسي والإعلامي ودراسة أساليبه وزيادة هامشه الأكاديمي والفني، والسعي لحيازة كل فنونه وعلومه».

كما أوصت اللجنة بـ«البدء في تدشين مشروع فكري تنظيري علمي نابع من أدبيات الإخوان وداعم لها، يعمل على إنضاج أفكارها ومواكبتها لتقنيات العصر، وضبط سبل معالجة مجريات الأحداث المتسارعة وتكوين أرضية علمية رصينة ينطلق منها العمل».

ولفتت توصيات اللجنة إلى «العمل على إنجاز مشروع تدريب الكوادر والتعليم الهادف وصنع الرموز في كافة المجالا، ليكون ملكا للأمة والوطن والجماعة».

وأضافت: «تكليف لجنة دائمة من المختصين والباحثين لإعادة قراءة وتحليل التراث الإخواني منذ حسن البنا مؤسس الجماعة وحتى الآن، لإعادة طرحه عصريا، والاستفادة من سياقة التاريخي، وإخراج ما اندثر منه لدائرة الضوء مرة أخرى».

مواجهة الانقلاب

وفيما يتعلق بالشأن العام، ومواجهة الانقلاب، دعت التوصيات إلى «البدء في ضبط التصورات اللازمة لإنجاز إطار سياسي متكامل للعمل خلال الفترة المقبلة، فيما يخص جوانب الاصطفاف، واستعادة الثورة، وإعادة نسج العلاقات ولملمة الشتات بين جميع مفردات ثورة يناير، دون تلك القوى التي تخلت عن الثورة ولا زالت تع يدها في يد الانقلاب».

وأوصت اللجنة في هذا الشأن بـ«العمل على تثبيت أرضية مشتركة يمكن الانطلاق منها نحو استعادة الوطن ومكتسبات الثورة، دونما إغفال لقضايا الشرعية، ورد الحقوق والمظالم وخروج كافة المعتقلين السياسيين وتعويضهم، وهي القضايا العادلة التي لا يمكن التخلي عنها بحال».

كما أوصت اللجنة بـ«تمتين المسار الثوري وإعادة إحيائه وضبط مصطلحاته وتعريفاته، والسعي نحو توحيد الجهود على إنجاحه، وتأكيد إيضاح معالمه وضوابطه وزيادة مساحته».

وشددت اللجنة على ضرورة «العمل على تعزيز التواصل مع الكيانات والمؤسسات الدولية، لإعادة إنتاج وتوضيح واقع مصر الحقيقي، وعدم الاستسلام للواقع المزيف الذي يسعى الانقلاب لتثبيته، وشرح قضية مصر العادلة في كافة الأوساط وبكل اللغات».

كما أوصت لجنة التقييمات بـ«إعادة فتح ملق توثيق جرائم الانقلاب العسكري، وضم جرائمه الجديدة، وتصحيح وصفها القانوني، وإعادة طرق كل الأبواب وسلوك كافة السبل لطرحها قانونيا وقضائيا وحقوقيا وإعلاميا من جديد».

ولفتت إلى ضرورة «القراءة المتأنية والدراسة الجادة لتجارب حركات التحرر الوطني الإسلامي منها وغير الإسلامي، وقراءة تجارب الأحزاب والحركات ذات التوجه الإسلامي وبخاصة التي وصلت للحكم في بلاد مختلفة، ومد الجسور معها أكاديميا وبحثيا وميدانيا للاستفادة من تجاربها».

ملف التقييم

وعلى مدار الشهرين الماضيين، أصدر «المكتب العام لإخوان مصر»، المناهض لجبهة «محمود عزت»، القائم بأعمال مرشد الإخوان المحبوس حاليا «محمد بديع»، تقييمة بشأن أداء الجماعة في فترة ما بعد ثورة يناير/ كانون الثاني 2011، التي أطاحت بنظام الرئيس الأسبق، «محمد حسني مبارك»، وحتى الآن.

وتتناول التقييمات إجمالا، أداء الجماعة خلال السنوات الست التي تلت الثورة، وأطلق عليها اسم «رؤية 28» (في إشارة إلى تأسيس الجماعة عام 1928 على يد حسن البنا)، وذلك في أول مراجعات علنية لتيار بالجماعة منذ ثورة يناير/ كانون الثاني 2011. (طالع المزيد)

وترفض «جبهة عزت» القائم بأعمال مرشد الإخوان تلك التقييمات، حيث أعلنت في وقت سابق عن عدم صلتها بما سيصدر من تقييمات قائلة: «لم يصدر عن أي من مؤسساتنا أي أوراق بشأن مراجعات أو تقييم لأحداث».

ما بين الإشادة بالوعي الشبابي، وبالمحاولة الجريئة والشجاعة، وبين اعتبرها خطوة غير معمقة وأقل من المتوقع، خرجت تعليقات مفكرون وكتاب وسياسيون، على تقييمات ومراجعات المكتب العام لجماعة الإخوان المسلمين بمصر، الممثل للقيادة الشبابية، لأداء الجماعة خلال السنوات الست التي تلت ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011. (طالع المزيد)

وبطبيعة الحال، شهدت سنوات ما بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 خلافات في الرأي بين جماعة الإخوان وشركائها في الثورة، بشأن أحداث ومواقف سياسية مرت بها البلاد.

وإثر إطاحة قادة من الجيش المصري، في 3 يوليو/ تموز 2013 بمرسي، تعرضت الإخوان لضغوط شديدة وملاحقات أمنية شملت وصم الجماعة بـ«الإرهاب»، رغم تأكيدها على انتهاج السلمية.

ولاحقا مرت الجماعة ببعض التباينات في وجهات النظر بشأن طريقة الإدارة، وسبل التصدي لخطوة الإطاحة بـ«مرسي»، ونتج عن ذلك قيام تيار من الجماعة بإعلان تشكيل ما سماه بـ«المكتب العام للإخوان المسلمين».

بينما تواصل شخصيات داخل الجماعة وخارجها مساعيها إلى تقريب الخلافات في وجهات النظر بين هذا التيار والتيار الأساسي للجماعة الذي يقوده حاليا القائم بالأعمال «محمود عزت».

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية