«العدل» السعودية تبدأ تعديل 17 مادة قانونية لحماية حقوق المرأة

الخميس 4 مايو 2017 08:05 ص

بدأت وزارة العدل السعودية تحركاً جدياً لتعديل 17 مادة في قانون الخدمة المدنية ما من شأنه أن يسهّل على المرأة السعودية التقاضي في المحاكم، خصوصاً في قضايا الطلاق والنفقة والحضانة.

تأتي هذه التعديلات بعد إطلاق وزارة العدل استطلاع رأي عبر حساباتها بمواقع التواصل الاجتماعي في يناير/ كانون ثاني الماضي أكد المشاركون فيه أهمية تلك التعديلات وتحديث اللوائح التنفيذية.

وتتسق هذه التعديلات مع مناقشة مجلس الشورى السعودي مشروع قانون يمكّن السعوديات من الحصول على جواز سفر من دون موافقة ولي الأمر.

من جهتها، كشفت عضوة مجلس الشورى «لطيفة الشعلان» أنّ مشروع القانون هذا رفع إلى المجلس من قبل اللجنة الأمنية قبل أشهر، وما زال في طور الدراسة، مشددة على أنّه في حال إقراره سينهي التناقض القائم بين القانون المعمول به حالياً ونظام الجنسية السعودية الذي اشترط بلوغ سن الرشد (18 عاماً) فقط وبغض النظر عن الجنس للحصول على جواز السفر السعودي.

وينص النظام الحالي على موافقة ولي الأمر على حصول المرأة على جواز سفر، غير أن تعديلاً طفيفاً تم قبل فترة يجيز للقاضي أن يصدر الجواز للسعودية في حال تعنت ولي أمرها، غير أن هذا الأمر يتطلب مراجعات طويلة، قبل أن يصدر القاضي حكمه.

 وتأمل السعوديات أن تشكل التعديلات المرتقبة، خصوصاً تلك التي تتعلق بهن، فرصة للتحرر من كثير من المشاكل، لا سيما تلك التي يعانينها عند طلب الطلاق أو الحضانة والنفقة، فغالباً ما يتعنت الرجل في تنفيذ ما يصدر من قرارات ضده حولها، فيستند إلى أنه لا يوجد قانون يجبره على سرعة التنفيذ، وحتى الحضور إلى المحكمة. كلّ هذه الأمور ستتغير مع بدء سريان التعديلات الجديدة، والتي باتت تعطي الحق للقاضي بمنع الزوج من السفر في حال لم يحضر جلسة النزاع، وفرض النفقة عليه بالقوة، وخصمها من راتبه الشهري وتحويل المبلغ إلى حساب الزوجة من دون شرط موافقته، بالتنسيق مع مؤسسة النقد السعودي.

وتؤكد الناشطة الحقوقية وأستاذة التاريخ الدكتورة «هتون أجواد الفاسي» أنّ هناك مشكلة تتعلق بحقوق المرأة، لكن في المقابل هناك تحسن يتعلق بالحدّ من العنف ضد المرأة، خصوصاً بعد صدور نظام الحماية من الإيذاء الذي يضع بعض القوانين التي تحدد العقوبات على من تسبب في هذا الإيذاء.

وتأمل «الفاسي» أن تسهم التعديلات الأخيرة في تحسن الوضع أكثر.

ويوجد قصص كثيرة محزنة لسعوديات هجرن، وتركن بلا نفقة. من بينهن «مريم العتيبي التي تركها زوجها قبل عشر سنوات معلّقة، من دون نفقة أو حتى صك طلاق. وترك معها طفلين باتت هي ملزمة بالإنفاق عليهما. ولأنّها متزوجة قانونياً، رفضت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية إدراجها وابنيها في قوائم الإعانات الشهرية التي تقدمها للمحتاجين.

وتقول «العتيبي»لـ(العربي الجديد): «رفض زوجي المقتدر مادياً أن يطلقني، أو ينفق عليّ وعلى ابنيه، وتركنا في الشارع وسافر إلى مدينة أخرى وتزوج وأنجب».

وتضيف: «لا يقتصر الأمر على الإهمال، لكنّ الفقر الذي نعاني منه أنا وابناي لا يوصف، فنحن نعيش في منزل صغير متهالك نخشى أن يسقط علينا في أيّ لحظة، وندبر غذاءنا اليومي بصعوبة. كثيراً ما يمر اليوم كاملاً من دون أن نجد شيئاً نأكله».

وتتابع: «عندما اتجهت إلى القضاء، طلبوا مني أن يأتي زوجي ليعرّفني أمام القاضي، وهو يرفض حتى الرد على اتصالاتي، وبعدما غيّر أرقام هاتفه لم نعد نعرف عنه شيئا».

وتحتاج المرأة إلى عدة سنوات للحصول على الطلاق، وتكون المشكلة أكبر إذا كانت تعيش في مدينة غير المدينة التي يعيش فيها الزوج، وهو حال نورة البعيجان. المعلمة الأربعينية تسافر قبل كلّ جلسة قضائية للنظر في قضية طلاقها من زوجها مسافة 1200 كم من الدمام في شرق السعودية إلى جازان في جنوبها، وفي كلّ مرة يجري تأجيل القضية لأسباب غير منطقية، بحسب وصفها.

وتقول «البعيجان»«أطالب بطلاقي منذ أربع سنوات. زوجي لا ينفق عليّ ولا على أبنائه، ويستخدم العنف معنا، مع أنّ هذا الزوج لا يحتاج أكثر من أربع ثوانٍ ليطلّقني ويرمي بي في الشارع».

وتضيف: «يحاول القاضي تأجيل النظر في القضية على أمل أن أتراجع عن طلبي، دون أن يهتم بكمّ الملفات والحجج التي قدمتها له. وبعد أربع سنوات من المطاردة حكم لي القاضي بذلك، والآن نطارده في المحاكم من أجل النفقة، بعدما رفض حضانة أولاده».

مريم ونورة مثل كثيرات عانين في السابق من مشاكل الطلاق، والنفقة، خصوصاً أنّ قانون الولاية يجبرهن على أن يكنّ تحت وصاية رجل، حتى وإن كان هذا الرجل لا يرغب في ذلك.

ويقول المستشار القانوني «عبد الله الرجيب»«التعديلات الجديدة مهمة، وهي تأتي في إطار تعديلات سابقة تم العمل بها فعلاً تسرّع قضايا الحقوق والطلاق، لكن للأسف تم العمل بها فترة ثم بدأ القضاة في التراخي وتأخير النظر في القضايا، فعدنا إلى الدوامة السابقة نفسها».

ويشدد «الرجيب» على أنّ وضع النساء في السعودية أوجد بيئة خصبة للإساءة إليهن واستغلالهن قائلا: «ما زالت المرأة في حاجة إلى مزيد من الحماية، والقوانين التي تعيد لها كرامتها، وتحميها من العنف الذي يُمارس ضدها، والاستغلال».

إنجازات وعقبات

واختارات الأمم المتحدة الشهر الماضي السعودية ضمن لجنة حقوق المرأة من خلال تصويت أجراه المجلس الاقتصادي والاجتماعي في الأمم المتحدة والذي يعتبر الهيئة الأساسية المخصصة لصناعة السياسات العالمية فيما يتعلق بالمساواة بين الجنسين والنهوض بالمرأة.

وجاء التصويت لصالح ضم المملكة لهذه اللجنة بسبب ما اعتبر نجاحات كبيرة حققتها المرأة السعودية في جميع المجالات السياسية والاجتماعية والتعليمية والثقافية والرياضية وفي مجالات التجارة وخلافه .

وباتت المرأة السعودية في دائرة الضوء حيث إنها قادرة على التصويت والترشح في المقاعد البلدية ، والمشاركة في جميع قطاع العمل والمال والأعمال والمشاركة في صناعة القرار من خلال مجلس الشورى .

وتعمل الكثير من السعوديات أيضاً کمستشارین ماليین ومستشارین تنفیذیین ومستشارین ويديرون بنوكا وفنادق ومصانع، وفي العديد من الهيئات الحكومية والقطاعات الخاصة ، ويشاركن في الحياة العامة .

ورغم ذلك، لا تزال العادات والتقاليد والموروث الثقافي لنظرة المجتمع إلى المرأة، أحد أهم الأسباب التي جعلت من المرأة السعودية متأخرة عن نظيرتها في المجتمعات الأخرى حتى بين النساء العربيات في الحصول على كامل حقوقها.

فالمملكة لا تزال تحظر على المرأة قيادة السيارة، وسجنت سيدات سعوديات لأنهن كسرن هذا الحظر، وعمدن إلى القيادة بأنفسهن فتم إيقافهن وسجنهن، وآخرهن «لجين الهذلول» و«ميساء العمودي».

كما تحتاج المرأة السعودية، إلى موافقة ولي الأمر (الأب أو الزوج أو الابن) للسفر خارج المملكة، كما أن موافقته ضرورية كي تتمكن من العمل أو الدراسة أو الزواج، وحتى تلقي العلاج الطبي.

وتواجه المرأة السعودية، صعوبات منتظمة عند إجراء معاملات مختلفة من دون أحد أقاربها الذكور، مثل استئجار شقة أو رفع دعاوى قضائية.

إلى جانب القيود الصارمة على ملابس وهيئة المرأة في بعض الأماكن العامة، مما يتسبب في انتقادات من جانب المجتمع الدولي حول وضع المرأة في السعودية.

المرأة السعودية أيضا محرومة من فتح الحساب البنكي أو إجراء أي معاملات مالية من دون حضور ولي أمرها.

ومنذ منتصف عام 2016، يواصل مغردون في تفعيل وسم يحمل عنوان «سعوديات نطالب باسقاط الولاية»، الذي أثار جدلاً واسعاً، ودخل قائمة الوسوم الأكثر تداولا على «تويتر»، أكثر من مرة.

يذكر أن مفتي عام المملكة العربية السعودية الشيخ «عبد العزيز آل الشيخ»، هاجم، الدعوات التي انتشرت بكثافة خلال الشهور الأخيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، مطالبة بإسقاط ولاية الرجل عن المرأة السعودية؛ واصفاً تلك الدعوات بأنها «جريمة تستهدف المجتمع السعودي المسلم».

وفي تقرير سابق، ذكرت منظمة «هيومان رايتس ووتش»، أن نشطاء في مجال حقوق المرأة دعوا الحكومة السعودية بشكل متكرر إلى إلغاء نظام ولاية الرجل، وهو ما وافقت عليه الحكومة في 2009 و2013، بعد المراجعة الدورية الشاملة للسعودية في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.

وتضيف المنظمة: «وبعد هاتين الجلستين، اتخذت السعودية خطوات محدودة لإصلاح بعض جوانب نظام ولاية الرجل، ولكن التغييرات التي أحدثتها تبقى ناقصة وغير فعالة، وهي لا تكفي. مازال نظام ولاية الرجل إلى اليوم دون تغيير تقريبا».

وتواجه حملة «إسقاط الولاية» المتواصلة بشكلٍ أساسي بيروقراطية الحكومة وأنظمتها، بما يفترضه ذلك من الحاجة إلى إصلاحٍ تشريعيّ عميق لعلاقة المواطِنة بالدولة، ومواجهةٍ مع المؤسسة الدينية التي ستهتمّ بحماية معاييرها ونفوذها التشريعي، ومواجهةٍ سياسية تخصّ مفهوم «وليّ الأمر» بمستوياته المتعددة.

  كلمات مفتاحية

السعودية المرأة السعودية قوانين