برنامج "النجم التالي" الغنائي و"الفصل العنصري" الآن!

الثلاثاء 30 ديسمبر 2014 06:12 ص

روغل ألفر | هآرتس - "النجم التالي" ليس مجرد برنامجا تلفزيونيا. فلا يمكن تجاهل حقيقة أن غرق اسرائيل في وضع سرطاني من غلاء المعيشة الوحشي، الفقر المدقع، المس الشديد بشخصية الديمقراطية وحقوق المواطن، العنصرية الشرعية والاعتيادية، تعميق الاحتلال الى جانب كبته لدرجة خلق دولة ثنائية القومية مع نظام ابرتهايد وانتخاب متكرر لرئيس وزراء يطور نزعة ضحية كارثية وجنون اضطهاد يبرر العنف – تم في السنوات العشرة الاخيرة، بينما الكثير من مواطنيها يشاهدون كميات متراكمة من مسابقات الغناء في  القناة 2.

صحيح أن ليس كل شيء هو رمز يمثل شيئا ما، وليس هناك بالضرورة علاقة بين الظواهر آنفة الذكر. فالصدفة توجد في هذا العالم ايضا، ومعقول الافتراض بأن التدهور كان سيقع حتى لو كان زمن المشاهدة الاقصى في القناة 2 مكرس لـ "لندن وكرشنباوم". ولكنه ليس مكرسا للندن وكرشنباوم. وفي القوت الذي تطورت فيه الفظاعة والكذب الذاتي الى حجوم وحشية، ماكارثية، سخيفة – فضل الاسرائيليون الذين ينتمون الى الطبقة المركزية من الجمهور اليهودي في الدولة الجلوس في الصالون ومشاهدة أناس مثلهم يتنافسون في الغناء. وسيشهد التاريخ بأنه لم يكن في عيونهم ميزة فائقة أكثر من القدرة على الوقوف بانفعال على المنصة، فتح الفم والاعراب عن الحقيقة الداخلية والنابضة من خلال الغناء. غناء ما يشعرون به. والغناء لأنهم حساسون يشعرون.

هذه هي الرسالة الخفية الاساسية لهذه البرامج: نحن حساسون. شعب حساس. ولهذا السبب فاننا ملزمون بأن نصدر صوتنا بالغناء. وعليه فنحن ملزمون بأن نجلس في البيت لنشاهد اصدقاءنا يغنون. ولهذا السبب فان اطفالنا يحلمون بالغناء ذات يوم هم ايضا. اغانٍ متنوعة. اغاني الحب والجمال، مع عزف مثير للاحساس. اغانٍ حساسة. اغانٍ يائسة عن الحب اليائس. هكذا نحن. نجلس في الظلام، نشعل قداحة ونتحرك كغصن البان. من يقول غير ذلك يُشهر بنا. أرونا شعبا آخر ملتزم هكذا بالغناء، لأن قلبه ببساطة مفعم بالمحبة.

إن التضارب بين الواقع والخيال يتزايد. فالواقع غير حساس. فهو كاسح وكسحه يتعاظم كل يوم. ولكن في هذه البرامج، حقا، فان الانسان ذا القلب من حجر وحده يبقى لامباليا أمام الشِعر – نعم، الشِعر – الذي ينم عن حناجر الناس الذين يتنافسون فيما بينهم من يغني بصوت أحلى. أرونا شعبا أجمل من الشعب الذي لا يكف مواطنوه عن التنافس فيما بينهم من يغني بصوت أحلى وكل واحد منهم يتطلع فقط لأن يكون افضل المغنين، أو ابن عمه أو أبيه. حسنا، صوتوا للولد، كيف يغني جميلا. نحن فقط يهمنا الجمال. بحياتكم صوتوا من اجله.

وتحتاج الفظاعة لهذا الشعر: العيون المغمضة، المقاصد التامة، الصوت النابض، كالصلاة. بدون الشعر يصعب على المرء أن يعاني كل الفظاعة. ولكن في الخيال لا يوجد فظاعة. اثيوبيون، عرب، روس – الجميع يا جماعة، لا تمييز. كلهم مثيرون للحساسية وينفعلون وحساسون. أنظروا الموسم الحالي لـ "النجم التالي". 

هذا هو صوت عصرنا: تافه ولزج. لا نتذكر من غنى، لا نتذكر ماذا غنى. من بقي ومن طار. هذا ليس هاما. المهم هو أن الشريط يتحرك. الجميع مهتمون. المزيد فالمزيد من الاسرائيليين الملزمين بالغناء من اجلنا. يا لنا من حساسون. حساسون مثلنا. مثير للحساسية. أنا أحس بك. أثرت احساسي. انفعلت بالاحساس. بكيت. ها هي، انظروا، الدموع. يطيب لي أن أُقبلك. هيا نتعانق، يا نجم.

المصدر | هآرتس العبرية | روغل ألفر | ترجمة المصدر السياسي

  كلمات مفتاحية

إسرائيل الوحشية التمييز العنصري الشعب الاسرائيلي برامج المنافسات الغنائية

تقرير حقوقي إيراني ينتقد انتهاكات حقوق الإنسان بالولايات المتحدة