استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

كيف نجح أردوغان في حشد الجماهير في الشوارع؟

الأربعاء 27 يوليو 2016 06:07 ص

أثار الانقلاب العسكري الفاشل في تركيا موجة هائلة من التعبئة الشعبية. ومع خطاب الرئيس رجب طيب أردوغان المباشر على «سي أن أن» من خلال تطبيق FaceTime، والذي طالب فيه الشعب بالنزول إلى الشوارع لمجابهة الانقلاب، بزغ عصر جديد في تركيا، عصر بدأ فيه بالفعل تغيير الوضع القائم للدولة العلمانية الديموقراطية الحديثة ذات القيادة المدنية، والتي سعى الناس للحفاظ عليها من خلال نزولهم إلى الشوارع.

طبعاً لا شيء جديداً في مشهد الجماهير المحتشدة في الأماكن العامة دعماً لأحد الزعماء، سواء حدث هذا في منطقة الشرق الأوسط أو خارجها. ربما يكون المثال المشابه -الأكثر وضوحاً- الذي يحضر للأذهان كحالةٍ مطابقةٍ، هو مشهد الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر الذي اشتهر بالكاريزما وبالقدرة على حشد الآلاف، إن لم يكن الملايين، والذي أدى قرار تنحيه الذي أعلنه في أعقاب نكسة عام 1967 إلى حشد جماهيري عفوي من الشعب المصري طالبه بالبقاء في السلطة المسندة إليه.

في الطرف الآخر من هذا الطيف، نرى الرئيس السوري الحالي بشار الأسد، الذي يستخدم الحشد الجماهيري -مثلما كان يفعل أبوه- ليظهر للعالم الخارجي أن له شرعية. وبالطبع هناك نسبة من هذا الحشد الجماهيري التي اجتمعت طوعاً في ميادين سورية لإعلان دعمها الأسد، ولكن هناك نسبة أكبر لم تفعل ذلك من منطلق الإرادة الحرة، بل من منطلق الإكراه والهيمنة.

الفارق بين الأسد وأردوغان هو أنه في حالة الأخير، نجد أن الجماهير استجابت لدعوة صريحة من الزعيم للانخراط في الحراك الشعبي، هدفت من خلاله إلى الحفاظ على الوضع الراهن، من دون ترهيبها للقيام بذلك. إلا أنه يصعب علينا تصنيف المسيرات في تركيا على أنها عفوية خالصة مثل تلك التي كانت في عهد عبد الناصر، وذلك بسبب دعوة أردوغان الصريحة للحراك الجماهيري.

ولكي نستطيع أن نفهم أسباب الاستجابة السريعة الواسعة لنداء أردوغان، علينا العودة بالذاكرة إلى الانتخابات الرئاسية في تركيا العام الماضي، والتي فاز فيها أردوغان بأغلبية بنسبة 52 في المئة، حيث سعى في ذلك الوقت إلى كسب ثقة الشعب من خلال تقديم نفسه الزعيم الشجاع الذي يواجه التهديدات الخارجية والداخلية المتزايدة، مثل الإرهاب الإسلامي والأنظمة المجاورة المُعادية.

وكان أردوغان اتخذ موقفاً صارماً ضد نظام الأسد آنذاك وقطع علاقاته الدبلوماسية مع إسرائيل. بل فعل ما هو أكثر من ذلك، حين قام بغرس شعور الضرورة الملحة لانتخابه بين الناخبين من خلال التركيز على التهديد الداخلي الذي يمثله حزب العمال الكردستاني وعلى تقديم نفسه على أنه المرشح الوحيد الذي يمكنه الحفاظ على أمن تركيا.

لقد أثبت الخطاب المعتمِد على الهاجس الأمني كدافع أساسي للحشد السياسي في العلاقة مع الجماهير، قوتَه وديمومته. وقد أتاح هذا الأمر لأردوغان في نهاية المطاف تغيير خطابه السياسي العام في ما يخص إسرائيل والأسد من دون أن يفقد ثقة الجماهير به، لأنه قام مراراً بتقديم هذا التغيير على أنه في سياق الحفاظ على أمن تركيا، وبالتالي الحفاظ على الوضع الراهن.

وقد أثار الانقلاب العسكري الذي قاده فريق من الجيش شعوراً بالقلق على نطاق واسع بين الجماهير، ليس فقط بسبب الخوف تجاه ترقب حلول حكم عسكري قمعي في تركيا لا يريده أنصار أردوغان ولا معارضوه، ولكن أيضاً بسبب الحال التي قد يؤول إليها أمن تركيا واستقرارها.

لقد كان لهذا الانقلاب العسكري في حال نجاحه أن يبدأ فترة زمنية غير محددة من عدم الاستقرار. وقد وقع هذا الانقلاب العسكري في وقتٍ كان الناس في حالة مزاجية لا تجعلهم يرغبون في ولوج مصير سياسي مجهول بعد أسبوعين فقط من واحدة من أكبر العمليات الإرهابية التي شهدتها إسطنبول.

لقد فهم أردوغان هذا الأمر وعلم أن دعوته الشعب إلى الحشد من أجل مساعدته لن تصل إلى آذانٍ صماء، وأن هذا العمل من شأنه تعزيز سلطته الفردية.

لقد غير هذا الحادث فعلياً الديناميكية بين الدولة والمواطنين في تركيا. واستغل أردوغان تأييد الجماهير له في أعقاب هذا الانقلاب الفاشل كما استغل خوفهم من المجهول ليشركهم معه في عملية تطهير واسعة النطاق لنظام الدولة ضد معارضيه، في سياق تخليص الدولة من «فيروس» الخونة.

وجنباً إلى جنب مع هذا، قام أردوغان باسترضاء الشعب من خلال توفير خدمات حكومية مجانية، مثل تعليق رسوم المواصلات العامة. كما تم استدعاء الناس أيضاً ليقوموا بدور الحارس، عن طريق جمعهم في الساحات العامة، لإبراز إخلاصهم إلى الوطن وقائده ضمناً.

بهذا استطاع أردوغان تمييع الخط الفاصل بين القائد والدولة، وهذا النوع من الديناميكية لم يكن موجوداً في تركيا الحديثة منذ عهد مصطفى كمال أتاتورك. إن التباين الملفت بينهما هنا هو أن أتاتورك وصل إلى هذه المكانة، مكانة أبي الدولة الحديثة، من خلال تغيير النظام السياسي، في حين يحاول أردوغان أن يصبح أبا الدولة في تجسدها الجديد، من خلال السيطرة على النظام.

رغم أن الشعب التركي الذي نزل إلى الشوارع قام بذلك بهدف الحفاظ على الوضع القائم، إلا أن ما يحدث في تركيا الآن في الواقع مختلف نوعاً ما، فما يحدث في تركيا اليوم هو ليس ما كان يخشاه الشعب من تغيير خارجي للوضع القائم، ولكنه تغيير من الداخل ومن خلال مباركة شعبية غير متعمدة، وعبر وعي كامل للقائد وبتوجيه استراتيجي منه.

* د. لينا الخطيب مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تشاتام هاوس، لندن

المصدر | الحياة

  كلمات مفتاحية

تركيا أردوغان مصطفى كمال أتاتورك فشل انقلاب تركيا الانقلاب التركي الفاشل

التكلفة الباهظة والفرصة التاريخية لمحاولة الانقلاب الفاشلة

لماذا لا تصلح سردية الصراع الإسلامي العلماني لتفسير محاولة الانقلاب التركية؟

فشل الانقلاب: الطبقة الوسطى المتدينة ترسم مستقبل تركيا على حساب النخبة الكمالية

انقلاب أفشله الشعب وحكومته المنتخبة وقواه السياسية

حتى لا يقع انقلاب تركيا القادم

رويترز: «أردوغان» طلب من مجلس النواب ربط هيئة الأركان والاستخبارات برئاسة الجمهورية