8 عوامل حاسمة ستحدد مصير معركة الموصل

الجمعة 21 أكتوبر 2016 10:10 ص

بدأت المعركة المنتظرة منذ وقت طويل من قبل الحكومة العراقية وقوات البشمركة الكردية لاستعادة الموصل، بدعم من الولايات المتحدة. شكل تطور الحملة في حد ذاته لا يمكن توقعه، لكنّ شكل النتائج النهائية يتوقف على 8 قضايا.

ما يقرره تنظيم الدولة

 سننتظر لنرى إذا ما كان تنظيم الدولة سيقرر الاستمرار في معركة طويلة الأجل، أم أنها سيجمع أوراقه المبعثرة في العراق ليقاتل في يوم آخر. وبدلًا من أن يتمسك التنظيم بالموصل كآخر معاقله في العراق، يمكنه النزوح إلى سوريا، أو حتى التفرق في صحراء الجزيرة الشاسعة بين الموصل والأنبار والتي يمتلك بها بعض المرافق بالفعل. لن يكون القتال حتى الموت في الموصل مكلفًا فقط لما تبقى من المدنيين، ولكن الهزيمة الساحقة للتنظيم في الموصل سوف تكون ضربة قاضية للتنظيم ومكانته في جميع أنحاء العالم. الوصول إلى سوريا يعني تعقيد الموقف أكثر في تلك البلد، وإعادة الانتشار في الصحراء يعني أن القتال ضد التنظيم في العراق سيستمر لبعض الوقت الإضافي.

سرعة النجاح العسكري في الموصل

 يوجد فرصة جيدة للنجاح في عملية اقتلاع تنظيم الدولة من الموصل خلال أسبوع واحد، لكن سرعة النجاح في تلك العملية ستسبب آثارًا خطيرة على سلسلة من الأحداث. إذا تحول الهجوم لعملية تكسير عظام طويلة، سيحاول كل طرف من الأطراف المشاركة تهيئة الأحداث لجني أكبر جزء من المكاسب، بما في ذلك إيران وتركيا وميليشيات بي كاكا والحشد الشعبي. وسيتعين على الولايات المتحدة وشركائها التصدي لمثل تلك المحاولات. رغم ذلك، ربما يسمح الوقت الإضافي للولايات المتحدة بتطوير خطط متوافق عليها حول الموصل في مرحلة ما بعد تنظيم الدولة.

دور الميليشيات الشيعية

 تردد رئيس الوزراء العراق العبادي في الرد على سؤال حول مشاركة الميليشيات الشيعية في معركة الموصل، لكنه عاد وأكد في اليوم الأول من الهجوم أن القوات العراقية فقط هي التي ستدخل المدينة، وأنّ قوات البشمركة قد تدخل للمناطق الكردية من الموصل، وأنّ ميليشيات الحشد الشعبي سيقتصر دورها على تأمين الإمدادات حول المدينة. لكنّ القلق يكمن أنّ «العبادي» لا يملك القوة لفرض تلك الشروط إذا ما قررت الميليشيات الشيعية تجاوزها. وقد ارتكبت ميليشيات الحشد الشعبي فظائع بحق المدنيين السنة في الفلوجة بعد تحريرها في وقت مبكر من هذا العام. وإذا حدث المثل في الموصل، فستتفاقم التوترات الطائفية بين السنة والشيعة.

الدور التركي

 يستمر التوتر بين أنقرة وبغداد في التصاعد منذ بدأ تواجد القوات التركية بالقرب من الموصل. ويبدو أنّ الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان» عازم على رسم دور لتركيا في مستقبل الموصل، والتدخل في مرحلة ما خلال الحملة، خلافًا لما تريده بغداد. وعلى سبيل المثال، لدى تركيا مصالح في الدفاع عن التركمان السنة ضد الأعمال الوحشية التي من الممكن أن ترتكبها الميليشيات الشيعية، كما تريد تركيا ضمان عدم إجلاء حلفائها العرب السنة من المحافظة في مرحلة ما بعد تنظيم الدولة. كما يثير تواجد منظمة بي كاكا ووحدات حماية الشعب الكردية في منطقة سنجار بين الموصل والحدود السورية، مخاوف أنقرة. وإذا تدخلت تركيا بقوة لأي من تلك الأسباب، سيتحول الأمر للاستقطاب، منتجًا ردة فعل شيعية، ومعقدًا أي جهود محلية للاستقرار.

التوترات بين بغداد والأكراد

 على الرغم من أنّ الحكومة التركية والأكراد يتعاونان في معركتهما ضد تنظيم الدولة في الموصل، إلا أنّه لا يمكن استبعاد الصراع اللاحق بين الطرفين. وقد توقف الأكراد عن مطالباتهم بالاستقلال مؤقتًا، ليس فقط من أجل مواجهة تهديد الدولة، ولكن بسبب الخلاف مع بغداد حول منطقة كركوك التي تقع الآن تحت سيطرة الأكراد. وبعد الانتهاء من معركة الموصل، يبدو أنّ رئيس الأكراد «مسعود بارزاني» عازم على علاقات من نوع مختلف مع الحكومة العراقية، إمّا من خلال إعلان الاستقلال الفوري، أو ترتيب حكم فيدرالي مستقل لفترة محددة. ومع عدم وجود اتفاق بين أربيل وبغداد للمضي قدمًا، ستشتعل المنافسة للحصول على دعم السنة.

الحكم المحلي

 توجد العديد من الخلافات حول كيفية تنظيم الحكم المحلي في الموصل. وترى بغداد في هذا الشأن أن يحكمها المحافظ «نوفل حمادي» ومجلس المحافظة الذي يتولى مناصب القيادة في نينوى، وربما بمساعدة ممثلين من الحكومة المركزية وحكومة إقليم كردستان. ويبقى أن نرى إذا ما كان شعب نينوى سيوافق على هذه الصيغة أم لا. ويوجد تساؤل آخر عما إذا كانت الأقليات الكردية والأقليات في المقاطعات ذات الحكم الذاتي في نينوى ستسعى لتكون محافظات مستقلة، وما إذا كان سيتم ترك الخيار لهم للانضمام لإقليم كردستان والبقاء كجزء من منطقة فيدرالية مستقلة في نينوى.

إعادة الإعمار والاحتياجات الإنسانية

 لا يبدو أنّ هناك خطة جادة لإعادة إعمار الموصل بعد تحريرها. وقد أعلن الرئيس «أوباما» بالتعاون مع منظمات دولية عن عزمه تقديم المساعدة للمدنيين في الموصل قبل التحرير، لكنه لم يكشف عن أي برامج لمعالجة قضايا أطول أمدًا، وأهمها إعادة توطين المدنيين المهجرين الذين لا يستطيعون العودة بعد انتهاء القتال، مثل ما هو الحال في المناطق الأخرى التي تم تحريرها من قبل من أيدي تنظيم الدولة. إضافة إلى ذلك، مع معاناة حكومة بغداد ماليًا بفعل انخفاض أسعار النفط وحالة الطوارئ التي تعانيها، فمن الملح مساعدة بغداد في صياغة خطة لإعادة الإعمار. وسيكون البديل عن ذلك، منطقة أخرى تعاني الإهمال بعد الفلوجة والرمادي.

معالجة الأسباب الجذرية

ترجع الأسباب الجذرية للحرب الأهلية في العراق إلى السياسات الطائفية التي اتبعتها الحكومات العراقية السابقة، وفشلها في ترتيب طريقة لتقاسم السلطة. وإذا لم يتم معالجة تلك القضايا الأساسية، فسيعود خلفاء تنظيم الدولة للتجمع والظهور مرة أخرى حتى وإن هزمت الجماعة في الموصل. ولد تنظيم الدولة نفسه من رماد تنظيم القاعدة في العراق، والذي هزم بين عامي 2006 و2009، لكنّه عاد من جديد بسبب الفشل الحكومي وتزايد الاستياء الطائفي والصفقات والوعود المخلفة في عهد رئيس الوزراء السابق نوري المالكي.

يعتقد العديدون في المنطقة أن إدارة «أوباما» تنظر لتحرير الموصل كسطر جديد في إرث السيرة التاريخية للإدارة قبل انتخابات نوفمبر/ تشرين الثاني. ويخشى السنة العرب خاصة، أنّ استعجال إدارة «أوباما» لتحقيق المكاسب، قد يصرف النظر عن قضايا أكثر جوهرية تحتاج لوقت أطول مثل مسألة تقاسم السلطة وميثاق وطني جديد.

ومن المهم جدًا حل تلك المسائل لمواجهة تلك التحديات طويلة المدى حتى لا تؤدي لتفاقم مشكلة الإرهاب والتطرف في العراق، كما أنّ إيجاد التوازن بين المركز والأقاليم، وهو المفتاح الرئيسي لإنهاء الحرب الأهلية في العراق. ولن يكون إنشاء ميثاق وطني جديد أمرًا سهلًا، لأنه سيتطلب اتفاقات منفصلة على تقاسم السلطة في المركز والفدرالية والكونفدرالية أو اللامركزية بين المجتمعات المحلية. وسيستمر الصراع في غياب مثل تلك الاتفاقات.

ومن شأن نجاح حملة الموصل ان تكون خطوة هامة في طريق المصالحة، ولكن فقط إذا تمّ إعطاء مرحلة ما بعد الحملة الاهتمام الواجب. خلاف ذلك، يصبح الانتصار في الموصل، مجرد بداية لمرحلة جديدة من الحرب الأهلية العراقية.

المصدر | ناشيونال إنترست

  كلمات مفتاحية

الموصل معركة الموصل تركيا الأكراد الدولة الإسلامية الحشد الشعبي الشيعي