البرلمان المصري يقر قانون «الجمعيات الأهلية».. وحقوقيون: كابوس وكارثة

الأربعاء 16 نوفمبر 2016 08:11 ص

أقر مجلس النواب المصري، مشروع قانون «مثيرا للجدل» ينظّم عمل المنظمات غير الحكومية في البلاد، ويعيد إحياء المخاوف من قمع السلطات للمجتمع المدني.

وقال المجلس في بيان على موقعه الالكتروني إن «أعضاءه وافقوا على مشروع القانون المقدّم من أكثر من 200 نائب، بشأن تنظيم عمل الجمعيات وغيرها من المؤسسات العامة في مجال العمل الأهلي في مجموعه، وإحالته إلى مجلس الدولة، وفقاً لما تنص عليه المادة 190 من الدستور».

ولمجلس الدولة أن يبدي رأيه في النص، وله أيضا أن يدخل تعديلات عليه، على أن يعيده إلى مجلس النواب للتصويت عليه مجددا وبصورة نهائية هذه المرة.

وينظم القانون، عمل الجمعيات الأهلية والمنظمات الأجنبية غير الحكومية، وجمع التبرعات وتلقي التمويلات الأجنبية، ويضع عقوبات المخالفات من خلال 7 أبواب و63 مادة.

انتقادات حادة

يأتي إقرار القانون، وسط انتقادات حادة من الحقوقيين المصريين، الذين يؤيد بعضهم السلطات الحالية، إذ اعتبروه قانون كارثي لما يتضمنه من بنود تقيد عمل الحقوقيون في مصر.

وينص مشروع القانون على عقوبات تصل إلى السجن لمدة خمس سنوات، وغرامات تصل إلى مليون جنيه (65 ألف دولار أمريكي تقريبا) بحق كل من تثبت إدانته بانتهاك القانون الجديد.

وتسرى أحكام القانون المنتظر، على الجمعيات والمؤسسات الأهلية والاتحادات المنشأة بقانون أو بمرسوم، والمنظمات التي تمارس نشاطا أهليا استناداً إلى اتفاقيات دولية، بجانب وضع أطر تنظيمية تساعد هذه الجمعيات على العمل وتحقيق أغراضها في ضوء خطط الدولة واحتياجات المجتمع المحلي.

وندد «محمد زريع» المسؤول عن «مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان» بالتشريع الجديد، وقال: «أسوأ كوابيسي أن أرى مشروع قانون بالحالة هذه».

وأضاف أن هذا التشريع «يسد الباب أمام أي منظمة أو جمعية تتطلع في المستقبل لأن نعمل على موضوع حقوق الإنسان» في مصر.

وكانت السلطات المصرية اكدت في آذار/مارس ان الجمعيات الاهلية تعمل في مصر “بحرية مطلقة”.

كما يتعين، بحسب القانون، على المنظمات غير الحكومية الأجنبية، دفع مبلغ يصل إلى 300 ألف جنيه (19.5 ألف دولار أمريكي تقريبا) كي يسمح لها بأن تزاول نشاطها في مصر، كما يتعين عليها أيضا تجديد رخصة مزاولة عملها دوريا.

وبحسب «المبادرة المصرية للحقوق الشخصية» (منظمة غير حكومية)، فإن مشروع القانون ينص على إنشاء «الجهاز القومي لتنظيم عمل المنظمات الأجنبية غير الحكومية»، وهو هيئة تضم «ممثلين عن ثلاث جهات أمنية، بالإضافة لممثلين عن وزارات الخارجية، والعدل، والتعاون الدولي، والوزارة المختصة بالجمعيات، وممثل للبنك المركزي، وآخر عن وحدة مكافحة غسيل الأموال، وعن هيئة الرقابة الإدارية»، على أن يتم تشكيله بقرار يصدر عن رئيس الجمهورية.

ويختص الجهاز القومي «بالبت في شؤون المنظمات الدولية غير الحكومية وتمويل وأوجه التعاون بين الجمعيات المصرية وأي جهة أجنبية»، كما أن «عدم رد الجهاز على الطلبات المقدمة له خلال 60 يوما يعد بمثابة رفض للطلب».

ويلزم مشروع القانون، جميع الكيانات التي تمارس العمل الأهلي بتعديل نظمها وتوفيق أوضاعها وفقا لأحكامه، وذلك خلال ستة أشهر من تاريخ العمل به، وإلا قضي بحلها.

وحظر القانون على الجمعيات الأهلية ممارسة أنشطتها في النقابات والأحزاب والهيئات المختلفة، فضلا عن إلزامه عدم قبول أية تمويلات أجنبية سواء داخل مصر أو خارجها، كما ألزم تلك الجمعيات بممارسة أعمالها عن طريق المجالس المحلية والمحافظات.

وأجبر القانون الجمعيات على التنسيق مع الجهة الإدارية قبل استقبال أي شخصيات أجنبية وأن تضع بياناته.

وهو ما اعتبره «عادل رمضان» المسؤول القانوني في «المبادرة المصرية للحقوق الشخصية»، «سيجعل أي جمعية غير قادرة على القيام بأي مهمة إلا بعد الحصول على موافقة الجهات الإدارية»، بحسب «أ ف ب».

وأضاف أنه بموجب التشريع الجديد: «لا يجوز لأي جمعية أو مؤسسة أن تجري أبحاثا أو استطلاع رأي إلا بعد الحصول على موافقة الدولة، ولا يجوز للجمعية أن تنشر التقرير أو الدراسة أو البحث إلا بعد الحصول على موافقة الدولة».

ويلزم القانون، الجمعيات الأهلية أن تخضع أموالها  لقانون الكسب غير المشروع، للتأكد من مصارف تلك الأموال، ما يشكل تقييد على عمل الجمعيات والحقوقيون في كل مصاريف الجمعية.

القانون يمنح أيضا الحكومة الحق في حظر الجمعية الأهلية ووقف قيدها في حالة اكتشاف أي نشاط غير موثق حينها تعتبره الحكومة مخالفا للقانون.

قانون كارثي

وكان المحامي والحقوقي «نجاد البرعي»، ندد بمشروع القانون، وقال في تغريدة له بـ«تويتر»: «أراجع الآن مشروع القانون الذي قدمه ٢٠٠ من النواب الشرفاء إلى البرلمان لقتل الجمعيات الأهلية، أقسم بالله إنه ليس فقط ضد الدستور ولكن ضد العقل».

كما أعرب «ناصر أمين» عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، عن رفضه لمشروع القانون ووصفه بـ«الكارثي».

وقال «أمين»، في تغريدة له على «تويتر»: «مشروع قانون الجمعيات الأهلية المقدم من أعضاء مجلس النواب والذي يناقش الآن بالبرلمان، كارثى ويعد أكثر تشدد من قانون 32 لسنة1964».

فيما قال الناشط الحقوقي الدكتور «خالد أبو بكر»، إن «القانون الجديد يؤثر بالسلب على نمو المجتمع المدني ويجب مراجعة القانون وفقا للمعايير والأعراف الدولية».

وأضاف في تصريحات صحفية، أن «القانون يقيد منظمات المجتمع المدني دون إعطاء جهة الإدارة أسانيد للتدخل وتضييق الخناق».

وينظر القضاء المصري حالياً قضية بارزة للجمعيات الأهلية متعلقة بتمويل أجنبي.

وفي 18 سبتمبر/آيلول الماضي، قضت محكمة مصرية، التحفظ على أموال خمسة حقوقيين مصريين، بينهم الناشطان «جمال عيد»، و«حسام بهجت»، بجانب 3 مؤسسات حقوقية غير حكومية بينها «هشام مبارك» تعمل في البلاد، لاتهامهم فيما يعرف إعلاميًا بـ«قضية التمويل الأجنبي».

ويُحاكم الحقوقيون على خلفية تحقيقات بتهمة «تلقيهم تمويلًا أجنبيًا من جهات خارجية بالمخالفة لأحكام القانون، بمبلغ يزيد عن مليون ونصف المليون دولار أمريكي»، وفق أوراق القضية.

وتتعرض مصر لانتقادات من جهات محلية ودولية بسبب الوضع الحقوقي بها، وهو ما اعتادت أن تنفيه السلطات المصرية، مؤكدة أنها «تدعم حرية التعبير عن الرأي، والمؤسسات الحقوقية واستقلال القضاء».

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الجمعيات الأهلية مصر حقوق الإنسان انتقادات مجلس النواب