«أسامة الأزهري».. صاحب العمامة القادمة من «الاتحادية» بديلا لـ «شيخ الأزهر»

الجمعة 24 فبراير 2017 09:02 ص

وُصف بأنه «رأس حربة» الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسى» فيما يسمى بـ«تجديد الخطاب الدينى»، وقالوا عنه إنه «صُنع في مكتبة علي جمعة» مفتي مصر السابق، لكنه تجاوز ذلك بكثير، وبات نائبا بالتعيين في مجلس النواب المصري، ووكيلا للجنة الدينية بالبرلمان، ومستشارا لرئيس الجمهورية للشؤون الدينية، وربما مرشحا بقوة لخلافة شيخ الأزهر.

الصعود السياسي السريع للدكتور «أسامة الأزهري»، دفع به إلى إلقاء خطبة العيد أمام «السيسي» في حضور شيخ الأزهر الدكتور «أحمد الطيب»، ووزير الأوقاف المصري «محمد مختار جمعة»، ومفتي الديار المصرية الدكتور «شوقي علام»، العام قبل الماضي.

في إحدى الصور القديمة للدكتور «علي جمعة»، مفتى الديار المصرية السابق، وعدد من كبار مشايخ الأزهر في مكتبه، ممن ترك الشيب بصمته على رءوسهم المغطاة بالعمامة الأزهرية، يظهر شاب لم يتعد الـ 30 عاما.

وجه لم يكن مألوفا وقتها سوى لطلابه، إلا أن وقوفه بجوار هؤلاء كان يحمل إشارات ونبوءات نراها الآن، وتشى عن سر العلاقة الوطيدة التي جمعت «جمعة» وتلميذه «أسامة الأزهرى»، الذي بات اليوم أبرز من تعول عليهم مؤسسة الرئاسة لتنفيذ تطلعاتها نحو ما تسميه «تجديد الخطاب الدينى»، وتطويعه لخدمة أهدافها وقراراتها السياسية.

لم يتوقف دعم «جمعة» لتلميذه عند حد خلافته في إلقاء خطبة الجمعة بمسجد السلطان حسن، وسط القاهرة، إذ امتد دعمه له باصطحابه في المؤتمرات والدروس، وكان ينشر له مقالاته عبر موقعه الرسمى، ويظهر معه في بعض اللقاءات الإعلامية، ففى برنامج «الله أعلم» الذي كان يقدمه «جمعة» عبر فضائية «cbc» تم تخصيص جزء من حلقة البرنامج كل يوم أربعاء لـ«الأزهرى» يحاور فيها أستاذه ومعلمه.

الشيخان، تجمع بينهما «الصوفية»، وكانا دائما في خط المواجهة الأمامى ضد جماعة الإخوان والقوى السلفية، وعين «الأزهري» عضوا بالهيئة الاستشارية لرئيس الجمهورية، ونال لقب المستشار الدينى للرئيس، بتزكية من «جمعة» الذي يحتفظ بعلاقة خاصة مع «السيسى»، وقد أفتى له سابقا بقتل معارضيه.

دور سياسي

ولد «أسامة السيد محمود الأزهرى»، الأكاديمى الأزهرى، في محافظة «الإسكندرية»، شمال البلاد، عام 1976، ونشأ في سوهاج بصعيد مصر، ويعد من أبرز مريدي «علي جمعة»، أحد علماء الصوفية الذين لطالما اعتمد عليهم نظام الرئيس المصري المخلوع «حسني مبارك» لإبعاد الدين عن نظم الحكم والإدارة في مصر.

من مؤلفات «الأزهري» «إحياء علوم الحديث، والمدخل إلى أصول التفسير، والإحياء الكبير، وأسانيد المصريين، وجمهرة في المتأخرين من علماء مصر».

بات يلعب دورا سياسيا في البلاد، وشارك مؤخرا في حفل تكريم قضاة مجلس الدولة المصري، خلال حفل نظمه النادي بعنوان «يوم الوفاء».

أسندت إليه وزارة الداخلية المصرية، مهمة القيام بمراجعات فقهية وفكرية للمعتقلين من أبناء التيارات الإسلامية، وألقى بالفعل محاضرات على نزلاء سجن «العقرب2» المخصص للسجناء غير الجنائيين.

تم تكليفه بإدارة ملف «تجديد الخطاب الديني»، ما اعتبره مراقبون تمهيدا لخلافة «الأزهري» لـ «الطيب»، والذي يتعرض لحملة انتقادات شرسة تشنها صحف موالية لأجهزة أمنية في البلاد، بزعم أن بعض مناهج الأزهر تدعو إلى التطرف، ويجب إعادة صياغتها بما تتوافق مع رؤية النظام السياسي، الأمر الذي اعتبره مراقبون اعتداء على حرية الأزهر في تفسير النصوص الشرعية للدين الإسلامي.

وتؤكد تقارير صحفية أن الخلاف بين «السيسي» و«الطيب» تعاظم في الآونة الأخيرة، فيما يحاول الطرفان إظهار خلاف ذلك. ويرى مراقبون أن تتابع التقارير الإعلامية المنتقدة لشيخ الأزهر هذه الأيام، بمثابة ضغوط لحثه على التنحي، حيث يحظُر الدستور المصري عزله.

وباتت المطالبة باستقالة «الطيب» أمرا متداولا، وكتب «محمد الباز»، رئيس تحرير جريدة «الدستور» المصرية الخاصة، والمقرب من أجهزة أمنية في البلاد، فى مقال له بعنوان «لماذا لا يستقيل شيخ الأزهر»، مضيفا في تهديد مبطن: «افعلها قبل أن تضيق عليك الأرض بما رحبت».

وإزاء الأبواق التي تنكل إعلاميا بـ«الطيب»، قال الكاتب الصحفي المصري «محمود سلطان»، في مقاله المنشور بصحيفة «المصريون»، «تشكل رأي عام، يعتقد بأن الأمام الأكبر أيامه معدودة على رأس المشيخة، وتصور الكثيرون أن الرجل ضعيف أمام إدارة سياسية غشيمة لا تعبأ بشيء حال قررت وشاءت».

صدام علني

الخلاف المكتوم بين «الطيب» و«الأزهري» خرج للعلن في مناسبتين، الأولى حينما لم يخف شيخ الأزهر حدته تجاه أعضاء لجنة «الشئون الدينية» فى البرلمان، والتى يشغل «الأزهرى» عضويتها، وتمسك بعدم مشاركتها فى الإشراف على تنقية كتب التراث وخطباء الجامع الأزهر وبرامج تدريب الوعاظ فى المشيخة، وتحفظ «الطيب» على دور وأداء اللجنة، ما جعل أعضاء يقدمون على تقبيل رأسه خلال الجلسة البرلمانية.

والثانية تحت عنوان «أمر يدع اللبيب حائرا» على صفحات «الأهرام» الحكومية اليومية، حينما كتب «الأزهري» مقالا منذ أيام وجه فيه سهام النقد للمؤسسة الدينية الكبرى في العالم العربي والإسلامي.

كتب «الأزهرى»، قائلا: «شهدنا في الفترة الحالية أمرا عجيبا، وهو أن الوطن يستنجد بالأزهر، ويلح عليه، ويطالبه، ويلمح ويصرح، ويستنهض ويشير، ويتألم ويستغيث، فيبقى الأمر ثابتا عند مستوى واحد من تسيير أموره وقوافله وجولاته وأجنحته في معرض الكتاب، دون القفز إلى مستوى الحساسية والجد والخطر الذي يحيط بالوطن».

وتابع مستشار «السيسي» للشؤون الدينية:«أيها الأزهر الشريف -وأنا أخاطب اليوم عددا من رجالك، ولا أخاطب تاريخك المشرف الذي لا يختلف اثنان على عظمته ووطنيته ورفعته- انهض إلى عمل يليق بالتاريخ المشرف، ويسعف الوطن والدين، ويسعف شعب مصر والأمة العربية والعالم في وقت حساس وخطير».

وأضاف «الأزهري» معاتبا «الطيب»:«أيها الأزهر الشريف! ما الذي تريده حتى تنهض ونحن جميعا مسخرون لخدمتك، هل هي الرؤى والخطط والاستراتيجيات فنوفرها، أو هي عراقيل إدارية وتشريعية فنذللها، أو هي تمويل وإنفاق فنعتصر أنفسنا ونجمعه، أما ماذا؟!».  

اعتكاف سياسي

ومنذ أسابيع لم يحضر الدكتور «أحمد الطيب» إلى مكتبه في مشيخة الأزهر، ما فسره البعض بأنه غضب من «السيسي»، عندما قال له: «تعبتني يا فضيلة الإمام.. تعبتني يا مولانا».

وفي مناسبة أخرى خاطب «السيسي» شيخ الأزهر، قائلا:«فضيلة الإمام كل ما أشوفه بقول له إنت بتعذبني».

وفور صدور العتاب الرئاسي «تعبتني يا فضيلة الإمام»، شنت الإعلامية المصرية «لميس الحديدي»، هجوما عنيفا على شيخ الأزهر، متهمة إياه بالتقصير فى مسألة تجديد الخطاب الديني، وقالت: «إن تفسير كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي له (تعبتني يا فضيلة الإمام) والتى وجهها لشيخ الأزهر معناها أن الرئيس فاض به الكيل»، مضيفة: «مفيش أدب أكتر من كدة بصراحة».

وأكدت مصادر مطلعة بمشيخة الأزهر، أن «الطيب لم يذهب لمكتبه بالفعل من يومها»، بحسب «هفنجتون بوست عربي».

لكن الشيخ «محمد زكي» الأمين العام للجنة العليا للدعوة بالأزهر، قال إن «الطيب» يقضي إجازة نصف العام مع أسرته في بلدته بمحافظة «الأقصر»، جنوب البلاد، ولكن البعض اعتبرها «إجازة سياسية»، كتعلل الدبلوماسيين بالمرض للتغيب عن مؤتمر أو احتفالية ما.

وجاء غياب «الطيب» بعد تفاقم أزمة الطلاق الشفهي، وقرار هيئة كبار العلماء، خلال اجتماعها الأخير، برفض مقترح الرئيس المصري، توثيق الطلاق الشفوي شرطًا لصحة وقوعه، ما زاد فجوة الخلاف بين الرئيس والمشيخة.

أزمة الطلاق ليست الأولى، كما أنها لا تعد السبب الوحيد للخلاف بين المؤسسة الدينية، والرئاسة المصرية، خاصة مع توالي «محطات الصدام»، بين الطرفين.

ويعد «فض رابعة» الذي قتل فيه المئات من أنصار الرئيس «محمد مرسي» أول رئيس مدني منتخب في 14 أغسطس/آب 2013، أول خلاف علني بين «السيسي» و«الطيب»، حين أصدر شيخ الأزهر بيانًا قال فيه: «إبراء للذمة أمام الله وأمام الوطن، يعلن الأزهر للمصريين جميعًا أنه لم يكن يعلم بإجراءات فض الاعتصام إلا عن طريق وسائل الإعلام، كما يطالب الجميع بعدم محاولة إقحام الأزهر فى الصراع السياسى».

وتابع البيان: «يعلن الأزهر أسفه وحزنه لعدد من الضحايا ويترحم عليهم ويعزى أسرهم ويكرر الأزهر تحذيره من استخدام العنف وإراقة الدماء، ولا يزال الأزهر على موقفه بأن استخدام العنف لا يمكن أبدًا أن يكون بديلاً عن الحلول السياسية، وأن الحوار العاجل والجاد هو الحل الأوحد للخروج من الأزمة إذا صدقت النوايا».

لكن الأخطر والذي أزعج المؤسسة الرئاسية، الفتوى التي أصدرها الأزهر الشريف بأنه «لا يمكن تكفير مسلم مهما بلغت ذنوبه»، في إشارة إلى «تنظيم الدولة» والجماعات المسلحة في سيناء، وهو ما يعارض سياسات «السيسي» ويتناقض مع بيانات الجيش المصري التي دأبت على وصف معارضي السلطة بـ«التكفيريين»، لكن «الطيب» اعتبرهم من «مفسدي الأرض» رافضا تجريدهم من الإسلام وشهادة التوحيد، وفق فتواه.

وتقول مصادر إن «السيسي»، صب جم غضبه على عدم شن الأزهر حملة قوية على جماعات الإسلام السياسي وفي القلب منها جماعة «الإخوان»، و«تنظيم الدولة»، وإصراره على تبني موقف متطرف من الشيعة، متجاهلا مواقف النظام المتقاربة مع إيران والعراق والنظام السوري، بحسب صحيفة «المصريون».

ومن بين ما أغضب «السيسي» أيضا، وفق ذات المصادر، هو تبرؤ الأزهر من مؤتمر «غروزني» الذي أخرج التيار السلفي بين أهل السنة والجماعة، وتقديمه شبه اعتذار للسعودية ما زاد من الاستياء الرسمي من موقف شيخ الأزهر خصوصا أن علاقات القاهرة والرياض تمر بأزمة شديدة.

وعلى الرغم من أن «الطيب» 71 عاما، كان أحد أبرز الداعمين للانقلاب العسكري في 3 يوليو/ تموز 2013، وشارك في البيان الذي ألقاه «السيسي» حينما كان وزيرا للدفاع آنذاك للإعلان عن خارطة الطريق، في مرحلة ما بعد «مرسي»، فإن حملات الهجوم الإعلامي تتواصل ضده، وسط إشارات رئاسية تؤكد عدم الرضا عن أدائه، بل وتلمح إلى تهميشه، وربما التخطيط في إقصائه من المشهد.

ووفقا لقانون الأزهر الذي تم إقراره في يناير/كانون ثان من العام 2012 -ونص على انتخاب شيخ الأزهر وانتهاء خدمته ببلوغه سن الثمانين- يكتسب شيخ الأزهر حصانة في منصبه تجعله غير قابل للعزل، إضافة إلى أن تقاعده لن يكون قبل 9 سنوات حين يتعدى 80 عامًا، وفقًا للقانون.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

شيخ الأزهر أحمد الطيب أسامة الأزهري علي جمعة عبدالفتاح السيسى تجديد الخطاب الديني

مستشار السيسي الديني يثير جدلا بسبب صوره في إندونيسيا.. ماذا حدث؟