رحيل «تيلرسون».. ماذا يعني لسياسة واشنطن في الشرق الأوسط؟

الأربعاء 14 مارس 2018 10:03 ص

لم يكن «ريكس تيلرسون» مناسبا على الإطلاق لإدارة «ترامب»، وكانت إدارته لوزارة الخارجية مصدرا للإحباط المستمر للرئيس.

ولكن فيما يتعلق بقضايا السياسة الخارجية، كان «تيلرسون» أقرب بشكل أوثق من «ترامب» لمواقف الجمهوريين، وتحالف مع وزير الدفاع «ماتيس» ومستشار الأمن القومي «ماكماستر»، وغالبا ما كان «تيلرسون» مرساة ضد «شطحات» الرئيس الأكثر عدوانية.

وفي الشرق الأوسط، كان أشهر خلاف بين «ترامب» و«تيلرسون» بشأن استجابة الولايات المتحدة للصراع داخل مجلس التعاون الخليجي، بين قطر و «دول الحصار» (المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر والبحرين).

وقد نجح «تيلرسون» و«ماتيس» في توجيه سياسة الولايات المتحدة نحو تسوية يتم التفاوض عليها للنزاع، ومنعا «ترامب» من مواصلة دعمه الأولي لمطالب الحصار.

وأصبح الصراع أكثر إشكالية بالنسبة لإدارة «ترامب» منذ ظهور المزاعم بأن الإمارات قد سعت للتأثير على سياسة الولايات المتحدة، من خلال اللعب بورقة المصالح التجارية الخاصة بعائلة «ترامب».

ومن هنا لم تكن إقالة «ترامب» لـ«تليرسون»، الثلاثاء، أمرا مفاجئا، بل كان متوقعا أن تتم قبل ذلك بفترة، وهناك أقوال تشير إلى أن قضية مجلس التعاون الخليجي كانت عاملا رئيسيا في قرار الإقالة، حيث عجل «ترامب» بالقرار قبل أسبوع واحد من توقيت الزيارة المنتظرة لولي العهد السعودي الأمير «محمد بن سلمان» لواشنطن.

وكان «تيلرسون» قد تعرض للإحراج في جوانب أخرى من السياسة الخارجية لإدارة «ترامب»، وانقطعت وزارة الخارجية بشكل كبير عن مشروع السلام الإسرائيلي الفلسطيني الذي يدفعه «جاريد كوشنر»، وبدا أنها تدافع أكثر عن نهج «بطيء» لنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس.

ومن المعروف أن «تيلرسون» وبخ السفيرة الأمريكية في الأمم المتحدة «نيكي هالي»، بسبب حديثها الرئيسي في السياسة، بما في ذلك تهديداتها بقطع التمويل عن الفلسطينيين والأونروا، الأمر الذي أثار حفيظة «تيلرسون».

صعود «بومبيو».. الأكثر أهمية لإيران

ومن غير المحتمل أن يؤدي رحيل «ريكس تيلرسون» إلى إثارة الكثير من الجلبة في طهران، وبالنسبة إلى الإيرانيين، كان «تيلرسون» عاملا صغيرا في تشكيل موقف واشنطن العام تجاه طهران حول أهم سؤالين في النزاع الأمريكي الإيراني.

وبالتأكيد، كان «تيلرسون»، على عكس «ترامب»، يدعم بقاء الولايات المتحدة في الاتفاقية النووية لعام 2015، لكن لطالما رأت طهران ذلك كحكم جماعي لوزارة الخارجية، وليس قضية «تيلرسون» وحده.

وعلى الصعيد الإقليمي، لا سيما فيما يتعلق بسوريا، شهدت طهران مرة أخرى لعب «تيلرسون» دورا أقل، مقارنة بوزير الدفاع «جيمس ماتيس».

وفي هذه الأثناء، يمكن القول إن انتقال «مايك بومبيو» إلى الوزارة هو فوز بالنسبة لطهران، وباعتباره معارضا متشددا منذ فترة طويلة للجمهورية الإسلامية، دعا لأعوام لسياسة تغيير النظام في طهران، كان لدى الحكومة الإيرانية أسباب وجيهة للتساؤل عن أنواع الحملات السرية التي يمكن لـ«بومبيو» اتباعها، وكان يُنظر إليه على أنه شخص مستعد للمساعدة في تمهيد الطريق لنزاع عسكري بين الولايات المتحدة وإيران.

وجدير بالذكر أن قرار «بومبيو» بالإفراج عن وثائق «القاعدة» المأسورة من الغارة على مجمع «أسامة بن لادن» في «أبوت آباد» من أجل إظهار علاقة عمل مزعومة بين القاعدة وإيران، قد أثارت قلقا داخل النظام، ووصفها الإيرانيون بأنها تلاعب متعمد بالمخابرات، بينما أشاد مؤيدو «بومبيو» في واشنطن بذلك على أنه مفيد في مواجهة طهران.

وفي دوره الجديد، سيكون لدى «بومبيو» مجالا أقل بكثير للمناورة ضد إيران، وفي حين أنه سيكون أكثر توافقا مع الموقف المتشدد للسفيرة «نيكي هالي»، فإن على «بومبيو» مواجهة التحدي الأساسي المتمثل في إقناع الروس والصينيين والأوروبيين بمواجهة إيران، ولن تكون هذه مهمة سهلة بالنظر إلى التحفظات الدولية حول أجندة إدارة «ترامب».

موقف أكثر تشددا تجاه سوريا

ومن المرجح أن يؤدي تعيين «مايك بومبيو» وزيرا للخارجية إلى تشجيع أولئك دالذين يسعون إلى موقف أكثر حزما في إطار الأزمة السورية داخل الإدارة.

ولم يخف «بومبيو» من معاداته لإيران وأجنحتها الإقليمية التوسعية في الشرق الأوسط، فضلا عن مخاوفه من محاولات روسيا العدوانية لتقويض التفوق والنفوذ الأمريكيين، ودعمه أمن (إسرائيل)، وقد أعلن مرارا وتكرارا أهمية تعزيز «قوة الشريك السني» في سوريا لمكافحة الإرهاب وتحدي نظام «الأسد» وإيران.

وتتماشى هذه الآراء بشكل أوثق مع تلك التي تتبناها إدارة «ترامب» والبيت الأبيض ومجلس الأمن القومي.

كما تتعارض بشدة مع الآراء الأكثر تحفظا داخل وزارة الخارجية ووزارة الدفاع، والتي تفضل وجودا محدودا ومجموعة من الأهداف.

كما تم الكشف عن تباعد السياسة الإدارية فيما يتعلق بالتصميم القوي الجديد داخل مجلس الأمن القومي لـ«ترامب» للتصالح مع تركيا، على الأرجح على حساب علاقة الولايات المتحدة مع شركائها من القوات الديمقراطية السورية الكردية، من أجل توسيع الاستراتيجية الأمريكية، وهذا أيضا مدفوع برغبة أوسع في منع المزيد من مكاسب «الأسد» وإيران وروسيا.

وإذا كان تعيين «بومبيو» متبوعا برحيل الجنرال «ماكماستر»، وهو ما رددته الشائعات، فيجب على المرء أن يتوقع أن يصبح هذا الموقف الأكثر تشددا بعيدا عن السياسة الراسخة.

وربما يصبح مصير وزير الدفاع «جيمس ماتيس»، الذي أطاح مؤخرا بمقترحات «ترامب» بإجراءات أكثر عدائية في سوريا، موضع شك أيضا.

  كلمات مفتاحية

إقالة تيلرسون مايك بومبيو ماكماستر جيمس ماتيس ترامب