البرلمان الألماني ينتخب «ميركل» مستشارة للبلاد لولاية رابعة

الأربعاء 14 مارس 2018 10:03 ص

انتخب مجلس النواب الألماني، الأربعاء، مجددا المستشارة الألمانية «أنغيلا ميركل» لولاية رابعة على رأس أكبر اقتصاد في أوروبا تبدأها من موقع صعب بعد المأزق الذي استمر ستة أشهر بعد الانتخابات لتأمين غالبية.

وصوت 364 نائبا لصالح انتخاب «ميركل» من أصل 688 أي أكثر بتسعة أصوات من الغالبية المطلوبة لكن أقل بـ35 من غالبيتها النظرية، والتي تبلغ 399 نائبا من المحافظين والاشتراكيين الديموقراطيين.

وامتنع تسعة نواب عن التصويت لـ«ميركل» التي سيكلفها الرئيس الألماني «فرانك فالتر شتاينماير» لاحقا بتشكيل الحكومة رسميا، قبل أن تؤدي اليمين.

وقالت «ميركل» التي ارتدت سترة بيضاء: «أقبل التصويت»، وحيت النواب في المجلس الذين صفقوا لها بحرارة بحضور زوجها «يواكيم ساور» ووالدتها «هيرلند كاسنر» (89 عاما).

وتنهي هذه المراسم عملية سعي طويلة لتشكيل أغلبية.

وكانت تلك أسوأ أزمة تشهدها «ميركل» في مسيرتها السياسية المستمرة منذ 12 عاما.

في نهاية المطاف أفضت المفاوضات إلى عودة التحالف المنتهية ولايته والمكروه بين المحافظين (الاتحاد الديموقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي) والاشتراكيين الديموقراطيين إلى السلطة.

ولم يسبق أن احتاجت المانيا إلى هذا الوقت الطويل لتشكيل حكومة.

وستقود «ميركل» أيضا بلدا هزه الانتعاش التاريخي لليمين القومي، ممثلا بحزب البديل من أجل المانيا، الذي أصبح بعد الانتخابات التشريعية الأخيرة أول حزب معارض في البلاد يمثله 92 نائبا.

ونجح هذا الحزب في الاستفادة من الذين خاب أملهم من المواقف الوسطية لـ«ميركل» والذين شعروا بالاستياء من القرار الذي اتخذته في 2015 باستقبال مئات الآلاف من طالبي اللجوء في المانيا.

ويأتي انتخاب ميركل مستشارة للبلاد بعد 107 يوما من إجراء الانتخابات التشريعية في 24 سبتمبر/أيلول الماضي، وهي الفترة التي شهدت فشلا لمفاوضات تشكيل ائتلاف حاكم، أجراها الاتحاد المسيحي مع حزبي الديمقراطي الحر (يمين وسط)، وحزب الخضر (يسار)، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

فشل تلك المفاوضات، أدخل البلاد في أزمة سياسية استدعت تدخل رئيس البلاد «فرانك فالتر شتاينماير»، وإقناعه الحزب الاشتراكي الديمقراطي لدخول مفاوضات مع الاتحاد المسيحي لتشكيل ائتلاف حاكم للبلاد، وهي المفاوضات التي تكللت بالنجاح بتوصل الطرفين لاتفاق لتشكيل الائتلاف في 7 فبراير/شباط الماضي.

وفي الـ4 من مارس/آذار الجاري، صوت أعضاء الحزب الاشتراكي الديمقراطي بنسبة 66% بالموافقة على اتفاق الائتلاف؛ والذي كان آخر عقبة أمام تشكيل الحكومة الجديدة.

وفي الـ5 من الشهر ذاته، اقترح «شتاينماير» على البرلمان انتخاب «ميركل» مستشارة للبلاد، في خطاب رسمي، وفق الدستور، وهو ما حدث اليوم.

وضوح في أوروبا

ويرى مراقبون أن هذه ستكون الولاية الأخيرة لـ«ميركل» (63 عاما). ويذهب بعض هؤلاء المراقبين إلى التكهن بانتهاء ولايتها قبل الآوان، بعد المعارضة التي واجهتها داخل حزبها المحافظ.

أما الحزب الاشتراكي الديموقراطي فقد قرر إجراء مراجعة مرحلية لأداء التحالف خلال 18 شهرا.

وقال أحد المقربين من «ميركل»، طالبا عدم كشف هويته: «من الممكن جدا الا يصمد هذا التحالف أربع سنوات».

من جهة أخرى، اعترف وزير المال المعين «أولاف شولتس»، الذي يعد من أهم شخصيات الحزب الاشتراكي الديموقراطي، بأن هذه الحكومة لم تكن ثمرة «زواج عاطفي»، لكنه وعد بأن الحلفاء هم في «موقع العمل معا والحكم بشكل مناسب».

وتأمل أوروبا على كل حال أن تبدأ أكبر قوة اقتصادية فيها العمل بسرعة.

ويفترض أن تقوم «ميركل» في الواقع بطمأنة شركائها بشأن قدرتها على التحرك، وسط واقع غير جيد، أبرز ملامحه انطواء بعض الدول الأعضاء على نفسها، والشعبية المتزايدة للأحزاب المناهضة للنظام القائم، في الاتحاد الاوروبي.

ويحتل إصلاح الاتحاد الأوروبي أولوية في برنامج عمل الحكومة الألمانية.

ووعدت «ميركل» التي يقف في وجهها وزير الخارجية الاشتراكي الديموقراطي «هايكو ماس»، بالإسراع في أن تعيد لألمانيا «صوتها القوي» في أوروبا.

وستزور، في الأيام المقبلة، باريس لإجراء محادثات مع الرئيس الفرنسي «إيمانويل ماكرون» بشأن اقتراحاته لإصلاح الاتحاد الأوروبي، وخصوصا إقرار ميزانية لمنطقة اليورو، الأمر الذي تنظر إليه برلين بفتور.

تحديات القرن 21

والإثنين الماضي، قالت «ميركل»، قبل انعقاد المجلس الأوروبي في 22 و23 مارس/آذار: «بالتأكيد لن نتمكن من التحدث بتفاصيل كل جوانب منطقة اليورو للسنوات العشرين المقبلة، لكن يمكننا اضفاء بعض الوضوح على ما نعتبره المرحلة المقبلة».

وفي ألمانيا، انقلب الاستقرار المطمئن الذي جسدته لفترة طويلة ابنة القس، التي أصبحت مستشارة، ضدها.

ويرى البعض انها عرضت البلاد للخطر بفتحها أمام اللاجئين المسلمين، بينما يعتبر آخرون انها تجسد الجمود في عالم متغير.

وفي مواجهة صعود حزب البديل من أجل المانيا، اضطرت «ميركل» لإعطاء ضمانات للجناح الأكثر يمينية في حزبها، واعدة بتحديد سقف لعدد المهاجرين الواصلين ومنح مكانة أكبر في الحكومة لمعارضها الرئيس في الاتحاد الديموقراطي المسيحي «ينس شبان».

  كلمات مفتاحية

ميركل ألمانيا

«أنغيلا ميركل»: على أوروبا ألا تدفع تركيا بعيداً عنها