«معهد الشرق الأوسط»: صفقة الغاز بين مصر و(إسرائيل).. سياسة أم تجارة؟

الأربعاء 14 مارس 2018 10:03 ص

في 19 فبراير/شباط، وقع اتحاد من شركات النفط بقيادة شركة «نوبل للنفط» وشركة «ديليك» الإسرائيلية، عقدا لتوريد الغاز الطبيعي لشركة الطاقة المصرية «دولفينوس» بما يصل إلى 32 مليار متر مكعب من الغاز الإسرائيلي على مدى 10 أعوام.

وقد أثارت الصفقة ضجة بين الناس في الشرق الأوسط وخارجه، وتساءل الجمهور المصري عن سبب قيام مصر، ثاني أكبر منتج للغاز الطبيعي في أفريقيا، باستيراد الغاز. والأكثر إثارة للدهشة، هو أن الصفقة جاءت على خلفية تدشين حقل غاز «ظهر» الضخم في مصر. وفي حين أشاد قادة البلدين بالصفقة، فقد تسببت في غضب شعبي في مصر.

وجهة نظر المشتري

وأعلنت مصر مرارا عن نيتها في أن تصبح مركزا للغاز الطبيعي لأوروبا. وتقع البلاد قبالة الشواطئ الجنوبية للقارة، والتي تعد واحدة من أكبر أسواق الطاقة في العالم. وكان إنتاج الطاقة المحلي في أوروبا في انخفاض مستمر. وتستورد أوروبا بالفعل الكثير من الطاقة، مع زيادة الاعتماد على الواردات القادمة. وتعد منطقة شمال أفريقيا واحدة من الخيارات القابلة للتطبيق لتلبية طلب أوروبا على الغاز. وعلى الرغم من خطوط الأنابيب والبنية التحتية للغاز الطبيعي السائل التي تربط مصدري الغاز في شمال أفريقيا بالمشترين الأوروبيين، فقد تمكنت «غازبروم» الروسية من التفوق على مصدري الغاز في شمال أفريقيا في عام 2017، من خلال توفير أكبر حصة من الواردات في الأسواق المهمة مثل إيطاليا.

وتعتبر رغبة مصر في أن تصبح مركزا للغاز الطبيعي لأوروبا منطقية، فهي لا تملك فقط احتياطيات غاز كبيرة خاصة بها، ولكنها تقع على جانبي طريق رئيسي لعبور شحنات النفط والغاز من الخليج العربي إلى أوروبا. وتعزز اكتشافات الغاز الطبيعي في شرق البحر المتوسط​، إلى جانب التشريعات التي تحرر سوق الطاقة في مصر، طموحاتها في قطاع الغاز. ويسمح أحد القوانين الجديدة للشركات الأجنبية باستخدام مرافق الاستيراد والتوزيع المصرية في تجارة الغاز الطبيعي. ومع زيادة الإنتاج من الحقول المحلية، ووجود محطتين لتسييل الغاز الطبيعي في «إدكو» و«دمياط»، سوف تتمكن مصر من استيراد الغاز من (إسرائيل) وقبرص، ومن ثم تعيد تصديره إلى أوروبا وآسيا.

ومع زيادة الإنتاج المحلي ونشر الطاقة المتجددة والطاقة النووية لتوليد الكهرباء، يمكن لمصر تطوير فائض غاز هذا العام. وستساعد الصفقة مع (إسرائيل) على تحقيق هدفها بأن تصبح مركزا للغاز. وعلى المدى القصير، سيساعدها ذلك على تلبية احتياجاتها من الغاز قبل بدء إنتاج حقل «ظهر» في عام 2019.

وجهة نظر البائع

وتكافح «نوبل» و«ديليك» للعثور على مشترين لغازهما، في أعقاب إجراءات مكافحة الاحتكار التي فرضتها الحكومة الإسرائيلية ضدهما. وحتى الآن، تمكنوا من العثور على مشترين لجزء فقط من الطاقة الإنتاجية في مجالين، وهما شركات الطاقة الإسرائيلية من جهة، وشركة الطاقة الأردنية، وشركة الطاقة الفلسطينية من جهة أخرى. وكان اتحاد الشركات يخطط لبدء الإنتاج في المرحلة الأولى من حقل «لفياثان» في عام 2019. لكنه تعاقد لبيع نصف سعة المرحلة الأولى بمقدار 5.7 مليارات متر مكعب قبل عقد الصفقة المصرية. وكان من الضروري أن يتعاقد على الحجم المتبقي قبل البدء في تطوير المرحلة الثانية.

ويعتبر الغاز الطبيعي سلعة اقتصادية وجيوسياسية. وهناك نزاعات بحرية مستمرة حول المياه الإقليمية الغنية بالغاز الطبيعي بين قبرص وتركيا، وكذلك بين لبنان و(إسرائيل). وعلى الرغم من توقيع اتفاق الغاز بين مصر و(إسرائيل) بين الشركات وليس الحكومات، فمن الصعب عدم خلط المصالح التجارية والسياسية في مشاريع البنية التحتية عبر الحدود. وهذا صحيح بشكل خاص في منطقة مضطربة مثل الشرق الأوسط.

ولقد جلبت اكتشافات الطاقة الحديثة في حوض شرق البحر الأبيض المتوسط ​​بالتأكيد أبعادا جديدة على الساحة الجيوسياسية، ولكن في حالة صفقة الغاز المصرية الإسرائيلية، فهناك المزيد من الإشارات على أنها كانت مدفوعة بتقارب المصالح التجارية بين البائع والمشتري بغض النظر عن العوامل الجيوسياسية.

  كلمات مفتاحية

حقل ظهر صفقة الغاز المصرية الإسرائيلية دولفينوس نوبل إنرجي