مطالبات حقوقية بملاحقة مديرة وكالة الاستخبارات الأمريكية الجديدة

الأربعاء 14 مارس 2018 04:03 ص

عادت إلى الأضواء من جديد، مطالبات حقوقية، بملاحقة «جينا هاسبل»، بعد تعيينها أول مديرة لوكالة الاستخبارات المركزية «سي آي إيه»، من قبل الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب»، وذلك على خلفية إدارتها سجنا سريا في تايلاند، وتعذيب معتقلين.

ودعا المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان (ECCHR)، ومقره برلين، المدعين الفيدراليين الألمان، إلى إصدار مذكرة توقيف بحق «جينا»، وذلك منذ تعيينها في منصب نائب مدير وكالة الاستخبارات المركزية «سي آي إيه»، في 2 فبراير/شباط 2017.

وتولت «جينا» منصب نائب مدير «سي آي إيه»، لكن «ترامب» عينها الثلاثاء، مديرة جديدة للوكالة، لتكون أول امرأة تتقلد المنصب، وذلك خلفا للمدير «مايك بومبيو»، الذي تم تعيينه وزيرا للخارجية، بدلا من «ريكس تيلرسون».

وقال «ترامب» على «تويتر»، «مايك بومبيو مدير المخابرات المركزية سيصبح وزير خارجيتنا الجديد. سيقوم بعمل رائع! شكراً لريكس تيلرسون على خدماته! جينا هاسبل ستصبح المديرة الجديدة للمخابرات المركزية وأول امرأة يقع الاختيار عليها لهذا المنصب. تهانيّ للجميع».

وضغط المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان، في البداية، من أجل إصدار اتهامات ضد عملاء غير معروفين في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، في ديسمبر/كانون الأول 2014، بعد أن نشرت لجنة معينة في مجلس الشيوخ الأمريكي، تقريرها حول برنامج الاعتقال والاستجواب لدى «سي آي إيه».

وعلى الرغم من أنها كانت عميلة سرية في ذلك الوقت، إلا أن تعيين «جينا» في منصب نائب مدير «سي آي إيه»، مكن من تحديد هويتها.

وقدم المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان، في يونيو/حزيران 2017، رسالة إلى المدعين العامين، نشرت على موقع المجموعة على الإنترنت، وجاء فيها «يمكن الآن نسب بعض الأحداث المعروفة بالفعل لها (جينا)».

وأكدت متحدثة باسم المدعي العام الاتحادي، لقناة «دويتش فيلله» الألمانية، أنها تلقت الرسالة، وقالت إنه سيتم تقييمها بعناية.

وقال الأمين العام للمركز الأوروبي لحقوق الإنسان «ولفغانغ كاليك»، إنه «يجب علينا دائما أن نحاول إيجاد زاوية أو حافز جديد للسلطات القضائية».

وأضاف أن «المثير للاهتمام حول هاسبل، هو المقارنة بين المعروف حاليا عن حياتها المهنية، وذكر أنشطتها في تقرير التعذيب».

وأدارت «جينا»، سجنا سريا في تايلاند، عُرف باسم «عين القطة»، عام 2002، إبان إدارة الرئيس «جورج دبليو بوش»، حيث تم تعذيب معتقلين متهمين بـ«الإرهاب» عبر الإيهام بالإغراق، وأشرفت على عملية إتلاف أشرطة فيديو توثق عمليات التعذيب هذه.

وقالت صحيفة «التليغراف» البريطانية، الثلاثاء، إن «جينا» تولت إدارة «مقر أسود»، حيث جرى تعذيب مشتبه بانتمائهم لتنظيم «القاعدة».

وكان السجن السرّي الذي أدارته في تايلاند، الأول من نوعه كمركز اعتقال خارجي، وأشرفت بنفسها على تحقيقات، تضمّن أحدها إيهام «أبو زبيدة» بالغرق لـ83 مرة.

أما التسجيلات المصورة للتحقيقات، فقد دمرت في عام 2005، بموجب قرار حمل توقيعها.

موقف محرج

وما يجعل قضية «جينا» أكثر إثارة للاهتمام، بالنسبة للمركز الحقوقي، هو أنّها بحكم منصبها، من المتوقع أن تسافر إلى أوروبا، الأمر الذي قد يجعلها في موقف حرج إذا كانت هناك مذكرة توقيف أوروبية بحقها.

وقال «كاليك» إن «قد تخضع لإجراءات المقاضاة، ونريد من المدعين العامين أن يكونوا مستعدين».

ويقول المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان، إن «جينا» كانت على علم مباشر بمعاملة السجين «أبو زبيدة».

وأكدت برقية مؤرخة في 15 يوليو/تموز من عام 2002، أنها بصفتها رئيسة السجن، فإن «جينا» فقط، كانت لديها سلطة مقاطعة أو وقف استجواب «أبو زبيدة».

وأمضى «أبو زبيدة»، وهو مواطن سعودي، يقال إنّه كان أحد كبار مساعدي زعيم تنظيم القاعدة «أسامة بن لادن»، أربع سنوات ونصف السنة في شبكة السجون السرية التابعة لوكالة الاستخبارات المركزية، بما في ذلك معتقل في بولندا، ولا يزال حاليا واحدا من آخر السجناء المحتجزين من دون تهمة في معتقل غوانتانامو.

ورفع المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان، اتهامات إلى مدعين عامين في عدة بلدان أوروبية، من قبل، عندما تمكّن من تحديد عملاء وكالة الاستخبارات المركزية بالاسم، ونجح، في بعض الأحيان، في إصدار أمر اعتقال ضدهم.

ونتيجة لذلك، حذرت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، سابقا العملاء الذين تمت تسميتهم، من السفر إلى أوروبا، حيث يمكن أن يواجهوا الاعتقال.

وفي هذا الإطار، قال «كاليك» إنه «كانت هناك اعتقالات من قبل (...)، لكن، بالطبع، ما نريده ليس فقط أولئك الذين تمت تسميتهم في مذكرات الاعتقال، لكن نريد رؤساءهم، مديري وكالة الاستخبارات المركزية السابقين وغيرهم من الأشخاص الأكثر نفوذا».

«ترامب» يضغط

وأثار تعيين «جينا» نائبة لمدير وكالة الاستخبارات المركزية، في فبراير/شباط 2017، ضجة في وسائل الإعلام وفي أوساط جماعات حقوق الإنسان، حيث أشارت صحيفة «نيويورك تايمز» إلى أن التعيين أظهر أنه في ظل حكم الرئيس «دونالد ترامب»، باتت «سي آي إيه»، تحت قيادة أشخاص لديهم وجهة نظر أكثر تقبلا لتقنيات «الاستجواب المعزز» التي تم اعتمادها في أعقاب هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 في الولايات المتحدة.

وقال «كاليك» إنه «من الواضح، إذا كان لديك أشخاص مثل جينا هاسبل في الوكالة (سي آي إيه)، فإنّ ذلك يعد علامة سيئة»، مضيفا أن «الولايات المتحدة لم تمتثل لالتزاماتها بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب، إذ كان عليها مقاضاة أشخاص مثل جينا هاسبل، وحتى (وزير الدفاع السابق) دونالد رامسفيلد، والمحامين من البيت الأبيض، والآخرين الذين كانوا جزءاً من هذا التعذيب المنهجي».

بعد أن تولى الرئيس «باراك أوباما» منصبه في عام 2009، أجرى تغييرا في وكالة الاستخبارات المركزية، على الرغم من أن إدارته أغلقت أيضا تحقيقات في وفاة سجينين تحتجزهما الولايات المتحدة، ولم يتم توجيه اتهامات جنائية ضد أي من عملاء «سي آي إيه» بسبب سوء معاملة السجناء.

وفي هذا الخصوص، قال «كاليك»، «لم يقم أوباما بالمقاضاة، لكنّه حاول على الأقل تحديد مسافة معينة بين التعذيب سيئ السمعة من قبل عام 2008 وبعده».

وتابع «يبدو أنّ إدارة ترامب تضغط مرة أخرى، لإعادة هذه الأنواع من الأساليب، وذلك الاعتقاد بأن التعذيب قد يسفر عن شيء مفيد... على الرغم من أنّنا شهدنا في السنوات الـ15 الماضية أن التعذيب كان مدمراً فقط على عدة مستويات».

يذكر أن «ترامب» كان قد وعد، منذ أن كان مرشحا رئاسيا، في مناظرة للحزب الجمهوري، بأنه سيعيد أسلوب استجواب الموقوفين «الإيهام بالإغراق».

وقال «ترامب»، خلال نقاش في فبراير/شباط 2016، «سوف أعود بجحيم أسوأ بكثير من الإيهام بالإغراق».

و«جينا» ضابطة في الاستخبارات المركزية، ومن المدافعات عن التنسيق والتكامل بين أجهزة الاستخبارات الأمريكية.

ومن المعجبين بها مديرها السابق «مايك بومبيو»؛ حيث وصفها قائلا: «جينا في غاية الذكاء، ووطنية مخلصة، ولها خبرة تمتد على مدى 30 عاما في الاستخبارات المركزية، وأثبتت أنها قائدة وقادرة على الإنجاز، ومصدر إلهام للمحيطين بها».

وانضمت «جينا» إلى الاستخبارات عام 1985، وأمضت معظم حياتها المهنية بعيدة عن الأضواء؛ مما جعل من الصعب الحصول على صورة لها حتى عندما تولت منصب نائبة مدير الوكالة العام الماضي.

ووفقا لموقع «إنترناشونال بيزنس تايمز» الأمريكي، يتهمها البعض بالمسؤولية عن إدارة برنامج الاستجواب «المكثف» للمتهمين بالإرهاب؛ وهو ما يرقى إلى درجة التعذيب؛ حسب تقرير لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأمريكي.

وفي عام 2002، كانت مسؤولة عن سجن سري لـ«سي آي أيه» في تايلاند، والملقب باسم «عين القطة»؛ حيث كان تجرى فيه عمليات الإيهام بالغرق لمن يشتبه بصلتهم بالإرهاب، وغيرها من أساليب الاستجواب التي تتعارض مع حقوق الإنسان.

وورد اسمها في البرقية التي أصدرتها الوكالة، وطلبت فيها إتلاف التسجيلات المصورة لعمليات الاستجواب التي جرت في سجن «عين القطة».

وحسب صحيفة «واشنطن بوست»، «تورطت جينا في أسوأ انتهاكات السي آي إيه في زمن إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن»، والتي جرت في سجن «عين القطة»، وطال ذلك اثنين من المعتلقين، هما «أبو زبيدة» و«عبدالرحيم الناصري».

وحازت «جينا» على جائزة التميز فى مكافحة الإرهاب من قبل الرئيس «جورج دبليو بوش»، وجائزة «دونوفان»، وهي عبارة عن ميدالية الاستحقاق فى الاستخبارات، وجائزة الرتبة الرئاسية.

وأعرب ثلاثة من قادة وكالة الاستخبارات السابقين ومسؤولون كبار بينهم مدير الاستخبارات السابق «جيمس كلابر» عن دعمهم لها.

وبالتزامن مع تسمية «جينا هاسبل»، تصاعدت تخوفات من عودة أجهزة الاستخبارات الأمريكية في عهد «ترامب» إلى الأساليب القاسية والمخالفة أحيانا للقانون من الاعتقالات السرية والتعذيب.

وكان «ترامب» كرر في أكثر من مناسبة أنه يؤيد استخدام التعذيب في التحقيقات، رغم إشارته إلى أنه سيلجأ إلى وزير دفاعه المعارض للتعذيب «جيمس ماتيس» للمشورة في ما يخص أي دفع جديد لإعادة استخدامه.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

سي آي آيه جينا هاسبل ترامب أمريكا الإيهام بالغرق منظمات حقوقية وسائل التعذيب