قبل «رئاسيات مصر».. السلطات تحارب «العزوف المحتمل» بـ5 طرق

الخميس 15 مارس 2018 09:03 ص

على قدر هزالة الحدث سياسيا وشعبيا حتى الآن، إلا أن المصريين سيكونون على موعد مع انتخابات رئاسية مثيرة للجدل، بعد أيام قليلة من الآن، حيث يتنافس فيها الرئيس الحالي «عبدالفتاح السيسي» مع مرشح مغمور لم يكن أحد يعرفه تقريبا على مدار السنوات العشر السابقة، علاوة على تأييده نفسه لـ«السيسي».

ورغم أن النتيجة تبدو محسومة لصالح الرئيس المصري الحالي، لا سيما بعد نجاحه في الإطاحة بأربعة شخصيات كانت ستمثل ثقلا كبيرا أمامه، إلا أن السلطات المصرية تستخدم عدة وسائل لمحاولة حشد الجماهير نحو صناديق الاقتراع، أبرزها:

1- استخدام الدين:

مع اقتراب موعد إجراء الرئاسيات، تنقل وسائل إعلام محلية عن شيوخ أزهريين قولهم إن «المشاركة واجبة شرعا»، وإن الدعوة إلى المقاطعة «آثمة»، وهو الأمر الذي يعد استخداما واضحا للدين.

علاوة على ذلك ينتظر أن تتحرك الكتلة السلفية، عبر ذراعها السياسي (حزب النور) إلى دعم «السيسي»، طوعا في حال تمسكهم بالقاعدة التي يعتبرونها شرعية بعدم جواز الخروج على «الحاكم المتغلب» درءا للفتنة، أو كرها لعدم إغضاب السلطات وتجنب مصير بقية أطياف التيار الإسلامي، والتي تعرضت لحملة قمع شديدة ومكثفة، لا تزال تتصاعد حتى الآن.

2- تغريم المقاطعين:

عادة ما تلجأ السلطات المصرية إلى الإعلان عن تطبيق غرامة مالية قدرها 500 جنيه (حوالي 28 دولاراً أمريكياً) بحق كل من يقاطع الانتخابات، غير أنها لم تطبق هذا الإجراء في أي من الانتخابات السابقة.

وإزاء الوضع الاقتصادي والمعيشي الصعب لأغلب المصريين، لا سيما الطبقات الفقيرة، فإن جهدا يتم بذله حاليا في أرجاء البلاد، خاصة المناطق الشعبية، لتفزيع من كانوا يعتزمون عدم الذهاب إلى صناديق الاقتراع، بالغرامة المالية التي تقصم الظهر، والتي سيتم فرضها على المقاطع عند إنهاء أية معاملة حكومية.

3- التفزيع والتخوين:

تنتشر في الخطاب الإعلامي الرسمي رسائل يعتبرها معارضون «فزاعات» تستهدف ترهيب المواطنين من خطط تسعى إلى استهداف أمن واستقرار البلاد، وتلجأ عادة إلى استخدام لغة «التخوين» حيال معارضي النظام.

وقد يجد المواطن المصري البسيط نفسه سببا في إمكانية انهيار بلده ولحاقها بركب البلدان المدمرة، على غرار سوريا والعراق، كما يروج في الإعلام الرسمي، إذا لم يذهب إلى الصندوق لاختيار «السيسي» الذي يبني البلاد ويمنع المؤامرات المحاكة ضدها من العباد.

وفي رأي المحامي الحقوقي، «سعيد عبدالحافظ»، والذي يرى أن مزاج الناخب المصري «متقلب وشديد الحساسية حيال الأزمات والتحديات».

ودلل على صحة رأيه بـ«إقبال نحو 25 مليون ناخب (حوالي 47%) على صناديق الاقتراع في رئاسيات 2014، رغم أنها كانت محسومة لصالح السيسي على غرار الرئاسيات المقبلة».

وتوقع أن تشهد الانتخابات الرئاسية «إقبالاً كثيفاً»، على خلفية اضطرابات أمنية تشهدها البلاد، إضافة إلى خلق تحديات جديدة بسبب الأوضاع الاقتصادية المتردية.

وأضاف أن «شعور قطاع واسع من الشعب المصري بالخطر من تفشي الإرهاب، وما يترتب عليه من عدم استقرار، قد يساهم في حشد كتل غير تقليدية نحو صناديق الاقتراع».

4- اللافتات والدعاية:

لجأت السلطات إلى إغراق الشوارع والميادين والمباني العامة والخاصة بلافتات تأييد «السيسي»، والتي حفلت جميعها بعبارات تخاطب عواطف الجماهير، وتثير مخاوفهم، من عينة أن «السيسي يبني البلد ويحميها»، و«يحفظ الاستقرار»، و«يحارب الإرهاب والخونة»، وبالطبع لا يوجد هنا أي سؤال أو حتى إجابة عن برنامج انتخابي أو حديث عن خطة الرئيس للإصلاح والبناء، حال فوزه بولاية جديدة.

كثافة اللافتات، وقصرها بنسبة 99% على «السيسي» دفع مصريين إلى السخرية من الأمر، لا سيما عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تخضع إلى رقابة مشددة من السلطات، لذلك فإن تلك الحملات لا تتطور أو تتحول إلى رأي عام، خاصة مع انتشار «الكتائب الإلكترونية» التابعة للسلطة، والتي تغرق مواقع التواصل بصور وعبارات التأييد للرئيس الحالي، والتخويف من الفوضى، في حالة رحيله، وتخوين كل من يعارضه، واتهامه بالانتماء إلى «الجماعات الإرهابية» وأجهزة المخابرات المعادية.

5- حشد العمال والموظفين:

الأنباء الواردة من الشركات العامة والمصانع المملوكة للدولة، وحتى تلك المملوكة للقطاع الخاص، تشير إلى أن تعليمات تلقاها الجميع بوجوب حشد الموظفين والعمال للذهاب إلى صناديق الاقتراع واختيار «السيسي»، وينتظر المراقبون المشهد المعتاد للحافلات التي تذهب إلى لجان الانتخاب، لتفرغ حمولتها من المغلوب على أمرهم، ليدخلوا إلى مقار اللجان وينتخبون «السيسي»، وإلا التهديد بالغرامات وخصم الرواتب، والفصل من الوظيفة نهائيا، والحبس.

وكانت نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية، عام 2012، وهي الأولى عقب الثورة، والتي جرت على جولتين حوالي 52% من الناخبين، وفاز فيها «محمد مرسي»، قبل أن يتم الانقلاب عليه، في 3 يوليو/ تموز 2013، حين كان «السيسي» وزيراً للدفاع.

فيما انخفضت نسبة المشاركة إلى نحو 47% في الانتخابات الرئاسية التالية، عام 2014، والتي فاز فيها «السيسي» بولايته الرئاسية الأولى من أربع سنوات، بدأها في 8 يونيو/ حزيران من العام نفسه.

وتدعو أحزاب وقوى سياسية إلى مقاطعة انتخابات الشهر المقبل، نظرا لما تقول إنها قيود مفروضة على المناخ العام، بما لا يسمح بإجراء انتخابات حرة ونزيهة، فيما تقول السلطات إنها ملتزمة بتكافؤ الفرص وضمان الحريات وفق القانون والدستور.

ولم يحدد القانون المصري نسبة معينة كحد أدنى لمشاركة المصريين في الانتخابات للاعتراف بنتائجها.

وتأمل المعارضة في نسبة مشاركة ضعيفة بما يمثل، وفق تقديرها، تشكيكًا في شرعية النظام وإحراجًا له، فيما تأمل السلطات في مشاركة كثيفة توفر له مساحة للتحرك داخليًا وخارجيا 

المصدر | الخليج الجديد + الأناضول

  كلمات مفتاحية

رئاسيات مصر انتخابات مقاطعة الانتخابات السيسي حشد الناخبين