الصحافة السودانية تنقلب على السعودية وتطالب بمراجعة العلاقات معها

الجمعة 16 مارس 2018 12:03 م

دعا كتاب سودانيون إلى مراجعة العلاقات مع السعودية، متهمين الرياض بالتقاعس عن دعم الخرطوم في مواجهة الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد، متسائلين عن الاهتمام السعودي بمصر دون النظر إلى بلادهم.

وقارن الكتاب بين موقف السعودية مع السودان، والموقف المقابل من دعم الخرطوم للتحالف العربي في اليمن، والتحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب، وهما تحالفان تقودهما السعودية.

ورغم الرقابة التي تفرضها حكومة الخرطوم على الإعلام، إلا أنها سمحت لهؤلاء الكتاب بنشر مقالاتهم الناقدة للسعودية في كبريات الصحف السودانية، حسب صحيفة «العربي الجديد».

ووجه رئيس تحرير صحيفة «السوداني» واسعة الانتشار «ضياء الدين بلال»، نقدا حادا للرياض لأكثر من سبب؛ أبرزها عدم تقديم دعم للسودان لمواجهة الضائقة الاقتصادية، واستمرار رفض البنوك السعودية السماح للمغتربين السودانيين بتحويل مدخراتهم المالية عبر المصارف رغم  قرار واشنطن رفع العقوبات الاقتصادية عن السودان.

تضييق اقتصادي

وقال «بلال»، في زاويته «العين الثالثة» بالصحيفة، إن «ما يضاعف شعور السودانيين بالإحباط والغضب، أنّ بنوك الدولة الصديقة السعودية، ما تزال ممتنعة عن إنجاز تحويلات السودانيين المقيمين بها، بينما سبقتها في ذلك بنوك أمريكية وأوروبية».

وأضاف: «هذا الموقف يُشعِر السودانيين بأنّ المملكة لا تُسهم في تخفيف الضائقة الاقتصادية عنهم، بل تُسهم في تأزيم وتشديد الخناق عليهم، ونربأ بأرض الحرمين الشريفين فعل ذلك».

وأكد «بلال» أن السودان لا يُطالب بمقابلٍ مالي على ما فعل، وما هو مستمر في فعله باليمن، «لكنه يستحق أن يُعامل بتقدير واحترامٍ»، مشيراً إلى أن «الاستياء الشعبي الواسع، الذي عبَّر عنه صراحة بعض الكُتَّاب، لا يتعلَّق بالجوانب المالية، لكنه مُرتبط بالتقدير المعنوي».

تقدير معنوي

و«التقدير المعنوي»، عند رئيس تحرير «السوداني»، هو فقط تسجيل زيارات لهذه الدولة، التي تجمعها بالمملكة صلات عميقة، مشيراً إلى أن وزير الخارجية السعودي «عادل الجبير»، طاف على أغلب الدول الأفريقية، ولم تحط طائرته في مطار الخرطوم حتى للتزود بالوقود.

وقارن «بلال» الموقف السعودي من السودان بموقف قطر، على الرغم من عدم مساندة السودان للأخيرة في مواجهة الحصار المفروض عليها، ولو في حدود إبداء التعاطف.

وبين أن عدداً من كبار المسؤولين القطريين سجلوا زياراتٍ متعددة للسودان، قبل الحصار وبعده، آخرهم وزير الخارجية القطري الشيخ «محمد عبدالرحمن»، الذي مكث يومين في الخرطوم، الأسبوع الماضي.

لماذا مصر؟

بينما تساءل رئيس تحرير صحيفة «مصادر» السودانية «عبدالماجد عبدالحميد»، عن «التعهدات السعودية بتقديم كل عون طلبته مصر التي تلقت منذ العام 2011 دعماً مادياً تجاوز الـ21 مليار دولار، هذا بخلاف مبالغ أخرى ضلت طريقها للحسابات والمؤسسات المالية الرسمية في مصر».

وأشار إلى «عدم توقف الدول الخليجية وفي مقدمتها السعودية، عن مساندة ودعم عهد السيسي في مصر».

ولفت «عبدالحميد» إلى زيارة ولي العهد السعودي «محمد بن سلمان» إلى القاهرة، قائلاً إنها «ليست الزيارة الأولى لمسؤول سعودي رفيع إلى مصر بعد انقلاب عبدالفتاح السيسي، وهذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها توقيع مئات الاتفاقيات القابلة للتنفيذ بلا تأخير».

وزار «بن سلمان»، مصر، الأسبوع الماضي، لمدة 3 أيام، في أول جولة خارجية رسمية له منذ تنصيبه وليا للعهد في يونيو/حزيران 2017.

وأضاف رئيس تحرير صحيفة «مصادر»: «هذه ليست المرة الأولى التي يتساءل فيها الشارع السوداني عامة والمشتغلون بالشأن السياسي والإعلامي خاصة، عن الأسباب والمبررات التي تمنع أي مسؤول سعودي رفيع عن زيارة السودان».

مواقف استراتيجية

وذكر «عبدالحميد» أن العالم تجاوز محطة العلاقات العاطفية بين الشعوب مهما تقاربت وزادت أواصر صلات القربى والدم ورباط العقيدة بين شعوبها، وأن هذا زمان المصالح والمواقف الاستراتيجية بامتياز.

وأضاف: «مثلما أعدنا صياغة طريقة تعاملنا الظرفي والاستراتيجي مع عدة دول من حولنا وبعيداً عنا (..) ومثلما أقدمنا على هذه الخطوة وبشجاعة، نحتاج أن نعيد صياغة أسئلة تعاملنا الظرفي والاستراتيجي مع السعودية».

صد الرياض

من جانبه، عزا الكاتب في صحيفة «اليوم التالي» السودانية، «محمد لطيف»، اهتمام الرياض بالقاهرة على حساب الخرطوم إلى أكثر من سبب، قائلاً إن «الرياض رمت بثقلها منذ اليوم الأول، خلف التغيير الذي شهدته مصر في 30 يونيو/حزيران 2013» (في إشارة إلى انقلاب الجيش على أول رئيس مدني منتخب محمد مرسي).

وأشار إلى أن الرياض أكثر من مجرد مؤيد للانقلاب في مصر؛ «فهي إن لم تكن صانعة فهي داعمة».

أما موقف السعودية من الحكومة السودانية، فقال عنه «لطيف» إن «الرياض ولسنوات طويلة تسد أبوابها وتصم أذنيها عن التعاطي مع الخرطوم».

مقارنة

أحزاب شريكة في الحكومة السودانية أبدت خيبتها، أيضا، من تقاعس الريضا عن دعم الخرطوم في مواجهة الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد. 

وفي هذا الصدد، قارن القيادي في حزب «المؤتمر الشعبي» (الحاكم)، «شير آدم رحمة»، بين موقف السعودية من مصر والسودان.

وقال «رحمة»، الذي يشغل منصب رئيس لجنة الري والزراعة في البرلمان السوداني، إن «المقابل الاقتصادي والسياسي الذي حصل عليه السودان نتيجة تحالفه مع السعودية في اليمن، يتضاءل مع ما نالته مصر التي لم تشارك عسكرياً أصلاً في العمليات في اليمن».

وكان السودان من أول الدول التي دعمت «عاصفة الحزم» التي أعلنها الجيش السعودي في مارس/آذار 2015 في اليمن، ولم يقتصر هذا الدعم على الجانب السياسي، بل سرعان ما بعثت الخرطوم بقوات سودانية تُقدر بآلاف الجنود للمشاركة في العمليات العسكرية.

وخلال ثلاث سنوات، لقي العشرات منهم مصرعهم في القتال، وسط احتجاجات سودانية صامتة وخجولة من كثير من القطاعات.

وأضاف «رحمة» أن «السودان أراد في الفترات السابقة، بعث رسالة قوية للسعودية، من خلال التواصل القوي مع روسيا وتركيا وغيرهما».

بينما قال السفير السابق في وزارة الخارجية السودانية، «الرشيد أبو شامة»، إن المطالبة بمقابل لمشاركة الجيش السوداني في اليمن «هي غير مبررة؛ لأن الجيش ذهب إلى هناك وفق مبادئ وليس من أجل المال»، مشيراً إلى أن الذين طالبوا بذلك يريدون تحويل الجيش إلى مجرد مرتزقة.

وحول رفض البنوك السعودية تحويل مدخرات المغتربين السودانيين، قال «أبو شامة» إن تلك مسؤولية الجهات الفنية في بنك السودان التي عليها التواصل مع الجانب السعودي في هذا الموضوع، وإن رفضت البنوك السعودية عليها رفع الأمر للحكومة التي عليها في المقابل مناقشته مع الحكومة السعودية، وبعد ذلك إذا حدث أي رفض يمكن للخرطوم اتخاذ موقف.

لكن «أبو شامة» أشار إلى ما اعتبره أخطر من كل ذلك، والمتمثل في قيام السعودية، ومن دون مراعاة للسودان، بالاتفاق مع مصر بشأن جزيرتي «تيران وصنافير»، وهو اتفاق اعتُبر مضمونه اعترافاً بتبعية حلايب لمصر.

ولفت إلى أنه «كان على الحكومة السودانية تصعيد الموضوع إلى أبعد مدى، وليس الاكتفاء بخطاب احتجاجي من وزير الخارجية إبراهيم غندور لنظيره السعودي الذي لم يتكرم بالرد على ذلك الخطاب حتى الآن».

وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، قال وزير الخارجية السوداني، «إبراهيم غندور»، إن بلاده لديها اعتقاد جازم بأن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، تمس حدود السودان المائية بما فيها مثلث حلايب، قبل أن يضيف مسؤولون سودانيون إن السعودية تراجعت عن اتفاقية حدودية مبرمة بين البلدين، تؤكد «سودانية مثلث حلايب» المتنازع عليه بين مصر والسودان.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السعودية السودان العلاقات السعودية السودانية مصر حلايب تيران وصنافير

السودان يصدر أكثر من 175 ألف رأس ضأن إلى السعودية