انتقادات حادة لجماعة ضغط أمريكية دافعت عن اعتقالات السعودية

الجمعة 16 مارس 2018 07:03 ص

دافعت شركة علاقات عامة، استأجرتها المملكة العربية السعودية، عن عملها للترويج لحملة مكافحة الفساد في البلاد لدى وسائل الإعلام الأمريكية، بعد أن ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» مزاعم عن تعرض المعتقلين للإيذاء الجسدي والإكراه لتسليم أصولهم.

وقد تم توظيف «أبكو وورلد وايد»، وهي شركة مقرها الولايات المتحدة، من قبل وزارة الثقافة والإعلام السعودية في عام 2017، كجزء من حملة العلاقات العامة الرئيسية التي كشف عنها موقع «ذا بيرو» - المتخصص في الصحافة الاستقصائية - الأسبوع الماضي.

وكانت إحدى مهام الشركة مساعدة الصحفيين على الاطلاع على حملة مكافحة الفساد التي أطلقها ولي العهد «محمد بن سلمان» في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2017، والتي شهدت اعتقال المئات من رجال العائلة المالكة ورجال الأعمال في فندق «ريتز كارلتون» في عاصمة المملكة العربية السعودية، الرياض.

ويعد الفساد مشكلة مستوطنة بين النخبة في المملكة، وجادل أنصار «بن سلمان» بأن الاعتقالات تأتي جزءا من مبادرة إصلاحية جدية وضرورية.

لكن المدافعين عن حقوق الإنسان، والمستثمرين الدوليين، يشعرون بالقلق إزاء عدم وجود إجراءات قانونية شفافة. وكانت الشائعات عن إساءة معاملة المعتقلين متداولة منذ بعض الوقت، ويوم الاثنين، نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» مزاعم من طبيب ومسؤول أمريكي بأن 17 منهم كانوا بحاجة إلى عناية طبية بسبب سوء المعاملة من قبل آسريهم. وقالت الصحيفة إن أحد هؤلاء المحتجزين توفي في وقت لاحق في الحجز.

وعندما طرح موقع «ذا بيرو» عما إذا كانت «أبكو» قد بذلت أي محاولة لإثبات الحقيقة حول الممارسات القسرية وغير القانونية المشاعة في حملة مكافحة الفساد قبل تقديمها للإحاطة الإعلامية، قال متحدث باسم الشركة إنه لم يوجد سبب لذلك.

وقال: «تظهر هذه الادعاءات إلى النور الآن فقط. ولذلك، لم يكن هناك أي قلق بالنسبة لنا، ولم يكن هناك سبب للتدقيق في المعلومات التي حصلنا عليها».

وأضاف المتحدث: «تحترم أبكو التزاماتها الأخلاقية، بما في ذلك الصدق والدقة والامتثال لجميع القوانين التي تنظم أنشطتها».

وقال «كريستيان كوتس أولريخسين»، وهو متخصص في شؤون دول الخليج في معهد بيكر بجامعة رايس، إن المخاوف بشأن حملة مكافحة الفساد سبقت نشر مقالة «نيويورك تايمز» بفترة طويلة.

وقال إن «المزاعم في صحيفة نيويورك تايمز عززت الشائعات المستمرة منذ بدء حملة القمع في نوفمبر/تشرين الثاني، فيما يتعلق بأنماط سوء معاملة بعض المحتجزين بعينهم. ولقد أكدت تصورات الكثيرين بأن إجراءات التقاضي السليمة والشفافية والمساءلة كانت مفقودة في هذه الإجراءات».

وأتى عمل شركة «أبكو» كجزء من حملة العلاقات العامة التي تبلغ قيمتها ملايين الدولارات، والتي أطلقها «محمد بن سلمان»، والذي من المقرر أن يزور الولايات المتحدة يوم الاثنين.

وقال محلل قريب من الدوائر السعودية لـ «ذا بيرو» إن السعوديين شرعوا في المبادرة في منتصف عام 2016، بعد أن أدركوا أنهم يخسرون معركة الرأي العام.

وفي حين تتمتع الرياض بعلاقات جيدة مع الحكومات الغربية، والتي تقدر قيام الدولة الغنية بالنفط بشراء أسلحتها والتعاون الاستراتيجي في الشرق الأوسط، إلا أنها تواجه مشاكل متزايدة حول السمعة وصورتها في المجتمع.

وفي 2015، أطلق «بن سلمان» تدخلا عسكريا في اليمن، مما تسبب في معاناة هائلة للمدنيين، في حين أن المستثمرين الدوليين خافوا من التعسف الذي بدا في حملته لمحاربة الفساد.

وبدأ أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي، الشهر الماضي، في الضغط من أجل التصويت على سحب دعم التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن.

إنفاق هائل

وأنفق السعوديون ملايين الدولارات في محاولة لتعزيز انطباع أكثر إيجابية عن بلدهم. وشبه موظف سابق في إحدى شركات العلاقات العامة البريطانية بتمثيل عميل مثل السعودية كأن تصبح محامي دفاع، قائلا: «عليك أن تعمل على إخراج العميل من المشاكل، وأن تعزز فكرة أن السعودية أصبحت سويسرا جديدة».

وقد أدخل «بن سلمان» إصلاحات اجتماعية واقتصادية ملحوظة، وقد رافقت زيارته إلى المملكة المتحدة الأسبوع الماضي إعلانات في الصحف الوطنية وعلى لوحات إعلانات احتفت به كونه «فتح السعودية على العالم» و «جلب التغيير» إلى المملكة.

ومن المرجح أن تصاحب ولي العهد دفعة من أنشطة العلاقات العامة خلال زيارته إلى واشنطن يوم الإثنين. وفي المرة الأخيرة التي كان حاكم السعودية يستعد فيها للقاء الرئيس «دونالد ترامب»، في مايو/أيار عام 2017، قامت شركات أمريكية تمثل الحكومة السعودية بتعميم «نشرات وقائع» حول الحرب في اليمن، والتي أكدت على أن السعوديين لم يقتلوا المدنيين. (على النقيض من ذلك، وجدت لجنة من خبراء الأمم المتحدة أن التدابير التي اتخذها التحالف بقيادة السعودية في عملية استهدافه لتقليل إصابات الأطفال، إن وجدت، تظل غير فعالة إلى حد كبير).

وقال موظف سابق في إحدى شركات العلاقات العامة التي تعمل لصالح السعوديين: «إنه من العار أن يتعرض المدنيون للضرب، ولكن عليك أن تنظر إلى الصورة الأكبر».

وقد حققت حملات العلاقات العامة بعض النجاح. وبعد أن أصدرت الرياض خطة إنسانية لليمن بمساعدة شركة بريطانية للعلاقات العامة في وقت سابق من هذا العام، هدأت الانتقادات الدولية لدور المملكة في الجوع والأزمة الصحية الكارثية.

وفي غضون ذلك ، أجازت المملكة المتحدة إجازة لأحد كبار الدبلوماسيين إلى إحدى شركات العلاقات العامة التابعة لـ «بن سلمان»، حسبما كشف «ذا بيرو» الأسبوع الماضي.

وكان «جوليون ويلش» نائب مدير منطقة الشرق الأوسط في وزارة الخارجية قد حصل على إجازة خاصة غير مدفوعة الأجر في عام 2014، ليصبح مديرا كبيرا في شركة «كونسولوم». وكانت «كونسولوم» قد تم إنشاؤها من قبل تنفيذيين سابقين في وكالة «بيل بوتينغر»، التي شهدت فضيحة مدوية.

ومنذ عام 2016 على الأقل، شملت قائمة عملاء «كونسولوم» ولي العهد «محمد بن سلمان». وتمثل الشركة مؤسسته الخيرية «مسك»، كما تم الإبلاغ عن أنها تعمل لصالح شركة عسكرية يملكها صندوق الاستثمارات العامة، الذي يشرف عليه «بن سلمان».

وتؤكد حقيقة أن دبلوماسيا بهذا المستوى قد تم السماح له بمثل هذا الدور على العلاقات الوثيقة بين لندن والرياض، حيث لا يتم منح الإذن بالعمل لشركة ما إلا إذا كان «مرتبطا ارتباطا وثيقا بمنطقة اهتمام محددة، وتتماشى مع أولوياتنا الاستراتيجية».

ومن المتوقع أن يزور «بن سلمان» البيت الأبيض يوم الثلاثاء المقبل.

وقال «أولريخسن»: «إن التحدي الذي يواجهه ولي العهد في زيارته للولايات المتحدة، كما هو الحال في زيارته إلى بريطانيا، هو - قبل كل شيء - طمأنة المستثمرين الدوليين بأنه ستكون هناك ضمانات مؤسسية لحماية استثماراتهم في المستقبل، وأن المشهد التجاري في المملكة ليس عرضة للاضطراب المفاجئ مثل ذلك الذي رأيناه في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي».

  كلمات مفتاحية

حملة مكافحة الفساد العلاقات العامة أبكو وورلد وايد بن سلمان لوبيات

اعتقال والدة المعارض السعودي «عبدالله الغامدي» وشقيقيه

كيف أسهمت جماعات الضغط في عودة نفوذ السعودية بالولايات المتحدة؟

عبر 4 شركات.. هكذا كثفت السعودية حملات الضغط داخل أمريكا حول اليمن والسودان