«لوب لوج»: محمد بن سلمان.. مصلح شجاع أم متهور مستبد؟

الجمعة 16 مارس 2018 09:03 ص

سيكون ولي العهد السعودي الأمير «محمد بن سلمان» في واشنطن مطلع الأسبوع لبدء جولة من العلاقات العامة في الولايات المتحدة لمدة أسبوعين، تهدف إلى ترسيخ صورته كمصلح، مع سعيه إلى تحقيق استثمارات في خطته الطموحة لإصلاح الاقتصاد في المملكة العربية السعودية.

ونظرا لسياسته الخارجية العدوانية، وسجله في القمع الداخلي، لابد وأن تكون محاولة «بن سلمان» لصقل صورته أثناء رحلته في الولايات المتحدة صعبة المنال. لكن لديه معجبين بارزين في الصحافة الأمريكية، مثل «ديفيد إغناتيوس» من صحيفة «واشنطن بوست»، و«توماس فريدمان» من صحيفة «نيويورك تايمز»، وهو أحد زعماء العالم المفضلين لدى «دونالد ترامب». وقد تسلط مقابلة هذا الأحد مع «بن سلمان» في برنامج «60 دقيقة» على قناة «CBS» الضوء على انتهاكاته المتعلقة بالحرب في اليمن وتهديداته لحقوق الإنسان، بقدر ادعاءاته بأنه قوة دافعة للإصلاح.

وعلى هذا النحو، فإن زيارة «بن سلمان»، التي من المقرر أن تشمل الاجتماع مع الجميع تقريبا، من «دونالد ترامب» وكبار مسؤولي الأمن إلى المديرين التنفيذيين في وول ستريت، وأباطرة وادي السيليكون، قد تنجح جزئيا على الأقل في تحقيق أهدافه الرئيسية. لكن الأمر متروك لمعارضي سجل حقوق الإنسان الخاص بـ«بن سلمان» وحربه الوحشية في اليمن للتأكد من إيقاف هذا النجاح.

وقد تتزامن زيارة ولي العهد السعودي مع التصويت على مشروع قانون برعاية النواب «بيرني ساندرز»، و«مايك لي»، و«كريس ميرفي»، والذي من شأنه أن ينهي دعم الولايات المتحدة لإجراءات التزود بالوقود للتحالف الذي تقوده السعودية في الحرب في اليمن، إلا إذا وافق الكونغرس على الدور العسكري الأمريكي هناك. وتأتي المبادرة كجزء من المزاج المتنامي للمعارضة في الكونغرس ضد دور الولايات المتحدة في تسليح ودعم الحرب التي تقودها السعودية والإمارات في اليمن.

وتعتبر الطائرات الأمريكية والقنابل والصواريخ من الأمور الأساسية في التدخل السعودي. وقد حققت إدارة «أوباما» رقما قياسيا في مبيعات الأسلحة يبلغ 115 مليار دولار إلى المملكة خلال فترتيها، وكان أحد أهم إجراءات «دونالد ترامب» في السياسة الخارجية هو عكس وقف بيع قنابل موجهة بدقة إلى السعودية، كان قد فرضته إدارة أوباما بسبب مخاوف بشأن مقتل المدنيين في الغارات الجوية السعودية في اليمن. وكما صرح «كولبي غودمان»، مدير مراقبة المساعدات الأمنية، بمناسبة إصدار تقرير جديد عن اتجاهات مبيعات الأسلحة خلال إدارتي أوباما وترامب، قائلا: «يتسبب التوقيع على مبيعات الصواريخ والقنابل إلى السعودية، عندما يتم استخدام هذه الأسلحة لمهاجمة السكان المدنيين في اليمن، في إرسال إشارة مفزعة حول دعم الولايات المتحدة لحقوق الإنسان».

ولقي آلاف المدنيين الذين سقطوا في الصراع حتفهم في غارات جوية سعودية استخدمت الطائرات والقنابل الأمريكية، كما أن الحصار الذي تقوده السعودية والإمارات قد عرض الملايين من اليمنيين لخطر المجاعة. وبالإضافة إلى ذلك، يعاني مئات الآلاف من المدنيين في اليمن من أسوأ تفشي للكوليرا في التاريخ، وقد نتج ذلك - جزئيا - عن تدمير التحالف للبنى التحتية المدنية بلا هوادة. وقد أشار النائب «تيد ليو» إلى أن الإجراءات السعودية في اليمن قد تدخل في إطار «جرائم الحرب».

ولقد كان «بن سلمان» هو القوة الدافعة وراء التدخل السعودي، الذي بدأ في مارس/آذار عام 2015. ولا تعتبر هذه تصرفات رجل «إصلاحي»، إلا إذا كان يعني بالإصلاح وضع معايير جديدة لإساءة استخدام حقوق الإنسان، وقتل المدنيين، وإثارة الفوضى في منطقة تغمرها الصراعات بالفعل.

وليس السجل المحلي لـ«بن سلمان» بأفضل حال. وعلى الرغم من التغييرات الجذرية مثل السماح للنساء بقيادة السيارات، والتخفيف من القيود المفروضة على وسائل الترفيه العامة، إلا أن ذلك لا يبرر حملته السياسية القاسية والاستحواذ المتسارع على السلطة. وكما ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» في وقت سابق من هذا الأسبوع، فإن حملته المسماة بمكافحة الفساد، والتي تضمنت اعتقال رجال أعمال وسياسيين وعسكريين سعوديين بارزين دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة، شملت الإساءة الجسدية للمحتجزين والاستيلاء على ممتلكاتهم. وكان الدافع وراء هذا التحرك غير المسبوق ضد أصحاب القوة في النظام هو رغبة «بن سلمان» في تعزيز سلطته، وليس أي قلق حقيقي تجاه الفساد. ويؤكد هذه النقطة من خلال تراكم ثروته الخاصة، ويعتقد أن تكون في حدود 17 مليار دولار، بما في ذلك قصر ريفي بقيمة 300 مليون دولار، وشراء يخت بسعر مذهل يصل إلى 500 مليون دولار.

وفي غضون ذلك، يدخل منتقدو النظام، الذين قد تنطوي «جرائمهم» على قدر ضئيل من النشرات في المدونات النقدية، السجن، ويبدو أن أي خطوات نحو إضفاء طابع ديمقراطي على المملكة تتراجع بسرعة وإلى مسافة بعيدة.

لذا، فأي صورة لـ«بن سلمان» سوف يراها معظم الأمريكيين خلال زيارة الأسبوع المقبل؟ هل ستكون صورة المصلح الشجاع، أم صورة المستبد المتهور، أو خليط من الاثنين؟ ومهما كانت النتيجة في وسائل الإعلام، فإن أفضل طريقة للاحتفال بزيارته هي أن يقر مجلس الشيوخ مشروع قانون «ساندرز/ لي/ ميرفي»، وينهي دعم الولايات المتحدة لتدخله العسكري غير المعقول في اليمن. ويجب أن يشكل هذا الإجراء بداية مثالية لإعادة تقييم شاملة للعلاقات الأمريكية السعودية ككل. وبعيدا عن كونها قوة من أجل «الاستقرار في المنطقة»، كما يدعي البنتاغون بشكل روتيني عند الترويج لصفقة أسلحة جديدة مع الرياض، فقد أصبح النظام السعودي قوة للصراع والانقسام في منطقة في حاجة ماسة إلى السلام.

  كلمات مفتاحية

بن سلمان واشنطن البنتاغون حرب اليمن ترامب العلاقات السعودية الأمريكية السعودية