شروط شيعية لقبول زيارة متوقعة لـ«بن سلمان» إلى العراق

السبت 17 مارس 2018 09:03 ص

مع انتشار تكهنات حول زيارة مرتقبة لولي العهد السعودي الأمير «محمد بن سلمان»، إلى العراق، أواخر الشهر الجاري، بدأت الكتل الشيعية هناك، الحديث عن شروطها حول الزيارة.

وعلى الرغم من عدم الإعلان رسميا عن الزيارة، واعتبار البرلمان أن ما يثار «مجرد تسريبات»، إلا أن الكتل الشيعية طالبت الرياض بـ«قطع إمدادها للإرهابيين»، حسب صحيفة «القدس العربي».

جدول أعمال الزيارة المفترضة، لم يتضح رسمياً حتى الآن، غير أن معلومات صحفية تحدثت عن أن المسؤول السعودي سيفتتح المبنى الجديد لسفارة بلاده في بغداد، وتحديداً في المنطقة الخضراء «شديدة التحصين»، وأيضاً افتتاح قنصلية سعودية في محافظة النجف، ذات الغالبية الشيعية.

أما لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب (البرلمان) العراقي، فنفت وجود تأكيدات رسمية عن الزيارة، وقالت إن ما يجري الحديث عنه هو «مجرد تسريبات».

وقال عضو اللجنة النائب «عباس البياتي»، إن «العراق لديه تبادل للزيارات مع دول الجوار، ويتفاعل بشكل إيجابي معها، كونه يؤمن بالمسارات المتوازية في علاقاته الخارجية».

وأضاف «البياتي» وهو نائب عن ائتلاف دولة القانون بزعامة «نوري المالكي»، إن «هذه المسارات في العلاقات لا تتقاطع (…) العراق منفتح على الجميع في إطار مصالحه، لذلك فإن مصلحة العراق هي البوصلة التي تحدد اتجاهات علاقاته الخارجية مع هذه الدولة أو تلك».

لكنه أشار في الوقت عيّنه إلى أن «علاقة العراق مع إيران تختلف عن نظيرتها بالنسبة للسعودية وتركيا».

إعادة الإعمار

أما عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية النائب الكردي «عبدالعزيز حسن»، فكشف أن زيارة ولي العهد السعودي إلى العراق ستكون «نهاية الشهر الجاري»، معتبراً إياها «نقطة تحول في العلاقات العراقية السعودية».

وقال إن «السعودية، وفقاً لصحافتها، تقول إنها تريد دخول العراق للإسهام في إعادة إعماره، ولا تسعى الدخول كأجندة سياسية»، لافتاً إلى أن العراق «بحاجة إلى مثل هكذا علاقات مع دول الجوار، مبنية على أساس المصالح المشتركة، والتعامل بالمثل».

ورأى أن الزيارة المرتقبة تأتي «كبادرة لحسن النية بين العراق والسعودية، بعد سنوات من القطيعة بهذه العلاقة».

صراع نفوذ

ولم يستبعد النائب الكردي أن تكون زيارة المسؤول السعودي جزءاً من «الصراع السعودي الإيراني» على النفوذ في العراق، مؤكداً أن «بعض المحافظات والمناطق العراقية تمثل عمقاً استراتيجيا لإيران، فيما تمثل محافظات ومناطق أخرى، عمقاَ استراتيجياً للسعودية (…) الصراع على النفوذ في العراق بين السعودية وإيران واضح».

وإثر ذلك، دعا «حسن»، الحكومة العراقية والجهات السياسية، إلى «عدم العمل على أساس الأجندات الإقليمية، بل على أساس تغليب مصلحة العراق على المصالح الأخرى».

شروط

أما حزب الدعوة الإسلامية، الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء العراقي «حيدر العبادي»، فوضع عدّة شروط للترحيب بالزيارة المرتقبة للمسؤول السعودي.

وقال رئيس كتلة الحزب في مجلس النواب «خلف عبدالصمد»: «إذا كان الهدف من الزيارة تسليم العراق لولي العهد السعودي، الأدلة، وعدد السيارات السعودية الملغومة التي كانت لدى تنظيم الدولة الإسلامية، وأعداد الإرهابيين السعوديين الذين فجروا أنفسهم على العراقيين، وأن تدين السعودية هذه العمليات وتعوّض الضحايا. فإن الزيارة مرحب بها».

وتابع: «أما إذا كان الهدف من الزيارة هو التغطية على كل الجرائم السابقة، فلا أهلا ولا سهلا بولي العهد السعودي في العراق»، على حدّ قوله.

وأقر النائب الشيعي بأن «العراق ساحة للصراعات الدولية، لذلك يجب علينا أن نتعامل مع الجميع على أساس مصلحة العراق وليس مصلحة أي بلد آخر».

موقف حزب الدعوة من الزيارة، جاء مطابقاً لموقف كتلة «بدر» بزعامة النائب «هادي العامري»، التي وضعت شروطها الخاصة أيضاً.

فقال النائب عن الكتلة «رزاق الحيدري»: «إذا كانت الزيارة تصب في مصلحة العراق، فمرحب بها»، مبيناً «نحن نتطلع إلى علاقات جديدة وجيدة مع السعودية، لكن تلك العلاقة يجب أن تكون مشروطة ومبنية على حفظ مصلحة العراق وعدم التدخل في شؤونه الداخلية من قبل السعودية، فضلا عن تعهدها بقطع إمدادها المالي والفكري واللوجستي للإرهابيين».

رفض

أما كتلة «صادقون» النيابية التي تمثل جماعة «عصائب أهل الحق» الشيعية، في مجلس النواب، فأعلنت رفضها زيارة «بن سلمان».

وقال رئيس الكتلة «حسن سالم»، في مؤتمر صحفي عقده في مبنى مجلس النواب: «لا أهلا ولا مرحبا بولي عهد دولة الإجرام»، مردفا بالقول إن «هذه الزيارة غير مرحب بها بسبب المواقف السعودية المعادية للعراق»، حسب تعبيره.

وتساءل عما أسماها «الأثمان التي دفعت مقابل هذا التقارب المثير للشكوك»، مضيفا أن «فتح صفحة جديدة مع السعودية تعني مصافحة الإرهاب».

وانتقد، في الوقت ذاته الزيارات التي تقوم بها عدد من الشخصيات السياسية «والتي يحصلون خلالها على مبالغ مالية وهدايا أخرى من السعودية».

واتهم، السفير السعودي السابق في العراق «ثامر السبهان» (يشغل حاليا منصب وزير الدولة لشؤون الخليج) بـ«دفع مبلغ خمسة ملايين دولار لإخراج الإرهابي عبدالله عزام المعتقل لدى القوات الأمنية»، مردفاً بالقول إن «التقارب مع السعودية يعد استخفافا بالدم العراقي».

وكان النائب في البرلمان العراقي، وزير الدفاع الأسبق «سعدون الدليمي» كشف تفاصيل الزيارة المرتقبة لولي العهد السعودي، مبيناً أن الأخير سيزور العراق رسميا ليومين، الأول سيقضيه في بغداد لتوقيع اتفاقيات مع رئيس الوزراء «العبادي»، والثاني سينتقل خلاله إلى النجف للقاء بزعامات دينية.

وأوضح في تغريدة على «تويتر»، أن زيارة «بن سلمان» ستكون «تاريخية تبشر المنطقة والمسلمين جمعاء بمرحلة جديدة من السلم والتعايش بين المسلمين بعيدا عن التكفير والصراع الطائفي».

وقبل نحو أسبوعين، قال «العبادي»، إن «العلاقات بين العراق والسعودية على الطريق الصحيح ونتطلع إلى توسيعها في جميع المجالات بما يخدم مصالح شعبينا الشقيقين، والتعاون من خلال المجلس التنسيقي الذي يعد قاعدة لنمو العلاقات الاقتصادية والتبادل التجاري والخبرات».

تصريحات «العبادي»، جاءت خلال استقباله الوفد الإعلامي السعودي، بحضور السفير السعودي لدى بغداد عبدالعزيز الشمري ونقيب الصحفيين العراقيين مؤيد اللامي وعدد من أعضاء مجلس النقابة، حسب بيان لمكتب «العبادي»، حينها.

تطور العلاقات

ووافقت الخارجية العراقية مؤخراً على افتتاح قنصليتين للمملكة في النجف والبصرة، تضافان إلى السفارة في بغداد والقنصلية بأربيل في إقليم كردستان، بعد تبادل الزيارات الرسمية بين كبار المسؤولين طوال الأشهر الماضية، وإبرام اتفاقيات أمنية واقتصادية واعدة.

وترغب السعودية في التواصل والتنسيق مع ميليشيات شيعية عراقية، ودعوتها إلى زيارة المملكة خلال الشهر الجاري.

وقبل أيام، كشفت مصادر أن السياسي العراقي «وضاح الصديد»، أبلغ ممثلين عن كل من ميليشيا «الخراساني» وميليشيا «النجباء» الشيعية، خلال اجتماع معهما بالعاصمة اللبنانية بيروت، رغبة السعودية في فتح حوار مع التنظيمين المسلحين، وعرض دعوة زيارة غير معلنة للمملكة خلال الشهر الحالي.

وسبق للسعودية أن استضافت الزعيم الشيعي «مقتدى الصدر»، في يوليو/تموز 2017، عندما لبّى دعوة ولي العهد السعودي الأمير «محمد بن سلمان».

وعلى مدار الأشهر الماضية، استقبلت الرياض زعامات شيعية عراقية في محاولة منها لاختراق نفوذ إيران والحد من هيمنتها على بغداد، ضمن استراتيجية سعودية لإعادة العراق إلى محيطه العربي.

وشهدت العلاقات العراقية السعودية، في الأونة الأخيرة حراكا رسمياً، وذلك بعد زيارة وزير الخارجية السعودي «عادل الجبير» إلى بغداد، ثم أتبعها رئيس الوزراء العراقي «حيدر العبادي» بزيارتين إلى السعودية التقى خلالهما الملك السعودي «سلمان بن عبدالعزيز».

وفي 21 أكتوبر/تشرين الأول 2017، أطلق المجلس التنسيقي بين السعودية والعراق، حيث عقد البلدان اتفاقيات غير مسبوقة.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السعودية العلاقات السعودية العراقية الشيعة شيعة العراق بن سلمان