«جيوبوليتيكال فيوتشرز»: الميليشيات الشيعية.. أذرع إيران النافذة في العراق

الاثنين 19 مارس 2018 08:03 ص

على مدى الأعوام السبعة الماضية، بينما كانت معظم دول الشرق الأوسط غير مستقرة، أو حتى في حالة حرب، كانت إيران تحقق نتائج جيدة مقارنة بباقي الدول. وفي اليمن، دعمت المتمردين الحوثيين في حربهم ضد النظام والقوات السعودية.

وفي سوريا، دعمت نظام «بشار الأسد» في حرب أهلية جذبت في الآونة الأخيرة تركيا المجاورة. ولها نفوذ عسكري وسياسي هائل في لبنان، عبر «حزب الله» الموالي لها.

ويقال إن إيران تدير فيلقا أجنبيا شيعيا قام خلال الأعوام الأخيرة بتدريب 200 ألف مقاتل في إيران والعراق ولبنان وسوريا واليمن. وقد ساعد جزء واحد من ذلك الفيلق الأجنبي، وهي قوات الحشد الشعبي في العراق، في تزويد إيران بالنفوذ في العراق، الأمر الذي يعزز استراتيجيتها ويجعلها ممكنة.

وتسيطر ميليشيات الحشد الشعبي على شمال العراق، ما حوله إلى جسر أرضي يسمح لإيران بتزويد مجموعاتها الأخرى بالوكالة في سوريا ولبنان بالموارد والإمدادات.

ولعقود من الزمن، قامت العراق وإيران بموازنة علاقتهما ببعضهما البعض، ومنع كل منهما الآخر من السيطرة على المنطقة.

وبين عامي 1980 و1988، خاضوا أكثر حرب دموية في النصف الثاني من القرن العشرين. ثم في عام 2003، اكتسحت الولايات المتحدة العراق وأطاحت بالرئيس العراقي «صدام حسين»، مما جعل إيران القوة المسيطرة على المنطقة عن غير قصد. وتؤكد إيران كل يوم إصرارها على إبقاء الوضع على هذا النحو.

ومن الناحية الديموغرافية، فإن ثلثا سكان العراق من الشيعة، وهو ما يعني أن إيران - التي تكاد أن تكون شيعية بالكامل - ليس من الصعب جدا عليها العثور على آذان متعاطفة لنظامها الفريد للحكم الإسلامي.

لكن السواد الأعظم من السكان السنة والأكراد في العراق يتمركزون إلى جانب الحدود المشتركة مع إيران، بما يعني أنه إذا تصرفت إيران بتشدد، فقد يؤدي ذلك إلى رد فعل عنيف.

ولا تستطيع إيران فقط دعم فصيل واحد بأقصى عدد ممكن من الأسلحة، وبأكبر قدر ممكن من المال، كما فعلت في سوريا. وبدلا من ذلك، كان عليها أن تزرع استراتيجية أكثر دقة، شبيهة بنهجها تجاه لبنان (مع بعض الاختلافات المهمة).

ومن الأمور المركزية لاستراتيجية إيران في العراق الاستيلاء على مؤسسات الدولة العراقية، على أمل جعل العراق في نهاية المطاف دولة حدودية ضعيفة تعتمد على إيران. وفي حين يتطلب ذلك دبلوماسية حذرة من جانب إيران، فإن الأمر كان ليكون مستحيلا لولا وجود إيران العسكري الكبير في العراق متمثلا في ميليشياتها.

وتناقش «جيوبوليتيكال فيوتشرز» في هذا التحليل العميق أصول تلك الميليشيات، الموجودة تحت مظلة قوات الحشد الشعبي، والدور الذي تلعبه في دعم (أو مقاومة) نفوذ إيران، والنظر في مكانها من العراق اليوم وغدا.

قوات الحشد الشعبي وفصائلها

دعمت إيران الميليشيات في العراق لعقود من الزمان، فقد ساعدت في إنشاء منظمة بدر عام 1982 لتنفيذ عمليات ضد العراق خلال الحرب العراقية الإيرانية، ولكن عدد تلك الميليشيات ازداد منذ الغزو الأمريكي، وخاصة منذ استيلاء تنظيم الدولة الإسلامية على الموصل عام 2014.

وعندما بدأ تنظيم الدولة في التقدم في الموصل، فرت قوات الأمن العراقية. وكان الدعم الأمريكي غير موجود عمليا، وكانت الحكومة العراقية بلا حماية، فتشكلت مجموعة من الميليشيات تعرف باسم «قوات الحشد الشعبي»، وجاءت لصد ما يحدث في الموصل.

وقد تم استخدام مصطلح «قوات الحشد الشعبي» لأول مرة عام 2013، من قبل رئيس الوزراء العراقي السابق «نوري المالكي»، للإشارة إلى الميليشيات الشيعية في العراق، ولكن لم تظهر «قوات الحشد الشعبي» بقوتها الحالية حتى أصدر «المالكي» قرارا بإنشائها.

ومع تدافع أفراد تنظيم الدولة الإسلامية على المدينة، أصدر رجل الدين الشيعي العراقي آية الله «علي الحسيني السيستاني» فتوى تطالب جميع الرجال القادرين على العمل، بغض النظر عن الطائفة، بالتعبئة ومعارضة الغزو. وفي نفس الوقت تقريبا، وقع المالكي مرسوما يقضي بتشكيل «قوات الحشد الشعبي». كما تقوم إيران أيضا بتمويل بعض هذه الجماعات، ويحظى العديد من قادة الميليشيات الموالية لإيران اليوم بمناصب مهمة داخل الحكومة العراقية، مما يمنحهم سيطرة كبيرة على قرارات التمويل.

ووفقا لتقرير صادر عن معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، وهو مركز أبحاث أمريكي، فهناك 67 ميليشيا تابعة للحشد الشعبي، نحو 40 منها موالية لإيران بشكل أو بآخر.

وتتراوح تقديرات الحجم الإجمالي لجميع مجموعات «الحشد الشعبي» من 100 ألف إلى 140 ألف مقاتل. ومعظم هؤلاء من المقاتلين الشيعة، لكن ليس كلهم، فهناك نحو 25 ألفا إلى 30 ألفا من السنة، وبعض الأقليات مثل اليزيديين والأكراد والتركمان.

وبشكل عام، فهناك 3 فصائل رئيسية داخل قوات «الحشد الشعبي»، وهم هؤلاء الموالين لإيران والمرشد الأعلى «آية الله علي خامنئي»، ورجل الدين الشيعي العراقي «آية الله السيستاني»، و«مقتدى الصدر»، وهو رجل دين شيعي عراقي شعبوي معروف.

ومن الجدير بالذكر أن هذه الفئات الثلاثة جميعها ذات أغلبية شيعية، أي الانقسام السني الشيعي الذي غالبا ما يعرف نزاعات الشرق الأوسط بالكاد ينطبق في هذه الحالة.

لكن الانقسام الأكثر صلة هنا هو بين القوميين العراقيين والموالين لإيران. وتدخل المجموعات التي تقف مع «السيستاني» و«الصدر» في المعسكر الوطني العراقي.

(الصورة التالية توضح خريطة ميليشيات الحشد الشعبي).

وتدعو الجماعات الموالية لإيران إلى القتال من أجل تعزيز مصالح إيران، بغض النظر عما إذا كانت تتعارض مع مصالح العراق.

وبالإضافة إلى التمويل الذي تحصل عليه من البرلمان العراقي، فإنها عادة ما تمولها إيران، وتقدم تقارير بشكل مباشر أو غير مباشر إلى «فيلق القدس»، وهي الذراع الاستكشافية الأجنبية للحرس الثوري الإيراني.

وعلاوة على ذلك، فهم يدعمون رؤية إيران لدولة إسلامية تحكمها المؤسسات الإسلامية الإيرانية، والأهم من ذلك، أنها تقدم تقارير إلى المرشد الأعلى في إيران وفق نظرية دينية سياسية تعرف باسم ولاية الفقيه.

لكن الجماعات الشيعية الأخرى، مثل تلك الموالية للصدر، تدعو إلى نظام مماثل لذلك في إيران، ولكن مع نكهة وطنية عراقية بحتة وقيادة خاصة. (ويعد الصدر هو اختيارها كنسخة للعراق من المرشد الأعلى).

وكان تركيز «السيستاني»، في الوقت نفسه، على هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية، وقد دعا في الماضي إلى تسريح القوات الموالية له بعد هزيمة «تنظيم الدولة». ومنذ ذلك الحين، بدا وكأنه يتراجع، مدركا أن فصائل «الحشد الشعبي» ربما تكون أفضل طريقة لمقاومة التأثير الإيراني، ناهيك عن خطر عودة ظهور تنظيم «الدولة».

السيطرة على الدولة

وتشبه استراتيجية إيران في العراق استراتيجيتها مع «حزب الله» في لبنان، من حيث ممارسة أكبر قدر من السيطرة تدريجيا على مؤسسات الدولة العراقية. ولقد نجحت بالفعل إلى حد ما، على الرغم من أن نفوذ إيران لم ينتشر بعد في العراق كما هو في لبنان، ويرجع ذلك جزئيا إلى العدد الهائل من الفصائل المتنافسة.

وقد وجدت عدة شخصيات مؤيدة لإيران طرقا لدخول الحكومة العراقية رسميا في مواقع ذات قيمة استراتيجية لإيران.

أحدهم هو «أبو مهدي المهندس»، الذي بدأ حياته العسكرية في الحرس الثوري عام 1983، وكان له دور أساسي في تأسيس «كتائب حزب الله»، وشغل مؤخرا منصب رئيس لجنة «الحشد الشعبي» في الحكومة العراقية.

ويترأس وزارة الداخلية العراقية، التي يبدو أن لها نفوذا كبيرا على «الحشد الشعبي»، «قاسم الأعرجي»، وهو أحد كبار قادة كتائب «بدر» - وهي كتائب موالية لإيران - تم احتجازه عام 2007 في مركز اعتقال أمريكي لمدة 23 شهرا.

ويشغل «هادي العامري»، القائد الحالي لمنظمة بدر، مقعدا في البرلمان العراقي، وكان في يوم من الأيام وزيرا للمواصلات في العراق. وقبل ذلك، كان رئيس هيئة أركان «قاسم سليماني»، قائد فيلق القدس.

ويحرم قانون عراقي جديد زعماء جماعات الميليشيات من الترشح للمناصب العامة، لكن معظم قادة الميليشيات يتخلون ببساطة عن أدوارهم في الفترة التي تسبق الانتخابات في أبريل/نيسان، رغم أنه من المتوقع على نطاق واسع أن يستمروا في التأثير، إن لم يكن في السيطرة.

وتمنح هذه المناصب إيران - بشكل غير مباشر - قدرا هائلا من التأثير على بعض جوانب السياسة العراقية، بما في ذلك خطط المعركة.

وخلال حصار «قوات الحشد الشعبي» لاستعادة الموصل من تنظيم الدولة، أمر «العامرى» بتعديل كبير في اللحظة الأخيرة.

وكانت الخطة الأصلية هي إحاطة المدينة من ثلاثة جوانب، مما يسمح بفتح ممر للهروب إلى الغرب، حتى يتمكن المدنيون من الفرار.

وبالطبع، كان ذلك سيسمح أيضا لمقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية بالهروب في اتجاه سوريا، التي لا تبعد حدودها سوى 110 ميل (180 كيلومتر) من الموصل على طول الطريق عبر «تلعفر».

لكن إيران لم تكن تريد لمقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية إغراق المسرح السوري، وجعل القتال أكثر صعوبة لـ «بشار الأسد»، بينما كان يبدأ في قلب موجة الحرب الأهلية لصالحه.

وبموجب الخطة المعدلة لـ «العامري»، طوقت قوات «الحشد الشعبي الموصل بالكامل، مما أجبر تنظيم «الدولة» على القتال حتى الموت.

كما أعطت تلك الخطوة الأخيرة فرصة لفصائل «قوات الحشد الشعبي» المؤيدة لإيران للسيطرة على مزيد من الأراضي في شمال العراق، مما عزز خطوط الإمداد الإيرانية عبر العراق إلى شمال سوريا.

ولذلك، كان التدخل السياسي في العراق فعالا في تأمين سيطرة إيران على جسر بري شمالي عبر العراق وفي سوريا. (الخريطة السابقة تشير إلى طريق إيران نحو البحر المتوسط عبر العراق وسوريا)

الشرعية والتمويل

لكن يجب علينا ألا نبالغ في قوة إيران، فانتشار الفصائل المناهضة لإيران داخل إطار «قوات الحشد الشعبي» يعني أن إيران لا تمارس سيطرة دون عوائق على قوات الحشد الشعبي، ناهيك عن الحكومة العراقية نفسها.

وكان مرسوم «نوري المالكي» لعام 2014، الذي أنشأ «قوات الحشد الشعبي» غير قانوني بموجب الدستور العراقي، الذي يحظر «تشكيل الميليشيات العسكرية خارج إطار القوات المسلحة الوطنية».

ومع ذلك، لم يواجه «المالكي» أي مقاومة في ذلك الوقت، بالنظر إلى الضعف وعدم الاستقلالية في الفرع القضائي للدولة، والحالة الخطرة التي وجدت البلاد نفسها فيها عندما تفككت قوات الأمن الدستورية أمام تنظيم «الدولة الإسلامية».

وفي عام 2016، أقر البرلمان العراقي قانونا يشرعن وجود قوات الحشد الشعبي، مما يجعلها كيانا قانونيا يبقى منفصلا عن سلسلة القيادة العسكرية العراقية.

ومع ذلك، لم يضمن القانون بشكل دائم تمويل القوات، ووضعها تحت سلطة مكتب رئيس الوزراء، ويتطلب الأمر موافقته سنويا على تمويلها.

وكان الهدف من ذلك هو التقليل من استدامة قوات الحشد الشعبي كمؤسسة، والحد من سلطتها على الدولة العراقية، من خلال جعل تمويلها مشروطا بالنتائج السياسية.

وتعتمد قدرة إيران على الحفاظ على هذه الدرجة من السيطرة على قدرة العراق على القيام بأشياء مثل استعادة السيطرة على الأموال التي يديرها حاليا القادة الموالون لإيران، أو تطوير قواتها الأمنية بما يكفي لكي لا تصبح ميليشيات «الحشد الشعبي» ضرورية بعد.

ولن يلغي هذا وجود الميليشيات الإيرانية في العراق، لكنه سيغير العلاقة التي تربطها بالحكومة العراقية. وهذه أخبار جيدة لإيران، لأنه طالما تملك إيران أسلحة في العراق، سيكون لها تأثير على تصرفات العراق.

وقد عانى رئيس الوزراء «حيدر العبادي» من حجم الوجود الإيراني في العراق، لكنه عارضه بشكل عام، وحاول خفض سيطرة إيران على «قوات الحشد الشعبي»، من خلال تعيين أشخاص أكثر ملاءمة لقرارات التمويل الخاصة به.

وقد اشتكى «السيستاني» و«الصدر»، وهما قادة المعسكرين العراقيين داخل قوات الحشد الشعبي، من أن عملية تخصيص الأموال غير عادلة، وتميل للميليشيات الموالية لإيران على حساب البقية.

وهناك القليل مما يستطيع «العبادي» فعله للسيطرة على القوات بعيدا عن سيطرة رجال إيران، وقد حاول سابقا خفض سلطتهم وتأخير نقل الأموال إلى قوات الحشد الشعبي، ولكن هذه الخطوة جاءت بنتائج عكسية، حيث طالت العبادي انتقادات علنية من قبل القيادات الموالية لإيران.

ونظرا إلى أن قوات الحشد الشعبي تحظى بشعبية لأنها دافعت عن البلاد عندما كانت قوات الأمن العراقية ضعيفة، فقد انحاز الجمهور إلى قوات الحشد الشعبي، واستسلم «العبادي».

استراتيجية إيران

لكن السؤال لماذا تكونت قوات الحشد الشعبي في المقام الأول من هذا العدد الكبير من الفصائل والميليشيات (وصلت 70 تقريبا)؟

حسنا، جزء من ذلك يتعلق بالطريقة التي جاء بها قادة الميليشيات داخل قوات الحشد الشعبي أو كيف احتفظوا بالسلطة بمرور الوقت.

وعلى سبيل المثال، قبل أن يفر «الصدر» إلى إيران لتجنب حملة أمنية أمريكية عام 2009، فإنه قاد ميليشيا تسمى «جيش المهدي»، قاتلت ضد الاحتلال الأمريكي، وكذلك ضد الانتفاضة السنية.

وتعد ميليشياته في الأساس إعادة تشكيل للقوة التي اعتاد على قيادتها، غير أن الفصيل المؤيد لإيران، والذي يشكل نحو 40 من مجموعات قوات الدفاع الشعبي، له تحركاته وأيديولوجيته الخاصة.

وتدير إيران استراتيجية لتشتيت مجموعات الحشد الشعبي، وكثيرا ما تقوم باستقطاع مجموعات فرعية صغيرة من الميليشيات الموجودة، لتشكيل مجموعات جديدة.

وينجز هذا عدة أهداف، فهي تمنع أية مجموعة من أن تصبح قوية بما يكفي لتحدي سلطة إيران، ويضع هذا إيران كمركز قوة لكل ميليشياتها الشيعية الأجنبية.

ثانيا، عندما يظهر الراديكاليون ويتحدون المهمة الحالية لأية مجموعة بعينها، فإنهم قادرون على إنشاء خلية جديدة، مما يمنعهم من تعريض سيطرة إيران على المجموعة الأصلية للخطر.

ويمكن لإيران بعد ذلك متابعة هدف جديد من خلال المجموعة المنقسمة دون فقدان السيطرة، مع استمرار مهمة المجموعة الأولى.

وأخيرا، استخدمت إيران هذه الاستراتيجية لإضعاف منافسيها ضمن إطار دعم الميليشيات، من خلال توفير التمويل للمجموعات الجديدة، واستهداف الأعضاء الذين أصبحوا مستائين من الأهداف الاستراتيجية لمجموعتهم.

وعلى سبيل المثال، حاولت إضعاف «الصدر» باستمالة أعضاء ميليشياته الذين كانوا يريدون وجودا إيرانيا أكبر في العراق، وشعروا أن «الصدر» قد وقف في طريق ذلك.

وقد عملت الاستراتيجية إلى حد ما على الجانب العسكري، لكن «الصدر» لا يزال يحظى بشعبية بين الطبقة الدنيا في العراق، ويرجع ذلك جزئيا إلى قدرته الفريدة على توفير برامج الرعاية الاجتماعية، التي لم تتمكن مجموعات أخرى من قوات الحشد الشعبي من مواكبتها. (الصورة السابقة تظهر خط زمني للميليشيات العراقية)

ومع ذلك، هناك سلبيات لوجود العديد من المجموعات التي تعمل وكالة عن القوات الأجنبية في العراق، فهناك منافسة متكررة بين قادة الجماعات الموالية لإيران، الذين يحاولون تعزيز أنفسهم من أجل المزيد من السلطة الشخصية داخل العراق وحكومتها.

وفي الواقع، تتميز العراق بهذا العدد الهائل من المجموعات الإيرانية بالوكالة عن لبنان، حيث توجد ميليشيا واحدة مؤيدة لإيران فقط، وهي «حزب الله».

والنتيجة هي أنه من غير المحتمل إلى حد كبير أن يتم تكرار نموذج السيطرة على الدولة الذي تستخدمه إيران في لبنان في العراق، حيث يشكل حزب الله الآن جزءا لا يتجزأ من مؤسسات الدولة اللبنانية.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن «حزب الله» معروف ليس فقط بقدراته العسكرية، ولكن أيضا بإنفاقه على الرعاية الاجتماعية، الأمر الذي تدعمه إيران. أما في العراق، فلا توجد مجموعة من ميليشيات الحشد الشعبي لديها عملية منظمة لرعاية اجتماعية واسعة النطاق أو راسخة مثله.

وتعد المجموعات الوحيدة القادرة على الوفاء بقدرات مماثلة هي الجماعات الموالية للصدر، القومي العراقي الذي يعارض التدخل الإيراني.

خاتمة

تريد إيران عراقا ضعيفا ولكن مستقرا. ومن السهل تحقيق الجزء الأول، ولكن ليس دون تعريض الجزء الثاني للخطر.

ولا تريد إيران أن يكون العراق قويا بما يكفي، أو قوميا بما فيه الكفاية لتحديها بشكل مباشر، الأمر الذي من شأنه أن يعرض طرق إمداداتها إلى سوريا ولبنان للخطر، وقد يهددها بحرب عامة أخرى.

ولكن إذا ذهبت إيران بعيدا جدا، فقد تتعرض مؤسسات الدولة العراقية للخطر، مما قد يتيح الفرصة لإعادة ظهور مجموعة تشبه «تنظيم الدولة».

كما تخاطر إيران بإثارة تمرد متواصل من جانب السنة، إما على شكل مجموعة تشبه «تنظيم الدولة»، أو ببساطة معارضة انتخابية قوية.

ولا تريد إيران أن تكون العراق منقسمة إلى درجة أن يكون انفصال أي مجموعة احتمالا واردا.

وسيشكل الانفصال سابقة مزعجة لإيران، التي تواجه تحدياتها السياسية الداخلية الخاصة بها، وصعوبة في تحفيز نمو اقتصادي أكثر إرضاء للجماهير.

ويعتبر الوضع المثالي بالنسبة لإيران هو الوضع الذي تكون فيه العراق ضعيفا بما يكفي للسماح بوجود مستمر للميليشيات الموالية لطهران، حتى لو لم تكن الحكومة العراقية تحت سيطرتها بالكامل.

وحتى إذا لم يتم دمج مجموعات الميليشيات الإيرانية بالكامل في الحكومة العراقية، مثل «حزب الله» في لبنان، يمكن لإيران استخدام مجموعاتها لشن هجمات في سوريا وأماكن أخرى في الشرق الأوسط.

ونظرا لاستراتيجية إيران المعتمدة على الاستقطاع، وقدرتها على إنشاء مجموعات جديدة من قوات الحشد الشعبي، فمن المستبعد جدا أن يتمكن العراق من القضاء الكامل على الفصيل المؤيد لإيران من قوات الحشد الشعبي.

وعلى الأكثر، قد تجد العراق طريقة لاستيعاب ميليشيات الحشد الشعبي بشكل رسمي في شبكة الأمن العراقية.

المصدر | جيوبوليتيكال فيوتشرز

  كلمات مفتاحية

قوات الحشد الشعبي علي السيستاني مقتدى الصدر جيش المهدي إيران العراق