«و. بوست»: كيف طور «كوشنر» علاقته مع ولي العهد السعودي؟

الثلاثاء 20 مارس 2018 09:03 ص

قبل عام، بدأ أميران شابان في تكوين صداقة في اجتماع غداء في غرفة الطعام الرسمية التابعة للبيت الأبيض، وقد تسببت عاصفة ثلجية في تعطيل وصول ضيفة الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» في ذلك اليوم، المستشارة الألمانية «أنغيلا ميركل»، الأمر الذي منح الرئيس ومستشاريه، بما في ذلك صهره «غاريد كوشنر»، مزيدا من الوقت لقضائه مع ولي العهد السعودي «محمد بن سلمان».

وكان «كوشنر» و«بن سلمان»، وهما في الثلاثينات من العمر، قد التقيا من قبل، لكن هذا كان أول اجتماع رسمي لهما منذ تنصيب «ترامب»، وكانت بداية تطور العلاقة بين الرجلين، وفقا لأشخاص مطلعين على علاقتهما، تحدثوا شرط عدم الكشف عن هويتهم للتحدث بصراحة.

وبصفتهما مفاوضين رئيسيين لدولهم حول السلام الإسرائيلي الفلسطيني، سعى «كوشنر» والأمير السعودي إلى إثبات جدارتهما على الساحة الدولية، وقد تشاورا مع بعضهما البعض في كثير من الأحيان عبر مكالمات خاصة على مدى الأشهر التالية، وفقا لأشخاص لديهم معرفة باتصالاتهما، ونجح «كوشنر» في دفع الرئيس «ترامب» لجعل السعودية أول زيارة خارجية له في الربيع الماضي، ضد اعتراضات من مسؤولين كبار آخرين في الإدارة، ثم زار «بن سلمان» شخصيا في الخريف الماضي في الرياض، عاصمة المملكة العربية السعودية.

ومن المقرر أن يلعب «كوشنر» دورا رئيسيا في استضافة ولي العهد لدى وصوله إلى واشنطن لبدء جولة في الولايات المتحدة، وبالإضافة إلى الاجتماعات الرسمية، من المقرر أن يحضر العديد من جلسات العشاء مع «بن سلمان»، إلى جانب مسؤولين أمريكيين وسعوديين آخرين.

وفي معرض مغازلة الأمير السعودي، أظهر «كوشنر» منهجا غير تقليدي للدبلوماسية، أزعج مسؤولي الأمن القومي والمخابرات، باعتماده على العلاقات الشخصية بدلا من القنوات الحكومية المعتادة للتعامل مع المشكلات المعقدة، وفقا لعدة أشخاص على دراية بدور «كوشنر».

ويخشى بعض المسؤولين من أن صهر الرئيس قد كان مستقلا عن السياسة الخارجية الأمريكية في واحدة من أكثر المناطق المضطربة في العالم، وهناك تخوف خاص حول احتضان «كوشنر» لـ«بن سلمان»، وهو الآن ولي العهد السعودي، الذي نال الثناء في الغرب على تحركاته نحو الحداثة، ولكن أيضا الانتقادات لاعتقال حكومته للمنافسين والمعارضين.

وقد وصف الحلفاء والمساعدين علاقة «كوشنر» الشخصية مع «بن سلمان» بأنها غير تقليدية، لكنها فعالة، بحجة أنه بنى علاقة قيمة مع زعيم صاعد يعتقد أنه سيساعد في تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط، ولدى الاثنين اهتمام مشترك باختبار أساليب جديدة، وفقا للأشخاص الذين يعرفونهما.

وفي الوقت الذي قد تكون فيه اتصالات «كوشنر» المبكرة مع مسؤولين أجانب قد لزم فيها الصمت، فإنه الآن يقوم بشكل روتيني بإطلاع كبار المسؤولين الآخرين على اتصالاته، حسبما قال أحد الأشخاص حوله.

وقال «بيتر ميريانيان»، وهو متحدث باسم محامي «كوشنر»، «آبي لويل»، في بيان: «إن عدم وجود تسريبات لعمل السيد كوشنر أو لعمله، سواء كجزء من فريق الشرق الأوسط أو العلاقات المكسيكية أو إصلاح السجون، لهو دليل على حقيقة أنه يهتم بالنتائج وليس بالدعاية، وأنه يفهم كيفية الحفاظ على تبادل المعلومات مع الموجودين في الإدارة الذين يجب إطلاعهم على الأمور».

وأضاف: «يبدو أن من يشعرون بأنهم مستبعدون هم الذين أصبحوا مصدرا لمعلومات كاذبة»، ويتبع السيد «كوشنر» جميع بروتوكولات وإجراءات الاتصال الداخلية المناسبة، والإجراءات التي يتخذها معروفة ومتناسقة مع الآخرين الذين ينبغي إشراكهم.

وقال مسؤول سعودي رفيع المستوى إن الملك وولي العهد يتواصلان عبر الهاتف مع كل من «ترامب» و«كوشنر» كلما «تتطلب الأحداث»، وقد اتفقوا على أن يبقى السفير على اتصال وثيق مع المسؤولين الأمريكيين الآخرين في وزارة الخارجية ومؤسسة الأمن القومي لمواصلة الشراكة القوية بين البلدين.

وقال المسؤول في بيان: «منح الرئيس ترامب السيد كوشنر المهمة للإشراف على عملية السلام، وكان هذا الموضوع الرئيسي للمناقشة بين السيد كوشنر وصاحب السمو الملكي ولي العهد».

وكان دور «كوشنر» الفريد واضحا قبل بضعة أسابيع، عندما سأل رئيس هيئة الأركان في البيت الأبيض «جون كيلي» سؤالا في إفادة استخبارية حول مسألة سياسية حساسة تتعلق بالسعودية استعدادا لزيارة ولي العهد.

وردا على ذلك، قال له المراقبون الاستخباراتيون إن كل المحادثات التي أجراها المسؤولون الأمريكيون مع السعوديين حول هذه المسألة كانت بين «كوشنر» و«بن سلمان»، وفقا لعدد من الأشخاص المطلعين على هذه الحادثة.

وكثيرا ما رتب «كوشنر» وموظفوه محادثات خاصة مع ولي العهد السعودي وغيره من كبار القادة في الدول الأجنبية، بشكل افتقد للتنسيق دائما مع مسؤولي الأمن القومي أو الدبلوماسيين، وفقا لمسؤولين متعددين على دراية بأنشطته.

وتتسبب الاتصالات الفردية بشعور بعض مسؤولي الأمن القومي بالقلق، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن «كوشنر» كان يعمل في العام الماضي بتصريح أمني مؤقت، وذكرت صحيفة «واشنطن بوست»، في فبراير/شباط، أن اتصالات «كوشنر» مع بعض المسؤولين الحكوميين الأجانب ساهمت في عجزه حتى الآن عن الحصول على تصريح أمني دائم.

ومع استمرار التحقيق في قضية «كوشنر»، أخفق «كيلي» مؤخرا في الوصول إلى أكثر الأسرار الحكومية حساسية.

وأعرب وزير الخارجية السابق، الذي تمت الإطاحة به، «ريكس تيلرسون»، ومستشار الأمن القومي «ماكماستر»، عن قلقهما المبكر من أن «كوشنر» كان لا يتعامل في إطار السياسة الخارجية الأمريكية، وأنه يرتكب أخطاء ساذجة، وفقا لما ذكره أشخاص على دراية بردود أفعالهما.

وفي بعض الأحيان، كان المسؤولون الكبار يعلمون عن مكالمات «كوشنر» بعد إتمامها، بدلا من إطلاعهم مسبقا. وفي بعض الحالات، كان «ماكماستر» قلقا من عدم وجود سجلات رسمية محفوظة لما قيل في المكالمات.

وكان «تيلرسون» أكثر اضطرابا، حيث كان يسأل الموظفين: «من هو وزير الخارجية هنا؟»

وفي بيان له، قال «ماكماستر» إنه يقدر مساهمة «كوشنر».

وقال «ماكماستر»: «نتشارك أنا وغاريد كوشنر في علاقة عمل وثيقة، وننسق بعناية التواصل مع القادة الأجانب، ولقد أثبتت علاقات «غاريد» أنها لا تقدر بثمن لتعزيز جدول أعمال الرئيس في العديد من المناطق الحيوية في العالم».

وقال «ستيفن هول»، وهو مسؤول كبير سابق في وكالة الاستخبارات المركزية، إن معظم الإدارات سعت إلى تعزيز تجربة مؤسسة الأمن القومي والعمليات الاستخباراتية للتفاعل مع الزعماء الأجانب، ويتناسب أسلوب «كوشنر» مع نمط إدارة «ترامب»، من خلال اتباع نهج جديد، فضلا عن الممارسات المجربة في الماضي.

وأضاف «هول»: «وهناك خطر فعلا إذا كنت لا تقوم بمشاركة المعلومات مع الحكومة. فقد تحدث أشياء سيئة».

وكان أحد أكبر تأثيرات «كوشنر» هو إقناع «ترامب» بجعل المملكة العربية السعودية مقصده الأول كرئيس في زيارته الخارجية الأولى لدولة أجنبية، وعارض وزير الخارجية السابق «ريكس تيلرسون» ووزير الدفاع «جيمس ماتيس» هذه الخطوة، وفقا لمسؤولين متعددين، وقال هؤلاء الأشخاص إن «كوشنر» كان يشعر بالقلق من السماح للآخرين في باقي الوكالات بمعرفة ما كان يفعله، بسبب الخوف من أن يعارضوا خططه علانية.

وحث «ماتيس» على تأجيل الرحلة، قائلا إن زيارة الرياض سترسل إشارة خاطئة لحلفاء أمريكا الأكثر ديمقراطية حول العالم، كما كان «ماتيس» متشككا في الوعود السعودية بالمساعدة في مواجهة النفوذ الإيراني وتدمير «الدولة الإسلامية»، حسب قول المسؤولين الأمريكيين.

وحسم «ترامب» النزاع، وقال لـ«كوشنر» إنهم سيذهبون إذا وعد السعوديون بشراء أسلحة أمريكية وزيادة جهود مكافحة الإرهاب.

وفي نهاية المطاف، اعتبر «ترامب» أن الزيارة حققت نجاحا كبيرا، وكان سعيدا بمعاملة كبار الشخصيات التي تلقاها، واستضاف السعوديون «ترامب» وابنته «إيفانكا» وزوجها «كوشنر» في القصر الملكي للعائلة، ونقلوهم في عربات الغولف، واحتفلوا بهم بمهرجان بملايين الدولارات تكريما لهم.

وتفاخر «ترامب» بأن القمة قد دفعت السعوديين إلى شراء 110 مليار دولار من مبيعات الأسلحة الأمريكية وغيرها من الاستثمارات، مما خلق مئات الآلاف من الوظائف الأمريكية، لكن العديد من مشتريات السلاح والتعهدات الاستثمارية كانت مدرجة في الدفاتر منذ أكثر من عام، ولم تحرز معظم الصفقات تقدما منذ زيارة ترامب، كما اعترف المسؤولون الأمريكيون.

ويشعر بعض مسؤولي الاستخبارات والأمن القومي بالقلق من أن حجة ولي العهد السعودي حول كيفية حل النزاع في الشرق الأوسط، والتي يقول فيها إن بلاده هي الأمل الرئيسي في السلام، وأن إيران هي أصل كل الصراعات، هي إفراط في تبسيط القضية، ويخشون من أن يكون جاذبيته قد اكتسبت زخما لدى مسؤولي البيت الأبيض الذين لديهم خبرة قليلة في سياسة المنطقة.

وفي يونيو/حزيران، ارتفعت مخاوف الاستخبارات بشأن الوضع في السعودية، عندما أطاح «بن سلمان» بابن عمه «محمد بن نايف» من ولاية العهد، وهو حليف قديم لأمريكا ضد الإرهاب، وأصبح هدفا له نتيجة لمساعدة أمريكا؛ حيث أصيب «بن نايف» عام 2009 عندما فجر انتحاري من القاعدة نفسه بالقرب من الأمير.

وقال «بروس ريدل»، الذي خدم لأكثر من 30 عاما في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية: «كان بن نايف أقرب ما يكون إلى بطل حقيقي في المملكة في هذا القرن»، وقال إن صعود «بن سلمان» قد أزال من السلطة «أحد أهم عناصر مكافحة الإرهاب البارزين اليوم».

وفي أواخر أكتوبر/تشرين الأول، غضب بعض مسؤولي الاستخبارات عندما غادر «كوشنر» في رحلة سرية إلى الرياض لعقد اجتماعات خاصة مع ولي العهد.

وقال مسؤول رفيع المستوى في الإدارة إن الرحلة تم تنسيقها من خلال مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض.

وبعد الرحلة ، قالت الإدارة إن الغرض من رحلة «كوشنر» كان مناقشة خطة السلام في الشرق الأوسط، لكنه رفض القول مع من التقى.

ومنذ ذلك الحين، أخبر «كوشنر» مساعديه أنه أجرى مع ولي العهد وحده «استراتيجيات عصف ذهني»، وفقا لأشخاص على دراية بالمناقشات، لكن مسؤولي الاستخبارات شعروا بالقلق من نقص المعلومات حول المواضيع التي تمت مناقشتها.

وبعد أيام من زيارة «كوشنر»، أذهل «بن سلمان» المنطقة عن طريق وضع العديد من منافسيه ورجال الأعمال السعوديين تحت الإقامة الجبرية، ووصف ولي العهد الحملة بأنها جزء من جهود مكافحة الفساد، لكن هذه الخطوة انتقدتها جماعات حقوق الإنسان وخبراء الشرق الأوسط، باعتبارها محاولة من الأمير لتعزيز سلطته على البلاد.

وكان أحد المعتقلين حليفا أمريكيا قديما في البلاد، وهو المستثمر الملياردير الأمير «الوليد بن طلال»، وكان الأمير قد هاجم «ترامب» علانية، ووصفه بأنه «عار» على أمريكا، خلال حملة الانتخابات الرئاسية عام 2016.

وقد تابع «ترامب» حملة القمع بتغريدة عامة دعما لتحركات «بن سلمان».

وفي الوقت الذي يبدأ فيه «بن سلمان» جولته الأمريكية، يواصل «كوشنر» جهوده للعمل مع ولي العهد وآخرين لتطوير اتفاق سلام إسرائيلي فلسطيني، حسبما قال مساعدوه.

وفي النهاية، أكد صهر الرئيس على مساعديه في الأسبوع الماضي، أنه يأمل ألا يتم الحكم عليه خلال هذه العملية إلا من خلال النتائج.

المصدر | واشنطن بوست

  كلمات مفتاحية

جاريد كوشنر زيارة بن سلمان لواشنطن دونالد ترامب ريكس تيلرسون