صحيفة ألمانية: ماذا وراء دعوات «بن سلمان» لتعزيز حقوق المرأة السعودية؟

الثلاثاء 20 مارس 2018 05:03 ص

أكد ولي العهد السعودي «محمد بن سلمان» لأول مرة على حرية المرأة في بلده في ارتداء العباءة السوداء من عدمها.

تصريحات رأت صحيفة «Sueddeutsche» الألمانية أنها تأتي في سياق مخططه لحماية الملكية الحاكمة.

وأضافت الصحيفة أن «بن سلمان» مدرك تماما نظرة الغرب لبلاده، كما يعلم أيضا كيف يتصرف حيال هذه المسألة؛ لذلك قرر الظهور مجددا خلال لقاء تلفزيوني مع قناة «سي بي إس» الأمريكية قبل لقائه الرئيس «دونالد ترامب»، الثلاثاء.

إذ عاد في اللقاء المتلفز ليتحدث وضع المرأة في بلاده.

وحسب الأمير الشاب، لن تكون النساء بالمملكة مجبورات بالضرورة على ارتداء العباءة السوداء، إلى جانب النقاب الذي يغطي الوجه؛ في توجه يمثل تراجعا عن نمط من اللباس ظل شائعا، وربما إلزاميا على المرأة في السعودية على مدى عقود.

وقال «بن سلمان» حول ذلك إن «القوانين واضحة جدا، وهي مبنية على الشريعة»، في إشارة منه إلى القوانين الإسلامية السارية في المملكة.

وترك ولي العهد السعودي أمر لباس المرأة لاختيارها، لتقرر هي نوع الملابس المحترمة والمحتشمة التي ترغب بارتدائها مثل الرجال تماما.

ورغم هذا التوضيح الذي سرده الأمير الشاب، لا ترى الصحيفة الألمانية أن كلامه يُفهم على أن النساء المسلمات في المملكة لن تكنّ مجبرات في المستقبل على ارتداء الحجاب، مثلما تطالب بذلك النساء في إيران على سبيل المثال؛ لأن هناك إلزاما قانونيا للنساء في السعودية بارتداء غطاء الرأس، بغض النظر عن ديانتهن.

ومؤخرا، ذكر أحد كبار علماء الدين في السعودية، وهو الشيخ «عبدالله المطلق»، أن أكثر من 90% من النساء المسلمات والملتزمات في العالم لا ترتدين العباءة؛ ولذلك لا يجب علينا فرض هذا النوع من اللباس.

تجدر الإشارة إلى أن «المطلق» هو عضو في مجلس هيئة كبار العلماء، وهي أهم مؤسسة دينية في المملكة.

ورغم أن حديث «المطلق» لم يمر دون أن يثير احتجاجات الدوائر المحافظة، غير أنه وجد دعما من قبل ولي العهد.

وعند سؤاله حول ما إذا كانت النساء والرجال سواسية في المملكة، أجاب «بن سلمان»: «بالطبع؛ فجميعنا بشر، وليس هناك اختلاف بيننا».

دوافع اقتصادية «مبطنة»

وترى الصحيفة الألمانية أن هناك، أيضا، دوافع اقتصادية وراء الخطاب الليبرالي لـ«بن سلمان»، الذي يدافع من خلاله عن مبادراته لتعزيز حقوق المرأة.

هذا الدفاع الذي يخوضه الأمير يعود لعدة أسباب، باعتبار أن نجاح إصلاحاته الاقتصادية الطموحة يرتبط جزئيا بنجاحه في الرفع من نسبة النساء في سوق العمل.

وتحتل السعودية في الوقت الراهن المركز 140 من مجموع 144 دولة، في تصنيف المنتدى الاقتصادي العالمي حول المساواة بين الجنسين.

ويتمثل الهدف المعلن من هذه الخطوات في الرفع من نسبة النساء العاملات، من المستوى الحالي، وهو 22%، إلى 30%.

ومن بين المؤشرات الدالة على هذا التوجه تعيين «تماضر بنت يوسف الرماح» نائبة لوزير العمل والشؤون الاجتماعية.

كما أعلن الجيش مؤخرا عن فتح الباب لتوظيف النساء.

إضافة إلى ذلك، يريد «بن سلمان» الدفع بالمجتمع نحو مزيد مما يسميه بـ«الانفتاح والحداثة» بعيدا عن تأثير الدعاة والمشايخ.

وأعلن سابقا عن عزمه قيادة بلاده نحو ما وصفه بـ«الإسلام المعتدل»

في غضون ذلك، أصبحت الحفلات تقام في المملكة (رغم حظر الرقص والتمايل)، وعروض الأفلام في السينما، من خلال هيئة خاصة للترفيه تم تكليفها بتطوير هذا القطاع.

ولهذا، سيلتقي ولي العهد خلال زيارته للولايات المتحدة بممثلين عن صناعة السينما الأمريكية.

ومن المفترض أن يسهم قطاع الترفيه في جعل الاقتصاد أقل اعتمادا على النفط؛ ذلك أنه إلى الآن يتم إنفاق عشرات المليارات من الدولارات سنويا في دول مثل البحرين والإمارات للترفيه، حيث تكون القوانين أقل صرامة ويُسمح للسعوديين بالاستمتاع في كل نهاية أسبوع.

علاوة على ذلك، تشير الصحيفة أن هذه الخطوة تهدف في الواقع إلى إلهاء الشباب؛ حيث إن ثلثي الشعب السعودي تقل أعمارهم عن 30 سنة، فضلا عن أن الدولة لن تكون قادرة على توفير كل مستلزماتهم على مدار حيواتهم، كما تكفلت بذلك في زمن آبائهم.

وتقول: «يبدو أن العقد الاجتماعي الذي كان ساريا في هذه المملكة، بات الآن محل تساؤل».

وتختتم الصحيفة الألمانية بقولها: «في الحقيقة، لا تعد هذه الإصلاحات هدفا في حد ذاتها، بل تأتي كنتيجة لانخفاض أسعار النفط، وتمثل استراتيجية بقاء ضرورية جدا لحماية النظام الملكي. ولم ترافق الإصلاحات الاجتماعية كلا من الانفتاح السياسي والإصلاحات الديمقراطية حتى الآن، بل ذهبت في اتجاه معاكس لها تماما».

 

  كلمات مفتاحية

محمد بن سلمان السعودية المرأة السعودية حرية المرأة رؤية 2030