لماذا ترحب الإمارات بقدوم «مايك بومبيو»؟

الجمعة 23 مارس 2018 04:03 ص

جاء قرار الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» باستبدال وزير الخارجية «ريكس تيلرسون» بمدير وكالة الاستخبارات المركزية «مايك بومبيو» في وقت تواجه فيه واشنطن تحديات رئيسية في السياسة الخارجية.

وسيتعين على «بومبيو»، بصفته كبير الدبلوماسيين الأمريكيين، معالجة العديد من المعضلات الحساسة في الشرق الأوسط، بما في ذلك أزمة قطر وعلاقات واشنطن الصعبة مع تركيا وإيران.

ويبدو أن ترشيحه يخلق التفاؤل في الإمارات بأن مواقف أمريكا فيما يتعلق بالدوحة وأنقرة وطهران سوف تتحول في اتجاه أكثر ملاءمة لأبوظبي.

يحمل «بومبيو» سجلا معاديا للإسلاميين بشدة، وهو ما يعجب الإمارات العربية المتحدة، وبصفته مشرعًا أمريكيًا، شارك «بومبيو» في رعاية قانون تسمية «الإخوان المسلمون» كجماعة إرهابية في عام 2015، وربط ثلاث مجموعات إسلامية مقرها الولايات المتحدة هي مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (CAIR)، والجمعية الإسلامية بأمريكا الشمالية، والصندوق الإسلامي لأمريكا الشمالية، بـ«الإخوان المسلمون» وحركة «حماس».

وفي عام 2014 ، كانت الإمارات قد صنفت مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية والجمعية الأمريكية الإسلامية كمنظمات إرهابية، مؤكدة على سرد مفاده أن بعض المنظمات الإسلامية في أمريكا لديها روابط إرهابية.

وفي نهاية المطاف، ونظراً لمعارضة «بومبيو» القوية لمثل هذه الجماعات التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها، فمن المحتمل أن يكون «بومبيو» أقل حماساً بكثير من «تيلرسون» للضغط على الكتلة التي تقودها السعودية والإمارات للتخفيف من حدة خطابها حول ادعاءات رعاية دولة قطر للإرهاب وبالتالي تخفيف أو رفع الحصار.

تقود دولة الإمارات أيضا خطابا مناهضا لتركيا في واشنطن، وقد أدان سفير أبوظبي في واشنطن بشدة دور أنقرة في الشرق الأوسط، معتبراً أن معظم الأمريكيين يفشلون في إدراك المدى الذي تغيرت به تركيا في السنوات الأخيرة بالإضافة إلى «التهديد طويل الأمد الذي تمثله لمعظمنا».

وقد ازدادت حدة التوترات بين تركيا والإمارات، لا سيما بسبب التطورات السياسية الداخلية في مصر منذ 2013، ومؤامرة الانقلاب الفاشل في 15 يوليو/تموز 2016 (التي اتهم فيها المسؤولون الأتراك الإماراتيين بلعب دور في تمويلها بمبلغ 3 مليارات دولار) إضافة إلى الحرب الأهلية السورية، ويوجد في تركيا تصور بأن أبوظبي تدعم حزب العمال الكردستاني، وقد عارضت الإمارات العربية المتحدة عملية غصن الزيتون في تركيا وأدانت أبوظبي إسقاط تركيا لطائرة مقاتلة روسية كانت تحلق فوق شمال سوريا (ودخلت لمدة قصيرة الأجواء التركية) في نوفمبر/تشرين الثاني 2015.

وقد وصف «بومبيو» تركيا وإيران بأنها «ديكتاتوريات إسلامية» بعد يوم واحد من محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016 رداً على تغريدة وزير الخارجية الإيراني التي عبر فيها عن تضامنه مع الحكومة المنتخبة في تركيا، وهذا أمر لا يُنسى في أنقرة، حيث ينظر المسؤولون الأتراك إلى التغيير في وزارة الخارجية بعدم ارتياح، ومما لا شك فيه أن زيارة «تيلرسون» الأخيرة إلى أنقرة كانت تفهم على أنها نجاح من حيث تخفيف حدة التوتر في التحالف الهش بين أمريكا وزميلتها في الناتو.

وترحّب دولة الإمارات العربية المتحدة بوزير للخارجية الجديد الذي ترى معه أن تحسين التفاهم بين واشنطن وأنقرة بشأن تصرفات تركيا في شمال سوريا سيكون أقلّ حظاً، حيث تزعم الإمارات أن السياسة الخارجية التركية الجديدة «العثمانية الجديدة» تشكل تهديداً للمصالح العربية.

صقر الصقور

ويشتهر «بومبيو» المعروف باسم «صقر الصقور» بالمواقف المتشددة المناهضة لإيران، ووفقًا لتفسير «ترامب» لقراره باستبدال «تيلرسون» لصالح «بومبيو»، فقد كانت الاختلافات في الرأي حول الاتفاق النووي بين الرئيس الأمريكي ووزير الخارجية عاملاً مهمًا.

على الرغم من أنه من غير الواضح كيف سيقترب «ترامب» و«بومبيو» من الأسئلة المتعلقة بمستقبل الاتفاق، وكيف سيتعامل الاثنان مع مسألة السياسة الخارجية الإيرانية في العالم العربي، ولكن من الواضح بلا شك أن «بومبيو» فيما يتعلق بالموقف من الجمهورية الإسلامية سوف يقدم مزيدا من التأكيد للقيادة الإماراتية حول التزام واشنطن بالدفع ضد توسع وتدعيم النفوذ الإيراني في المنطقة.

وكان «بومبيو» قد دعا إلى تغيير النظام في إيران بما يتفق مع قيادة أبوظبي التي سبق أن حثت واشنطن على النظر في إجراء عسكري مباشر ضد المنشآت النووية الإيرانية وأبدت استياءها من المبادرات الدبلوماسية لإدارة «باراك أوباما» تجاه طهران.

وكان الاستنتاج الذي توصل إليه «جاوان دايلي» الإعلامي الإيراني المرتبط بالحرس الثوري الإيراني هو أن تولي «بومبيو» منصب كبير الدبلوماسيين الأمريكيين سيؤدي إلى نهاية الاتفاق النووي.

ومع ذلك، وعلى الرغم من التفاؤل في الإمارات العربية المتحدة بشأن إقالة «تيلرسون»، فإنه ليس من الواضح تمامًا كيف سيكون تأثير «بومبيو» فعليًا على السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط، ومن السابق لأوانه أن نستنتج أن وجود «بومبيو» على رأس الذراع الدبلوماسية للحكومة الأمريكية سوف يؤدي إلى تبني واشنطن لجدول أعمال مناهض لقطر.

ومن المحتمل أن يواصل وزير الدفاع «جيمس ماتيس»، الذي انضم إلى «تيلرسون» في جهود تعزيز العلاقات بين واشنطن والدوحة خلال الأشهر التسعة الماضية مساعيه لحل الأزمة مع قطر.

وفي الوقت نفسه، وكما أثبتت الأشهر التسعة الماضية، فإن التحالف بين الولايات المتحدة وقطر يتعلق بالمؤسسات، وليس الأفراد حيث قام صندوق الثروة السيادي القطري (هيئة الاستثمار القطرية) باستثمارات كبيرة في الاقتصاد الأمريكي، وهناك مؤسسات أكاديمية أمريكية رئيسية لها فروع في قطر، كما أن الإمارة مهمة لصناعة الدفاع الأمريكية، وتتمركز فيها أكبر منشأة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط وهي قاعدة العُديد الجوية منذ عام 2003.

ومع ذلك، عندما يتعلق الأمر بتركيا وإيران، حيث صارت علاقات واشنطن مع البلدين متوترة على نحو متزايد طوال فترة رئاسة «ترامب»، فليس هناك ما يدعو إلى توقع قيام «بومبيو» بتخفيف مثل هذا الاحتكاك.

وسوف ترحب الإمارات، التي تحب رؤية الولايات المتحدة أكثر تعاطفا مع توقعات الكتلة التي تقودها السعودية والإمارات العربية المتحدة في المنطقة ، بنبرة «بومبيو» الجديدة.

ومع ذلك، فمن المحتمل جدا أن يشعر الإماراتيون بخيبة أمل إذا ما وضعوا الكثير من الثقة في قدرة «بومبيو» على تحويل سياسة واشنطن الخارجية المربكة في الشرق الأوسط بشكل جوهري لصالح أبوظبي.

  كلمات مفتاحية

الإمارات مايك بومبيو تركيا إيران حصار قطر

«نيويورك تايمز»: «بومبيو» و«بولتون» مرتبطان بجهات معادية للإسلام

انقسام في «الشيوخ» الأمريكي حول تعيين «بومبيو» وزيرا للخارجية