مغزى عبور الطائرة الهندية أجواء السعودية نحو (إسرائيل)

الاثنين 26 مارس 2018 06:03 ص

اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي «بنيامين نتنياهو» رحلة طائرة تابعة للخطوط الجوية الهندية من نيودلهي إلى تل أبيب، عبر الأجواء السعودية، «حدثاً تاريخياً».

في تفسيره لتاريخية هذه الحادثة قال «نتنياهو» إن ما حصل يحمل «معاني سياحية واقتصادية وتكنولوجية وسياسية من الدرجة الأولى»، وأن تلك المعاني «طويلة المدى» وأنها ستتضح «فيما بعد» مستنكفاً عن الشرح أكثر الآن «لنمكنها من أن تحدث».

وبما أن «نتنياهو» لا يريد الشرح أكثر، ولأن الواضح أن ما سيحدث سيصبّ في مصلحة (إسرائيل)، فإن من مصلحة الفلسطينيين، ومن تتعارض مصالحهم، بالضرورة، مع مصالح الدولة العبرية، أن يحاولوا استيعاب هذه المعاني لعلّهم بذلك يساهمون في منعها من الحدوث.

تعود جذور هذا الحدث إلى يوليو/تموز 2017 الماضي حين أعلن رئيس الوزراء الهندي «ناريندرا مودي»، خلال زيارة لـ(إسرائيل) عن هذه الخطة (هو ما عاد نتنياهو نفسه إلى تأكيده خلال زيارة له إلى الهند في يناير/كانون الثاني من هذا العام)، ورغم أن الإعلان جاء بعد فترة قصيرة من تولية «محمد بن سلمان» ولاية عهد السعودية لكن الأغلب أن قراراً من هذا النوع يحتاج «طبخاً» دبلوماسياً وسياسياً أكثر.

وهو ما يؤهل لربطه بما يسمى «رؤية» الأمير «بن سلمان» التي أعلنها عام 2016، التي تحدث فيها عن الموقع الجغرافي المميز جدا للسعودية، وقال إن جزءا رئيسيا من المبادلات التجارية (استخدم كلمة Trade الانجليزية في مقابلته التليفزيونية) بين آسيا وأوروبا، كما تحدث عن فتح السياحة لجميع الجنسيات.

إضافة لذلك يمكن طبعا الحديث عن كون السعودية رابع أكبر شريك للهند (وقبلها الإمارات وأمريكا والصين)، وأنها ثامن أكبر سوق في العالم للصادرات الهندية، وان الهند ثاني أكبر موطن للمسلمين في العالم، لكن هذه المعطيات المهمة، لا يمكنها، وحدها، تفسير «المعاني من الدرجة الأولى» التي تحدث عنها «نتنياهو»، ولا توضح متى ولماذا وافقت السعودية على استخدام الهند أجواءها باتجاه تل أبيب.

تحدثت «رؤية» «بن سلمان» عن أرامكو والاقتصاد والسياحة والترفيه والاستعداد لعصر ما بعد انحسار دور النفط، لكنّها أخفت بشكل محكم الجوانب السياسية للأوضاع في السعودية (تحدّث الأمير بشكل خجول عن «الشفافية» التي لم نر منها شيئا)، أو لما يسمى «الصفقة الكبرى»، وللرغبة الجارفة بالتقارب مع (إسرائيل).

أحد تبريرات ذلك التقارب (الذي ما زال يجري بشكل مخفيّ إلى أن نفاجأ بكشفه علنا في وقت لا نعلمه) كان الصراع مع إيران، وحاجة المملكة إلى حليف كإسرائيل بشكل يمكن من الاستفادة من قوّتها العسكرية وعدائها المفترض مع طهران.

غير أن تعيينات البيت الأبيض الأخيرة لوزير خارجية ومستشار للأمن القومي جديدين ومعاديين لإيران، تجعل السعودية (وحتى إسرائيل) طرفين أقلّ أهمّية في الصراع الممكن حدوثه بين القوّة العسكرية الأكبر في العالم وإيران.

وهو ما يجعل تبريرات التقارب السعودي مع (إسرائيل) أقل إقناعا، ويجعل هذا التقارب، بالأحرى، التزاماً بالأجندة الأمريكية لترامب وصهره جاريد كوشنر أكثر منه ضرورة سياسية ملزمة، وخصوصا في ظل أن لا تسوية حقيقية (ناهيك عن كونها عادلة) معروضة لحل النزاع الفلسطيني ـ الإسرائيلي.

ما حصل فعليّاً هو أن السياسة الأمريكية تطابقت، بل زايدت عبر أشخاص مثل «جون بولتون»، والسفير الأمريكي في (إسرائيل) «ديفيد فريدمان»، على التيارات المتطرّفة الإسرائيلية.

وأطلق «ترامب» قراريه الشائنين باعتبار القدس عاصمة لـ(إسرائيل) ونقل سفارة بلاده إليها، وبالتالي فإن ما تحقق من «المعاني الكبرى» هو اتجاه سعودي مستمر للتضحية بالفلسطينيين وقضيتهم وأن هذه هي الرافعة السياسية التي يستخدمها «بن سلمان» لتمكينه من حكم السعودية وتطبيق أحلامه ورؤاه الاقتصادية الكبيرة.

  كلمات مفتاحية

الطيران الهندي أجواء السعودية إسرائيل إير إنديا الفلسطينيون محمد بن سلمان الطبخ الدبلوماسي

(إسرائيل): فتح أجواء السعودية «إنجاز دبلوماسيا» و«العال» تطلب معاملة بالمثل

تقارب دبلوماسي بين السعودية والهند.. ما علاقة باكستان وأفغانستان؟