إذا أردت أن تفهم مدى ملائمة مستشار الأمن القومي المقبل «جون بولتون» لنظام السياسة الخارجية في واشنطن، فليس عليك سوى النظر في محاولته الحشد ضد الاتفاق النووي الإيراني خلال العام الماضي.
وتكشف لنا تفاصيل ذلك الكثير عن مدى فهم مستشار الأمن القومي الجديد لوضع أمريكا في العالم.
وبالطبع، شنّ الرئيس «ترامب» حملة ضد الاتفاق، غير أن البعض داخل الإدارة الأمريكية شعر بالقلق إزاء القدرة على فرض عقوبات جديدة على البنوك والشركات التي تتعامل مع إيران من دون تعاون الدول الأوروبية الحليفة.
واستقر «ترامب» في نهاية المطاف على الاستراتيجية الأمريكية الحالية المتمثلة في التهديد بالانسحاب من الاتفاق، ما لم يوافق الحلفاء الأوربيون على معالجة نقاط الضعف في الاتفاق، لاسيما البرامج الصاروخية الإيرانية ونظام التفتيش الضعيف.
بيد أن هذه الاستراتيجية لم تمض بصورة جيدة داخل المؤسسة في واشنطن، أو بالأحرى مع وزير الخارجية الأمريكي السابق «ريكس تيلرسون».
لكن الأمر لا يبدو كذلك مع «بولتون»، الذي وضع في السابق خطة سياسية بالتعاون مع «فريد فليتز» بشأن كيفية الخروج من «خطة العمل الشاملة المشتركة»، وهي الاسم الرسمي للاتفاق النووي الذي يهدف إلى تأمين مراقبة دولية للأنشطة النووية الإيرانية في مقابل رفع العقوبات عن النظام في طهران.
وقد حضّ «بولتون» الإدارة الأمريكية على الاستمرار في استراتيجية دبلوماسية وسياسية من خلال تقديم دراسة بشأن مخالفة إيران لبنود الاتفاق، وطالب بإجراء مشاورات بشأن القرار مع الحلفاء، على أن يتم استبعاد روسيا والصين عن تلك المشاورات حتى اللحظة الأخيرة.
ووضع «بولتون» خيارات بلغت حدّ «تغيير النظام»، وحثّ البيت الأبيض على تشجيع المناقشات في الكونغرس من أجل الضغط على الحلفاء بهدف وضع نهاية لمنح حقوق رسو وهبوط السفن والطائرات الإيرانية، ومطالبة النظام الإيراني بدفع تعويضات لضحايا الإرهاب، وإعلان تأييد واشنطن للمعارضة الإيرانية، وتقديم المساعدة للأقليات هناك.
عندما يصبح «بولتون» الشهر المقبل مستشاراً للأمن القومي الأمريكي رسمياً، سيكون بمقدوره إعادة تقديم استراتيجيته للرئيس مجدداً، لكن في هذه المرة بصفته الرسمية.
