الفن في مصر.. سلاح ذو وجه واحد لخدمة «السيسي»

الأربعاء 28 مارس 2018 12:03 م

اعتمد الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي» على الممثلين والمطربين المصريين كـ«قوة ناعمة»، للترويج له ولما يقوم به، في مقابل محاربة أي منهم إذا عارضه.

ومن قبل الانقلاب العسكري في يوليو/تموز 2013، كان لـ«السيسي» اجتماعات ولقاءات مع الفنانين في محاولة للترويج لنفسه حصد نتائجها بوقوف هؤلاء الفنانين معه عقب إطاحته بأول رئيس مدني منتخب ،«محمد مرسي»، عبر الأغاني والتصريحات التي أطلقها هؤلاء دعما لهذه الخطوة.

وما أن أصبح «السيسي» رئيسا للبلاد حتى بات الفنانون ضمن وفوده بالولايات المتحدة وألمانيا ودول أخرى في محاولة للترويج له واستخدام شهرتهم وقدرتهم على التمثيل في رسم صورته كرئيس مدني للبلاد، هذا فضلا عن استخدامهم في الترويج لما يقوم به من خطوات سياسية أو اقتصادية وإبرازهم إعلاميا للتأثير على المصريين مستغلا حب الشعوب لهم.

وفي المقابل تجد حملة شعواء على هؤلاء الفنانين إذا أظهروا أي نوع من المعارضة، فما بين الفصل من نقابة المهن التمثيلية أو التضييق على أعمالهم وإجبار بعضهم على الهرب خارج البلاد وانتهاء بالاعتقال وتوجيه الاتهامات التي توجه للمعارضين بالانضمام لـ «جماعات إرهابية»، ومحاولة قلب نظام الحكم.

فما بين ذلك وذاك تجد أن «السيسي» يستخدم الفن والممثلين لخدمة سلطته كما استخدم المؤسسات الدينية (الأزهر والكنيسة) والمؤسسات الحكومية والمؤسسة العسكرية، ولعل فيلم «سري للغاية»، المقرر عرضه خلال أسابيع الذي يحكي كيف قضى «السيسي» على جماعة «الإخوان المسلمون» خير دليل على ذلك.

وفي هذا التقرير يستعرض «الخليج الجديد»، كيف استغل «السيسي» الفنانين كـ«قوة ناعمة» لخدمة سلطته.

تأييد الانقلاب

فنانون كثر وقفوا في وجه ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 وأيدوا احتجاجات 30 يونيو/حزيران 2013، ووزير الدفاع حينها «عبدالفتاح السيسي».

كان أبرز هؤلاء الممثل «حسن مصطفى»، الذي أعتبر أن «ثورة يناير مؤامرة» وأن هناك «عناصر أجنبية مولت ميدان التحرير بوجبات الكنتاكي»، وفي المقابل أيد بعد ذلك بشدة الانقلاب العسكري وصرح بإعجابه الشديد بأغنية «تسلم الأيادي»، وشبهها بأغاني الراحل «عبدالحليم حافظ» الوطنية.

كما أعلن عن حبه وتأييده للفريق «عبدالفتاح السيسي» وقتها طالبا منه الترشح للرئاسة «للقضاء على الإرهاب» حسب تصريحاته لبرنامج «العاشرة مساء».

أما الممثلة «إلهام شاهين» فاعتبرت 30 يونيو/حزيران يوم «استعادة الثورة المسروقة التي خطفها الإخوان من شبابها» حسب تصريحاتها لجريدة «الفجر».

وأكدت عقب إلقاء «السيسي» لبيان عزل «مرسي»، خلال مداخلة تليفونية في برنامج «الحدث المصري» أنها تحملت «عاما أسود تحت حكم مرسي».

وجاء كلامها عن استعادة الثورة، رغم رفضها التام لثورة يناير/كانون الثاني من الأساس، وخروجها في مظاهرات تأييد للرئيس المصري المخلوع «حسني مبارك» في ميدان مصطفى محمود، قائلة «كلمة ارحل عيب».

ولم تختلف «يسرا» كثيرا في موقفها عن «إلهام شاهين» في ذلك الوقت، فأيدت 30 يونيو/حزيران والتظاهرات ضد «مرسي» ثم «بكت بكاء شديدا» بعد سماعها بيان «السيسي» داخل مبنى وزارة الثقافة وسط تواجد عدد كبير من الفنانين في ذلك الوقت.

وصرحت بأن الشعب المصري مارد، «وأثبت أنه هو الذي يحكم نفسه بنفسه معبرا عن الإرادة الحقيقية له»، مشددة على فشل جميع محاولات البعض لتفريق المصريين، وأنه «تم توحيد الصف مرة أخرى».

أما «عادل إمام» الذي رفض 25 يناير/كانون الثاني بشدة، عاد وساند بقوة 30 يونيو/حزيران، وقال عقب الانقلاب في تصريحات صحفية لجريدة «الوطن» المصرية: «مبروك علينا مصر التي عادت لنا مرة أخرى، مصر الطيبة المحمية بقدرة الله عز وجل، فشعب مصر عظيم ومبهر، وجيش مصر باسل وجسور، هذه هي الثورة الحقيقية غير المنتمية لأي حزب أو تيار بعينه، ولكنها ثورة كل أطياف المجتمع المصري، مبروك لشباب مصر على ثورتهم المبدعة التي أبهرت كل العالم».

المخرج «خالد يوسف» عرف بمساندته لثورة 25 يناير/كانون الثاني بشكل كبير، واستمرت هذه المساندة عقب تظاهرات 30 يوينو/حزيران عام 2013، عندما أصر على تصوير جموع المتظاهرين في ميادين مصر كلها بالطائرة «الهليكوبتر»، ثم بثها على الفضائيات «لتشجيع الشعب على المشاركة».

وخرج «يوسف»، بعد بيان «السيسي» في 3 يوليو/تموز، وأكد أن مشهد تظاهرات 30 يونيو/حزيران «ليس موجودا في العالم، وأن العدد لا يقل عن 30 مليون متظاهر بالشوارع»، حسبما صرح  لبرنامج «الحدث المصري» الذي يذاع على شاشة «العربية».

أما الفنان «عمرو واكد» والمعروف بمواقفه الثورية منذ يناير/كانون الثاني 2011 فتهنئته بعزل «مرسي» كانت مختلفة بعض الشيء، فقال عبر حسابه الشخصي على «تويتر» عقب بيان القوات المسلحة الذي ألقاه «السيسي» يوم 3 يوليو/تموز: «ألف مبروك للمصريين، واضح إن الراجل اللي كان بيقطع النور كل يوم اتقبض عليه هو كمان».

أما الشاعر الراحل الخال «عبدالرحمن الأبنودي» فوجه الشكر العميق للشعب المصري، والجيش، ولـ«السيسي»، مؤكدا أنه سعيد بشكل خاص «لأن الله حقق ما توقعه في أشعار»، حيث قال في أحدث قصائده «ويا ريس المركب يا حلاوتك.. ياللي سواقتك عجباني.. من كتر خوفنا على راحتك هنشوفلها ريس تاني».

الفنان «تامر حسني» والذي سبق وهاجم ثوار 25 يناير/كانون الثاني، ثم ضرب في ميدان التحرير بعد نزوله لهم، واعترف حينها بتضليله إبان ثورة يناير، أكد أنه غرر به ليدافع عن النظام السابق، ساند «السيسي» قائلا: «بعدما سمعت بيان الجيش حضر في دماغي أغنية إيهاب توفيق الله عليك يا سيدي بس سامعها سيسي» .

أما الفنان «هاني رمزي» فشارك في تظاهرات 30 يونيو/حزيران وخرج في مسيرة ضمت كوكبة كبيرة من الفنانين، وقال إنه «متفائل بسقوط النظام، لأن الشعب المصري قال كلمته».

ورفعت «منى زكي»، «القبقاب»، احتجاجا منها على سياسة النظام.

واعتبر «خالد النبوي» أن «المصريين مصممون على صنع مستقبلهم بأيديهم»، فيما رفع عدد من الفنانين المشاركين في نفس المسيرة «الكارت الأحمر» في وجه النظام، ومنهم «أنغام»، «كريم عبدالعزيز»، «حسين فهمي»، «أحمد حلمي»، و«جميل راتب».

وباركت «يسرا اللوزي» عقب خلع «مرسي» قائلة: «مبروك لمصر التخلص من حكم الإخوان وعقبالك يا تونس، عقبال سوريا وليبيا».

فنانون وجولات خارجية

اصطحب «السيسي» في عدد من جولاته الخارجية العديد من الفنانين والممثلين، كان أبرزها زيارته لألمانيا في يونيو/حزيران 2015 حينما اصطحب مع كلا من «إلهام شاهين» و «يسرا» و«لبلبة»، و«داليا البحيري»، و«لقاء الخميسي»، و«هالة صدقي»، و«محمد كريم»، و«أحمد بدير»، و«إيهاب توفيق»، و«أيمن عزب»، و«محمد الصاوي»، و«ماجد المصري»، و«ممدوح عبدالعليم»، و«عزت العلايلي»، والمخرج «خالد يوسف»، و«هشام عباس»، و«أشرف عبدالغفور»، و«خالد سليم».

الدعم بالأغاني والأفلام

«تسلم الأيادي»، «كلنا معاك»، كلها أغناي خرجت من العديد من المطربية المصريين لدعم «السيسي» منذ الانقلاب العسكري مرورا بتوليه الرئاسة عام 2014 حتى ترشحه لفترة رئاسية ثانية.
وامتد دعم «السيسي» بالأغاني ليشمل المطرب الإماراتي «حسين الجسمي»، والذي شارك بأغنية «بشرة خير» لحث المصريين على الانتخاب في رئاسيات 2014، ثم أغنية «مساء الخير» لحثهم على الخروج في رئاسيات 2018.

وامتد دعم الفنانين لـ«السيسي»، ليشمل دعمه بالأفلام، عن طريق فيلم «سري للغاية»، يتناول المشهد منذ ثورة يناير/كانون الثاني 2011، ويجسد شخصيات الرئيس الحالي «عبدالفتاح السيسي»، والأسبق «محمد مرسي». (طالع المزيد)

ولم تشهد مصر أعمالا فنية تجسد الوضع السياسي وتحاكي ثورة يناير/كانون الثاني منذ 2011، باستثناء فيلم بعنوان «18 يوم» اقتصر عرضه على شبكة الإنترنت العام الماضي بعد منعه بدور السينما لنحو 6 سنوات.

الحشد لـ«السيسي»

يخرج العديد من الممثلين المصرين للحشد لـ«السيسي»، وتلتقط الكاميرات صورهم أثناء قيامهم بعملية التصويت في الانتخابات، مطلقين تصريحات عديدة مؤيدة لتولي «السيسي» لفترة رئاسية ثانية.

ووصل الأمر أن قام الممثل المصري «حسين فهمي» والمؤيد لـ«السيسي»، بالتصويت في الانتخابات الرئاسية الحالية مرتين، أحدهما في الخارج بالسفارة المصرية لدى أبوظبي بالإمارات، وأخرى في لجنة الانتخابات بمدينة الشيخ زايد غربي القاهرة. (طالع المزيد)

كما حضر العديد من الفنانين والإعلاميين، أبرزهم الإعلامي «مفيد فوزي»، و«لميس جابر»، والروائي «يوسف القعيد»، و«سمير صبري»، والفنانين «أحمد عبدالعزيز»، «أحمد سلامة»، «أحمد فلوكس»، «هنا شيحة»، والشاعر «عبدالله حسن»، المؤتمر الشعبي لدعم «السيسي» لفترة رئاسية ثانية.

الفصل والإيقاف

في مقابل داعمي «السيسي» كان الفصل والإيقاف ووقف عرض الأعمال مصير كل من عارض الرئيس المصري ولم يؤيد الانقلاب العسكري.

ويوجد 8 من الفنانين المصريين يعارضون «السيسي»، سواء داخل مصر، أو خارجها، وهؤلاء أكثرهم ينتمي إلى التيار الليبرالي، ويرون أنه جاء على ظهر الدبابة وبانقلاب واضح، وهم الممثل «هشام عبدالحميد»، و «هشام عبدالله»، «خالد أبو النجا»، «محمد شومان»، الشاعر «صلاح عبدالله»، الإعلامي «محمد ناصر»، والفنان «وجدي العربي». (طالع المزيد)

وأعلنت نقابة المهن التمثيلية عن فصل 3 فنانين، بحجة عدم دفع الاشتراك السنوي.

وقال «أشرف زكي»، نقيب المهن التمثيلية المصرية، إنه تم فصل الفنانين «هشام عبدالحميد»، و«محمد شومان»، و«هشام عبدالله»، من النقابة، موضحا أن ذلك يعود إلى عدم دفعهم الاشتراك السنوي.

وأضاف «زكي»، خلال لقاء على إحدى الفضائيات الخاصة، أن القانون ينص على أن من لا يدفع اشتراك النقابة لمدة تزيد على عام، يتم فصله، مؤكدا أنه في حال تقدموا بإعادة قيد يتم ضمهم مجددا إلى النقابة.

وطال الاعتقال مجموعة شباب أعضاء مسرحية فنية ساخرة، وهي فرفة «أولاد الشوارع»، ووجهت لهم النيابة عدة اتهامات، بينها «الاشتراك مع آخرين في إذاعة أخبار وبيانات كاذبة عمدا، والتحريض على قلب نظام الحكم»، وهي التهم التي أنكرها المتهمون، وفق المصدر القانوني ذاته.

وفي 7 سبتمبر/أيلول 2016 أخلت محكمة جنايات القاهرة سبيل المتهمين الأربعة بتدابير احترازية، وتم عرضهم خلال عام كامل على المحكمة لتخفيف هذه التدابير أو إلغائها، واستجابت المحكمة لطلب إلغاء التدابير.

وتقول الفرقة عبر صفحتها الرسمية على «فيسبوك»، إنهم «شباب يعملون بالمسرح، قرروا تصوير فيديوهات في الشوارع بأفكار مجنونة مضحكة، وهي تحاول الوصول بالمسرح إلى الناس الذين لا يستطيعون الذهاب إلى المسرح، وخاصة الأماكن الأكثر فقرا». (طالع المزيد)

وقف مسرحي

وخلال الشهر الجاري، تم حبس فريق عرض «سليمان خاطر»، والذين تم حبسهم بقرار من النيابة العسكرية، بعد عرض مسرحيتهم في نادي الصيد المصري.

من جانبه، أصدر نادى الصيد بحي الدقي، قرب العاصمة، بيانا، أعلن فيه دعمه للقوات المسلحة والشرطة، بعد الانتقادات التى طالت المسرحية، التى أوقف النادى عرضها.

وقال رئيس نادي الصيد «محسن طنطاوي»، إن مسرحية «سليمان خاطر» التي تم عرضها في النادي عرضت في القصر الثقافي الأنفوشي في الأسكندرية (شمال) عام 2016. (طالع المزيد)

وأضاف «طنطاوي»، خلال مداخلة هاتفية مع برنامج «بالورقة والقلم»، الذي يقدمه الإعلامي «نشأت الديهي»، المذاع عبر فضائية «ten»، أن هذه المسرحية خضعت لرقابة شديدة أثناء عرضها في الإسكندرية، متابعا «كل أعضاء النادي يحترمون الوطن والجيش والشرطة، ونعرف الأصول».

  كلمات مفتاحية

الممثلين المصريين السيسي رئاسيات مصر 2018 مصر فرقة أولاد الشوارع تسلم الأيادي سري للغاية الانقلاب العسكري