رئاسيات مصر.. الرقص أمام اللجان بـ8 دولارات ووجبة

الأربعاء 28 مارس 2018 02:03 ص

«مطلوب شباب/بنات.. شغل انتخابات.. 150 جنيه (8.5 دولار) في اليوم ووجبة».. كان هذا مضمون مجموعة من التدوينات والمنشورات التي انتشرت على الصفحات العامة والمجموعات المغلقة في مواقع التواصل الاجتماعي، بسرعة الصاروخ خلال الأيام الماضية بين المصريين.

المنشورات تضمنت أرقاما هاتفية للتواصل ودعوات لمعرفة التفاصيل عبر الرسائل الخاصة، في محاولة لجذب المئات ممن يقف أمام اللجان للغناء والرقص ودعوة الناخبين للترويج للمرشح الرئاسي «عبدالفتاح السيسي»، المحسومة الانتخابات أصلا لصالحه.

«شغل انتخابات»، كانت أحد وسائل الحشد الذي اتخذتها حملة «السيسي» الرسمية أو غير الرسمية، للتأثير على الناخبين، ودعوتهم للتصويت في الانتخابات.

وينافس «السيسي»، سياسي مغمور يدعى «موسى مصطفى موسى» يرأس حزب «الغد»، الموالي للنظام، والذي سبق أن أعلن دعمه لتمديد انتخاب «السيسي» لفترة ثانية، ودخل السباق في اللحظات الأخيرة، فيما بدا عودة بالزمن إلى استفتاءات الحكام المستبدين، والذي اعترف بفشله في الانتخابات، مع الساعات الأولى للتصويت حين قال: «محدش يعرفني».

ويشير ضعف الإقبال المتوقع، إلى أن «السيسي» يفتقر إلى التفويض اللازم لاتخاذ المزيد من الخطوات الصعبة المطلوبة لإنعاش اقتصاد تضرر بشدة بعد أن تسبب الانقلاب الذي قاده في 2013، في ابتعاد السائحين والمستثمرين الأجانب، المصدرين الرئيسيين للعملة الصعبة.

وتتخلص مهام المطلوبين من الجنسين، بحسب ما كشف أحد منسقيهم، في ارتداء ملابس تحمل صور «السيسي»، ويدعون الناخبين للتصويت عامة، ولمرشحهم خاصة، عبر الغناء والرقص أمام اللجان، وعبر مكبرات الصوت بالسيارات المتجولة في الشوارع.

سخرية واسعة

وسخر ناشطون من السعي الحثيث لحملة «السيسي»، من حشد الشباب والفتيات أمام اللجان، في محاولة لإظهار وجود مصوتين في الرئاسيات التي تغيب فيها المنافسة من الأساس.

المخرج البارز «عمرو عزت»، نشر عددا من هذه الدعوات، وقال: «الناس المسترخصة الـ150 جنيه (8.5 دولار) في اليوم، أعتقد موسى مصطفى موسى نفسه ما أخدش أكتر من كدا».

وأضافت «مها صلاح»: «ده العملية زروطت.. في المنيا الصوت بـ50 جنيه (2.8 دولار)!.. في الساعات الحرجة قبل إغلاق مراكز التصويت في آخر انتخابات تشريعية الصوت وصل في بعض الدوائر لـ2000جنيه (113 دولار)».

وكشف «محمد صلاح»: «قبل الانتخابات بكام يوم كان فيه بوست بـ200جنيه (13.3 دولارات) للشاب والبنات الضعف.. واضح إن السوق اتضرب منهم».

ولخص «أدهم إبراهيم»، هذه الأعمال بالقول: «مطلوب راقصات لا يشترط الخبرة».

وأضافت «آلاء أسامة»: «في البداية أجروا مرشح ينزل الانتخابات.. وبعدين بقت البنات اللي بترقص متأجرة.. والدي جي متأجرة.. والعواجيز اللي ع الكراسي نصابين.. والموظفين رايحين يصوتوا عافية.. مشهد بالكامل مصطنع بشكل مقزز.. دي حتى انتخابات 2014 كانت أوقع من كدا».

ولم تعرف مصر الرقص على أبواب اللجان الانتخابية، وأسلوب المكايدة السياسية، والأغاني التي تدعو المواطنين للتصويت في الانتخابات، إلا مع ظهور «السيسي»، عقب انقلابه على أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا «محمد مرسي»، في يوليو/تموز 2013.

ومنذ الانقلاب، يستخدم نظام «السيسي»، الرقص أمام مراكز الاقتراع للتغطية على حجم المشاركة، وحث المواطنين على التوجه للإدلاء بأصواتهم، فتحولت مراكز الاقتراع إلى ساحات رقص كبيرة، واستبدل الحديث عن المرشحين وبرامجهم ومدى قدرتهم على تحقيق أحلام المصريين في الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، بالحديث عن أي اللجان شهدت رقصا أكثر.

وعلى الرغم من تخيل المراقبين أن هذه الحالة التي شهدتها مصر لن تتكرر هذه المرة، خاصة أن الانتخابات الرئاسية هذا العام لن تشهد منافسة وباتت نتائجها محسومة، لكن الرقص تكرر، وهذه المرة لم يكن للمكايدة بقدر ما هو محاولة للتغطية على حجم المشاركة الهزيلة في ظل عزوف المواطنين عن المشاركة.

الرقص هذه المرة لم يقتصر على المصريين فحسب، بل تداول ناشطون مقطع فيديو لأعضاء الوفد الأمريكي، الذي يراقب الانتخابات الرئاسية في البلاد، وهم يرقصون ويتناولون الفطير المشلتت ويدخنون الشيشة.

وحسب صحيفة «الفايننشال تايمز»، البريطانية، فإن «الانتخابات الرئاسية الصورية في مصر مشهد محبط يبرز كيف تلاشت مطالب الديمقراطية التي نادت بها الانتفاضات العربية في 2011».

وفي تقرير لها، تحت عنوان «مصريون في سيناء يقفون في طابور الخبز.. لا الانتخابات»، رصدت «رويترز»، سعي المصريين للحصول على الخبز الذي يوزع عليهم في سيناء، ووقوفهم في طوابير بدلا من طوابير الانتخابات.

وتعرضت مصر لانقلاب عسكري منتصف العام 2013، أطاح بالرئيس المنتخب «محمد مرسي»، فضلا عن إلغاء نتائج المجالس المنتخبة (الشعب والشورى)، وتعديل دستور البلاد، وما صاحب ذلك من إجراءت قمعية بحق المعارضين.

وتعاني مصر في عهد «السيسي»، وضعا اقتصاديا مترديا وارتفاعا كبيرا في الأسعار، وندرة في بعض السلع الاستراتيجية، كما تهاوى الجنيه المصري أمام الدولار، فضلا عن أزمة في قطاع السياحة، وتراجع في تحويلات المصريين بالخارج، وتنامي مؤشرات الفساد وقضايا الرشوة.

ولم تفلح الحكومات المصرية المتعاقبة، منذ الانقلاب العسكري في 3 يوليو/تموز 2013، في تحسين مستوى معيشة المصريين وحل الأزمات المجتمعية المتراكمة وأبرزها البطالة والفقر، رغم الخطط والإجراءات المتعددة التي أعلن عنها النظام المصري في هذا الإطار.

كما تعاني البلاد في ظل حكم «السيسي»، احتقانا سياسيا، وتزايدا في عمليات الاعتقالات والقتل على يد الشرطة خارج إطار القانون، وإجراءات قمعية ضد معارضي السلطة، وفرض قيود على حرية الرأي والتعبير.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر السيسي رئاسيات انتخابات رقص