3 تحديات تواجه توحيد الجيش الليبي.. و«حفتر» أبرز العقبات

الجمعة 30 مارس 2018 11:03 ص

تواجه محاولات توحيد الجيش الليبي، التي ترعاها القاهرة، أزمات عدة تتعلق بمدى التوافق وتجاوز الاستقطاب الليبي الحاد سياسيا وأمنيا واجتماعيا.

ويعد الاتفاق بشأن الهيكل التنظيمي للجيش ومراكزه القيادية، واحدا من أبرز العقبات أمام تلك المحاولات في ظل رغبات إقليمية لفرض أسماء بعينها، وسط تدخلات من رؤساء أجهزة دبلوماسية واستخباراتية وعسكرية.

والهيكلة المحتملة للجيش الليبي وتوحيده، تعد -بجانب الحل السياسي- رئتي البلاد لتجاوز ما حدث منذ الإطاحة بنظام «معمر القذافي»، في ثورة شعبية، في 17 فبراير/شباط 2011.

ووفق المراقبين، فإن أهمية دور مصر، جارة ليبيا من حدودها الغربية، ينبع من حسابات عديدة؛ يأتي في مقدمتها المصلحة المصرية في تجاوز أي تهديد إرهابي محتمل.

ويتصارع جانبان رئيسيان على النفوذ والشرعية والجيش: الأول حكومة «الوفاق» في طرابلس (غرب) برئاسة «فائز السراج»، المسنودة بالمجلس الأعلى للدولة، والثاني القوات التي يقودها «خليفة حفتر»، والمدعومة من مجلس النواب بطبرق (شرق)، فضلا عن دعمه من قبل مصر والإمارات.

ومنذ أواخر 2017 وحتى 20 مارس/آذار الجاري 2018، مضت خطوات لتوحيد الجيش الليبي عبر 6 جولات بحضور أطراف عسكرية ليبية عديدة، لا تعلن أسماؤها عادة من الجانب المصري، غير أن تقارير محلية تشير إلى مشاركة، «عبدالرازق الناظوري»، رئيس أركان قوات «حفتر»، و«عبد الرحمان الطويل»، رئيس أركان قوات حكومة الوفاق، و«فرج الصوصاع»، رئيس وفد قوات حفتر، و«علي عبد الجليل»، رئيس وفد قوات حكومة الوفاق.

ورغم أن التفاصيل طيّ اجتماعات مغلقة، غير أن الهدف الرئيس لها في معظم البيانات الرسمية الصادرة «التأكيد أن مسار توحيد المؤسسة العسكرية سيكون بمثابة النواة الصلبة لدفع المسار السياسي إلى الأمام»، والتشديد على أنه «لا مكان داخل المؤسسة العسكرية الليبية لأية توجهات سياسية أو عقائدية أو استقطاب».

7 مناطق عسكرية

كانت ليبيا مقسمة في عهد «القذافي» (1969-2011)، إلى 3 مناطق عسكرية فقط هي: الجنوبية، الغربية، والشرقية، وبعد الإطاحة به في 2011، تم تقسيم البلاد إلى 4 مناطق عسكرية هي: طرابلس العسكرية (غرب)، سبها العسكرية (جنوب)، الوسطى العسكرية، بنغازي العسكرية (شرق).

وفي يونيو/حزيران 2017، أصدر المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، قراراً يقضي بتقسيم البلاد إلى 7 مناطق عسكرية، بإضافة المنطقة العسكرية الغربية، ومنطقة طبرق العسكرية (شمال شرق)، ومنطقة الكفرة العسكرية (جنوب شرق).

وفي هذا السياق، يقول «ناصر الهواري»، مدير المرصد الليبي لحقوق الإنسان (غير حكومي)، إن «التشكيلات العسكرية الموجودة على أرض الواقع تنبثق عن أجسام سياسية، وهي: المجلس الرئاسي، والبرلمان، إضافة لبعض القوى الأخرى في الزنتان ومصراتة».

يضاف إلى تلك التشكيلات، المجموعات المسلحة الموجودة في طرابلس وهي: «عبد الروؤف كارة (قائد قوة الردع الخاصة)، هيثم التاجوري (قائد كتيبة ثوار طرابلس)، وغنيوة الككلي (قائد الأمن المركزي)، وهاشم بشر (رئيس اللجنة الأمنية العليا سابقًا/ قيادي في كتيبة ثوار طرابلس)»، وكلها حليفة للمجلس الرئاسي.

تسوية آمنة

الخبير المصري في الشؤون الليبية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية (حكومي)، «كامل عبدالله»، يرى أن موقف مصر من الإسلاميين معروف، لكنها تقدم مقاربة أكثر انفتاحا مع كل القوى الليبية، وتدير حوارا مسؤولا مع عسكريين ليبيين وربما نرى الفترة المقبلة مشاركة ضباط جدد (لم يسمهم).

وبشأن الخلاف الجوهري بين أنصار «حفتر» وخصومه بشأنه تعيينه قائدا للجيش الليبي، لفت «عبدالله»، إلى أن «الخلاف حول حفتر موجود، ولكن المشاورات تحل كل شيء، خاصة وأن مصر تدير عملية معقدة مع أطراف أخذت مكاسب لن تتركها بسهولة بين يوم وليلة».

وحال نجاح التوافق العسكري سوف يحل أحد أكبر نقاط الخلاف المتمثل بتعديل المادة الثامنة في الاتفاق السياسي، والخاصة بالمراكز القيادية في الجيش الليبي، بحسب «عبدالله».

وتتعلق المفاوضات الجارية بحسم المناصب الرئيسية والأقدمية وكيفية استيعاب السلاح والكيانات وضبط المؤسسات وبحث علاقة الجيش بالسلطة المدنية.

ويصف الخبير المصري في الشأن الليبي، «خيري عمر»، ما يحدث بأنه «تسوية آمنة»، قائلا إن «المسار الذي اتخذته مصر بالنقاش لتوحيد الجيش الليبي والتسوية والتفاهمات لبناء المؤسسات، هو المسار السليم والآمن والهام لبناء المؤسسات بعيدا عن الصراعات».

واعتبر «عمر» أن «إنجاز تلك التسوية سيساعد في الحل السياسي».

ويشير السفير الليبي الأسبق بالقاهرة، «محمد فايز جبريل»، إلى أن ما يحدث اليوم (من محاولة توحيد الجيش الليبي) هو عودة لعام 1940، عندما تم تأسيسه من القاهرة.

ففي 1939، قررت 40 شخصية من القادة والزعماء الليبيين المقيمين بمصر، تكوين جيش لتحرير بلادهم، وافتتح مكتب لقبول المتطوعين بالقاهرة في 12 أغسطس/آب 1940.

3 تحديات

ويضع «عبد الله»، ثلاث تحديات تواجه مسار توحيد الجيش والتفاهمات، «متمثلة في الاستقطاب الحاد سياسيا وأمنيا واجتماعيا بليبيا، والتوافق على الهيكل التنظيمي للجيش ومراكزه القيادية، وتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه».

ويربط نجاح الجهود في توحيد الجيش، بما يسفر عنه الوضع السياسي وليس العكس، رافضا أن يقلل أحد من أي جهد متخذ في سبيل توحيد الجيش.

ويتفق معه الليبي «ناصر الهواري»، قائلا: «أهم التحديات تتمثل في تسمية المراكز القيادية بالجيش، وعلى رأسها قائده العام والمرشح له خليفة حفتر».

ويرى «جبريل»، أن القاهرة جمعت الفرقاء وتحاول أن تنجز حلا لأسباب مصرية؛ منها الحرص على تأمين حدودها في بلد يشكل عدم استقراره خطورة على المنطقة.

وكان مركز «بروكنجز» الأمريكي للأبحاث، ذكر في مقال له العام الماضي، أن هناك 3 مصالح لمصر في توحيد الجيش الليبي،: «الأول أمني مرتبط بتأمين حدودها المشتركة مع ليبيا، التي تمتد على مسافة ألف و115 كلم، من التيارات المتطرفة، والثاني بالوضع الاقتصادي، حيث العمالة المصرية بالآلاف هناك (في ليبيا)، أما الثالث فيتمثل خشية صعود أي تيار هناك يدعم وجود جماعة الإخوان المسلمين، التنظيم المحظور في مصر».

ووفق المقترح المتداول، سيتم اختيار «فائز السراج» رئيس حكومة الوفاق، رئيسا للدولة، وقائدا أعلى للقوات المسلحة، بوجود نائبين هما «محمد البرغثي»، و«ناجي مختار».

ويتضمن التصور المصري أيضا اختيار «عارف النايض» سفير ليبيا لدى الإمارات رئيسا للحكومة، على أن يكون «حفتر»، قائدا عاما للجيش ووزيرا للدفاع، و«سالم جحا» رئيسا للأركان.

وفي حال تم إقرار الاتفاق، سيتم دمج وزارة الدفاع الليبية في مجلس عسكري للجيش يقوده «حفتر»، الذي يتعين عليه وفق مصادر مصرية وليبية، أن يتعاون بشكل كامل مع حكومة الوفاق التي يترأسها «فائز السراج» ويعترف بشرعيتها.

  كلمات مفتاحية

الجيش الليبي حفتر مصر ليبيا السراج اتفاق الصخيرات

«السراج» ينفي تقديمه عرضا لـ«حفتر» بتقاسم السلطة في ليبيا

تقارب سوداني مع «حفتر» بوساطة مصرية إماراتية

«إنتليجنس»: المخابرات المصرية تنسق العلاقات بين (إسرائيل) و«حفتر»