«خاشقجي» يدعو «الإخوان» لترك السياسة من أجل استعادة الديمقراطية

السبت 31 مارس 2018 03:03 ص

دعا الكاتب والإعلامي السعودي «جمال خاشقجي» جماعة «الإخوان المسلمون» لترك العمل السياسي،  لتسهيل مهمة عودة مصر وبعض دول العالم العربي إلى ديمقراطية تعددية.

وقال «خاشقجي» في مقال له بعنوان «أيها الإخوان ما لكم وللسياسة»، على موقع «رصيف22» :«قد لا يدرك الإخوان المسلمون أنهم انتصروا وحان الوقت لأن يتخلوا عن تنظيمهم الذي بات يؤرق بعض قادة المنطقة، لقد بات الإسلام السياسي اختيارا شعبيا لشريحة معتبرة من أي مجتمع مسلم، ولا يحول بينه وبين الحكم أو المشاركة فيه إلا توفر الديمقراطية، بالتالي ليتهم يرفعون شعار الديمقراطية هي الحل مثلما رفعوا يوما شعار الإسلام هو الحل».

وتابع: «صعب عليهم أن يتخلوا عن الاسم، فذاك مثل أن تقول لشركة كوكاكولا أن تتخلى عن اسمها التجاري الذي يساوي وحده مليارات، ولكن ماذا لو دعوتهم للتخلي عن السياسة؟ لقد أثبتت التجربة أن قادة الإخوان لا يحسنونها، حتى ذهب صديق كان يوما من الإخوان إلى القول لو كنت مفتيا يسمع له لأفتيت بحرمانية ممارسة الإخوان للسياسة، قائل هذه الجملة سياسي سوري يخدم قضية بلاده ولكنه لم يعد يحتمل ممارسة شيوخ الإخوان للسياسة».

واستطرد الكاتب السعودي: «ليس وحده، فمثله كثر وغالبيتهم كانوا إخوانا وتركوا التنظيم، ولكن لم يتخلوا عن الفكرة الإسلامية.. أوافقه في ذلك، ولدي دليلان على كارثية ممارسة الإخوان للسياسة، ما كلفهم، بل كلف الأمة ومسيرتها نحو الديمقراطية والعدالة الكثير».

وشدد على أنه «كان ينبغي على الإخوان الحفاظ على حلفهم مع السعودية مهما كلف الأمر».

غزو الكويت

وأشار «خاشقجي» إلى أنه «عندما غزا صدام حسين الكويت عام 1990، انقلبت أحوال العرب والمسلمين رأسا على عقب ومعهم الإخوان بشتى تفرعاتهم العربية والإسلامية، لم تكن أوضاعهم سيئة كما هي اليوم، كانوا يتمتعون بقدر من الحرية وقدر أهم من العلاقات مع حكومات المنطقة أهمها مع السعودية التي كانت حليفا تاريخيا لهم منذ أيام الراحل الملك فيصل».

وقال: «كان ينبغي على الإخوان الحفاظ على هذا الحلف مهما كلف الأمر، ولكنهم تعاملوا مع أزمة غزو الكويت وما تبعها من استعانة السعودية بالقوات الأمريكية تعامل كاتب المقال وليس السياسي! ما الفرق؟»

وأوضح أن «كاتب المقال لا يهتم بنتيجة مقاله، إنه يريد تسجيل موقف، وبالطبع لم يكن مشهد القوات الأمريكية وهي تحتشد على أراضي جزيرة العرب مريحا، حتى الملك الراحل فهد وإخوته من حوله قبلوه على مضض، كان على الإخوان أن يغلبوا السياسة والمصلحة ولكنهم حاولوا إمساك العصا من الوسط، فشجبوا احتلال الكويت ووقفوا ضد السبيل الوحيد لتحريرها ووقف صدام من التوسع إلى ما بعدها، وهو الاستعانة بالقوات الأمريكية، ذلك الموقف أدى إلى خسارتهم أهم حليف لهم ولا يزالون يدفعون كلفته حتى الآن».

وأشار إلى أن «الخطأ الكارثي الثاني هو أداؤهم بعد وصولهم إلى السلطة في مصر، في أول انتخابات حرة ديمقراطية تشهدها أكبر دولة عربية، مرة أخرى كان عليهم الحفاظ على الديمقراطية هناك مهما كلفهم الأمر، حتى ولو كان الثمن ترك السلطة، وهم الأحق بها وفق قواعد صناديق الاقتراع في ديمقراطية هشة، ولكنهم اتخذوا مرة أخرى موقف كاتب المقال المعني بالموقف المبدئي والحق، لا السياسي المدرك للواقع».

وتابع: «النتيجة كانت ضياع الديمقراطية في مصر وضياع الثورة التاريخية التي كان يمكن أن تغير قدر العالم العربي كله وليس مصر فقط.. تكلفة ذلك الموقف باهظة على الإخوان إذ أعادتهم وشبابهم إلى السجن والقمع، مبددين فرصة للدعوة في أجواء حرة كانت لوحدها تستحق الحماية حتى لو لم يكونوا في السلطة، ناهيك عن مقتل آلاف من أنصارهم».

وأكد أن «الإخوان هم الذين لم يفعلوا ما كان ينبغي أن يحسنونه وهو حسن التدبير والحفاظ على الثورة والحرية والديمقراطية».

مهنة السياسة

واعتبر أن «السياسة مهنة لها أهلها المختصون بها، هم الذين يناورون، ويتلاقون مع خصومهم في منتصف الطريق، هم الذين يرون عواقب المواقف ومستعدون لتغييرها وفق المصلحة، فلا يكونون كتاب مقالات وشعراء حماسة وخطباء على المنابر».

وتابع: «لو ترك شيوخ الإخوان ودعاتهم السياسة، سيكونون صانعي الملوك. في الديمقراطية، يبحث السياسي عمن يدعمه، والجميع يعلم قوة الإخوان. حصل ذلك بعد الثورة. اصطف خصوهم أمام بابهم، وحرص سفراء دول تبغضهم على تصدر حفلهم الرمضاني السنوي المعتاد».

وأضاف «خاشقجي»: لقد حان الوقت لأن يدركوا أنهم انتصروا بعد نضال 90 عاما. ففي أوائل القرن الماضي، كانت مهمتهم التصدي للتغريب الذي اكتسح العالم الإسلامي بعد سقوط الخلافة والدولة العثمانية..تصدى الإخوان في سنيهم الأولى لذلك ونجحوا، ولكن لم ينتصروا».

وتابع: «في الستينيات، جاءت موجة أعتى قادها عسكر صغار السن والعقل معا، التف حولهم اليسار، فكانت الشيوعية والاشتراكية هي الرائجة. طرح هؤلاء ما هو أدهى: إلغاء الإسلام كمرجعية اجتماعية وليس سياسية فقط. ساد التخفف من الدين اجتماعيا..تحالف الإخوان وقتها مع الراحل الملك السعودي فيصل وانتصروا معا، وعاد الإسلام قويا كمرجعية اجتماعية وظل مغيبا سياسيا».

وأردف: «اتفقت جمهوريات العسكر العربية ذات الواجهة الديمقراطية التقدمية المشوهة على حظر الإسلام من ممارسة السياسة بزعم حظر الأحزاب الدينية، ولكن استمر الإخوان بالدعوة ونشر فكرتهم».

ومضى بالقول: «انفجرت الثورة وجاءت الديمقراطية كاملة في مصر وتونس، وأزيل ذلك الحظر غير الديمقراطي على مضض، ليس من قبل العسكر الذين خسروا المعركة مؤقتا فقط، ولكن حتى من القوى المدنية التي تزعم أنها ليبرالية. شارك الإخوان وغيرهم من القوى الإسلامية في الانتخابات بمصر وتونس (حتى ليبيا) فاكتسحوا. حصدوا ثمار دعوتهم، وتأكد للجميع أن ثمة شريحة هائلة في المجتمعات العربية ستعطي دوما صوتها للإسلاميين»

وأكد الكاتب السعودي أن «هذه الشريحة لا تزال موجودة ولكن يحول بينها وبين الحكم أو المشاركة فيه بمصر وجود نظام عسكري متفرد بالسلطة، رأينا كيف أدار انتخابات هزلية مؤخرا».

واختتم «خاشقجي» بدعوة وجهها للجماعة قائلا: «ليعلن الإخوان، رغم جراحهم وآلامهم، أنهم انتصروا، ثم ليتنحوا عن السياسة، لتسهيل مهمة عودة مصر وبعض العالم العربي إلى ديمقراطية تعددية، فسوف يكون هناك حزب سياسي ما تتجمع حوله أصوات تلك الشريحة الملتزمة بإعطاء صوتها للإسلاميين، شيء ما مثلما تبلور بعد خبرة وممارسة وحكمة في تونس والمغرب وتركيا، حزب واقعي يمارس السياسة لا الخطابة».

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

خاشقجي استعادة الديقراطية الإخوان المسلمون ترك السياسة أخطاء كارثية