«ذي أتلانتيك»: «السيسي» يفرض سيطرته على مصر.. والغرب لا يمانع

الاثنين 2 أبريل 2018 08:04 ص

سيكون لويا لعنق الحقيقة أن نطلق على المنافسة الانتخابية الأخيرة في مصر أنها كانت تنافسية، فقد كان هناك مرشحان فقط في الاقتراع، الرئيس الحالي «عبدالفتاح السيسي»، وأحد أنصار «السيسي» نفسه، كما سيكون من الصعب وصف البيئة في مصر في الفترة التي سبقت الانتخابات باعتبارها حرة ونزيهة، بعدما انسحب العديد من المرشحين من السباق، متحججين بالبيئة المغلقة العدائية. وتم اعتقال اثنين منهم بالفعل من قبل السلطات.

وتشير الأرقام الأولية غير المؤكدة الواردة من وسائل الإعلام الرسمية المصرية في 29 مارس/آذار إلى أن نحو 42% من الجمهور خرجوا للتصويت خلال الانتخابات التي أجريت في الفترة من 26 مارس/آذار إلى 28 مارس/آذار، مقارنة بنسبة 47.5% في عام 2014، العام الذي شهد آخر انتخابات للرئاسة. ومن بين هؤلاء الناخبين، صوت 92% لصالح «السيسي»، مع عدد من التقارير الإخبارية تشير إلى جهود الدولة القوية لحشد الناخبين. وزعمت جماعات المعارضة أن التجربة غير عادلة. وفي الواقع، أفادت التقارير بأن بطاقات الأصوات الباطلة قد تجاوزت عدد الأصوات التي تم الإدلاء بها لصالح منافس «السيسي» بأكثر من اثنين إلى واحد.

وبدلا من النظر إلى الانتخابات نفسها، قد يكون من المنطقي والسليم أن ننظر إلى ما يأتي بعد ذلك.

ولاية ثالثة؟

وبالتفكير في ولاية «السيسي» الجديدة، وهي الثانية امتدادا لفترة أولى، نجد أنه بسبب الدعم القوي داخل معظم مؤسسات الدولة للرئيس الحالي، لم يكن هناك شك سواء داخل مصر أو خارجها أنه سيظل رئيسا. ولا يتوقع سوى القليل من المحللين اتباعه لسياسة لإعادة الهيكلة أو تطوير السياسة الداخلية، مثل الدعوة لفتح المجال أمام المجتمع المدني، أو تطوير شبكات الأمان الاجتماعي بشكل أكبر؛ حيث تبقى الأولويات بالنسبة لولاية «السيسي» الثانية هي نفس الأولويات، الاقتصاد والأمن.

وتعني ولاية ثانية لـ«السيسي» أيضا أنه سيبدأ النظر بجدية في الإعداد لمن يأتي خلفه. لكن سيكون من الصعب تخمين من هو الشخص في الوقت الحالي. لكن بالتأكيد لا يمكن أن يقبل أن يصل شخص لا يدعمه إلى زمام السلطة. ومن الصعب أيضا تصور ذلك، نظرا لأن الإدارة الحالية ضيقت المجال في مصر أمام خلق بديل سياسي حقيقي. وقد يطمح «السيسي» نفسه للبقاء لفترة ثالثة. لكن ذلك يتطلب تعديلا للدستور، الذي يحد من وجود الرؤساء أكثر من فترتين متتاليتين؛ وهذا بدوره يتطلب إجراء استفتاء عام.

وكما هو الحال الآن، يبدو أن «السيسي» يتمتع بالدعم الكافي من نخبة رجال الأعمال في مصر، إلى جانب نسبة كبيرة من شبكات الرئيس السابق «حسني مبارك». كما أن معارضة «السيسي» خارج جهاز الدولة ضعيفة للغاية، بحيث لا تستطيع معارضة مثل هذه الخطوة. وهناك معارضة من مختلف الجهات الفاعلة، مثل المؤيدين السابقين الساخطين، والنشطاء المؤيدين للثورة، والجماعات السياسية، وبعض رجال الأعمال والإخوان المسلمين. لكن يظل السؤال مفتوحا حول ما إذا كان بإمكانهم حشد الدعم الكافي لإحباط أي خطوة لتغيير الدستور.

ومع ذلك، لا ينبغي أن يكون «السيسي» مرتاحا للغاية. وتشير نسبة الإقبال المنخفضة للناخبين، على الرغم من محاولاته القوية للحشد، إلى مستوى كبير من اللامبالاة عند العامة. ويجب أن تقلق القاهرة لهذا. وعلى المدى المتوسط ​​والبعيد، قد تؤدي هذه اللامبالاة إلى تعطيل النظام السياسي، فمن الصحي تواجد المعارضة في أي بيئة سياسية، ولكن لكي يتم استيعابها، فإنها تتطلب قنوات للتعبير السياسي. وإذا لم تكن هذه السبل موجودة، فإن العواقب قد تكون غير قابلة للسيطرة بشكل كبير.

قضايا خارجية

وبالنظر إلى الخارج، فهناك بالتأكيد قضايا تخص السياسة الخارجية ينبغي أن تزعج نظام «السيسي»، بما في ذلك المستنقع الليبي، وبناء سد النهضة في إثيوبيا، والذي من المقرر أن يكتمل في وقت لاحق من هذا العام وقد يكون له عواقب وخيمة على وصول مصر إلى مياه النيل. ولحسن حظ «السيسي»، فهو يحصل على الدعم الكامل من قبل الرئيس «دونالد ترامب»، ومن غير المرجح أن يتغير ذلك، على الرغم من وجود بعض القضايا المعلقة التي تحتاج إلى معالجة.

وعلى وجه الخصوص، لا تسعد واشنطن بعلاقات مصر الودية مع كوريا الشمالية. كما ترغب إدارة «ترامب» في رؤية «السيسي» يرفع القيود عن المنظمات غير الحكومية الأجنبية في مصر، الأمر الذي أدى إلى إدانة العديد من العاملين في المنظمات غير الحكومية الأمريكية أمام المحاكم المصرية.

ومهما كانت العقبات موجودة في الطريق حاليا، فمن المرجح أن يتم تخفيفها. ولقد كان خطاب «ترامب» تجاه «السيسي» داعما بشكل كبير. كما أن مستشار الأمن القومي الأجدد، «جون بولتون»، يدعم «السيسي» أيضا. وفي واشنطن، يُنظر إلى مصر إلى حد كبير على أنها جزء أساسي من الاستقرار في منطقة غير مستقرة إلى حد ما، وهي بلد لا يزال ملتزما باتفاق السلام مع (إسرائيل)، وهو أمر لازم للحصول على دعم الولايات المتحدة للقاهرة لعقود من الزمان.

وفيما يتعلق بعلاقة «السيسي» مع أوروبا، فإنها تبدو مختلطة. ولكن، كما هو الحال مع الولايات المتحدة، يتم التغلب على جميع المشاكل من خلال تعاون مصر في الحد من الهجرة، ومكافحة مجموعات مثل تنظيم الدولة الإسلامية. وفي كلتا القضيتين، ترى معظم الحكومات الأوروبية أن القاهرة على «الجانب الصحيح»، على الرغم من أن جميع الحكومات تتلقى بانتظام العديد من التقارير، التي تنشرها جماعات حقوق الإنسان، المتعلقة بالانتهاكات التي ترتكبها القاهرة. ولدى دول الخليج مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية خلافات مع مصر حول الصراعات في اليمن وسوريا. لكن، إلى حد كبير، تبقى العلاقات جيدة.

لكن هل يجب أن يكون الشركاء الخارجيون للقاهرة أكثر اهتماما بتشجيع المواقف والسياسات المختلفة، تلك التي قد تؤدي بدورها إلى نظام أكثر استدامة وعدالة؟ إنه سؤال مهم، ولكن لم تعرب أي دولة عن مثل هذا الاهتمام بتشجيع مثل هذه الأشياء في ولاية «السيسي» الأولى، ومن المشكوك فيه أن يتغير ذلك في فترة رئاسته الثانية، ما لم تكن هناك تغييرات كبيرة محليا في مصر.

المصدر | إتش ايه هيلير - ذي أتلانتيك

  كلمات مفتاحية

انتخابات الرئاسة المصرية عبد الفتاح السيسي أمريكا أوروبا