عواصم المنطقة في انتظار «الكلمة الفصل» للملك سلمان و«المقايضة» السعودية

الثلاثاء 17 فبراير 2015 07:02 ص

اقتراح رئيس وزراء سابق وسياسي أردني خبير من وزن سمير الرفاعي له ما يبرره عمليا عندما يتعلق بنصيحة للمراقبين والخبراء قوامها «مراقبة جيدة» لمؤشر أسعار النفط في الأسابيع والأيام القليلة المقبلة، حتى تتضح البوصلة السياسية أكثر للعديد من القضايا والملفات المطروحة التي تؤرق شعوب وحكومات المنطقة.

مصلحة الأردن تحديدا تتطلب مثل هذه المراقبة لأن استقرار أسعار النفط دوليا عند معدلها الحالي يؤشر على حالة محددة، فيما يؤشر الارتفاع مهما كان بسيطا على حالة أخرى أما الانخفاض فيؤشر على ثالثة بالتاكيد.
وجهة نظر الكواليس في عمان تحديدا وفي البعد الإستراتيجي تتكثف في النقطة المتعلقة بالرغبة القوية لجميع دول المنطقة بالإصغاء جيدا لما يحتمل أن يقوله أو يقرره من سياسات العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز بعد نحو شهر ونصف من تسلمه لمقاليد الأمور. 

وكان دبلوماسي سعودي رفيع المستوى قد شدد على ان سياسة تخفيض أسعار النفط التي اتبعتها بلاده كانت قرارا سياسيا بامتياز هدفه «تغيير قواعد اللعبة» الإيرانية والروسية تحديدا في المنطقة، على أمل بروز وقائع ومستجدات جديدة، بعدما قررت الغرفة السعودية العميقة بأن المملكة وحلفاءها في النادي الخليجي قادرون على تحمل أعباء سياسة التخفيض. 

هذه السياسة وبتقدير المؤسسة الأردنية على الأقل أثمرت حتى الآن سلسلة «إزعاجات ومضايقات» - يعتد بها السعوديون - للإيرانين وحلفائهم وللروس أيضا أملا في عوائد سياسية ميدانية في العراق وسورية واليمن تحديدا. لذلك، هناك تقديرات حكومية أردنية تتحدث عن تأثيرات «منتجة» في الموقف الإيراني لسياسة تخفيض أسعار النفط السعودية.

لذلك اقترح الرفاعي في مناقشة ذهنية للوضع العام في المنطقة تركيز الأعين خلال الأيام المقبلة على مؤشر أسعار النفط والبقاء أردنيا في أقرب مسافة من الشقيق السعودي لاستنباط قراءات معمقة لما يجري خلف الكواليس في بعض الملفات المهمة مثل الإتصالات الأمريكية – الإيرانية على الملف النووي وحتى بعض مستجدات المشهد السوري. 

سياسيا يمكن القول إن عودة مؤشر النفط للارتفاع ولو قليلا قد تعني في لغة السياسيين ان «الاتفاق» النووي بين طهران وواشنطن يتقدم بوضوح خلف الستارة وأن الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز أولا «بالصورة»، وثانيا يمكنه ان يجعل بلاده طرفا في الترتيب الدولي والإقليمي النووي ولاحقا السياسي.

استمرار الانخفاض سيؤشر على العكس تماما على هيئة تذكير بأن «المزاج السعودي» خارج الصورة أما استقرار الأسعار فيقود لاستنتاجات بعنوان «كل الاحتمالات واردة والاتصالات البينية التفاوضية المعقدة لم تحسم بعد». 

ما يرد من تشخيص معلوماتي حتى الآن في العواصم العربية التي تترقب «كلمات وموقف» السعودية بعهدها الجديد يتمثل حسب مصدر دبلوماسي مطلع جدا بـ «إشارات تخفت وتقوى» على أن الملك سلمان وفي اجتماعاته الأولى مع أركان العملية السياسية أظهر ميلا لإصدار توجيهات «أقل عاطفية « و «أكثر عمقا» وميلا للعبة المصالح عندما تعلق الأمر حصريا بمساحتين. مراقبة تطورات الإتصالات بين إيران وأمريكا أولا، وثانيا «عدم حسم» الموقف القطعي والنهائي من نظرية «التعامل مع الرئيس بشار الأسد» على هامش المعركة المفتوحة ضد الإرهاب حاليا.

وراء الستارة يحذر سياسيون كبار في الأردن مثلا من الرهان فقط على «صقورية» الملك سلمان في مسألتي سوريا وإيران، ورئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري وهو سياسي عريق اقترح أمام «القدس العربي» التريث والتأمل بعمق قبل التوصل إلى أي إستنتاجات من أي نوع تخص تطورات الموقف السعودي.

كثيرون يعتقدون ان الملك سلمان سيعمل على نمو «السياق البراغماتي» في موقف بلاده ساعيا لمقايضة سياسية بامتياز قد يكون عنوانها العريض «تمرير» الاتفاق النووي الأمريكي – الإيراني بالعمل بالقطعة على ارتفاع أسعار النفط أو وقف سياسة التخفيض المقصودة، مقابل ضمانات مؤكدة بتوقف «اللعبة الإيرانية» في اليمن والبحرين تمهيدا للتفاوض على بقية الملفات ومنها بل أبرزها السوري.

عمان هنا ومعها بوضوح أبوظبي والقاهرة تقر بـ«خجل» وعن بعد حتى لا تثير حفيظة السعودية سياسة «التعامل» مع النظام السوري برسم مكافحة الإرهاب وتنظيم «الدولة الإسلامية» والقصر السعودي لم يقل كلمته النهائية بعد بالخصوص وما يرشح عنه الرغبة في التريث قليلا حتى يتم تربيط كل الملفات مع بعضها ما دامت إيران طرفا أساسيا فيها كلها.

الكلام السعودي بدأ يتسرب عن ربط ما يجري في البحرين واليمن ولبنان وسوريا والعراق بخيط إيراني واحد مع الاتصالات الأمريكية الإيرانية التي يعتبرها الرئيس أوباما منجزه الأخير قبل رحيل الإدارة الديمقراطية عن المشهد.

إلى أن يتصدر مثل هذا الربط المنطقي سياسيا لمسار الأحداث تقترح المؤسسة السعودية «التريث» قليلا ويقترح حلفاؤها عدم التسرع ويجلس معظم الشركاء بانتظار الكلمة الفصل للملك سلمان، وتحيل المجموعة العربية إشكالية نتنياهو والانتخابات الإسرائيلية للإدارة الأمريكية باعتبارها مشكلة تخص أوباما وليس العرب. 

 

المصدر | بسام البدارين | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

السعودية عواصم المنطقة الملك سلمان «المقايضة» السعودية إيران روسيا أسعار النفط العراق سوريا