«تليغراف»: ثوار يناير يتشبثون بالأمل في مواجهة ديكتاتورية «السيسي»

الاثنين 2 أبريل 2018 09:04 ص

في اليوم الذي تجمعت فيه عصابات «مبارك» في ميدان التحرير على ظهور الجمال بالسياط والسلاسل ضد المتظاهرين هناك، تم اعتقال «ياسمين البرماوي» من قبل الجيش.

كانت «ياسمين» ملحنة وعازفة العود حينها في الثامنة والعشرين من عمرها، تحمل الضمادات والمطهرات لعلاج الجرحى عندما تم توقيفها على حافة الميدان واقتيادها إلى نادي الضابط الذي يستخدم كمركز اعتقال.

وقع الأمر في 2 فبراير/شباط 2011 ولم تكن «ياسمين» ولا ضابط المخابرات الذي قام باستجوابها يعلمون أنه في غضون 9 أيام سيطاح بـ«مبارك»، لكن كليهما كان يشعر أن شيئا ما على وشك التغيير في مصر، وفي النهاية قال لها الضابط بضع كلمات مهددا، منها «سنعود».

وبعد سبع سنوات من الثورة المصرية التي أذهلت العالم، تم استبدال نظام «مبارك» لصالح حكومة عسكرية يرأسها «عبدالفتاح السيسي» مع إجراءات أكثر قمعية واستبدادية بكثير.

تكريس القمع

وقد فاز «السيسي» بفترة رئاسية ثانية هذا الأسبوع في انتخابات تم القبض قبلها على جميع منافسيه أو تخويفهم للبقاء خارج السباق، ويعتقد خصومه السياسيون، بما في ذلك العديد من ثوار 2011، أن الأمر مجرد مسألة وقت قبل أن يغير الدستور ليسمح لنفسه بالبقاء في السلطة إلى ما لا نهاية.

وتمت السيطرة على وسائل الإعلام المصرية من قبل الدولة، ومنعت الاحتجاجات المنظمة، وحتى المساحة القليلة المسموح بها للمثقفين السياسيين في عهد «مبارك» أغلقت في الغالب.

وقال «حسن نافعة» المحلل السياسي الليبرالي: «تم قتل الحياة السياسية في مصر بأداة حادة، والسيسي مسؤول عن قتلها»، وقال إن المصريين أقل حرية اليوم مما كانوا عليه في عهد الناصر في الستينات «لم أر أبدا خلال سبعين سنة من حياتي سيطرة حكومية على وسائل الإعلام كما يحدث الآن».

في حين لم يكن فوز «السيسي» الساحق في الانتخابات مفاجأة فقد أدى ذلك إلى ظهور انعكاسات جديدة حول الكيفية التي أدت بها ثورة عام 2011 إلى حكم الحديد عام 2018 وما يعنيه ذلك بالنسبة لمستقبل مصر.

وقال «شادي الغزالي حرب»، وهو طبيب جراح وناشط شارك في الثورة، وهو جالس في مقهى في وسط القاهرة، إنه يخشى من أن يؤدي قمع المعارضة السياسية السلمية إلى دفع الجيل القادم من الثوار نحو العنف.

وأضاف: «كانت 25 يناير دائما ثورة سلمية وكان هذا هو شعارنا ويجب علينا الالتزام به، لكن الشباب اليوم يقولون إن السلمية لم تعد مجدية».

نحو الفوضى

وحذر «حرب» بريطانيا والغرب من إقناع أنفسهم بأن «السيسي قد يكون سلطويا، لكنه على الأقل كان يحافظ على استقرار مصر وسكانها البالغ عددهم 90 مليون نسمة، على عكس سوريا أو ليبيا»، يوضح: «الحقيقة أنه يقود البلاد إلى الفوضى. وإذا ما انفجرت مصر فإنها لن تكون مجرد معاناة للمصريين بل للمنطقة والعالم».

يتفق معظم ناشطي المعارضة على أن هناك فرصة ضئيلة لظهور جماهيري قوي آخر في أي وقت قريب كما حدث في ميدان التحرير ويقولون إن أجهزة الأمن المصرية ستقمعها قبل وقت طويل من بدئها، وهم يعتقدون أنه فرص تخلي «السيسي» عن السلطة محصورة في المناورات المحتملة من قبل الجهات فاعلة داخل نظامه.

وعلق العديد من الديمقراطيين المصريين آمالهم على شخصية «سامي عنان»، وهو جنرال مصري سابق كان يخطط لخوض الانتخابات الرئاسية ضد «السيسي»، وعلى الرغم من انتمائه للجيش، ينظر إلى «عنان» على أنه أكثر تسامحا من الرئيس الحالي، ولكن تم اعتقاله هو الآخر تحت تهديد السلاح في يناير/كانون الثاني، بعد أسبوع من إعلان ترشحه.

وتبلغ «ياسمين برماوي»، عازفة العود التي تم اعتقالها في ميدان التحرير الآن 35 عاما، وتعزف الموسيقى على نطاق واسع في جميع أنحاء مصر وقد تابعت الانتخابات التي جرت هذا الأسبوع بإحباط، متسائلة لماذا تم إنفاق الأموال على اللافتات ومراكز الاقتراع لإبرام أمر مفروغ منه.

لكن حتى مع عودة سلطة الدولة القمعية أكثر من أي وقت مضى تقول «برماوي» إنها لن تصدق أبدا أن ثورة 2011 كانت دون جدوى؛ «إن الأجيال التي رأت الناس يثورون في عام 2011 تنمو وتكبر وقد تعلموا أنهم يستطيعون أن يقولوا لا».

المصدر | راف سانشيز- تليغراف

  كلمات مفتاحية

مصر الثورة المصرية الانتخابات الرئاسية السيسي