الولاية الرئاسية الثانية لـ«السيسي».. 6 تحديات أخطرها «السد» والدستور

الاثنين 2 أبريل 2018 09:04 ص

بإسدال الستار على الاقتراع الرئاسي بمصر، ينتهي فصل متوقع بفوز كاسح للرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي» في رئاسة بلاده لـ4 سنوات مقبلة، يعلن اليوم الأحد، لاحقا بشكل رسمي، وسط حديث السلطة عن مشاركة واسعة للناخبين مقابل تشكيك معارضين.

لكن الولاية الثانية لـ«السيسي» (تولى رئاسة مصر في يونيو/حزيران 2014)، قد تصطدم بـ6 تحديات داخلية وخارجية.

وتتعلق هذه التحديات بـ«هندسة الحياة السياسية، وخطوات تسليم السلطة، والأوضاع الأمنية والاقتصادية والإقليمية المرتبطة بدعم الخليج، ومستقبل مصر المائي، في ظل تأثيرات سلبية محتملة لسد النهضة الإثيوبي على حصة بلاده السنوية من مياه النيل»، بحسب «الأناضول».

ويضاف إلى ذلك مساران افتراضيان من التحديات أيضا، وفق كاتب مصري بارز، يتمثلان في «تشكيل حزب سياسي حاكم لترتيب البيت المصري من الداخل، وتمديد رئاسي يقتضي تعديلا دستوريا قد يثير غضب معارضين».

ويرجح المساران الافتراضيان مساع مؤيدين للنظام المصري، طوال الأشهر الماضية، في الحصول على ما يعده مراقبون بـ«شرعية القبول العام» عبر تنوع لافت في استخدام وسائل لحشد جماهيري كثيف إلى صناديق اقتراع في انتخابات كانت محسومة النتائج.

وبتفاوت واضح في التقديرات، سعى مؤيدون إلى التأكيد عبر وسائل مختلفة؛ على كثافة المشاركة في الاقتراع الرئاسي، لدحض تشكيك معارضون بخواء اللجان وحشد موظفين، وهي أحاديث اعتبرتها الهيئة الوطنية للانتخابات (مستقلة)، في بيانات سابقة شائعات وأكاذيب من كارهي الوطن.

وطوال السنوات الأربع الماضية، يتخلل الخصومة العلنية بين «السيسي» و«الإخوان»، منذ الإطاحة بـ«محمد مرسي»، أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا في 2013، انتقادات للسلطات بمصر من تراجع الحريات العامة وقيود مفروضة على المجال العام، وهو ما تنفيه الحكومة المصرية عادة.

حديث القبول والتشكيك

سعيا للحصول على شرعية القبول العام، يعتبر أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية، «سعيد صادق»، أن أولوية الاقتراع الرئاسي تمثلت في فوز «السيسي» بشرعية الجديدة؛ للحصول على تفويض يمكنه من تحقيق سياساته.

ووفق ما يراه «صادق»، جرى الاقتراع الرئاسي رغم حسم نتائجه مسبقا؛ لأهداف يقع في صدارتها تأكيد شرعية النظام في الداخل، وكسب شرعية دولية لتأكيد الاستقرار وجذب الاستثمارات.

ويتابع: «لتحقيق هذا الهدف جرت التعبئة الإعلامية والسياسية؛ من أجل تعظيم نسب المشاركة لكونها الرهان الحقيقي في الحصول على الشرعية الجديدة».

وعلى مسافة قريبة من الطرح السابق، يؤكد «عاطف سعداوي» الخبير السياسي بمركز الأهرام الاستراتيجي (حكومي)، أن «نسبة المشاركة المرتفعة تمنح النظام السياسي الحالي مظلة شرعية قوية».

وتحدث الكاتب المصري البارز «عبدالله السناوي»، في مقال نشر قبل أيام من إجراء الانتخابات بإحدى الدوريات المصرية ذائعة الانتشار، عن «معضلة في التعارض بين مصلحتين».

إذ يقول «السناوي» في مقاله: إن إحدى المصلحتين «تؤكد حاجة نظام الحكم الحالي لإثبات شرعية القبول العام، وهذه ليست مسألة أرقام بقدر ما هي أجواء وتصرفات أمام لجان الاقتراع».

والأخرى تدعو إلى السعي بأية طريقة لرفع نسب التصويت بحيث لا تقل عن أي معدلات سابقة (أعلاها 52%)، باعتقاد أنها تدخل فى صميم شرعيته، وفق «السناوي».

الولاية الثانية.. مساران

«السناوي» وهو كاتب ذو ثقل بمصر، تحدث في مقال حديث قبل أيام عن أن هناك مسارين افتراضيين لليوم التالى، الذى تبدأ به الولاية الثانية.

الأول «يشمل تحسين ملف الحريات العامة وحقوق الإنسان والبيئة السياسية والإعلامية، ورفع أية مظالم خلف قضبان السجون وإعادة النظر في السياسات والأولويات، التي استدعت عدم مشاركة قطاعات غالبة ممن لهم حق الاقتراع، كأنه احتجاج صامت»، مشيرا إلى أن هناك تسريبات متواترة تزكى ذلك المسار، لكنها غير مؤكدة.

أما الأمر الثاني وفق «السناوي»، فهو «مزعج كأن يضيق المجال العام أكثر، وتتسع سطوة الدولة على مؤسسات المجتمع المدني وتدخل مصر كلها حالة ترويع تضرب فى الاستقرار وفرصه، والأمن وضروراته، ويساعد الإرهاب على التمركز».

وفي هذا الصدد، يتحدث عن احتمالية تأسيس حزب سلطة جديد من داخل ائتلاف دعم مصر (ائتلاف الأغلبية بالبرلمان)، لتوفير غطاء سياسى يفتقده الرئيس في مسألة تعديل الدستور بما يفتح فترات الرئاسة بغير سقف.

وبدأت بالفعل مبكرا دعوات غير مباشرة من كتاب مؤيدين للسلطة- بينهم «عماد الدين أديب»- لتعديل الدستور الذي يسمح بولايتين رئاسيتين للشخص الواحد فقط، بما يسمح بترشح «السيسي» في 2022.

«السناوي» يشير في المقابل أن هناك للآن «التزام رئاسي معلن بعدم التلاعب بالدستور»، في إشارة لتأكيد الرئيس المصري على عدم ترشحه لولاية ثالثة.

ويقول «مصطفي الفقي»، وهو مفكر مصري بارز مؤيد، يترأس مكتبة الإسكندرية (حكومية)، في تصريحات إعلامية مؤخرا إن «مدة 8 سنوات للرئيس لا تكفي».

تسليم السلطة في 2022

حديث «السناوي»، يشير وفق «السعداوي» و«صادق»، إلى تحديين مرتبطين بـ«هندسة الحياة السياسية وتسليم السلطة».

و«تحدي هندسة الحياة السياسية» وفق «السعداوي»، يرجع إلى أن «الانتخابات الرئاسية أظهرت حياة سياسية وحزبية ضعيفة غير مقبولة»، في إشارة لترشح منافس واحد وتراجع آخرين.

ويستقرئ «صادق» في هذا التحدي مستقبل المعارضة والإسلاميين في الولاية الثانية، قائلا: «سيواصل السيسي حربه ضد الإسلاميين ولن يتراجع ولن يتصالح؛ لأن شعبيته قامت على شرعية 30 يونيو /حزيران 2013، وهي الإطاحة بهم، ومن غير المعقول أن يعيدهم للمشهد، لا سيما في ظل مواقفهم الرافضة له».

ويضيف: «أما المعارضة التي تقبل بالنظام يمكن أن تعود قليلا للمشهد الذي يبدو أنه يحمل تغييرات وتعديلات في الشكل الإعلامي للنظام لتقديمه بشكل مختلف».

وتسليم السلطة يعتبره «عمرو هاشم ربيع»، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية (حكومي)، من أبرز التحديات، قائلا: «لابد أن يجعل السيسي مصر مستعدة لرئاسيات 2022 حيث لن يحق له وقتها الترشح لفترة رئاسية ثالثة»، بموجب الدستور الحالي.

الأمن والاقتصاد والسد

أما التحدي الثالث وهو الاقتصادي في الولاية الثانية، يراه «صادق»، هو الأخطر، قائلا: «رغم التحسن الطفيف في سعر الجنيه، فالمصريون يريدون تخفيف أحوالهم المعيشية، وهذا يصطدم مع واقع اقتصادي يتجه لتقليل الدعم أكثر، وفق التزامات دولية، وبالتالي ستزيد الأزمات ولن تقل».

ومنذ أيام، تحدث رئيس وزراء مصر، «شريف إسماعيل»، في بيان صحفي أن «الوطن قد نجح في تجاوز مرحلة شديدة الصعوبة لا سيما على الصعيد الاقتصادي».

ولفت «إسماعيل» إلى أن «السنوات المقبلة ستشهد استمرار جهود البناء وجني ثمار التنمية مع اكتمال المشروعات».

التحدي الرابع وفق «صادق» فهو إقليمي، ويوضحه بالقول إن «مصر رقم مهم بالمنطقة ولديها تحديات سيواجهها السيسي إقليميا، خاصة فيما يعرف بصفقة القرن (تصور أمريكي لحل القضية الفلسطينية)، والوضع الليبي المعقد وتأثيرته على مصر، والعلاقات المصرية مع داعمها الخليجي في ظل أزمات مالية يواجهها الأخير».

التحدي الخامس وهو الأمني وفق الباحث المصري البارز «كمال حبيب»، يعد أيضا من أبرز التحديات التي تواجه «السيسي» في ولايته الثانية.

ويوضح «حبيب»، أن «الإرهاب ومواجهته ستحتاج مزيد من التوضيح للنتائج وكيفية التصدى لأية عملية ومعالجة الأخطاء السابقة».

وفي 9 فبراير/شباط الجاري، أعلنت مصر انطلاق خطة المجابهة الشاملة لتطهير البلاد من الإرهاب بعدة مناطق لا سيما سيناء، شمال شرقي البلاد.

وفي السنوات الأخيرة، تقول السلطات المصرية، إنها تواجه أعمالا إرهابية لا سيما في شمال سيناء (شمال شرق)، ويتبنى تنظيم «الدولة الإسلامية» أغلب تلك العمليات بمصر، بينما بصمات «القاعدة» تبدو نادرة للغاية.

وعن التحدي السادس المرتبط بالمياه، يضيف «حبيب» أن المستقبل المائي من أكبر التحديات؛ لأن إثيوبيا ماضية في ملف السد، ومصر في قلق من تضرر حصتها المائية وخطر الشح.

وينتظر أن تبدا إثيوبيا في تشغيل السد خلال الويلاة الثانية للرئيس المصري.

ويستدل على هذا الخطر بخطوات المواجهة المتخذة من قبل الحكومة المصرية، والمتمثلة بدعوات ترشيد الاستهلاك، ومعالجة تحلية مياه البحر، وأزمة نقص مياه الري.

وتتخوف القاهرة من تأثير سلبي محتمل لسد النهضة على تدفق حصتها السنوية من نهر النيل (55.5 مليار متر مكعب) مصدر المياه الرئيسي في مصر.

المصدر | الأناضول

  كلمات مفتاحية

رئاسيات مصر عبدالفتاح السيسي الإخوان سد النهضة الإرهاب تعديل الدستور