تركيا و«بومبيو».. لماذا تشعر أنقرة بالقلق تجاه الوزير الجديد؟

الثلاثاء 3 أبريل 2018 12:04 م

بدا أن التوتر بين تركيا والولايات المتحدة تلاشى بعد زيارة وزير الخارجية المنتهية ولايته «ريكس تيلرسون» إلى تركيا في فبراير/شباط حيث كان البلدان على خلاف فيما يتعلق بعدد من القضايا، ولا سيما بسبب الدعم الأمريكي للميليشيات الكردية السورية، التي ينظر إليها على أنها إرهابية من قبل تركيا.

ووصل التوتر إلى آفاق جديدة بعد أن شنت تركيا عملية عسكرية في جيب عفرين السوري الكردي الشمالي الغربي، حيث أعربت الولايات المتحدة عن قلقها من أن عملية تركيا تهدد مكافحة الدولة الإسلامية حيث تسحب قوات حماية الشعب تسحب قواتها من القتال لمساعدة القوات الكردية في عفرين ضد تركيا.

وقد حذرت تركيا مرارا وتكرارا من أنها ستطرد أيضاً هذه الميليشيات من منبج، شرق عفرين، حيث يوجد حوالي ألفي عسكري أمريكي.

وقد طالبت أنقرة واشنطن بالانسحاب من المدينة، وعلى الرغم من التحذيرات التركية، قال قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال «جوزيف فولت» إن الولايات المتحدة ليس لديها خطط لسحب القوات المتمركزة بالقرب من المدينة وأصبح احتمال حدوث صدام مباشر بين الحلفاء في حلف الناتو قريبا.

وأدت زيارة «تيلرسون» لأنقرة إلى تهدئة التوتر وبعد الاجتماع، أعلن «تيلرسون» ونظيره التركي أنهم «توصلوا إلى تفاهم لتطبيع العلاقات» وأنشأوا آلية لمعالجة القضايا المعلقة.

ومن المرجح أن تعيق إقالة «تيلرسون» الجهود لحل الأزمة مع تركيا وقد قاد «تيلرسون» المنتهية ولايته الجهود لتخفيف حدة التوتر.

ومن جهة أخرى، فإن «مايك بومبيو» الذي اختاره الرئيس «دونالد ترامب» لوزارة الخارجية، لديه مقاربة متشددة في السياسة الخارجية وليس من أشد المعجبين برئيس تركيا «رجب طيب أردوغان».

خلفية من العداء

ففي تغريدة نشرها في اليوم التالي للانقلاب الفاشل في تركيا في عام 2016، وصفت «بومبيو» تركيا «أردوغان» بالديكتاتورية الإسلامية الشمولية.

وبخلاف ذلك، تشعر أنقرة بالقلق من أن «بومبيو»، بخلفيته العسكرية، قد يدعم سياسة البنتاغون المتمثلة في المشاركة بشكل أوثق مع وحدات حماية الشعب وقد عملت القيادة المركزية الأمريكية، التي تشرف على عمليات التحالف في سوريا والعراق، بشكل وثيق للغاية مع وحدات حماية الشعب، وبالطبع هي غير راغبة في إنهاء العلاقات الحميمة مع مجموعة تعتقد أنها القوة القتالية الأكثر فعالية، ويريد «بومبيو» من الولايات المتحدة أن تلعب دورا أكثر حزما في سوريا وإذا اختار أن يأخذ نصيحة القيادة المركزية لمواصلة العمل بشكل وثيق مع وحدات حماية الشعب لتحقيق ذلك الهدف فإن علاقات تركيا والولايات المتحدة ستبقى متوترة.

يمكن أن يصبح موقف «بومبيو» المتشدد من إيران تعقيدًا آخر في العلاقات بين أنقرة وواشنطن حيث يتوافق مع «ترامب» على أن الصفقة النووية لعام 2015 كانت كارثة، وحتى بعد توقيع الاتفاق، حذر «بومبيو» القادة الأوروبيين من الاستثمار في إيران.

ومن ناحية أخرى، أصبحت تركيا واحدة من المستفيدين الرئيسيين من الصفقة فتركيا وإيران شريكان تجاريان وثيقان، وقال المسؤولون الأتراك مرارا وتكرارا إن برنامج إيران النووي كان سلمياً وعارضوا العقوبات الأحادية.

وقد أثيرت قضية جديدة في محكمة في مانهاتن أدين فيها مصرفي تركي يعمل في بنك مملوك للدولة بمشاركته في خطة بمليارات الدولارات للتحايل على العقوبات الأمريكية ضد إيران ولهذا فإن قرار الولايات المتحدة بعدم تمديد تخفيف العقوبات الأمريكية على إيران سيضع تركيا في مكان صعب وسيزيد من تعقيد علاقات تركيا والولايات المتحدة.

رؤى متباينة

بالإضافة إلى ذلك، وجد «أردوغان» و«ترامب» نفسيهما على جبهتين متعارضتين في أزمة قطر التي اندلعت بعد أن قطعت السعودية والبحرين والإمارات العربية المتحدة ومصر العلاقات وحاصرت قطر في يونيو/حزيران، متهمة إياها بدعم الإرهاب وتعزيز العلاقات مع إيران المنافسة.

وقد دعم الرئيس التركي الدوحة، في حين انحاز «ترامب» لدول المقاطعة، وقد كان لـ«تيلرسون» تأثير معتدل على موقف «ترامب» وقاد السياسة الأمريكية نحو سياسة أكثر توسطا.

وإذا عزز «بومبيو» غرائز «ترامب» المتشددة، فإن سياسة تركيا تجاه قطر قد تصبح مشكلة كبيرة بالنسبة لواشنطن.

وإذا وضعنا العلاقات الثنائية جانبا، فسيجد بومبيو تركيا شريكا مشاكسا في حلف الناتو لا يتعارض مع الغرب فحسب، بل مع حلفاء الولايات المتحدة التقليديين في المنطقة حيث توترت العلاقات بين تركيا ومصر منذ الإطاحة بحكومة الرئيس «محمد مرسي» وسحب البلدان السفراء وحافظا على العلاقات الدبلوماسية على مستوى القائم بالأعمال منذ ذلك الحين.

وقد عانت العلاقات من ضربة أخرى بعد أن احتفلت وسائل الإعلام المصرية التابعة للنظام بمحاولة الانقلاب على الرئيس «أردوغان» في يوليو/تموز 2016، ولا يزال البلدان يشككان في تحركات بعضهما البعض في المنطقة.

كما أن العلاقات بين تركيا والسعودية متوترة أيضا حول دعم تركيا لـ«الإخوان المسلمون»، وعلاقات أنقرة الوثيقة مع إيران ودعم «أردوغان» لقطر.

وفي تصريح صحفي مؤخرا، قال ولي العهد السعودي إن تركيا تنتمي إلى «محور الشر» في الشرق الأوسط ، إلى جانب إيران و الجماعات الدينية المتطرفة.

وأدى اعتراف إدارة «ترامب» بالقدس كعاصمة لـ(إسرائيل) إلى تفاقم التوترات القائمة بين تركيا و(إسرائيل)، وبعد هذه الخطوة، هدد الرئيس «أردوغان» بقطع العلاقات مع الدولة العبرية كدولة «إرهابية»، ورد رئيس الوزراء الإسرائيلي «بنيامين نتنياهو» على ذلك باتهام «أردوغان» بقصف القرى الكردية.

لقد حظي «تيلرسون» المنتهية ولايته بثقة الأتراك وقاد الجهود للتعاون مع تركيا وسنرى ما إذا كان المسؤول الجديد في وزارة الخارجية سيتبع مسار سلفه، أم لا.

لكن هناك أمر واحد واضح فحتى لو قرر «بومبيو» أن يستوعب أنقرة، فإنها سوف تكون معركة شاقة.

المصدر | جونول تول - معهد الشرق الأوسط

  كلمات مفتاحية

تركيا أردوغان ترامب تيلرسون بومبيو