«التايم»: «بن سلمان» متفائل بشأن مستقبل النفط.. لكن عليه أن يشعر بالقلق

الجمعة 6 أبريل 2018 03:04 ص

يبدو حديث ولي العهد السعودي الأمير «محمد بن سلمان» حول مستقبل النفط، وكأنه تراجع لخطوة إلى الوراء بشأن خطط فطام المملكة من النفط، حيث عبر عن أن ارتفاع أسعار النفط سيغذي المستقبل المشرق للمملكة الغنية بالموارد الطبيعية.

وفي مقابلة مع «التايم» الأسبوع الماضي، أصر «بن سلمان»، البالغ من العمر 32 عاما، على أن قطاع النفط في بلاده سيبقى آمنا مع نمو الطلب على الموارد، ومعاناة دول أخرى من نقص الإمدادات.

وقال للصحيفة: «هناك طلب جديد متزايد. ونحن لا نتكلم فقط عن 10 ملايين برميل ننتجها يوميا. بل يبدو أننا سننتج الكثير والكثير من البراميل في المستقبل».

ولكن وراء الكواليس، يشعر المسؤولون السعوديون وحلفاؤهم الأمريكيون بالقلق.

ويحذر المسؤولون الأمريكيون الحاليون والسابقون من أن اعتماد السعودية على النفط هو أحد أكبر التهديدات للاستقرار الهش في الشرق الأوسط، بالإضافة إلى العلاقة الأمريكية السعودية الحرجة.

ويحذر أحد المسؤولين الأمريكيين الحاليين قائلا: «إذا كان الاقتصاد غير مستقر، فقد تخرج الأمور عن نطاق السيطرة». وبدون عائدات النفط، لا تستطيع الحكومة السعودية ببساطة تحمل تكاليف اقتصاد ينفق الكثير على الدعم، ويميل بشكل كبير للاعتماد على العمالة ذات الأجور المنخفضة من الأجانب. وفي مواجهة التهديدات الداخلية، عزز السعوديون شبكة الأمان الاجتماعي الخاصة بهم وسعوا لتحرير طفيف.

وبدون المملكة العربية السعودية القوية، ستفتقر الولايات المتحدة إلى شريك موثوق به في العالم العربي. وشهدت العقود الماضية تعايشا بين واشنطن والرياض، اعتمد إلى حد كبير على التشكيك المتبادل في طهران. وأجبرت الرغبة المشتركة في الحد من طموح إيران العديد من الدبلوماسيين الأمريكيين على تحمل تبعات التحالف طويل المدى مع المملكة، في ظل تجاهل سجل السعوديين المرعب في مجال حقوق الإنسان.

وربما يكون «بن سلمان» على حق في أن النفط لن ينتهي عصره، على الأقل في المدى القصير إلى المتوسط. ويظهر تقرير بوكالة الطاقة الدولية - صدر الخريف الماضي - نموا متوقعا في الطلب على النفط حتى عام 2040، ويرجع إلى حد كبير بسبب اقتصاد الصين سريع النمو، حتى مع تبني البلدان لسياسات جديدة لمواجهة تغير المناخ.

لكن وكالة الطاقة الدولية وجدت أيضا أن إنتاج النفط الجديد في الولايات المتحدة وحفنة من البلدان الأخرى سوف تلبي معظم هذا الطلب الجديد، مع استمرار شركات النفط في الاستفادة من النفط الصخري الذي كان يتعذر الوصول إليه قبل بضعة عقود فقط. وسوف يغطي الإنتاج في الولايات المتحدة وحدها 80% من الطلب العالمي الجديد على النفط في الأعوام الـ 3 المقبلة، وفقا لتقرير الوكالة.

وقال رئيس وكالة الطاقة الدولية «فاتح بيرول»، للصحفيين في مؤتمر الطاقة التابع لشركة «سيرواك» في هيوستن الشهر الماضي: «نحن مقبلون على موجة ثانية كبيرة من إنتاج الصخر الزيتي الأمريكي».

تحول الطاقة

وما زالت المملكة العربية السعودية تواجه تحديات لتحقيق الربح من النفط الذي تنتجه. وعلى الصعيد العالمي، يتم تداول النفط حاليا حول 63 دولارا، أي أقل مما يقول محللو صندوق النقد الدولي أنه يمثل نقطة التعادل عند 70 دولارا للبرميل. وتحدث هذه الفجوة فرقا كبيرا في دولة من المتوقع أن تشهد عجزا في الميزانية يبلغ 52 مليار دولار عام 2018.

وعلى المدى الطويل، تواجه المملكة احتمال ما يعرف في الصناعة باسم «تحول الطاقة». وابتعدت الدول بشكل متزايد عن إدارة اقتصاداتها اعتمادا على الوقود الأحفوري مثل الفحم والنفط، لصالح مصادر طاقة أنظف وأكثر تنافسية من حيث التكلفة مثل الرياح والطاقة الشمسية.

ومن المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم التكنولوجيا والضغط من أجل التصدي لتغير المناخ. وفي قطاع النقل، أصبحت المركبات أكثر كفاءة وتستخدم كمية أقل من الوقود، ويتوقع أن تستوعب طرق العالم عددا متزايدا من السيارات الكهربائية.

وكانت «بريتيش بتروليوم» قد ذكرت في وقت سابق من هذا العام أنها تتوقع أن يصل الطلب إلى ذروته بحلول عام 2040، مع نمو عدد السيارات الكهربائية 100 مرة.

وخلال فترة ولاية «باراك أوباما»، كان سعيه وراء الطاقة بعيدا عن النفط نقطة شائكة رئيسية في العلاقات الأمريكية السعودية. ودافع الرئيس السابق «باراك أوباما» عن مجال الطاقة الخضراء أثناء وجوده في الرياض، وهو ما شوهد كإهانة لاقتصادها. وقال أحد الدبلوماسيين المخضرمين إنه لم يتمكن من إنهاء أي لقاء مع نظرائه السعوديين دون أن يتعرض للحديث كيف كان الحديث حول الرياح والشمس والإيثانول في الولايات المتحدة بمثابة مساعدة مباشرة لإيران.

وفي مقابلته مع «التايم»، أشار «بن سلمان» إلى البتروكيماويات كمجال من الفرص في حالة حدوث بطء في الطلب على النفط. ويتماشى هذا التقييم مع وجهات نظر وكالة الطاقة الدولية والتوقعات من شركات النفط الكبرى مثل «إكسون موبيل».

واستثمرت «أرامكو» السعودية، شركة النفط المملوكة للدولة، بشكل كبير لتحقيق هذه الغاية. وفي العام الماضي، استحوذت المملكة على مصفاة «بورت آرثر» النفطية، وهي منشأة في «تكساس» تعتبر أكبر مصفاة للنفط في الولايات المتحدة، وتعتزم استثمار ما يصل إلى 30 مليار دولار في عملياتها بالولايات المتحدة، لزيادة إنتاجها من البتروكيماويات.

ولكن حتى مع استمرار السعوديين في التعبير عن ثقتهم في أن البلاد سوف تمر بمرحلة انتقالية من الطاقة، فإن الاهتمام الذي توليه للمسألة يؤكد أهميتها. وتقول مديرة برنامج أمن الطاقة وتغير المناخ في مجلس العلاقات الخارجية «إيمي جافي»: «إذا كانوا يتحدثون عن ذلك، فهم قلقون بشأنه».

ورغم أن التحديات التي تواجه صناعة النفط قد لا تكون موضوع نقاش مفضل بين حكام المملكة، إلا أن الواقع يدور حول مبادرات الإصلاح الجريئة، بما في ذلك خطة بن سلمان «رؤية 2030» لإصلاح المملكة.

وهناك بعض الإصلاحات الاجتماعية، مثل تقليص دور رجال الدين وتمكين المرأة على سبيل المثال، لكن الكثير من الإصلاحات الاقتصادية تهدف إلى حماية البلاد من آلام المستقبل في قطاع النفط. ومن الواضح أن البلاد تخطط لطرح عام أولي لشركة أرامكو. وبتقييم يصل إلى 2 تريليون دولار، يمكن للاكتتاب العام أن يدر 100 مليار دولار للبلاد للمساعدة في عملية التنويع.

وحول الاكتتاب العام قال «بن سلمان»: «نحن مستعدون. المسألة الآن هي اختيار الوقت المناسب».

المصدر | التايم

  كلمات مفتاحية

أرامكوا السعودية النفط الصخري الطاقة المتجددة اكتتاب أرامكو محمد بن سلمان