«ستراتفور»: اكتشاف نفطي ضخم.. هل يحل مشاكل المنامة؟

الجمعة 6 أبريل 2018 11:04 ص

أعربت قيادة البحرين عن تفاؤلها بتحسن حظوظ البلاد الاقتصادية بعد إعلان الحكومة عن أكبر اكتشاف نفطي لها على الإطلاق.

وفي 4 أبريل/نيسان، كشف وزير النفط «محمد بن خليفة آل خليفة» عن حقل نفط وغاز مكتشف حديثا في البحرين، يحتوي على ما يقدر بنحو 81.5 مليار برميل من النفط، و390 مليار متر مكعب من الغاز المصاحب. وأكدت شركتان غربيتان هذه الأرقام في التقييمات المستقلة، وتعمل حكومة البحرين مع شركة «هاليبرتون» لحفر بئرين آخرين للتقييم هذا العام.

الصورة الكبيرة

على عكس جيرانها من ممالك الخليج، تمتلك البحرين إنتاجا منخفضا من النفط والغاز الطبيعي، ولا يمكنها تمويل عقد اجتماعي كبير مثلما تفعل البلدان المجاورة. وترك هذا الأمر البلاد في وضع مالي غير مستقر، ودفعها للاعتماد على الدعم من المملكة العربية السعودية. لكن الاكتشاف الجديد للنفط والغاز قد يمنحها الاستقلال المالي.

وقد تغير هذه الأخبار قواعد اللعبة بالنسبة للبحرين، وهي دولة ذات دين مرتفع ونفط منخفض نسبيا مقارنة بجيرانها. وعلى الرغم من أن المملكة الصغيرة سوف تسارع إلى استخدام هذا الإعلان لحشد الدعم المالي واهتمام المستثمرين، فإن أي تغييرات كبيرة في اقتصادها سوف تأتي ببطء.

وستحتاج على الأقل لـ 5 أعوام قبل الوصول إلى مستويات إنتاج النفط التي تطمح إليها، ولن يتم في نهاية الأمر استخراج سوى جزء بسيط من الأرقام التي أعلنها «آل خليفة»، لأن هذه الأرقام لم يكن يعني بها الاحتياطيات القابلة للاسترداد. وفي غضون ذلك، ستظل البحرين معتمدة على جيرانها من أعضاء مجلس التعاون الخليجي، وبالتحديد السعودية، للحصول على الدعم المالي والأمني.

بحثا عن الثراء

وتقزم أرقام حقل البحرين الجديد أرقام احتياطيات النفط والغاز الحالية في البحرين، والتي تبلغ 125 مليون برميل نفط و92 مليار متر مكعب من الغاز فقط. وتأمل البلاد في أن تتمكن في نهاية المطاف من إنتاج نحو 200 ألف برميل يوميا من الحقل، وهي زيادة كبيرة بالنظر إلى أن البحرين تنتج حاليا 45 ألف برميل يوميا فقط من حقلها الآخر، على الرغم من أنها تتلقى 150 ألف برميل يوميا إضافية من حقل أبو صفح الذي تشترك فيه مع المملكة العربية السعودية.

ومع ذلك، فإن أي حديث عن ثروات نفطية للبحرين تكون مطابقة لتلك الموجودة في ممالك الخليج الصغيرة الأخرى مثل الكويت وقطر والإمارات سابق لأوانه. وفي الوقت الحالي، حصلت أرقام النفط والغاز على تصنيف (بي 50)، ما يعني أن هناك احتمالية بنسبة 50% أن تكون الكميات المقدرة صحيحة. وليس من الواضح كم من الهيدروكربونات ستكون قابلة للاسترداد بالفعل.

وتعبر الأرقام المعلنة عن الموارد «الموجودة تحت سطح الأرض»، وهي موجودة في تشكيلات صخرية تعرف باسم «النفط الضيق» و «الغاز الضيق»، ما يعني أنها ذات نفاذية منخفضة (على غرار التكوينات الصخرية الأمريكية)، التي تعيق تدفق الهيدروكربونات. ويتطلب استخراج النفط والغاز في الحقل الجديد تقنيات باهظة الثمن، ولن تتمكن البحرين من الحصول على معظمها.

وفي إعلانه، لم يحدد «آل خليفة» ميزانية أو خارطة طريق للتطوير طويل الأجل لحقل خليج البحرين. وقال إن البحرين كانت تستكشف بالفعل إمكانية توقيع عقود طويلة الأجل مع شركات نفط دولية، وأن البلاد ترغب في إتمام الاتفاقيات في غضون 5 أعوام. لذا، على الرغم من أن اكتشاف الحقل قد يكون مهما، إلا أنه لن يتمكن من حل التحديات المالية والاقتصادية في البحرين بين عشية وضحاها، أو حتى في غضون الأعوام القليلة المقبلة.

رسم مسار المستقبل

وإذا أثبتت التقديرات الأولية دقتها، يمكن حينها للبحرين زيادة إنتاجها النفطي بأربعة أضعاف، الأمر الذي يخفف الزيادة غير المتوقعة للمشاكل المالية الكثيرة في البلاد، بما في ذلك ديونها المرتفعة. وعلى الرغم من انخفاض إنتاج النفط والاقتصاد الحكومي المتنوع، فإن ما يقرب من 60 إلى 70% من عائدات حكومة البحرين يأتي من مبيعات النفط والغاز. وعندما انهارت أسعار النفط عام 2014، ارتفع العجز المالي للبلاد من نحو 2% من إجمالي الناتج المحلي إلى 13%.

واليوم، تقترب ديون حكومة البحرين من الناتج المحلي الإجمالي، مما يجعل الدولة «غير مرغوب فيها للاستثمار» من قبل العديد من وكالات التصنيف الائتماني الكبرى. وسيكون اكتشاف حقل الخليج الرئيسي رصيدا قيما في إطار سعي البلاد لاستعادة ثقة المستثمرين.

بالإضافة إلى ذلك، يتمتع البحرينيون، شأنهم شأن العديد من نظرائهم في دول الخليج، منذ فترة طويلة بالإعانات الحكومية الضخمة على المرافق مثل المياه والكهرباء والوقود، فضلا عن الفوائد المتعلقة بشراء المنازل والتأمين الصحي.

وتشكل هذه العلاوات جزءا مهما من العقد الاجتماعي بين الحكومة ومواطنيها، وتساعد جزئيا على تهدئة الاضطرابات الشيعية ضد العائلة المالكة السنية «آل خليفة». لكن على مدى الأعوام القليلة الماضية، وخاصة بعد انخفاض أسعار النفط عام 2014، حاولت البحرين خفض الدعم وزيادة الضرائب في محاولة لزيادة الإيرادات الحكومية. وتساعد أي إيرادات نفطية جديدة في استعادة الإعانات التي يتوقعها البحرينيون، ما يمكن الدولة من الإبقاء على المعارضة تحت السيطرة.

لكن نظرا للتحديات التي تواجهها، لن ترى البحرين دفعة اقتصادية كبيرة حتى منتصف إلى أواخر عام 2020. وحتى ذلك الحين، ستواصل البلاد الاعتماد على جيرانها في مجلس التعاون الخليجي، وخاصة السعودية، للحصول على الدعم المالي والأمني.

وتشترك العائلات الملكية في السعودية والبحرين في علاقة سياسية وثيقة، وكانت السعودية هي الداعم الرئيسي لصندوق خليجي عام 2011، تم تصميمه للمساعدة في دعم اقتصادات البحرين وعمان (رغم أن مساهماتها في الصندوق تضاءلت مؤخرا). وبمجرد أن تولد البحرين مصادر جديدة للإيرادات، قد تصبح أقل اعتمادا ماليا على السعودية.

لكن في الوقت الراهن، ستظل البلاد تحت قيود مالية قاسية، معتمدة على دعم مجلس التعاون الخليجي، في الوقت الذي تحاول فيه الحكومة استخدام وعود طويلة الأجل لتعزيز الاستثمار المحلي في الوقت الحاضر.

المصدر | ستراتفور

  كلمات مفتاحية

البحرين مجلس التعاون الخليجي إنتاج النفط الصخر الزيتي السعودية