«القدس العربي»: خفايا شيطنة ولي العهد السعودي لـ«الإخوان»

الأحد 8 أبريل 2018 06:04 ص

لا تكفّ الأنباء الغريبة عن التوارد كل يوم عن وليّ العهد السعودي «محمد بن سلمان»، سواء من خلال تصريحاته المثيرة للجدل، والتي كان آخرها ما يتعلّق بالمسألة الفلسطينية، والذي اعتُبر قبولا بفكرة أن فلسطين هي أرض أسلاف اليهود (ما دعا صحيفة إسرائيلية لوصفه بـ«بلفور بن سلمان») وهو عمل لم يقدم أي زعيم عربي سابق على فعله.

وقبلها اعتباره الرئيس السوري «بشار الأسد» باقيا في الحكم، وتلك هديّة سياسية مجانيّة أخرى لأحد أكثر الزعماء العرب وحشيّة في العصر الحديث.

يدخل في ذلك أيضاً دخوله، بتعصّب مذموم، كما هو حال النظامين في مصر والإمارات، في شيطنة سياسية هائلة لجماعة «الإخوان المسلمون»، التي اعتبرها في لقاء مع مجلة «التايم» الأمريكية أنها «الجماعة الأخطر».

بل إنه زايد حتى على تيارات اليمين العنصريّ والفاشي الغربي بتحذير الأوروبيين من أولئك «الذين يريدون أن يجعلوا القارة الأوروبية إخوانية»، وهو ما سيترجمه الأوروبيون والتيارات العنصرية تحريضا مباشرا على المسلمين وتخويفا من أنهم سيسيطرون على قارتهم!

ما يريده «محمد بن سلمان» هو التنكّر المكشوف لدور المملكة العربية السعودية في دعم التشدد والتطرّف في العالم وتعليق ذلك على شماعة «الإخوان المسلمون»، الذين كانوا، بعد تقاطرهم من مصر وسوريا وغيرهما هربا من اضطهاد الأنظمة العسكرية الأمنية بين ستينات وتسعينات القرن الماضي، قوة تعليم واعتدال وتوازن عدّلت البوصلة مع التشدد السلفيّ الكبير لرجال الدين السعوديين أنفسهم، من قادة «المطاوعة» في جماعة «النهي عن المنكر»، وأمثالهم.

ينخرط ولي العهد السعودي في الموجة السائرة الآن، والتي يقودها نظام «السيسي» في مصر لتبرير انقلابه على السلطة الشرعية، والإمارات التي يشغلها صراع النفوذ الإقليمي مع قطر، ولا يجد طريقة للتهرب من تاريخ الدولة السعودية الطويل في التشدد ودعم الحركات السلفيّة المختلفة غير قصف «الإخوان» وتحميلهم وزر إشكاليات بلاده.

«الإخوان» هم حزب معتدل سلميّ عانى وعذّب مئات الألوف من أنصاره في سجون الأنظمة المتغوّلة، وشارك في النضال الديمقراطي التاريخي لشعوبه، ونال، بسبب ذلك، مكانة كبيرة في أغلب البرلمانات العربية، وفي عدد من الحكومات في المغرب وتونس والسودان والأردن وليبيا والعراق، وحتى في مصر خلال حكم «حسني مبارك»، وبعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني، وسوريا قبل انقلاب حزب البعث.

بهذا المعنى والسياق التاريخي، فالجماعة في حقيقتها حزب «مدني» خلافا للكليشيهات السائدة، على عكس أمثال «القاعدة» وتنظيم «الدولة» اللذين يرفضان العمل الديمقراطي برمته ويكفرانه.

فرغم استناده على أيديولوجيا دينية، فالحزب يؤمن بتداول السلطة ديمقراطيا، ولكنه تيار محافظ اجتماعيا، كما هو حال أغلب الأحزاب الأوروبية كأحزاب المسيحية الديمقراطية في ألمانيا وإيطاليا، وحزب المحافظين في بريطانيا، والحزب الجمهوري في أمريكا.

ربط «الإخوان» بالإرهاب، ليس بالتأكيد لأنهم «إسلاميون»، ولكن لكونهم يفضحون تركيبة النظم الديكتاتورية والطغم المالية العسكرية الأمنية المتغوّلة التي تسيطر على المجتمعات العربية التي تكره الديمقراطية وترفض تداول السلطة وتصر على التعامل مع البلاد والعباد على أنهم أملاك يورثها الأب لابنه (أو لأخيه)، سواء كان في مملكة، كالسعودية، أو جمهورية، كسوريا وليبيا واليمن، وكان الأمر جاريا على هذا المنهج في «مصر مبارك» قبل الثورة.

لقد ظهرت فعلاً جماعات إرهابية منشقّة عن «الإخوان»، وكانت أسباب ذلك متعددة، أهمّها انقفال الآفاق السياسية تماما، والإفقار المتسارع للطبقات الوسطى، وتكوّن طغم اجتماعية وسياسية ومالية فوق القانون، والإحباط من العمل السياسي السلمي، وكانت السعودية والإمارات، من الدول التي شاركت في دعم بعض هذه الانشقاقات.

كما كان ذلك أحيانا بتخطيط من الأجهزة الأمنية للدول العسكرية الأمنية في مصر وسوريا والجزائر التي اشتغلت على تقوية الاتجاهات العسكرية والمتطرفة في التيارات الإسلامية لوصم كل نضال ضدها بالإرهاب ولإحكام القبضة الأمنية على المجتمع ككل لأن الإسلام هو دين الأغلبية وبالتالي فإن استهداف تلك التيارات يفتح الباب لاستهداف أي كان.

  كلمات مفتاحية

السعودية شيطنة الإخوان محمد بن سلمان المسألة الفلسطينية فلسطين أرض اليهود «بلفور بن سلمان» بشار الأسد شيطنة سياسية جماعة «الإخوان المسلمين» اليمين العنصريّ والفاشي دعم التشدد والتطرّف