دول المغرب العربي تحاول إدراج «الكسكسي» بقائمة التراث العالمي

الأحد 8 أبريل 2018 11:04 ص

تسعى دول المغرب العربي، إلى إدراج طبق «الكسكسي» التقليدي الشهير، ضمن قائمة التراث العالمي، باعتباره تراثا مشتركا، في تعاون هو الأول من نوعه.

وكشف مدير المركز الجزائري للبحوث في عصور ما قبل التاريخ، وعلم الإنسان «سليمان حاشي»، عن لقاء مرتقب يجمع خبراء من دول المغرب العربي للتنسيق بشأن الخطوة.

وقال «حاشي»، بحسب وكالة «الأناضول»، إن اللقاء يعقد ربيع هذا العام، ويشمل الإعداد لملف إدراج «الكسكسي» كتراث مشترك في قائمة التراث الثقافي غير المادي للإنسانية من جانب منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونسكو».

ويُشار إلى أن هذه هي المرة الأولى التي تبادر فيها دول المغرب العربي إلى السعي لتصنيف تراث مشترك بينها على قائمة التراث.

بينما لم يتضح على الفور الأفق الزمني الذي تعتزم فيه الدول المغاربية التقدم بهذا الطلب رسميا لـ«اليونسكو» للنظر فيه.

وينتشر طبق «الكسكسي» في دول المغرب العربي بكل من الجزائر وتونس والمغرب وليبيا وموريتانيا، إضافة إلى مصر، وتجاوزت شهرته حدود هذه الدول.

و«الكسكسي» أو «الكسكس» أو «سيكسو»، هي كلمة أمازيغية ذكرها «أبوبكر بن دريد» (البصرة - العراق/838 م) في كتاب «جمهرة اللغة» في القرن العاشر للميلاد.

ويتم إعداد «الكسكسي» من طحين القمح أو الذرة في شكل حبيبات صغيرة ويتناول بالملاعق أو باليد، كما يطبخ بالبخار وتضاف إليه الخضار والمرق واللحم أو الحليب حسب الأذواق.

وقال وزير الثقافة الجزائري «عزالدين ميهوبي»، في 11 من فبراير/شباط  الماضي، إنه قد «قُدمت إلى اليونسكو ملفات مشتركة حول التراث المشترك والمتعلق بالأطباق التقليدية منها الكسكسي».

وأكد الوزير، في حوار مع صحيفة «الشروق» أن الجزائر طلبت تنظيم لقاء يجمع عددا من ممثلي البلدان المغاربية حول هذه المسألة، وأشار إلى أن «اليونسكو» تشجع الملفات المشتركة التي تتقدم بها البلدان.

مبادرة جزائرية

وكانت الجزائر قد أعلنت في سبتمبر/أيلول عام 2016 عن نيتها لتصنيف موسيقى الراي الغنائي وأكلة «الكسكسي» في قائمة التراث العالمي.

وخلّف قرار السلطات الجزائرية بإدراج فن «الراي» كتراث جزائري جدلا واسعا حول جنسية هذا الفن الغنائي والموسيقي، إذ تعتبره المغرب جزءا من تراثها الخاص أيضا.

وأكدت رئيسة وحدة الدول العربية ومركز التراث العالمي في هيئة «اليونسكو»، «ندى الحسن»، أن «هناك عدة عناصر تراثية مشتركة بين الدول المغاربية ومنها الكسكسي».

وقالت: «توجد عناصر تراثية مشتركة بين هذه الدول، ولكن هناك عناصر تفضل كل دولة تقديمها بمفردها في إطار مبادرة وطنية».

وأضافت «ندى الحسن»: «هذه علاقات بين الدول وقرارات وطنية، وإذا أرادت الدول المغاربية تقديم ملف مشترك حول الكسكسي أو أي تراث مشترك آخر فنرحب بذلك».

وفي المقابل، لفتت المتحدثة إلى وجود مبادرات وطنية من منطلق أن كل دولة تحب تسجيل تراثها غير المادي على لائحة التراث العالمي.

وتقول الباحثة الجزائرية في التراث «سميرة أبوعزة» إن «الكسكسي تراث مشترك بين دول المغرب ودول شمال أفريقيا، أصله بربري أمازيغي».

وتضيف «سميرة» أن «الكسكسي» وُجد عند السكان الأصليين لشمال أفريقيا قبل تقسيمها إلى دول، حيث وجد في مصر وموريتانيا وليبيا وتونس والمغرب والجزائر، وتشير إلى أنه «انتشر مع مرور الوقت في العالم بفضل الرحالة الأمازيغ».

كما نوهت بما قاله المؤلف «الحسن الوزان» (1494-1554م): «عرف البربر بلبس البرنوس وحلق الرأس وأكل الكسكس».

وتأمل المتحدثة إدراجه ضمن قائمة التراث العالمي في «اليونسكو» وأن تنجح مساعي تصنيف «الكسكسي المغاربي» لكونه طبقا تراثيا يوحد البلدان المغاربية تاريخيا وحضاريا وعرقيا، حسبها.

وعلقت: «بإذن الله سينجحون في هذا المسعى، لأنها أول مبادرة تراثية تجمع هذه الدول خاصة أن الكسكسي رائج كثيرا في الوطن العربي والعالم».

تاريخ الأكلة الأصلي

ويرجع تاريخ «الكسكسي» إلى الفترة 202-148 قبل الميلاد؛ إذ تم العثور على أواني طبخ تشبه تلك المستخدمة في تحضير «الكسكسي» في مقابر تعود إلى فترة الملك ماسينيسا (238 ق.م-148 ق.م) .

والملك «ماسينيسا» هو موحد مملكة نوميديا وعاصمتها سيرتا (محافظة قسنطينة اليوم) وكانت تضم شمال الجزائر ومناطق من تونس وليبيا.

وذكر رحالة ومؤرخون كثر «الكسكسي» في أعمالهم منهم المؤرخ الفرنسي «شارل اندري جوليان» (1891-1991) في كتابه «تاريخ شمال أفريقيا».

وقال المؤرخ الفرنسي: «اشتهر البربر في كل العصور بقوة بنيتهم وطول أعمارهم، وكان الفلاحون يأكلون الكسكسي منذ ذلك العهد (الروماني) ومربو المواشي قليلاً ما كانوا يذبحون حيواناتهم بل يكتفون بلبن المعز وكانوا يؤثرون الصيد والحلزون والعسل ولا يشربون إلا الماء».

كما سمحت عملية تنقيب وحفريات بمحافظة تيارت (غربي الجزائر) بالعثور على بعض الأواني منها القدر المستعمل في تحضير «الكسكسي» ويعود تاريخها للقرن التاسع بحسب خبراء.

وتشترط منظمة «اليونسكو»، بحسب لوائحها، لإدراج أي موروث إلى قائمة التراث العالمي توافر تعبير المجتمعات عن حس الانتماء والتملك حيال العنصر الثقافي، وهذا ما يمثله طبق «الكسكسي» لدى شعوب دول المغرب العربي.

المصدر | الأناضول + الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

كسكسي أكلة تراثية المغرب الجزائر تونس قائمة التراث العالمية اليونيسكو