«ستراتفور»: واشنطن تستعد لضرب نظام «الأسد» بمساندة عربية

الأربعاء 11 أبريل 2018 07:04 ص

تقوم الولايات المتحدة ببناء تحالف ضد سوريا للرد على هجوم مزعوم بالأسلحة الكيميائية في 7 أبريل/نسان ضد المدنيين وقوات المعارضة في دوما بالقرب من دمشق. وسوف يكون الهدف الأساسي لعملية ضد سوريا هو ردع الاستخدام الإضافي للأسلحة الكيماوية، وهو نفس هدف الهجمة الصاروخية العقابية التي شنتها الولايات المتحدة في شهر أبريل/نيسان 2017.

لكن في هذه المرة، من المرجح أن تكون الضربة التي تقودها الولايات المتحدة ضد سوريا أوسع نطاقا، ولن تهدف فقط إلى ردع دمشق، وإنما أيضا لإضعاف قدرة الحكومة السورية على تنفيذ هجمات بالأسلحة الكيميائية. ولكن حتى مع وجود دعم من تحالف، ونطاق تشغيلي أكبر، فإن العوامل نفسها التي قيدت الولايات المتحدة في أبريل/نيسان 2017 ستقيد أيضا العملية العسكرية هذه المرة.

ومع ذلك، هناك بعض الاختلافات المهمة بين العام الماضي والآن. في أبريل/نيسان الماضي، تصرفت الولايات المتحدة بمفردها حين أطلقت صواريخ كروز على قاعدة الشعيرات الجوية السورية والتي كان يرجح أنها استخدمت كنقطة بداية لهجوم بغاز السارين على بلدة خان شيخون. وفي هذه المرة، يمكن أن تنطوي العملية الأوسع على ضربات متعددة عبر عدة أيام، وتستلزم المزيد من القوات، بما في ذلك مشاركة من فرنسا وبريطانيا. ومن الممكن أن تشارك المملكة العربية السعودية وقطر و/أو الإمارات العربية المتحدة في عملية الاستضافة والتسيير ولكن يبقى من المستبعد أن تنخرط إحدى هذه الدول عسكريا بنفسها. وقد أتاحت زيارة أمير قطر الشيخ «تميم بن حمد آل ثاني» إلى البيت الأبيض في 10 أبريل/نيسان الفرصة لتعاون عسكري محتمل بين قطر وأعضاء مجلس التعاون الخليجي رغم التناحر القائم بين الطرفين.

يمكن أن تتوسع العملية نسبة إلى غارة الشعيرات للتركيز على إضعاف قدرة الحكومة السورية على استخدام الأسلحة الكيميائية. وقد أعطى الرئيس الفرنسي «إيمانويل ماكرون» وزنا أكبر لإمكانية القيام بعملية أوسع عندما قال في 10 أبريل/نيسان إن فرنسا تريد ضربة تستهدف المنشآت الكيميائية السورية بما يعني أن الضربات قد تشمل أهدافا عسكرية حول العاصمة دمشق، وخاصة قواعد «الضمير» و«مرج رحيل» و«المزة» والتي لعبت دورا مهما في هجوم الحكومة في الغوطة الشرقية وقد تشمل أيضا مجموعة واسعة من المواقع الأخرى المرتبطة ببرنامج الأسلحة الكيميائية في سوريا.

ونظرا لأن الضربة المنتظرة من المرجح أن تشمل عدة أهداف، بحثت «ستراتفور »عن كثب عن النشر الإضافي للقوات الأمريكية والقوات المتحالفة معها في الشرق الأوسط. وتشمل قائمة القواعد الأمريكية التي يمكن استخدامها في العمليات ضد سوريا كل من القاعدة الأمريكية في العديد في قطر والقواعد العسكرية البريطانية في قبرص. ويشير النشاط العسكري المتزايد في هذه المواقع إلى هجوم وشيك.

توسيع العملية

ويمكن أن يتطلب توسيع نطاق الأهداف الإقامة وتأمين الوصول إلى طرق للهجوم من كل من تركيا والأردن والعراق، الأمر الذي يتطلب إجراء مفاوضات للحصول على موافقتهم. وفي الوقت الذي تجري فيه الولايات المتحدة محادثات بالفعل مع العراق بشأن مسألة الضربة المحتملة، فإن علاقات بغداد الوثيقة مع إيران قد تجبرها على حرمان الولايات المتحدة وشركائها من مسار طيران عبر العراق. وكانت العراق في حاجة إلى تحقيق التوازن بين مصالحها وبين علاقاتها مع كل من إيران والولايات المتحدة بعد هجوم خان شيخون عام 2017، عندما أدانت الحكومة العراقية استخدام الأسلحة الكيماوية ضد المدنيين السوريين، لكنها تساءلت عما إذا كانت حكومة دمشق مذنبة.

كما أن ضربة أوسع قد تتطلب مشاركة المزيد من الأصول مثل حاملات الطائرات الأمريكية. ومن المرجح أن تغادر حاملة الطائرات الأمريكية هاري ترومان وسفن الدعم التابعة لها نورفولك بولاية فرجينيا إلى البحر المتوسط والشرق الأوسط في11 أبريل/نيسان بينما قد تنطلق السفينة الأمريكية تيودور روزفلت وأسطولها من المحيط الهادئ. وسيستغرق وصول السفينة ترومان إلى البحر المتوسط حوالي أسبوع.

وكلما كانت الضربة الأمريكية المنتظرة أوسع نطاقا كلما زاد الخطر على القوات الروسية في البلاد. وسوف تعتمد التداعيات السياسية للوفيات الروسية من الضربات التي تقودها الولايات المتحدة على ما إذا كان الروس الذين قُتلوا هم من العسكريين النظاميين أو المتعاقدين العسكريين الخاصين. وقد قُتل بالفعل مقاولون عسكريون خاصون خلال تحرك أمريكي مباشر في سوريا بأقل قدر ممكن من التداعيات، الأمر الذي يترك السؤال المفتوح حول كيف سترد روسيا إذا تم قتل جنودها النظاميين في حملة تقودها الولايات المتحدة.

وقد تحاول الولايات المتحدة التخفيف من هذه المخاطر، كما فعلت في أبريل/نيسان 2017، عبر تحذير روسيا من الضربات الوشيكة. غير أن أن الوجود الروسي في سوريا -والذي يتركز معظمه في طرطوس واللاذقية ودمشق- يحد من خيارات الولايات المتحدة إلى مجموعة محددة من الأهداف. وتزيد أي حملة أكثر شمولية من مخاطر الاصطدام بالقوات الروسية، وفي المقابل، فإن للقوات الإيرانية المنتشرة في سوريا انعكاسات أقل على الولايات المتحدة الأمر الذي ظهر مؤخرا عندما ضربت (إسرائيل) قاعدة جوية في 8 أبريل/نيسان، مما أسفر عن مقتل عدة إيرانيين، دون رد انتقامي فوري من إيران.

في الوقت نفسه، في المجال الدبلوماسي، دعت الولايات المتحدة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية للتحقيق في هجوم نهاية هذا الأسبوع. وقالت المنظمة بالفعل إنها سترسل محققين إلى دوما، لكن كما اتضح في عام 2017، فإن إطلاق التحقيق لن يؤخر بالضرورة العمل العسكري. وكلما طال أمد أي عملية محتملة، كلما زاد احتمال ظهور القيود السياسية.

وقد سبق لـ«ستراتفور» كتابة بعض الملاحظات قبل ضربة العام الماضي في أبريل/نيسان 2017 وتبقى الملاحظات ذاتها قائمة وجديرة بالنظر في هذا العام:

ضربات عقابية محدودة

تبقى الضربات العقابية المحدودة للأهداف الحكومية هي الخيار الأقل خطورة والأقل استنزافا للموارد. سيهدف هذا الخيار إلى إظهار مصداقية الولايات المتحدة وردع المزيد من الاستخدام من قبل النظام للأسلحة الكيميائية عن طريق ضرب عدد محدد من أهداف الحكومة السورية، بما في ذلك مرافق القيادة والتحكم وغيرها من الأهداف ذات القيمة العالية والرمزية. ويمكن أن تأتي الضربات العقابية بدرجات متفاوتة من الشدة، والمدة، والنطاق، لكنها مصممة أساسا لإرسال رسالة ما بدلا من تدمير قدرة الحكومة السورية على استخدام الأسلحة الكيميائية.

في هذا السيناريو، هناك المزيد من الأهداف المحتملة. ومن المرجح أن تكون أولوية السيطرة على المرافق والقيادة، ما يرسل رسالة للقيادات العسكرية للنظام حول ثمن استخدام الأسلحة الكيميائية. ومع ذلك، فإن الرئيس السوري «بشار الأسد» نفسه قد لا يكون مستهدفا على الأرجح لأن توجيه ضربة على مستوى القيادة العليا يمكن أن يجتذب الولايات المتحدة بسرعة إلى الصراع بشكل كامل وهو السيناريو الذي ترغب في تجنبه. ويمكن لواشنطن بدلا من ذلك استهداف المطار الذي نفذت منه الطائرات السورية الهجوم بالأسلحة الكيماوية والمقر المحدد للقائد الذي أطلق العملية.

ولكن إذا قررت الولايات المتحدة أن تأخذ المهمة خطوة أبعد، فإنها يمكن أن تحاول أيضا تحطيم قدرة دمشق على استخدام الأسلحة الكيميائية وليس فقط تثبيط استخدامها. لا يزال من الممكن استهداف مرافق القيادة والسيطرة والاتصالات، ولكن ذلك يعني توسيع الضرية إلى شبكة أوسع من الأهداف وربما حتى الدفاعات المرتبطة بها.

بنوك الأهداف

ستركز المهمة على الطرق الرئيسية الثلاث التي يمكن لدمشق أن تنقل بها أسلحتها الكيميائية: القوة الجوية، قوة الصواريخ الباليستية وقوة المدفعية.

ورغم أن العديد من المطارات الحكومية قد تم تحييدها أو السيطرة عليها من قبل المعارضين، فإن العديد من المطارات الأخرى لا تزال تعمل. في الواقع، توجد 6 مطارات سورية رئيسية مرتبطة بترسانة الأسلحة الكيميائية السورية. من أجل تحييد مطار، يمكن للولايات المتحدة محاصرة المطار من الجو وضرب الطائرات المتوقفة، وتدمير مخازن الوقود والذخيرة وتعطيل التحكم الأرضي، ومرافق الرادار والصيانة.

وإلى جانب القوات الجوية السورية، تمتلك القوات الموالية الأخرى أيضا أعدادا كبيرة من القذائف المدفعية والقذائف التسيارية التي يمكن استخدامها لشن هجمات بالأسلحة الكيميائية. ومع ذلك فمن غير المرجح أن تذهب الولايات المتحدة إلى أبعد من أهداف القوات الجوية، لأن ذلك من شأنه أن يُلزم الولايات المتحدة فعليا بحرب مباشرة وشاملة ضد حكومة «الأسد»، وهو خيار من غير المحتمل أن يكون على الطاولة ف ذلك التوقيت.

في حين أن مجموعة الخيارات المتاحة للولايات المتحدة من أجل الرد العسكري في سوريا تتفاوت في المخاطر، فإن أيا منها لا يخلو من خطورة. ووتراوح هذه المخاطر بين فقدان المواد والأفراد إلى اندلاع صراع نشط مع روسيا. من ناحية أخرى، هناك احتمال أن يسعى الموالون السوريون لعرقلة عمليات الطيران الأمريكية، أو حتى نشاطها البري في البلاد. والخلاصة أنه لا توجد خيارات عسكرية سهلة في سوريا، وحتى أفضل عملية تشغيل ستؤدي حتما إلى تصعيد وتضاعف عوامل الخطأ في الحسابات الموجودة بالفعل في مثل هذا الصراع المعقد.

  كلمات مفتاحية

سوريا بشار الأسد ترامب روسيا الأسلحة الكيميائية