في الذكرى الـ43 للحرب الأهلية اللبنانية.. قانون الانتخاب يعزز الانقسامات الطائفية

الخميس 12 أبريل 2018 01:04 ص

عشية الذكرى الثالثة والأربعين لاندلاع الحرب الأهلية اللبنانية (13 أبريل/نيسان 1975 ـ 1991) يسترجع اللبنانيون صور التقسيم الطائفي الذي كان سائدا في تلك الحقبة، من خلال مقارنتهم بينه وبين التقسيم الذي يفرضه القانون الانتخابي الجديد.

كثير من اللبنانيين يرون أن القانون النسبي المتعلق بالانتخابات البرلمانية، والذي سيطبق للمرة الأولى في السادس من مايو/آيار المقبل، يعزز التقسيم المذهبي، في وقت يأمل فيه اللبنانيون التخلص من النظام الطائفي، والتوجه نحو نظام مدني حضاري.

ويتوزع مجلس النواب (البرلمان ـ 128 مقعدا) مناصفة بين المسلمين والمسيحيين، ويرأسه شيعي، وفق عرف معتمد منذ الاستقلال عام 1943.

وضمن المسيحيين يوجد 34 مقعدا للموارنة، و14 للروم الأرثوذكس، و8 للروم الكاثوليك، و6 للأرمن، ومقعد إنجيلي وآخر مخصص للأقليات المسيحية.

كما تعطي التقسيمات المتعارف عليها 27 مقعدا للسنة، و27 للشيعة، و8 للدروز، ومقعدين للعلويين.

تشوهات

وزير الداخلية السابق «مروان شربل»، هو عراب القانون النسبي، حيث اقترح تطبيقه عام 2012، لكن الحكومة لم تأخذه على محمل الجد حينذاك، ثم تم نسخه لاحقا مع إضافة تعديلات طفيفة.

تلك التعديلات اعتبر «شربل» في تصريح للأناضول أنها «سلبية، وفيها تشوهات، فأضحى لا يشبه قانون انتخاب».

وضرب مثلا على «التقسيم المناطقي الطائفي» في القانون الجديد بقوله، إن «العاصمة بيروت تم تقسيمها إلى دائرتين، الأولى مسيحية دون أي مرشح مسلم، والثانية فيها مرشح واحد مسيحي (للضرورة فقط لوجود أكثر من خمسة آلاف ناخب مسيحي) مقابل سبعة مرشحين مسلمين».

ورأى أن «الإيجابية الوحيدة للقانون هو الانتقال من قانون أكثري إلى قانون نسبي، ولكن بصوت تفضيلي واحد (أي يختار الناخب من القائمة الانتخابية مرشحا يفضله على الآخرين)".

في النظام الأكثري تحصل اللائحة الفائزة بأغلبية الأصوات في دائرة ما على كل مقاعد هذه الدائرة، بينما في النظام النسبي يتم توزيع مقاعد الدائرة وفق نسبة الأصوات اللتي حصلت عليها كل لائحة.

وكان مشروع القانون الذي اقترحه الوزير السابق يتضمن إعطاء صوتين تفضيليين، لمنح الناخب حرية أكبر في التعبير والاختيار.

الصوت التفضيلي

«في هذه النقطة تحديدا، أي الصوت التفضيلي، يتيح القانون الجديد للناخب منح صوته التفضيلي على أساس مذهبي»، بحسب علي سليم منسق قسم الأبحاث في «الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات»، (غير حكومية تأسست في 1996).

«سليم» مضى قائلا للأناضول، إن «الناخب السني أو الشيعي أو الدرزي مثلا سيختار من اللائحة التي أمامه اسما تفضيليا واحدا غالبا يكون من طائفته، فيما لو يوجد أكثر من صوت تفضيلي يستطيع الناخب تشكيل (تنويع) الاختيار».

ويبلغ عدد الدوائر الانتخابية في القانون الجديد 15 دائرة موزعة على ست محافظات بعدما كانت 25 دائرة، وفي المشروع الذي طرحه الوزير شربل كانت توجد 15 دائرة، لكن بشرط توزيع مقاعد مجلس النواب بشكل عادل.

«لكن الوضع القائم اليوم خلاف ذلك، فمثلا دائرتا صيدا ـ جزين (بمحافظة جنوب لبنان) لهما خمسة مقاعد، بالمقابل دائرتا شوف ـ عاليه (محافظة جبل لبنان) لهما 13 مقعدا، وهنا الفرق الشاسع في التوزيع العادل»، بحسب «شربل».

اللائحة الناقصة

الوزير اللبناني السابق اعتبر أن «أبرز نقطة ضعف في القانون الجديد هو السماح بإطلاق لائحة (قائمة) ناقصة، أي اللوائح المسجلة ليست متساوية العدد (المرشحين)، فإذا كانت اللائحة ناقصة مقعدا، فإن هذا المقعد يذهب تلقائيا إلى اللائحة المنافسة، ويفوز به المرشح على اللائحة الثانية، أي كأننا نعينه بالتزكية».

وبالنسبة إلى ما يقال في الإعلام اللبناني عن أن القانون الانتخابي الجديد يعزز الطائفية، رأى «شربل» أنه «لا قانون في لبنان إلا ويعزز الطائفية أو النظام الطائفي، كون الدستور اللبناني أساسا طائفيا».

وتوقع الوزير السابق أن «يتم تعديل هذا القانون في الدورة المقبلة، أي عام 2022، كونه في صيغته الحالية يعتبر فاشلا، وتم إقراره على عجل، كي لا يتم تمديد صلاحية مجلس النواب لمرة ثالثة».

ابن الطائفة

متفقا مع «شربل»، قال «سليم» إن «القانون النسبي الجديد يعزز الخطاب الطائفي للقوى السياسية، ويحد من التنوع في الدوائر الانتخابية عبر تقسيم الدوائر والمقاعد مذهبيا».

وانتقد التقسيم المذهبي الواضح تماما في بيروت، وهو أمر ينسحب على محافظات لبنان الست وأقضيتها، فمثلا الدائرة الثالثة بمحافظة شمال لبنان تضم أربعة أقضية (زغرتا، والبترون، والكورة، وبشري) وجميع المرشحين فيها مسيحيون، والناخبون أغلبهم مسيحيون، مع العلم أنه يوجد ناخبون مسلمون، لكن لا نائب لهم.

ومن حيث خبرته في مجال الانتخابات، انتقد «سليم» أيضا فكرة الصوت التفضيلي المحصور في القضاء أو الدائرة التي ينتمي إليها الناخب، حيث يفتح المجال أمام اختيار ابن الطائفة، دون النظر إلى مشروعه ولا دوره في المنطقة.

وختم «سليم» بالتحذير من أن «الصوت التفضيلي سيعزز الطائفية في العملية الانتخابية، حيث تكون المواجهة بين المرشحين على أساس أكثري، وستتحول في بعض الأماكن إلى صراع طائفي».

  كلمات مفتاحية

الحرب الأهلية اللبنانية التقسيم الطائفي القانون النسبي

مرشح ونجله يواجهان بعضهما في انتخابات لبنان