استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

مسيرات العودة في غزة: آفاق وتحولات

الجمعة 13 أبريل 2018 08:04 ص

يرمز الصراع الذي يحيط بقطاع غزة للصراع الأكبر والأوسع بين الشعب الفلسطيني من جهة والصهيونية والاحتلال الإسرائيلي من جهة أخرى. فالحراك الفلسطيني الراهن المنطلق من قطاع غزة المحاصر مرآة عاكسة لمعاناة ملايين الافراد الفلسطينيين على كل الارض.

فالمعاناة قائمة مع الاستيطان اليهودي المباشر في الاراضي الفلسطينية، وعبر مصادرة الأراضي في مناطق استراتيجية في القدس والضفة الغربية، وتقع المعاناة في سلب الحقوق وبناء جدار يفصل السكان في الضفة الغربية المحتلة عن بعضهم البعض.

كما وتتعمق المأساة عبر حصار غزة من البحر والجو والبر، وعبر فصلها عن الضفة وعن القدس كما وتبرز بوضوح من خلال التمييز العنصري الموجه كل يوم ضد عرب الداخل في اراضي 1948 وضد الفلسطينيين على كل الأرض.

الاضطهاد يخلق حالة المقاومة كما ويحصن المضطهدين ويثبت مرويتهم التاريخية.

إن استحضار يوم الأرض لمواجهة حصار غزة تأكيد لمدى استعداد الفلسطينيين وعلى الاخص الجيل الشاب لحمل راية مواجهة الإحتلال في ظل التصدي للحلول غير العادلة لقضيتهم.

إن الحشد الشعبي السلمي المنطلق من قطاع غزة على مدى الجمعتين الماضيتين مستمر كل جمعة وصولا للخامس عشر من أيار/مايو (ذكرى النكبة). لقد سقط بسبب الحشد السلمي الشعبي برصاص الاحتلال 20 شهيدا في الجمعة الاولى بالإضافة 1400 جريح، وسقط أكثر من 8 شهداء في الجمعة الثانية بالاضافة لمئات الجرحى.

هذه لحظات تحول تعكس عمق المشكلة مع الإحتلال وآفاقها المقبلة. ولقد انطلق يوم الارض في البداية من عرب الداخل عام 1976 وذلك في إطار سعيهم لمنع إسرائيل من مصادرة المزيد من أراضيهم. وقد تحول يوم الارض منذ 1976 لتجمع إحتجاجي سنوي يشمل الشعب الفلسطيني في كل 30 آذار/مارس من كل عام.

ويمتد قطاع غزة على مساحة لا تتجاوز 1.5% من فلسطين، ويعيش في غزة أكثر من مليوني مواطن فلسطيني 80% منهم لاجئون من مناطق فلسطينية وقعت تحت السيطرة الإسرائيلية. إن أغلبية سكان غزة ينتمون بالأساس لقرى وبلدات فلسطين التي احتلتها إسرائيل عام 1948، وهم ينتمون لمناطق امتلكوها بالكامل وقد صودرت منهم من قبل الكيان الإسرائيلي الذي نشأ عام 1948.

لهذا فإن الصراع حول حق العودة ليس شكليا، بل يخرج من عمق المعاناة وحالة اللجوء ودمار الوطن الاصلي الممنهج من قبل إسرائيل. إن مسيرات العودة تعبير عن أعمق أبعاد الصراع العربي الإسرائيلي.

لقد حوصر قطاع غزة كما والضفة الغربية بقرار إسرائيلي منذ الانتفاضة عام 2000 والتي اندلعت بعد تعثر مسيرة التسوية وحل الدولتين وقيام شارون بزيارته المعروفة للمسجد الاقصى. لكن ما لبثت إسرائيل ان انسحبت مما تبقى من قطاع غزة عام 2005.

لكن ذلك كان انسحابا مخادعا، إذ ما لبثت وان بدأ ضغطها وحصارها على قطاع غزة بصورة واضحة عام 2006 وذلك عندما فازت حركة حماس الإسلامية في الانتخابات التشريعية الفلسطينية. وقد تعزز الحصار بصورته الراهنة والشاملة بعد ان سيطرت حماس على غزة في 2007.

لقد تحول حصار غزة لمشكلة أكثر عمقا عندما انضمت مصر للحصار، وذلك منذ أن أصبح الرئيس السيسي حاكما لها عام 2014. الحصار على غزة سياسة إسرائيلية تعاونت معها مصر بعد تراجع إرادتها السياسية أمام الولايات المتحدة وإسرائيل منذ 2013 ـ 2014. في هذه السياسة يعاقب مليونا مواطن فلسطيني عقابا جماعيا مزدوجا ومن كل الجهات.

فسكان غزة ممنوعون من السفر والتحرك من وإلى غزة. إن عملية الخروج من غزة بهدف التعليم أو العلاج تأخذ وقتا طويلا يصل لشهور من الانتظار، وهي تتطلب عبور معبر مصري لا يفتح أمام السكان إلا لساعات واحيانا ليوم أو يومين كل عدة اسابيع أو شهور.

وفي غزة لا يحق للسكان التحرك عبر مطار أو ميناء، بل تتوفر فقط معابر مغلقة (قلما تفتح للسكان) باتجاه مصر أو دولة الإحتلال. من جهة أخرى تقوم إسرائيل بادخال مئات الشاحنات المحملة بالبضائع لتأمين احتياجات غزة الأساسية، لكن تلك الاحتياجات مقننة وضمن حدود الحد الأدنى للحياة. وتتم عملية إدخال البضائع بعد تفتيش صارم، وبعد منع المواد التي تمنعها إسرائيل عن غزة.

حصار غزة لم ينجح في كسر إرادة سكانها، كما لم ينجح في احداث ثورة ضد حركة حماس، وقد أحسن الفلسطينيون في تنظيم مسيرات العودة تجاه مناطق الحصار الإسرائيلية، وفي هذا تفادى الشعب الفلسطيني في غزة التحرك الاحتجاجي تجاه معبر رفح المؤدي لمصر، فمشكلة سكان غزة الأصلية والأساسية مرتبطة بحق العودة وأرضهم السليبة وشتاتهم الذي سببته الصهيونية وإسرائيل.

بل هم أكثر العارفين بأن السياسات المصرية هي نتاج ضغوط إسرائيلية. هكذا فبالرغم من معاناة الفلسطينيين في غزة من سياسات النظام المصري، إلا ان معركتهم الأساسية وبوصلتهم التاريخية ليست مع مصر وهي ليست في سيناء وهي متناقضة بالكامل مع ما يشاع عن صفقة القرن، بل إن مشكلتهم مع الصهيونية بصفتها الأصل لحصارهم وسبب محنتهم وآلامهم.

وتمارس دولة الكيان الإسرائيلي خطأ كبيرا في حصارها لقطاع غزة انطلاقا من اعتقادها بأن المشكلة بينها وبين غزة ستختفي من خلال الحصار والتجويع. فحتى الآن خاضت إسرائيل ثلاث حروب متتالية مع قطاع غزة ومع كتائب القسام الشديدة التنظيم والقدرة في الأعوام 2008 ثم 2012، ثم 2014.

وقد نتج عن هذه الحروب مجتمعة ألوف الشهداء وعشرات الألوف من الجرحى. لكن التجربة الإنسانية في العالم تؤكد لنا بأن الحصار يؤدي لمزيد من المقاومة والصمود. كما ان الحصار تأكيد على أن الاحتلال لازال في غزة.

غزة المحاصرة لا أمل لها سوى بالمقاومة. بل إن غزة المحاصرة إقتصاديا حيث بالكاد يعيش الناس من يوم لآخر في ظل انقطاع الكهرباء 19 ساعة باليوم نموذج واضح لفشل سياسات الحصار وتحولها لمصدر قوة للسكان.

بعض الخبراء الاستراتيجيين نصحوا الكيان الإسرائيلي باحتلال غزة، لكن ذلك سيعيد المسألة للمربع الأول، كما ان إضعاف سلطة حماس في غزة سيعني بروز سلطة أو سلطات اكثر راديكالية وثورية.

منذ شهور تفجرت قضية بوابات الاقصى، وقبلها سادت عمليات ضرب السكاكين في القدس والضفة الغربية، وتستمر المواجهات بين المتظاهرين الفلسطينيين والجيش الإسرائيلي حول كافة المعابر من الضفة الغربية.

في غزة كما وفي فلسطين لا يوجد حلول سوى التوقف عن السياسات الاستيطانية والصهيونية والتوقف عن المصادرة والقمع والحصار، الحل الحقيقي يكمن في عدالة تنهي الابارتهايد والعنصرية.

وأن المشكلة الفلسطينية ستبقى قضية تتحدى الكيان الإسرائيلي على كل الأصعدة، فإسرائيل التي يقطن فيها 6 ملايين يهودي تسعى لفرض تحكمها عبر الاحتلال والعنف على ستة ملايين مواطن فلسطيني.

لكن الستة ملايين فلسطيني الذين يقطنون على كل الارض يعيشون حالة التزام تجاه حقوقهم الإنسانية والسياسية التاريخية والوطنية.

ان مواجهات يوم الارض وحق العودة من غزة، مدخل جديد في طريق استعادة مكانة ودور الحركة الوطنية الفلسطينية.

* د. شفيق ناظم الغبرا أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

مواجهات يوم الأرض حصار غزة مسيرات العودة الكبرى المقاومة الشعبية السلمية الاستيطان نظام الفصل العنصري الإسرائيلي